لماذا يهاجم الإخوان الحوار الوطني في مصر ويطالبون سراً بالمشاركة فيه؟

لماذا يهاجم الإخوان الحوار الوطني في مصر ويطالبون سراً بالمشاركة فيه؟

لماذا يهاجم الإخوان الحوار الوطني في مصر ويطالبون سراً بالمشاركة فيه؟


14/05/2023

رغم الإلحاح الشديد من جانب جماعة الإخوان، المصنّفة على قوائم الإرهاب في مصر، ورفض الطلب المتكرر من جانب الدولة المصرية لمشاركتها في الحوار الوطني الذي تعقده القوى السياسية منذ منتصف العام الماضي، إلّا أنّ الجماعة تتبنّى مؤخراً استراتيجية تستهدف تكثيف الهجوم على الجلسات المنعقدة في مصر في الوقت الراهن، ومحاولة التقليل من جدوى الحوار. 

ومنذ عقد جلسات الحوار الوطني قبل أسابيع بمصر، بمشاركة مختلف القوى السياسية، كثفت جماعة الإخوان نشر الشائعات والتحريض من خلال لجانها الإلكترونية ضده، ومحاولة تصدير صورة خاطئة عن الموضوعات المطروحة، رغم أنّ المؤتمر ناقش معظم القضايا التي تمثل اهتمام الشارع المصري، وفي مقدمتها أزمة الاقتصاد. 

دوافع استبعاد الإخوان

جمع الحوار كافة الفصائل السياسية بمصر، بين مؤيد ومعارض، فضلاً عن الكُتّاب والمثقفين وقيادات العمل العام، لكنّ استثناء جماعة الإخوان جاء مدفوعاً بالعديد من الأسباب؛ أبرزها وضع الجماعة على قوائم الإرهاب، ممّا يعني أنّ مشاركتها في حوار سياسي يجمع القوى الوطنية بمختلف توجهاتها هو أمر أقرب إلى المستحيل، بحسب تصريحات مصرية رسمية. 

وفي هذا الصدد، يقول الكاتب الصحفي المصري محمود مسلم، رئيس لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام بمجلس الشيوخ: إنّ الحوار الوطني وحّد الكثير من الفئات السياسية بأمور محددة؛ أبرزها استبعاد جماعة الإخوان، مؤكداً أنّ الخلاف مع المعارضة المصرية الوطنية هو خلاف لا يخرج عن فكرة ترتيب الأولويات، وليس على المبادئ. 

جمع الحوار كافة الفصائل السياسية بمصر

وبحسب حديث مسلم في أحد البرامج الفضائية على قناة "إكسترا نيوز"، جاء المبدأ الذي أقره مجلس الأمناء الخاص بالحوار الوطني ممتازاً، بالأغلبية وليس بالتوافق. 

وأشار إلى أنّ الجرأة التي شهدتها كلمات المتحدثين على المنصة قد أكدت لجميع المشككين أنّ الحوار جاد، وأنّ الدولة المصرية لديها إرادة سياسية حقيقية لإجراء حوار، والوصول به إلى نتائج يجري تفعيلها على أرض الواقع.

محمود مسلم: الحوار الوطني وحّد الكثير من الفئات السياسية بأمور محددة؛ أبرزها استبعاد جماعة الإخوان، والخلاف مع المعارضة المصرية الوطنية هو خلاف لا يخرج عن فكرة ترتيب الأولويات، وليس على المبادئ

وتابع: "قبل بدء الحوار أطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مبادرة استجابة لمجلس الأمناء، ومنها الإشراف القضائي على الانتخابات الرئاسية، وكان ذلك دليلاً على جدية النظام وإرادته السياسية لإجراء حوار وطني واستيعاب كل الفئات، وترجمة لجملة الرئيس بأنّ "الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية".

تناقضات الإخوان بشأن الحوار 

يقول الباحث المصري المختص بقضايا الأمن الإقليمي محمد فوزي لـ "حفريات": إنّ موقف الإخوان من الحوار الوطني في مصر يعكس تناقضات عميقة يعاني منها التنظيم بنيوياً وفكرياً. 

ويرى فوزي أنّ التنظيم لا يؤمن أصلاً بفكرة الحوار وتبادل الرؤى، فمثلاً على المستوى التنظيمي لم تشهد الجماعة التي جاوزت عقدها الـ (90) أيّ مراجعات فكرية أو حوارات جادة تتعلق بإيديولوجياتها أو نمطها الحركي، ولم تتجاوب الجماعة مع أيّ حركة إصلاحية داخلية، والدليل على ذلك الانشقاقات التي شهدها التنظيم بسبب طرح مراجعات أو إصلاح، وأيضاً احتدام أزمة الصراع الداخلي الأخيرة بسبب عدم تقبل المناقشة أو تداول المناصب داخل الجماعة. 

محمد فوزي: موقف الإخوان من الحوار الوطني في مصر يعكس تناقضات عميقة يعاني منها التنظيم بنيوياً وفكرياً

الجماعة أيضاً لم تشهد أيّ انفتاح على الآخر؛ لأنّ التنظيم ينظر إلى نفسه باعتباره تنظيماً راديكالياً، ويدّعي أنّه يملك أفكاراً صحيحة بشكل مطلق، ولا يتقبل الآخر، ويعتبره في درجة أقلّ منه، خاصة فيما يتعلق بفكرة الاستعلاء الديني، وأنّه العصبة المؤمنة. 

كيف تعامل الإخوان مع الحوار الوطني منذ بدايته؟ 

يقول فوزي: إنّه بالعودة إلى موقف التنظيم من الحوار منذ دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إليه منذ عام تقريباً، نجد أنّ التنظيم قد اتخذ نهجاً يستهدف استمالة المؤسسات المصرية للمشاركة في الحوار، في محاولة لعودة التنظيم إلى المشهد، لكنّ هذا الموقف قد انقلب تماماً بعد الإعلان رسمياً من جانب الجهات الرسمية المنظمة للحوار بأنّ كلّ من لم يعترفوا بثورة 30 حزيران (يونيو) 2013، ودستور عام 2014، لن يشملهم الحوار الوطني، في إشارة إلى تنظيم الإخوان. 

وظّفت الجماعة كافة أدواتها الإعلامية وكتائبها الإلكترونية للهجوم على المؤتمر

منذ هذا الإعلان وظّفت الجماعة كافة أدواتها الإعلامية وكتائبها الإلكترونية للهجوم على المؤتمر وكافة القوى السياسية المشاركة فيه، وأيضاً محاولة التشكيك في جدية القضايا المطروحة على مائدة المناقشات، بحسب فوزي. 

ويرى الباحث المصري أنّ جماعة الإخوان هي المتضرر الأكبر من استكمال ونجاح جلسات الحوار الوطني؛ لأنّها لم تنجح في إقناع السلطات المصرية بالمشاركة فيه، ولا تمرير أيّ أفكار تتعلق بأجندتها ورغبتها المُلحة للعودة إلى المشهد السياسي المصري، فضلاً عن أنّ الحوار يؤسس لعقد اجتماعي جديد بين مختلف مؤسسات الدولة والقوى السياسية، وفي مقدمتها المعارضة، ومن شأنه ضرب كافة الأطروحات التي روّجت لها الجماعة باعتبار أنّها فصيل سياسي وليس تنظيماً إرهابياً، على مدار الأعوام الماضية. 

تأكيد على نهاية الإخوان 

يرى فوزي أنّ الحوار بين مختلف القوى السياسية يؤكد بشكل لا يدع مجالاً للشك أنّ جماعة الإخوان قد انتهت من المشهد السياسي المصري بلا رجعة، كما أنّه تم لفظها من المجتمع تماماً، ولم يعد لها أيّ شعبية أو تواجد، لذلك تلجأ إلى حيلتها المعتادة بمحاولة النيل من عملية الحوار ومدى جدواه، لخلق تيار معارض له، لكنّ تلك العملية تحدث دون جدوى. 

جماعة الإخوان هي المتضرر الأكبر من استكمال ونجاح جلسات الحوار الوطني؛ لأنّها لم تنجح في إقناع السلطات المصرية بالمشاركة فيه، ولا تمرير أيّ أفكار تتعلق بأجندتها ورغبتها المُلحّة للعودة إلى المشهد السياسي المصري

أيضاً يمثل عقد الحوار الوطني بين مختلف القوى السياسية والمؤسسات الفكرية بمصر خطوة إيجابية تحسب للنظام المصري والقيادة السياسية، الأمر الدي يمثل صفعة كبيرة لجماعة الإخوان التي حاولت على مدار أعوام تشويه الدولة المصرية، بتوجيه أذرعها الإعلامية والمالية لخدمة هذا التوجه. 

ما آخر تطورات عملية الحوار الوطني ؟

أعلن المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان، الأربعاء الماضي، أنّ الحوار سيكون علنياً فى كل جلساته بدءاً من اليوم الأحد، داعياً كافة وسائل الإعلام المصرية بدون استثناء لتغطية الجلسات. 

وقال في تصريحات تلفزيونية: "نحن واضحون وصرحاء، ونشرف بالإعلام الذي أصبح بوابة للسياسة، والإعلام هو الحل، ونحن فخورون ونتشرّف بما نقوم به، كما نرصد بما ينشر بعد هذا اللقاء".

وتابع رشوان: "هناك إحساس من جانب وسائل الإعلام الأجنبية بأنّ الحوار الوطني عملية جادة، لافتاً إلى أنّ هناك ملاحظات على بعض القضايا التفصيلية لا ترقى إلى الحديث عن جدية الحوار، وهناك حالة ترقب نبحث عنها لإرضاء الشعب المصري". 

مواضيع ذات صلة:

من الإرهاب إلى التنمية... كيف عبرت سيناء المصرية مربع الخطر؟

مصر تتسلم رئاسة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب... ما الدلالات؟

"زاد" وأخواتها... استمرار التغلغل السلفي في العقل المصري



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية