لماذا تأخرت جبهة لندن بالإعلان عن خليفة إبراهيم منير؟

لماذا تأخرت جبهة لندن بالإعلان عن خليفة إبراهيم منير؟

لماذا تأخرت جبهة لندن بالإعلان عن خليفة إبراهيم منير؟


16/01/2023

بالرغم من تردد أنباء شبه مؤكدة، خلال الشهر الماضي، حول تولّي القيادي الإخواني صلاح عبد الحق منصب القائم بأعمال المرشد العام، خلفاً لإبراهيم منير الذي توفي مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، إلا أنّ جبهة لندن لم تعلن الأمر رسمياً حتى الآن، وهو ما يعزوه مراقبون إلى احتدام الصراع بين قيادات الجبهة المنقسمة على نفسها من جهة، وتطور الخلافات القائمة بين عناصر التنظيم المتناحر من جهة أخرى. 

ويعكس الوضع الراهن داخل جماعة الإخوان حالة التفكك والانهيار التنظيمي التي تمر بها الجماعة في الوقت الحالي، وكيف أنّها باتت عاجزة عن اتخاذ أيّ قرارات في خضم توحش الصراعات والخلافات بين قادتها على المناصب التنفيذية، كما يبرهن أيضاً على فقدان التنظيم لأحد أهم عناصر قوته منذ نشأته، متمثلاً في القدرة على توجيه القواعد لما يريده الهرم التنظيمي وإخضاعهم لمبدأ السمع والطاعة، والأهم هو نزع الصفة المقدّسة لدى قيادات التنظيم التي تقول "إنّ الأخ لا يطلب منصباً"، لكن ما حدث خلال الأعوام الماضية نسف هذا الشعار تماماً.

لماذا تأخر الإعلان عن عبد الحق؟

يرجع الباحث المصري المختص بشؤون الإسلام السياسي والحركات المتطرفة أحمد سلطان أسباب تأخر الإعلان عن القيادي الإخواني صلاح عبد الحق بمنصب نائب المرشد العام، رغم اختياره منذ أكثر من شهرين، إلى مجموعة من الأسباب؛ أهمّها احتدام حدة الصراعات الداخلية بين الإخوان، والطعن في شرعية توليه لهذا المنصب خلفاً لإبراهيم منير.

وفي تصريح لـ "حفريات" يقول سلطان: إنّ هناك سبباً ثالثاً يتعلق بالترتيبات التي تجريها جبهة لندن في الوقت الراهن تمهيداً للإعلان عن تعيين مرشد جديد، وتشمل تجهيز أوراق إقامته في تركيا، لأنّه كان مقيماً في دولة عربية حتى نهاية الشهر الماضي، وانتقل مؤخراً إلى إسطنبول.

أحمد سلطان: هناك خلافات كبيرة ومتعمقة داخل جماعة الإخوان

وبحسب سلطان، تسعى جبهة لندن أيضاً في الوقت الراهن للحصول على صك شرعية تنظيمية لعبد الحق من مجلس الشورى العالمي وقيادات التنظيم الدولي، لتصبح مسألة تعيينه متسقة مع اللوائح التنظيمية للإخوان، ولا تقبل التشكيك من جانب مجموعة إسطنبول بقيادة محمود حسين، الذي يعتبر نفسه صاحب الحق الوحيد بتولي المنصب وفق ما تنظمه لوائح عمل الإخوان.

استدعاء الشاطر وعزت من محبسهما

في ضوء محاولتها لحسم الصراع المحتدم على منصب المرشد العام، وإضفاء قدر من الشرعية التنظيمية على القرار، روّجت جبهة لندن، وفق سلطان، أخباراً تقول إنّ القياديين بالتنظيم، محمود عزت وخيرت الشاطر، وهما محبوسان في مصر على ذمة قضايا إرهاب، قد وافقا على تولي صلاح عبد الحق منصب القائم بأعمال المرشد العام خلفاً لمنير.

أحمد سلطان: تسعى جبهة لندن للحصول على صك شرعية تنظيمية لعبد الحق من مجلس الشورى العالمي وقيادات التنظيم الدولي، لتصبح مسألة تعيينه متسقة مع اللوائح التنظيمية للإخوان ولا تقبل التشكيك من جانب مجموعة إسطنبول

 

ومن الصعب بالتأكيد التحقق من صحة هذه المعلومات، لكنّ ما قالته جبهة لندن هو أنّها تلقت رسالة سرّية من إخوان مصر المحبوسين أكدوا فيها موافقتهم على تولي عبد الحق المنصب، وفي المقابل، اعتبرت مجموعة إسطنبول هذه التحركات مجرد تزييف للحقائق بغرض حسم الصراع لصالحها، وقالت من جانبها: إنّها سبق أن حصلت هي الأخرى على موافقة إخوان الداخل المصري على تولي محمود حسين لمنصب القائم بأعمال المرشد.

هل وافق مجلس الشورى فعلاً على عبد الحق؟

في حين أكدت جبهة لندن مراراً أنّ مجلس الشورى العالمي الذي يتبع التنظيم الدولي للإخوان قد اتفق على اختيار عبد الحق قائماً بأعمال المرشد العام، يقول الباحث المصري: إنّ تلك المعلومة مشكوك في صحتها أيضاً؛ لأنّ مجلس الشورى العالمي لم يجتمع خلال الفترة الماضية مُطلقاً.

وبحسب سلطان، ما حدث، وفق المعلومات المتاحة، هو أنّ قرار اعتماد عبد الحق قد تم بالتمرير، بمعنى أنّ القرار التنظيمي قد صدر وأرسل إلى أعضاء مجلس الشورى العالمي، وجرت الموافقة عليه من خلال المراسلة، وتم التوافق حول تعيين صلاح عبد الحق.

القيادي الإخواني صلاح عبد الحق

وإجمالاً؛ يرى سلطان أنّ هناك خلافات كبيرة ومتعمقة داخل جماعة الإخوان، فيما يتعلق باختيار القائم بأعمال المرشد العام للتنظيم، وهناك خلافات شديدة حول اختيار صلاح عبد الحق تحديداً لهذا المنصب، وفي الوقت نفسه تجري الترتيبات حالياً للإعلان عنه وترتيب أوراق إقامته داخل تركيا.

الصراعات تفتك بجبهة لندن

وفي ضوء الحديث عن التطورات الراهنة داخل الإخوان، لا يمكن تجاهل الصراع داخل جبهة لندن نفسها حول منصب القائم بأعمال المرشد العام، وهو صراع قديم، ربما بدأ قبل وفاة إبراهيم منير، لكن اشتدت جذوته طمعاً في تولي منصب المرشد.

ويبرز اسم حلمي الجزار كأحد أهم رؤوس الصراع الراهن داخل الجبهة الإخوانية، وقد أكدت مصادر قريبة من الجماعة في وقت سابق أنّه يسعى لاقتناص منصب المرشد العام، وأنّه رفض تولي صلاح عبد الحق المنصب، واعتبره غير كفؤ على المستوى التنظيمي، ولا يمتلك أيّ مهارات تؤهله لقيادة الجماعة في الوقت الراهن.

تشير بعض المعلومات إلى محاولات محمود حسين للتواصل والتنسيق مع بعض القيادات داخل جبهة لندن لعقد تحالف من شأنه تقوية موقفه داخل التنظيم وحسم الصراع لصالحه

وتعتبر المصادر الصراع الدائر بين حلمي الجزار، وبين التيار الداعم لصلاح عبد الحق، أحد أهم الأسباب التي أعاقت الإعلان، حتى الآن، عن خليفة نائب المرشد العام للتنظيم، وتذهب التوقعات إلى احتمال تفكك الجبهة من الداخل، إذا ما قرر حلمي الجزار تحدي قرارات مجلس الشورى العالمي وإعلان نفسه قائماً بأعمال المرشد.

كيف تتحرك جبهة إسطنبول؟

في مقابل التحركات المكثفة من جانب جبهة لندن لاقتناص فرصة مناسبة من ناحية التوقيت والسياق التنظيمي للإعلان عن اسم نائب المرشد الجديد، تبدو مجموعة إسطنبول بقيادة محمود حسين مطمئنة إلى أنّها قد حسمت الصراع لصالحها، استناداً إلى القاعدة التنظيمية التي تمنح حسين وحده الحق في تولي المنصب.

وتنص اللائحة الداخلية لتنظيم الإخوان على أن يتولى أكبر أعضاء مكتب الإرشاد سناً منصب القائم بأعمال المرشد العام، ولأنّ حسين هو الوحيد من أعضاء مكتب الإرشاد خارج السجن، فهو الوحيد أيضاً ممّن تنطبق عليه شروط اللائحة التنظيمية.

وبشكل عام، تحاول جبهة إسطنبول توظيف الصراع الدائر بين مجموعة لندن لصالحها في الوقت الراهن، بينما تشير بعض المعلومات إلى محاولات محمود حسين للتواصل والتنسيق مع بعض القيادات داخل الجبهة لعقد تحالف من شأنه تقوية موقفه داخل التنظيم وحسم الصراع لصالحه.

مواضيع ذات صلة:

الإخوان في بريطانيا: علاقات متشعبة واستثمارات كبيرة واللعب على وتر الانتخابات

دراسة حديثة تكشف دور الإخوان في تشكيل الجماعات المتطرفة في بريطانيا

الشبكة الإخوانية في بريطانيا.. توسع رغم الحصار الأوروبي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية