"لوك" الإسلاموي الجديد... جِلّ وتقليعات وقلق جماليّ

الإسلامويون

"لوك" الإسلاموي الجديد... جِلّ وتقليعات وقلق جماليّ


01/09/2019

مع بداية الألفية الثالثة، ومع انفجار الثورة التكنولوجية وتعدد وسائل الاتصال، وتعميم شبكات التواصل الاجتماعي (كفيسبوك وتويتر وأنستغرام وغيرها)، وتزامناً مع التفجير الإرهابي في 11 أيلول (سبتمبر) 2001 الذي وقع على المركز التجاري الأمريكي، دخل العالم منعطفاً جديداً في علاقته مع الإسلاميين، واندلعت المعركة العسكرية والأمنية والمالية العالمية ضد الإرهاب. رافق هذا التحول التكنولوجي والعملياتي الإرهابي تغيرٌ واضح أيضاً في "مظهر" الإسلاموي الذي انتقل إلى منطقة أقصى العنف والموت والتفجيرات الانتحارية، فأمام هذا الوضع الجديد تنازل الإسلاموي عن مظهره القديم، عن "اللوك" الذي صنعه في الربع الأخير من القرن الماضي، تخلّى عن شكل الألبسة التي ظل يرتديها الآباء والأجداد من مؤسسي الحركات الإسلامية المتطرفة الأولى، والمشرفين على إعداد المجموعات الإرهابية الأولى في البلدان المغاربية، وأساساً في الجزائر التي عاشت عشرية سوداء دموية 1990-2000.

الزاوي: الإسلامويون أكانوا بلباس القرن الماضي أم بالتقليعات الجديدة فهم كآبائهم يدافعون عن ثقافة الكراهية ويُشَيِّئون المرأة ويؤمنون بالخرافة

هذا ما يهجس به الأكاديمي والروائي الجزائري، أمين الزاوي، في مقال نشرته "إندبندنت عربية"، وهو وإنْ كان يركّز على النموذج الإسلاموي المغاربي، فإن كلامه يصلح للتعميم.
ويرى الزاوي أنّ "اللُوك" (مظهر) الإسلاموي النموذجي اليوم يتميز بعلامات جديدة، فلقد اختفت اللحية من الوجه، تماماً، ولم تعد علامة من علامات الربع الأخير من القرن الماضي، وأضحت اللحية مسألة عادية في المجتمعات المغاربية (وغيرها)؛ أي عادت إلى ما كانت عليه قبل ظهور المجموعات الأولى من التطرف الإسلاموي.
لقد بات من الصعب اليوم تمييز الإسلامويين الإرهابين في المجتمع من خلال المظهر الخارجي، لقد ذابوا مظهرياً في المجتمع الجديد بتقاليد لباسهم وحركاتهم وتصرفاتهم الجديدة المتناسبة مع الوضع القائم عالمياً ومحلياً.

اقرأ أيضاً: الإسلاموية كخطاب احتجاجي

 بات من الصعب اليوم تمييز الإسلامويين من خلال المظهر الخارجي
ويشير الزاوي إلى أنّ الإسلاموي الإرهابي أصبح لا يتردد في استعمال (جِلْ) الشعر، ويحرص هو الآخر على حلاقة وتصفيف شعره بحسب تقليعات نجوم كرة القدم ونجوم الغناء والموسيقى، وظلت ماركات الأحذية الرياضية هي الأكثر استعمالاً برموزها الرأسمالية الجشعة واضحة في أقدام الإسلامويين الإرهابيين، شأنهم شأن فئات كثيرة من شباب المجتمعات المغاربية. وقد اختفت اللغة الدينية المنتمية إلى دعاة القرن الماضي، (جيل عبد الحميد كشك وعبد المجيد الزنداني ومحمد متولي الشعرواي...) وظهرت لغة أخرى هي قريبة من لغة نجوم الدعاة الإسلامويين الجدد، والذين يحاولون استعمال اللغة الأجنبية تارة، والدارجة المحلية طوراً في أحاديثهم. ودخلنا زمن اليوتيوب الإسلاموي الدعوي والسيلفي الإسلاموي، وخرجنا من زمن الشريط المسموع.
قلق متعدد الأوجه
أما لدى النساء الإسلامويات من الجيل الجديد، فقد اختفى "الجلباب" السبعيني ذي الألوان الحزينة الداكنة لتعوضه ألبسة بأشكال غريبة وبألوان فاقعة، ويظهر سروال الجينز والحذاء الرياضي من تحت عباءة فاقدة لأي انتماء واضح، برأي الزاوي، الذي يقول إنّ "هذا اللباس يشعرنا بقلق سيكولوجي وإيديولوجي يعانيه الذوق الجمالي النسوي اليوم، لينتقل الذوق الإسلاموي المغاربي من استعارة اللباس الشرقي المصري أو الأفغاني أو السعودي إلى استعارة اللباس التركي، وهو تشبّه بلباس مناضلات حزب "العدالة والتنمية" الإخواني التركي، حزب أردوغان، وأمام هذا "القلق الهوياتي" الجمالي في الملبس تتدخل الشركات الرأسمالية العابرة للقارات لتستثمر في سوق "الحلال"، وموازاة مع هذا التحول في مظهر النساء الإسلاميات وما يرافقه من قلق حضاري تطرح هذه الشركات في الأسواق العربية والمغاربية ما يسمى "العطر الحلال" و"أحمر الشفاه الحلال" و "دمية باربي الحلال" و"صابغ الرموش الحلال" و"الشامبو الحلال" لتكسب ثروة هائلة".

اقرأ أيضاً: "الإسلاموية".. من التكيف مع الحداثة إلى أسلمتها

اختفى لدى النساء الإسلامويات من الجيل الجديد "الجلباب" السبعيني ذو الألوان الحزينة الداكنة
ويتعامل الإسلاموي اليوم مع التكنولوجيا بشكل عادي جداً، كالهواتف الذكية والحواسيب الجديدة العالية الجودة والمعقدة، وتُستثمر هذه التكنولوجيا في تجنيد الشباب في صفوف الإرهاب بعد تعريضهم لغسيل دماغ كامل، وتحريضهم على زرع ثقافة الكراهية بين الشعوب والثقافات والديانات.
تغيرت السيميولوجيا وبقيتْ الإيديولوجيا!
ويعلّق الأكاديمي الجزائري أمين الزاوي على ذلك بالقول: "الشيء الوحيد الذي لم يتغير هو أن هؤلاء الإسلاميين؛ أكانوا بلباس القرن الماضي أم بلباس التقليعات الجديدة لأيام الناس هذه، فهم مستعدون للموت والانتحار، وأنّهم كآبائهم يدافعون عن ثقافة الكراهية ويُشَيِّئون المرأة، ويؤمنون بالخرافة، ويرفضون العيش مع الآخر ويصنفون كل ما ينتجه الغرب، وهم أوائل المستهلكين له، على أنّه مؤامرة ضد الإسلام وضد المسلمين".

يتعامل الإسلاموي اليوم مع التكنولوجيا بشكل عادي كالهواتف الذكية والحواسيب الجديدة والتي تُستثمر في تجنيد الشباب بصفوف الإرهاب

ويضيف: "حتى وإن تغيرت سيميولوجيا الملبس والمظهر عند الإسلاموي فإن الإيديولوجيا لم تتغير؛ الجوهر الذي يشكل روح الذات ظل هو نفسه إن لم يكن قد ازداد شراسة، شراسة معاصرة تبدع في فن القتل والتفجير والخراب، لقد تغير شكل القتل ولكن الفعل ظل هو نفسه، حتى وإن تغيرت اللغة وتبدل الخطاب قليلاً أو كثيراً فالموضوعات والهواجس المرضية التي طرحها الآباء المؤسسون للإرهاب لا تزال هي نفسها:
- كراهية المرأة
- كراهية الآخر
- محاربة الحرية الفردية
- مرض الفتوحات الإسلامية الجديدة
-  معاداة اليهود والنصارى،  واعتبار أنّ ما ينتجه هؤلاء  هو من حقهم ولو اغتصاباً.

اقرأ أيضاً: بماذا تخبرنا "نهاية الأيديولوجيا" عن أفول نجم الإسلاموية؟
ويختم أمين الزاوي بلفت النظر إلى أنّه "حتى وإن تغيرت وسائل المعرفة وقنواتها من جيل الآباء المؤسس للإسلام السياسي المتطرف وللإرهاب إلى جيل الأبناء؛ فالعودة إلى الشاذ في التراث الفقهي واعتماده في زرع الفتنة يظل هو نفسه عند الفريقين، يستعمل ويوظف لأجل التجييش والتضليل"، على حدّ قوله.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية