لماذا تثير علامة تويتر الزرقاء كل هذا الجدل؟

لماذا تثير علامة تويتر الزرقاء كل هذا الجدل؟

لماذا تثير علامة تويتر الزرقاء كل هذا الجدل؟


27/11/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

الأسبوع الماضي، أطلق تويتر مخطّطاً جديداً للدّفع مقابل الحصول على العلامة الزّرقاء. العلامة الزّرقاء، التي تشير إلى أنّه تمّ التّحقّق من الهويّة والتي كانت محفوظة في السّابق للأفراد والمؤسّسات البارزة، صارت متاحة للجميع الآن. منذ الإعلان عن التّحديث لأوّل مرّة، تغيّر السّعر، وأصبحت تفاصيل عمليّة التّحقّق، في أحسن الأحوال، غير مؤكّدة. الحالة التي عليها الوضع الحاليّ لُخّصت في تغريدةٍ كتبها إيلون ماسك، المالك الجديد للشّركة: «يرجى ملاحظة أنّ تويتر سيقوم بالكثير من الأشياء الغبيّة في الأشهر المقبلة. سنحتفظ بما يصلح ونغيّر ما لا يصلح».

كما هو الحال، يُعدّ المخطّط الجديد جزءاً من عمليّات تحديثات تتّجه بنا نحو «تويتر بلو»، خدمة الاشتراك المتميّز في منصّة التّواصل الاجتماعيّ. إلى جانب العلامة الزّرقاء، فإنّ أيّ شخص يرغب في دفع الرّسوم - 7.99 دولاراً شهريّاً - سيتمتّع، أيضاً، وبشكل مبكّر، بتحديثات جديدة، مثل القدرة على تحرير التّغريدات. في الوقت الحاليّ، تُطلَق مثل هذه التّحديثات في مناطق جغرافيّة معيّنة فقط. يزعم تويتر أنّ هذه التّغييرات، المدفوعة بالرّغبة في تقليل الحسابات المزيّفة غير الموثوق بها، جزء من عمليّة تجديدٍ لنظام التّحقّق من الهويّات.

بماذا غرد بوش؟

حتّى الآن، الوضع سيء للغاية. فمنذ إطلاق النّظام الجديد، ابتُليت المنصّة بالحسابات المزيفة التي يحمل الكثير منها العلامة الزّرقاء، التي كانت تشير في السّابق إلى سلامة الحساب. على سبيل المثال، غرّد حساب مزيف لجورج دبليو بوش «اشتقت لقتل العراقيّين»، وردّ عليه حساب مزيّف لتوني بلير المزيف مغرّداً «أنا أيضاً، حتّى أكون أميناً». بالمثل، نشر حساب احتياليّ لشركة ألعاب الفيديو نينتيندو صورةً لشخصية الألعاب ماريو وهي تقوم بإيماءة يد بذيئة.

إيلون ماسك: يرجى ملاحظة أنّ تويتر سيقوم بالكثير من الأشياء الغبيّة في الأشهر المقبلة. سنحتفظ بما يصلح ونغيّر ما لا يصلح

يحقّق تويتر معظم إيراداته من الإعلانات. لذلك، إذا ساءت سمعة أي علامة تجاريّة عبر حساب ينتحل صفتها، سيكون ذلك سيئاً للرّبح. في وقت كتابة هذا التقرير، علّق تويتر، مؤقّتاً على الأقل، مخطّط العلامة الزّرقاء الجديد وسط موجة حسابات انتحلت صفة علامات تجاريّة وأفراد بارزين.

مخطّط العلامة الزّرقاء في تويتر يواجه مشكلات تتعلّق بالنّضوج. ومع ذلك، سيصبح التّحقّق الدّقيق والقويّ من الهويّة، في النّهاية، شرطاً أساسيّاً للمشاركة في العديد من مناحي الحياة

بغضّ النّظر عن فوضى العلامة الزّرقاء التي كانت تمنح بشكل مجانيّ، فإنّ حقيقة أنّ النّاس سيدفعون مقابل التّحقّق من هويّاتهم تعكس مواقفنا المتغيّرة تجاه التكنولوجيا. في الأيّام الأولى لغرف الدّردشة على الإنترنت، السّالفة لمنصّات التّواصل الاجتماعيّ، لم يستخدم أحدٌ تقريباً اسمه الحقيقيّ. ثبّط مقدّمو هذه الخدمات بشكل نَشِط المستخدمين عن الإفصاح عن الكثير من المعلومات الشّخصيّة. كان بقاء المرء مجهولاً واستخدامه اسماً مستعاراً من معايير الإنترنت.

مشاركة المعلومات الشخصية

اليوم، يسعى العديد من الأشخاص إلى الأصالة الفائقة ومشاركة أكثر تفاصيل حياتهم اليوميّة حميميّةً وخصوصيّةً في الوقت الفعليّ لحدوثها. وعلى الرّغم من أنّ معظمنا لا يُبالغ في مشاركة معلومات عن حياته أو يستعرضها عبر الإنترنت، أصبحنا أكثر استعداداً لمشاركة جوانب من هويّاتنا. على سبيل المثال، يشارك الكثير منّا أحدث ما تحصّلنا عليه من جوائز (على لينكيد إن) أو الآراء (على تويتر) أو حتّى ما نحن على وشك تناوله على الغداء (على إنستغرام).

إلى جانب كوننا على ما يرام بشأن إبراز هويّاتنا الحقيقيّة عبر الإنترنت، نُطالَب بشكل متزايد بتأكيد صحّة هويّاتنا. تشجّعنا الخدمات المستندة إلى الويب بشكل نَشِط ومتكرّر على مشاركة معلومات تحقّق إضافيّة معها. على سبيل المثال، قد تطلب إحدى خدمات البريد الإلكترونيّ رقم هاتفنا المحمول لمساعدتنا في استعادة الوصول إلى حساباتنا في حالة نسيان كلمة المرور.

بغضّ النّظر عن فوضى العلامة الزّرقاء التي كانت تمنح بشكل مجانيّ، فإنّ حقيقة أنّ النّاس سيدفعون مقابل التّحقّق من هويّاتهم تعكس مواقفنا المتغيّرة تجاه التكنولوجيا

هذه الحاجة إلى التّحقّق، وحماية هويّاتنا الرّقميّة، ستزداد مع انتقال المزيد من مهامّنا اليوميّة ومعاملاتنا الاجتماعيّة إلى الإنترنت. التزمت شركات مثل أبل ومايكروسوفت وغوغل وغيرها من شركات التّكنولوجيا العملاقة بالفعل بزيادة استخدام القياسات الحيويّة - إثبات الهويّة عن طريق تصوير الوجه أو بصمة اليد - للوصول إلى الحسابات. في نهاية المطاف، صُمّمت هذه الخطوة للتّخلّص من كلمات المرور التي تستغرق وقتاً طويلاً، والتي يمكن اختراقها، ومشاركتها، ونسيانها.

الميتافيرس

إنّ الحاجة إلى هويّات يمكن التّحقّق منها ستزداد مع توسّع الإنترنت. المرحلة التّالية المهمّة في تطوّر الإنترنت تسمّى الميتافيرس. ظهر هذا المصطلح لأوّل مرّة في رواية الخيال العلمي «تحطّم الثّلج» لنيل ستيفنسون التي نُشرت عام 1992. يستخدم المؤلّف الكلمة لوصف عالم افتراضيّ مستمرّ، وريث للإنترنت، يسكنه ملايين الأشخاص الذين يأخذون شكل تجسيدات رقميّة. يُظهر عالم الواقع الافتراضيّ الذي خلقه ستيفنسون أماكن عمل، وراحة، ولعب يتفاعل فيها النّاس بشكل هادف مع بعضهم البعض.

في حين أنّ التّفاصيل لم يُتّفق عليها بالكامل ولم تُحلّ بعد، فإنّ عالم الميتافيرس النّاشئ يشبه إلى حدّ كبير رؤية ستيفنسون. يُنظر إلى هذا الكون المحوسب على نطاق واسع على أنّه نظام بيئيّ رقميّ ثلاثيّ الأبعاد وغامِر، شبكة من عوالم افتراضيّة لانهائيّة ومترابطة. في كتابه، «الميتافيرس وكيف سيُحدث ثورةً في كلّ شيء»، يصف ماثيو بول الميتافيرس بأنّه «مستوى متوازٍ من الوجود لملايين، إن لم يكن مليارات، النّاس، مستوى يجلس على قمّة اقتصاداتنا الرّقميّة والمادّيّة».

اليوم، نحن «على» الإنترنت. غداً، سنكون «في» الميتافيرس. إن الحاجة إلى هويّة يمكن التّحقّق منها في مثل هذا النّظام الرّقميّ ستوازي الحاجة إلى جوازات السّفر، وأرقام الضّمان الاجتماعيّ، وبطاقات الهويّة الوطنيّة في النظام المادّيّ.

يبدو أنّ مخطّط العلامة الزّرقاء في تويتر يواجه مشكلات تتعلّق بالنّضوج. ومع ذلك، سيصبح التّحقّق الدّقيق والقويّ من الهويّة، في النّهاية، شرطاً أساسيّاً للمشاركة في العديد من مناحي الحياة عبر الإنترنت. أظنّ، أيضاً، أنّ العديد من الأشخاص يريدون، أو أرادوا، علامة زرقاء على تويتر كـ«رمز للحالة»، المكافئ الرّقميّ لقميص مطبوع عليه اسم علامة تجاريّة. العلامة الزّرقاء، في التّحليل الأخير، تعني أنّك تستحقّ أن تُنتحل هويّتك. حقيقة أنّنا مستعدّون لإنفاق الأموال على هويّاتنا الرّقميّة، وإثرائها برموز الحالة الرّقميّة، تتناسب، أيضاً، مع الرّؤى الاقتصاديّة المستقبليّة للميتافيرس.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

جاستن توماس، ذي ناشونال، 15 تشرين الثّاني (نوفمبر) 2022



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية