لن يكون العراق معبراً إيرانياً إلى العرب

لن يكون العراق معبراً إيرانياً إلى العرب

لن يكون العراق معبراً إيرانياً إلى العرب


21/01/2023

فاروق يوسف

هل ترغب إيران في أن تحقق اختراقا على المستوى العالمي والعربي من خلال العراق؟

حين نقول العراق فنحن لا نقصد عراق العراقيين، بل عراق الطبقة الحاكمة التي هي موالية لإيران وتستند في كل قراراتها إلى المشيئة الإيرانية حيث الحرص على المصالح الإيرانية هو الأصل فيما المصالح العراقية تراوح في مكانها في منطقة يغلب عليها النسيان.

بالنسبة للعراقيين فإنهم يرغبون في كسر جدار العزلة عن محيطهم العربي وهو جدار نفسي شُيد في اللحظة التي دخلت فيها الدبابات العراقية الأراضي الكويتية منتصف عام 1990. ذلك الجدار إزداد صلابة بعد الغزو الأميركي وعملت إيران على تكريسه باعتباره واقعا عن طريق عملائها الذين كتبوا دستورا جديدا فرض على العراق أن لا يكون عربيا حين لم ينص على أنه دولة عربية.

كان تعبير "العرب السنة" أكبر إهانة وجهت إلى العراقيين. فمن خلاله تم اعتبار العرب مجرد أقلية مهاجرة إلى العراق الذي يسكنه الأكراد والشيعة الذين هم في جزء كبير منهم من حصة إيران، حسب ما صار متداولا في وسائل الإعلامين الإيراني والعراقي الرسمي.

العراقيون في حقيقة مشاعرهم يرغبون أن تكون عودتهم إلى محيطهم العربي من خلال عراق سليم ومُعافى من أمراض الاحتلالين الأميركي والإيراني. غير أن تلك الرغبة لا تتسق مع الواقع الذي صنعته إرادة لا تحوم حولها شبهات الارتباط بإيران حسب، بل أن كل الدلائل تؤكد أن النظام السياسي الحاكم في العراق الآن هو واجهة للحرس الثوري الإيراني. لذلك جاءت زيارة زعيم فيلق القدس الإيراني اسماعيل قاآني متزامنة مع زيارة الوقد الأميركي المبعوث من قبل الرئيس بايدن ليؤكد دعم الولايات المتحدة للحكومة العراقية.

ولأن الحكومة العراقية الحالية هي حكومة غير شرعية. ذلك ما يقوله معارضوها. فهي من وجهة نظرهم لم تُقم إلا بعد أن زورت إرادة الناخبين وذهبت أصواتهم إلى الكتلة المهزومة في الانتخابات فإن إيران كانت قلقة من جهة مستوى الدعم العالمي الذي يمكن أن تحظى به تلك الحكومة. وكما يبدو فإن الولايات المتحدة كانت قد استشعرت القلق الإيراني لذلك سارع بايدن إلى إرسال وفده لطمأنة إيران إلى أن الأمور تجري في سياق لن يخرج عن إطار التسوية التقليدية بين الطرفين.

ولكن إيران صارت تطمع بغطاء عالمي أكثر سعة من الترضية داخل العراق. فرئيس الحكومة العراقية الحالي محمد شياع السوداني الذي دُفع به إلى المنصب بقوة تأثير نوري المالكي المرتمي في أحضان إيران باعتباره زعيما طائفيا لابد أن يؤدي دورا تحتاجه إيران من أجل تحقيق شيء من انفتاح العالم عليها بعد أن صار وضعها في سجل حقوق الإنسان محرجا لكل الأطراف الراعية للملف النووي.

صار السوداني يقول كلاما لا تؤمن به الميليشيات. ولكن الميليشيات وهي القادرة على قلب الأحوال في العراق لم تعلق على ذلك الكلام. الأدهى من ذلك أن إيران هي الأخرى لم تعترض وظلت صامتة. وفي ذلك ما يدعو إلى الشك. لا أريد هنا أن استصغر السوداني وهو رئيس حكومة، ولكني على يقين من أنه لن يخرج عن الإطار الذي رسمته له إيران قيد أنملة. لا لأنه مرشح تحالف الإطار التنسيقي الذي هو مجموعة الأحزاب الموالية لإيران حسب، بل لأنه عضو في حزب الدعوة الذي لا يؤمن بالعراق ولا بعروبته ولا بوجوده دولة مستقلة.

هناك الكثير من الأسئلة التي لا توجه إلى السوداني، بل إلى إيران بشكل مباشر. وهو ما يعرف الجميع أن السوداني لن يجيب عليها. يضحك الأوروبيون ومن خلفهم الأميركان لأنهم يعرفون الحقيقة، ولكن العراقيين يظلون يسبحون في أوهامهم. ذلك لأن جزءا منهم لا يزال يراهن على إمكانية الخروج من الفلك الإيراني.

كل ما يُقال عن إمكانية عودة العراق إلى محيطه العربي هو مجرد شعارات، تسعى إيران من ورائها إلى التهدئة من أحل عبور المرحلة الصعبة التي تمر بها. اما واقع الحال فإنه يقول غير ذلك. فحكومة السوداني هي واجهة للأحزاب الطائفية الموالية لإيران. وهي لذلك لا تملك حرية قرار سيادي يمكن أن يضعها في مواجهة الميليشيات التي تستمد منها قوتها.

تحتاج عودة العراق إلى المحيط العربي أولا أن يتحرر العراق من الهيمنة الإيرانية. وهو ما لا يمكن توقع حدوثه في زمن منظور.

عن "ميدل إيست أونلاين"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية