لماذا يعادي الإخوان المؤسسات الأمنية المصرية؟

 لماذا يعادي الإخوان المؤسسات الأمنية المصرية؟

لماذا يعادي الإخوان المؤسسات الأمنية المصرية؟


24/01/2023

ناصبت جماعة الإخوان منذ تأسيسها في عام 1928 مؤسسات الدولة بوجه عام، والمؤسسات الأمنية على وجه التحديد، حالة من العداء الشديد، وحاولت على مدار تاريخها استهداف تلك المؤسسات والعاملين فيها، بهدف تفكيكها والقضاء عليها تماماً، ولم تنفصل ممارسات الجماعة تلك عن مشروع كبير عملت منذ نشأتها على تنفيذه، يستهدف هدم وتفكيك المؤسسات الوطنية لصالح مشروع الإخوان واستبدالها بأخرى تابعة للتنظيم. 

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحدث عن آخر محاولات تنظيم الإخوان الإرهابي لاستهداف جهاز الشرطة المصري، خلال الاحتفال بالعيد السنوي للشرطة المصرية الإثنين الماضي، كاشفاً عن مخطط إخواني استهدف هدم المؤسسة قبل نحو (10) أعوام، نجحت مصر في التصدي له وإحباطه، ودعم كافة المؤسسات الوطنية في مواجهة مخطط الشر.

وقال الرئيس المصري: "جهاز الشرطة تم استهدافه بمحاولات عديدة آخرها قبل (10) أعوام، بهدف هدم هذا الجناح والاستيلاء على الدولة"، مطالباً بضرورة الحفاظ على صورة المصري الذي يعمل في جهاز الشرطة خلال التناول الدرامي للأحداث، والإبقاء على دعم جميع رجال الوطن المخلصين بمختلف المجالات.

مشروع التمكين الإخواني

الكاتب المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب حسين القاضي يرى أنّ تصريحات الرئيس المصري لها ما يؤيدها في تاريخ الإخوان قديماً وحديثاً، فقد حاول التنظيم اختراق المؤسسات وتشويهها في حال العجز عن اختراقها، كجزء أساسي من مشروع التمكين الإخواني الذي كان يتطلب هدم كافة المؤسسات الوطنية لصالح مؤسسات بديلة عملت الجماعة على تدشينها وفق إيديولوجيتها الخاصة.  

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

ويقول القاضي في تصريح لـ"حفريات": إنّ المشروع الإخواني قديم، ويعود أصله إلى نشأة التنظيم، وقد تحدث عنه الكثيرون عبر التاريخ، منهم ما ذكره الداعية محمد متولي الشعراوي  في حوار نشرته مجلة "المصور" المصرية إبّان فترة الثمانينيات، وقال فيه: إنّ "جماعة الإخوان، إمّا أن تبني هي، وإمّا أن تهدم".

حسين القاضي: تصريحات الرئيس المصري لها ما يؤيدها في تاريخ الإخوان قديماً وحديثاً، فقد حاول التنظيم اختراق المؤسسات وتشويهها في حال العجز عن اختراقها، كجزء أساسي من مشروع التمكين

وبحسب القاضي، أشارت وثائق نُشرت على موقع الاستخبارات الأمريكية عام 1986 تحت عنوان: "بناء قواعد الدعم"، إلى محاولة اختراق جماعة الإخوان للمؤسسات التعليمية في مصر، عن طريق توظيف تراكم الضغوط الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وبيان أنّهم البديل الذي يملك القدرة على التغيير.

ويشير القاضي إلى أنّ ما أوردته الوثائق الأمريكية أكدته وثائق الإخوان نفسها التي تشير إلى إنشاء قسم خاص بالطلاب في المدارس والجامعات يتبع مكتب الإرشاد، فضلاً عن وثيقة التمكين المعروفة التي أعدّها خيرت الشاطر عام 1992.

ماذا عن وثيقة التمكين؟

تُعدّ وثيقة التمكين التي عثر عليها مطلع التسعينات بأحد المقرات المملوكة للقيادي الإخواني خيرت الشاطر، ضمن القضية المعروفة إعلامياً باسم قضية "سلسبيل"، أحد أبرز الدلائل على مشروع التمكين الإخواني، الذي استهدف اختراق المؤسسات التعليمية والمهنية والنقابية إلى جانب المؤسسات الأمنية، بهدف تنفيذ مشروع التمكين الإخواني بكافة مفاصل الدولة.

وإلى ذلك، يشير القاضي إلى أنّ وثيقة خيرت الشاطر كانت بمثابة خطة استراتيجية مستقبلية لحراك جماعة الإخوان نحو اختراق المؤسسات وإسقاطها، والتأسيس لشرعية التنظيمات والدولة الموازية على حساب الحكومة والدولة الوطنية.

القاضي: وثيقة خيرت الشاطر كانت بمثابة خطة استراتيجة مستقبلية لحراك جماعة الإخوان نحو اختراق المؤسسات وإسقاطها، والتأسيس لشرعية التنظيمات والدولة الموازية على حساب الحكومة والدولة الوطنية

ولعل المواجهة الأمنية والفكرية في مصر، على فترات زمنية مختلفة، قد منعت الجزء الأكبر من هذه الوثيقة من التحقق، حتى عندما وصل التنظيم إلى الحكم، ورغم محاولاته المستميتة، لكنّه لم ينجح في تنفيذها، لكن بقيت أهداف الوثيقة أولوية لدى كافة لجان الإخوان وحتى يومنا الحالي، فما فشلت الجماعة في تحقيقه بالاختراق تحاول تنفيذه عن طريق الهدم والاستهداف والتشويه.

ذروة المواجهة

لم تغب حالة العداء عن أدبيات الإخون على مدار تاريخ التنظيم، لكنّها بلغت ذروتها في الفترة التي أعقبت ثورة 30 حزيران (يونيو) عام 2013، إثر السقوط المدوي لمشروع التنظيم في مصر، وما تبعه من خروج أذرعه المسلحة إلى العلن، كان أبرزها حسم ولواء الثورة، فقد قاما بتنفيذ عشرات العمليات الإرهابية التي استهدفت مؤسسات الدولة في كافة أرجاء البلاد، وكذلك رجال الجيش والشرطة والقضاء.

ونفّذت الجماعة في تلك الفترة، وهي التي قصدها الرئيس المصري في حديثه، عدداً كبيراً جداً من العمليات ضد جهاز الشرطة، كان أبرزها حرق المقرات بمختلف محافظات الجمهورية، والهجمات المتكررة على مديريات الأمن، وربما أكثر تلك العمليات وحشية ما عُرف إعلامياً باسم مذبحة كرداسة، التي هاجم الإخوان فيها أفراد قسم الشرطة، وقتلوهم ومثلوا بجثثهم.

ونفذت الجماعة أيضاً مجموعة اغتيالات، أبرزها اغتيال ضابط الأمن الوطني محمد مبروك، المسؤول عن ملف التنظيم، فضلاً عن محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم.

ليست مؤسسات الأمن فقط

بالرغم من أنّ المؤسسات الأمنية نالت النصيب الأكبر من محاولات التشويه والاستهداف الإخواني، خاصة العمليات الإرهابية التي استهدفت المنشآت والأفراد في أعقاب إسقاط الإخوان عن الحكم منتصف عام 2013، إلّا أنّ المؤسسات التعليمية والصحية والنقابية وأيضاً الأندية الرياضية، كان لها نصيب أيضاً في حملات الاستهداف الإخوانية، على حدّ تقدير القاضي.

وبحسب القاضي، لعبت مصادر التمويل العامل الأهم لمحاولة اختراق المؤسسات، معتمدة في ذلك على الاشتراكات والمصانع وشركات الاستيراد والتصدير والمؤسسات الخدمية كالجمعيات الخيرية، ويعتمد الإخوان على الأخطاء التي تقع فيها هذه المؤسسات، لاستغلالها في التشويه والتأثير على المشاعر الشعبية.

رسائل البنا المسمومة

يقول الكاتب المصري: إنّ الكلمة المفصلية في مخطط الإخوان لاختراق المؤسسات وضع بذرتها حسن البنا مؤسس الجماعة حين قال: "أيّها الإخوان، أنتم لم تخاصموا حزباً ولا هيئة، كما أنّكم لم تنضموا إليهم، أمّا اليوم، فستخاصمون هؤلاء جميعاً في الحكم وخارجه خصومة شديدة، إن لم يستجيبوا لكم، ويتخذوا مقاليد الإسلام منهاجاً يسيرون عليه ويعملون له".

لم تغب حالة العداء عن أدبيات الإخون على مدار تاريخ التنظيم، لكنّها بلغت ذروتها في الفترة التي أعقبت ثورة 30 حزيران 2013، إثر السقوط المدوي لمشروع التنظيم في مصر، وما تبعه من خروج أذرعه المسلحة إلى العلن

 وقال في رسالة المؤتمر الخامس: "والحكم معدود في كتبنا الفقهية من العقائد  والأصول، لا من الفقهيات والفروع"، فاعتبر تدابير السياسة تكتسب قوة العقيدة؛ ممّا نتج عنه الاستماتة في الوصول إلى الحكم باختراق المؤسسات، لذلك دعا إلى "استخلاص المؤسسات بالقوة من أيدي الذين لا يدينون بأحكام الدين الحنيف"؛ أي لا ينفّذون الإسلام بمفهوم الإخوان.

ووفق القاضي، كانت هذه هي البذرة التي انطلق منها التنظيم لاختراق المؤسسات أو هدمها أو نشر الشائعات عنها، سواء مؤسسة الشرطة أو الجيش أو القضاء أو المؤسسات الدينية، لتكوين (الدولة الموازية)، وتحقيق (أستاذية العالم).




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية