ليبيا بين دائرة الحراك الزائف ودوامة الحلول الوهمية.. ما الجديد؟

ليبيا بين دائرة الحراك الزائف ودوامة الحلول الوهمية.. ما الجديد؟

ليبيا بين دائرة الحراك الزائف ودوامة الحلول الوهمية.. ما الجديد؟


08/12/2022

ثمّة تحرك على عدة مستويات؛ بشأن فك الانسداد السياسي والميداني على كافة المحاور الداخلية والإقليمية والدولية؛ لبلوغ مشهد الاستحقاق الانتخابي في ليبيا؛ عبر الاتفاق على مسارات القاعدة الدستورية، وتوحيد المؤسسات السيادية، وتسمية سلطة تنفيذية واحدة، تقبض بزمام الأمور في ربوع البلاد.

ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، جلسة لمناقشة الوضع في ليبيا، في السادس عشر من شهر كانون الأول (ديسمبر) الجاري، وفقاً لجدول أعمال المجلس، وخلال الجلسة، سيطلع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، عبد الله باثيلي، المجلس على الوضع في البلاد، ويعقب ذلك مشاورات مع الدول الأعضاء.

هذا وقد أعلن باثيلي، سابقاً، تعثر اجتماع رئيسي مجلس النواب عقيلة صالح، والدولة خالد المشري، في مدينة الزنتان، تحت رعاية أممية لـ "أسباب لوجستية"، وهو الاجتماع الذي كان مقرراً عقده الأحد الماضي.

 باثيلي طالب مجلسي النواب والدولة بضرورة "الاتفاق على مكان وموعد مقبولين للطرفين؛ لعقد اجتماعهما، الذي يتعين أن يخرج بمقترحات ملموسة وقابلة للتنفيذ، وذات أطر زمنية محددة؛ لإيجاد مخرج توافقي من هذه الأزمة".

إلى ذلك، أفادت وكالة سبوتنيك الروسية، أنّ رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، سيعقدا اجتماعاً اليوم الخميس، في مدينة غدامس، غربي البلاد.

 في السياق ذاته، صوت المجلس الأعلى للدولة، في جلسة يوم الإثنين الماضي، على المضي في مسارات القاعدة الدستورية والمناصب السيادية، وتوحيد الحكومة بالتوازي.

محاولات التوافق

من جهته، خصّ الدكتور فتح الله السريري، عضو المجلس الأعلى للدولة، "حفريات" بتصريحات، قال فيها إنّ المجلس اتفق في جلسة الإثنين الماضي، على السير في المسارات المعروضة بشكل متواز.

فتح الله السريري: بدأت لجنة المناصب السيادية فرز ملفات المترشحين، وفق المعايير العلمية المتفق عليها بين المجلسين

وتابع قائلاً: جاء الحضور في الجلسة بنحو ٩٦ عضواً، برئاسة خالد المشري، وكانت نتيجة التصويت، كالتالي: 46 عضواً مع المضي بالتوازي،  و40 مع التراتبية، حسب الطلب المقدم من 50 عضواً إلى رئاسة المجلس.

وفيما يتعلق بالقاعدة الدستورية، أكد السريري أنّ لجنتي المسار الدستوري بالمجلسين، ستجتمعان في القاهرة خلال مطلع الأسبوع المقبل؛ لمناقشة المسائل العالقة؛ بغية إنجاز قاعدة دستورية توافقية، تحكم المرحلة المقبلة، وتستمد منها السلطات العامة ومؤسسات الدولة، تنظيمها وهياكلها واختصاصاتها، وتبين العلاقة التي تحكم ما بينها من اختصاصات.

فتح الله السريري: لجنتا المسار الدستوري بالمجلسين، ستجتمعان في القاهرة خلال مطلع الأسبوع المقبل لمناقشة المسائل العالقة؛ بغية إنجاز قاعدة دستورية توافقية، تحكم المرحلة المقبلة

يتابع عضو لجنة المسار الدستوري عن المجلس الأعلى للدولة فتح الله السريري حديثه لـ"حفريات" قائلاً: "بدأت لجنة المناصب السيادية فرز ملفات المترشحين، وفق المعايير العلمية المتفق عليها بين المجلسين، وكذا إحالة الأسماء المختارة في كل منصب سيادي، بعد التصويت عليها في جلسة علنية، إلى مجلس النواب للتصويت النهائي، وإصدار قرارات التكليف الخاصّة بكل منصب سيادي منها". واستطرد السريري: "من المتوقع  أن  تكون الأولوية للمفوضية العليا للانتخابات، ومكافحة الفساد، تليها المناصب الأخرى".

ولفت عضو المجلس الأعلى للدولة، إلى أنّه سيكون هناك لقاء بين رئاستي المجلس في اليومين المقبلين داخل ليبيا، بعد تحديد مكان مناسب؛ لتناول آليات اختيار سلطة تنفيذية مصغرة محدودة العدد والصلاحيات والمدة الزمنية، بغية توحيد السلطة التنفيذية، التي ينبغي أن يكون بمقدورها توفير البيئة اللازمة والضرورية؛ لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.

جدل ترشح العسكريين

في سياق متصل، قال المشير خليفة حفتر خلال لقائه بأهالي إجدابيا، إنّ المطالبين بمنع العسكريين من المشاركة في العملية الانتخابية، يعبرون عن ضعفهم في الممارسة السياسية.

وأوضح حفتر، أنّ هؤلاء يسيطر عليهم الخوف من أن تبقى صناديقهم فارغة، وتمتلئ صناديق منافسيهم من العسكريين بأصوات الناخبين، فالخيار للشعب، والصندوق هو التحدي لمن يرى في نفسه القدرة على المنافسة.

عبد المنعم اليسير: الحراك الزائف الذي يحيط بالوضع الليبي ما هو إلّا استخدام وتوظيف للوقت من أجل تضليل الشعب الليبي

ونوه المشير خليفة حفتر، إلى أنّ الوضع في طرابلس من أبرز العراقيل التي أدت إلى فشل كل مساعي الحل الشامل، فمركز السلطة التنفيذية العليا في طرابلس، تسيطر عليه المجموعات المسلحة منذ سنوات. وأشار إلى أنّ الحلول التلفيقية أثبتت عدم جدواها، واستمرارها إضاعة للوقت والجهد، وتؤدي إلى تفاقم الأزمات. متابعاً: "على الميليشيات أن تبدي استعدادها للتخلي عن سلاحها، الذي ألحق ضرراً كبيراً بالشعب والدولة؛ لأنّ السلاح طال جميع المدن والقرى، وعطل كافة المساعي الحميدة، وأعاق الانطلاق نحو بناء الدولة".

الحراك الزائف

يقول المستشار والناطق الرسمي لمجلس شيوخ ليبيا، عبدالمنعم اليسير، إنّ ثمة ايجابية زائفة تسود بين المراقبين؛ بشأن تحركات رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، عبد الحميد الدبيبة، وتتعلق بحلحلة الانسداد السياسي في ليبيا، خاصّة بين من خانتهم الذاكرة عن طبيعة الإخوان المسلمين، وسعيهم الدائم نحو فرض سيطرتهم الكاملة على الوضع في ليبيا، منذ العام 2011، استناداً إلى التضليل ومحاولة السيطرة على مكامن القوة والسلطة، والتحالف مع أي جسم قائم سواء داخلياً او خارجياً لتحقيق ذلك.

يضيف اليسير في سياق  تصريحاته لـ "حفريات"، أنّ الحراك الزائف الذي يحيط بالوضع الليبي، ما هو إلّا استخدام وتوظيف للوقت؛ من أجل تضليل الشعب الليبي، وإيهامه بقرب حل الأزمة، من خلال الغرق في "دوامة الحل"؛ عبر التفاوض والتفاهمات المشتركة مع الأجسام السياسية القائمة، حتى يتمكنوا من السيطرة على كافة مفاصل الدولة .

ويلفت عبدالمنعم اليسير إلى أنّ المواطنين في ليبيا، خاصّة في الشرق والجنوب، على وقع ما يحدث من فوضى واضطراب، أضحوا في لحظة غضب شديد؛ بسبب وضعية البلاد، ولا أحد يملك تقدير ردّ الفعل وتوقيته. ويستطرد اليسير قائلاً إنّ الخطوة الضرورية والحتمية؛ نحو استقرار ليبيا، تكون مع التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي ينص على ضرورة خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة، وجمع السلاح، وتفكيك الميليشيات، وتوحيد المؤسّسة العسكرية، بناء على المعايير الدولية؛ حتى تملك ليبيا قوات عسكرية نظامية منضبطة، تخضع للسلطة المنتخبة.

تضارب بين الأجسام السياسية

من جهته، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، عبدالحميد الدبيبة، إنّه لا طريق أمام الليبيين سوى السير نحو وضع دستور يرضى به الجميع، والتوجه إلى انتخابات عامة، لافتاً إلى أنّه سيرضى بمن سينتخب.

بينما جاء رد رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، على رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، عبر تدوينه على حسابه في تويتر، قال فيها إنّ "من جاء بالانتخابات يخرج بالانتخابات، ومن جاء باتفاق سياسي يخرج باتفاق سياسي".

كان الدبيبة قد أكد خلال مشاركته في ملتقى محلي بالعاصمة طرابلس، الإثنين الماضي، أنّه لن يسلم السلطة، إلّا بعد وضع دستور للبلاد، حتى وإن استمر ذلك عدة سنوات. واعتبر أنّه لا طريق أمام الليبيين، سوى السير نحو وضع دستور يرضى به الجميع، والتوجه إلى انتخابات عامة. مضيفاً: "من ستأتي به هذه الانتخابات إلى الحكم، سيتم الاعتراف به".

محمد دومة: التقارب بين المجلسين الهدف منه إنهاء حكومة عبدالحميد الدبيبة واخراجها من المشهد السياسي

من جانبه، علّق محمد دومة عضو مجلس النواب، على اللقاءات المتعددة التي جمعت، في الفترة الأخيرة، رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى خالد المشري، مؤكداً أنّها تدور حول الوضع السياسي، وكيفية الوصول إلى قاعدة دستورية؛ يتم من خلالها إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية؛ لإنهاء المرحلة الانتقالية.

ويضيف دومة: "من خلال هذه المحادثات، بدأ يظهر توجه جديد، وهو الذهاب إلى تشكيل مجلس رئاسي وحكومة جديدة، برعاية البعثة الأممّية، التي لم تعترف بالاتفاق الذي أنتج الحكومة المكلفة  برئاسة السيد فتحي باشاغا.

ويختتم محمد دومة عضو مجلس النواب تصريحاته مؤكداً أنّ هذا التقارب بين المجلسين، الهدف منه إنهاء حكومة عبدالحميد الدبيبة، واخراجها من المشهد السياسي، لافتاً إلى أنّه لا يعتقد أنّ هذا الأمر سيتم، إلّا بالتضحية أيضاً بحكومة فتحي باشاغا. مضيفاً: "على العموم، كل هذه اللقاءات بينهما، لن تكون ذات جدوى، إلّا إذا عرضت على المجلسين، وغير ذلك فهي اجتهادات شخصية.

مواضيع ذات صلة:

تأثيرات تجميد عائدات النفط على الانقسام السياسي في ليبيا

مسارات التوافق في ليبيا ورهانات القوى الدولية

الوضع العسكري والميداني في ليبيا.. حكومتان بلا دولة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية