لماذا يفتح أردوغان ذراعيه لخصوم الماضي؟

لماذا يفتح أردوغان ذراعيه لخصوم الماضي؟

لماذا يفتح أردوغان ذراعيه لخصوم الماضي؟


29/11/2022

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يسعى لدور إقليمي أوسع في دول النزاعات بالاستفادة من علاقاته المتوازنة بين المحور الشرقي والغربي، والذي أكد أنّه "لا توجد خصومة دائمة في عالم السياسة"، هو في الحقيقة يحاول ضمان أصوات الناخبين من خارج شريحة حزب العدالة الحاكم، وكسب المترددين وبعض أنصار الأحزاب الأخرى المعترضين على السياسة الخارجية التركية السابقة، وهي نسبة مفيدة فقط في فترة الحملات الانتخابية، ونتائجها مؤقتة.

أردوغان الساعي لنفوذ كبير ولتوازن مع إيران، وبعد أن تمكن من استعادة علاقات بلاده خلال العام الحالي مع كل من الإمارات والسعودية وإسرائيل، فتح يديه لخصوم الماضي، وفي طليعتهم مصر السيسي وأيضاً سوريا الأسد، بعد أن تنبه إلى ضرورة تعزيز دور أساسي له في الشرق الأوسط، بعد أن كانت تركيا قد قطعت الأمل بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

تطبيع العلاقات مع سوريا

صرّح أردوغان في عدة لقاءات خلال الأسبوع الأخير عن رغبته في لقاء الرئيس السوري بشار الأسد، وأبلغه باستعداده لإرسال مسؤولين أتراك إلى دمشق، غير أنّ الأسد اقترح عقد اللقاء في دولة ثالثة، بحسب ما نشرته وكالة الأسوشيتد برس الأربعاء الماضي.

وقال الرئيس التركي في لقاء مع الشباب بولاية قونية تعليقاً على لقائه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قطر: "في الفترة القادمة يمكن اتباع المسار نفسه مع سوريا، تماماً كما تم مع مصر، لا يجب أن يكون هناك استياء في السياسة..."، وأكد على أنّه "يمكننا لقاء الأسد عندما يحين الوقت".

صرّح أردوغان في عدة لقاءات خلال الأسبوع الأخير عن رغبته في لقاء الرئيس السوري بشار الأسد

وقال أردوغان في الأسابيع الماضية: "عندما يحين الوقت يمكننا أن نسير في طريق اللقاء مع رئيس سوريا"، في إشارة إلى إمكانية إعادة تشكيل العلاقات مع دمشق، خاصة بعد الانتخابات المقبلة، وأكد أردوغان: "في الوقت الحالي يمكننا أن نعيد النظر في العلاقات مع الدول التي نواجه مشكلات معها، خاصة بعد انتخابات حزيران (يونيو) يمكننا أن نصنع علاقات جديدة".

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي المهتم بالشأن التركي أحمد حسان، في تصريحات لـ"وكالة أنباء تركيا" الخميس، أنّ "التصريحات التركية حول لقاء الأسد هي إعلامية فقط، والسبب يتعلق بالظرف السوري والدولي والتركي، فرفع مستوى العلاقة مع الأسد خارج الأمن لا يضيف أيّ قيمة لتركيا داخلياً ودولياً لأسباب تتعلق بداخل النظام".

محلل سياسي: تحسين العلاقات السياسية مع الأسد فرصة فقط لسحب الملف من المعارضة التركية في الانتخابات

وأضاف أنّ "العلاقات السياسية مع الأسد لا تُحسّن أوراق تركيا في الملف السوري دولياً، لأنّ اللاعبين الدوليين أكثر تأثيراً فيها، لذلك هي فرصة فقط لسحب الملف من المعارضة التركية في الانتخابات، وفرصة لبناء مقاربة مع روسيا في الملفات الإقليمية والدولية، وهنا يشكل الأسد دائرة ضيقة فقط منها وغير مؤثرة".

من جانبه، أكد الرئيس السوري بشار الأسد وجود لقاءات بين سوريا وتركيا على صعيد الأجهزة الاستخباراتية، وأنّ هذه اللقاءات قد ترتفع إلى مستويات بارزة خلال المرحلة القادمة، وفق صحيفة الأخبار اللبنانية.

وأضافت الصحيفة اللبنانية أنّ الأسد أكد اقتصار اللقاءات الحالية على تبادل المعلومات، غير أنّ هذه اللقاءات ستساهم في رفع مستوى العلاقات بين البلدين.

وأفاد الأسد بأنّ تركيا مستعدة لتلبية مطالب سوريا، مشيراً إلى ترقّب دمشق تعزيز أنقرة لإجراءاتها العملية، وتطبيق التصريحات على أرض الواقع، لافتاً إلى أنّه ليس بالإمكان تحديد ما إن كان موقف تركيا جاداً، أم مجرّد مناورة سياسية.

تطبيع العلاقات مع مصر

وبعد أعوام من التوتر بين البلدين، صافح أردوغان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قطر الأسبوع الماضي، فيما وصفه بيان للرئاسة المصرية بأنّه بداية جديدة في العلاقات الثنائية بينهما.

وأحيت تلك المصافحة النادرة بين الرئيسين آمال استعادة مسار التطبيع المتعثر بين البلدين، بعدما خيم عليه التباعد أخيراً بسبب تباين المواقف تجاه ملفات تُعدّ "مصيرية" للطرفين.

بعد أعوام من التوتر بين البلدين، صافح أردوغان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قطر الأسبوع الماضي

في هذا الشأن، قال أردوغان: "طوال فترة (9) أعوام كانت لدينا مشكلة مع مصر، اتخذنا هذه الخطوة مساء ذلك اليوم بوساطة من أمير قطر، وبعد التغلب على تلك المشكلة كان لدينا لقاء قصير مع السيد السيسي لمدة نصف ساعة".

وأضاف: "لا ينبغي أن تكون مثل هذه المشكلة موجودة بين تركيا ومصر في البحر المتوسط"، متابعاً: "سنجتمع حول ملف البحر المتوسط، لأنّ الروابط بين الشعب المصري وتركيا جيدة للغاية، ولا ينبغي أن نفقد هذه القوة لصالح الآخرين...، وأعتقد أنّه ستكون هناك تطورات جيدة".

صحيفة لبنانية: بشار الأسد أكد اقتصار اللقاءات الحالية بين سوريا وتركيا على تبادل المعلومات، غير أنّ هذه اللقاءات ستساهم في رفع مستوى العلاقات بين البلدين

يُذكر أنّ مصر وتركيا تختلفان في عدة ملفات؛ أبرزها تواجد القوات التركية في ليبيا، والاتفاقية البحرية مع حكومة طرابلس، وإيواء عناصر جماعة الإخوان المسلمين.

وقال أردوغان مشيراً إلى تحسن العلاقات مع دول الخليج: "الآن علاقتنا مع الإمارات العربية المتحدة في طريقها للتحسن، ومن الواضح أنّ هذا يزعج بعض الدوائر".

وتُتهم تركيا بالتورط في نشر الفوضى داخل الأراضي السورية بدعم تنظيمات جهادية والسماح خلال الأعوام الماضية بدخول مقاتلين أجانب للقتال ضد قوات النظام، قبل أن يتغير الموقف مع انهيار تنظيم داعش والمخاوف الدولية من انتشار الإرهاب.

بين تركيا ومصر: ليبيا وقضايا عسكرية وتجارية

وبحسب ما نقلته وكالة "رويترز" عمّن وصفته بأنّه "مسؤول تركي كبير" قوله: إنّ "مناقشات مهمة" بدأت بين القاهرة وأنقرة، وإنّ من المقرر أن تبدأ تركيا ومصر محادثات حول القضايا العسكرية والسياسية والتجارية، بما في ذلك مشاريع الطاقة، وهي تسريبات لم تؤكدها مصادر رسمية من الجانبين.

وأشار المسؤول التركي إلى أنّ "الدولتين قد تدخلان في تعاون جدي بشأن قضايا إقليمية خاصة في أفريقيا"، مضيفاً: "الوفود ستبدأ في مناقشة قضايا تجارية وعسكرية وسياسية "خلال فترة قصيرة"، مشيراً إلى ملفات، منها اتفاق تركيا لترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، ومشروعات الطاقة، واستكشاف الموارد الهيدروكربونية، وخطوط الأنابيب في البحر المتوسط.

وبحسب الوكالة، فقد توقع المسؤول التركي أن يتم تعيين سفيرين، والتواصل لترتيب لقاء آخر بين أردوغان والسيسي في "المستقبل القريب".

يُذكر أنّ الأشهر الماضية شهدت عدّة مساعٍ حثيثة لإعادة تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر، وجرت أكثر من جولة من المباحثات الاستكشافية وخطوات بناء الثقة والإجراءات المتبادلة، غير أنّ التطورات الأخيرة المتعلقة بالملف الليبي عرقلت تلك المساعي قبل أن يتم احتواء التراجع وإعطاء زخم غير مسبوق لمسار تحسين العلاقات بفضل الوساطة القطرية التي جمعت أردوغان والسيسي في الدوحة.

حملة انتخابية مبكرة

وتربط أغلب القرارات لهذا التحول في السياسة التركية بالاستحقاق الانتخابي الرئاسي القادم في حزيران (يونيو) 2023، معتبرةً إيّاه سر نقطة التحول في السياسة التركية ومحاولة ترميم العلاقات مع المحيط العربي ابتداء بالعلاقة مع الإمارات  فالسعودية فمصر التي ما زالت رغم ذلك تتعامل مع النظام التركي بسياسة التقارب الحذر.

تتراوح شعبية حزب العدالة والتنمية حالياً بين 30 و 32% من الأصوات

ويسعى أردوغان، مع اقتراب موعد الانتخابات التركية، لاتخاذ بعض المواقف السياسية المتوازنة التي تعيد إليه ثقة الجماهير به، بعد أن فقدها بسبب سياساته العدوانية، وخاصة دوره الإرهابي في الحرب على سوريا، بكل الوسائل، خصوصاً أنّ لسوريا علاقة جيدة مع المعارضة التركية صاحبة الحظ الأقوى في الاستحقاق الانتخابي القادم.

ووفق استطلاعات الرأي الحالية، تتراوح شعبية حزب العدالة والتنمية حالياً بين 30 و 32% من الأصوات، مع شريكه في التحالف، حزب الحركة القومية اليميني المتطرف،  ويحصل الحزب على  نسبة أقل من 38%، غير أنّ نسب تأييد أردوغان أعلى بكثير من تلك الخاصة بحزبه.

لكنّ الجديد في تركيا هو قيام (6) أحزاب معارضة للمرة الأولى بتأسيس تحالف ضد حزب العدالة والتنمية، وأسس الأكراد والاشتراكيون تحالفاً آخر.

ويحكم حزب العدالة والتنمية الجمهورية التركية منذ (20) عاماً دون انقطاع، بعد فوزه في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 لأول مرة، وستجري الانتخابات المرتقبة على مستوى البلاد في حزيران (يونيو) 2023، وسوف يختار الناخبون "اسم الرئيس"، وكذلك جميع أعضاء البرلمان البالغ عددهم (600).

مواضيع ذات صلة:

بعد مصافحة أردوغان والسيسي... ما آفاق العلاقات؟ وماذا ينتظر الإخوان في تركيا؟

باحثان يكشفان لـ"حفريات" سر استدارة أردوغان باتجاه الأسد

هل تنقذ تحولات السياسة الخارجية التركية شعبية أردوغان المتهاوية في الانتخابات المقبلة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية