مؤتمر المكتب العام للإخوان: ترسيخ النظام الخاص القطبي

مؤتمر المكتب العام للإخوان: ترسيخ النظام الخاص القطبي

مؤتمر المكتب العام للإخوان: ترسيخ النظام الخاص القطبي


17/10/2022

انتهى ما يُسمّى (المكتب العام) لجماعة الإخوان أول من أمس من مؤتمره الذي أعلن فيه وثيقته السياسية الجديدة المعبرة عن هيكلة الجماعة حركياً وسياسياً، والتي حملت الرؤية لعمله خلال الفترة المقبلة.

وأعلن عباس قباري، منسق تيار المكتب العام لجماعة الإخوان عن إطلاق وثيقة سياسية تعبّر عن وجود الفريق الثالث بالجماعة، الذي هو امتداد للهيئة الإدارية العليا والمكتب العام لإدارة المصريين بالخارج، والذي تأسس على يد القيادي المقتول عام 2016 محمد كمال، مؤسس "حسم" و"لواء الثورة".

وكان أبرز قيادات الفريق الإعلامي الذين حضروا للمؤتمر يحيى حامد، أحمد عبد الرحمن، علي بطيخ، رضا فهمي، عبد الغفار صالحين، أشرف عبد الغفار، محمد غزلاني، عباس قباري، نزيه علي، محمود الجمال.

وقد عرضت المجموعة في المؤتمر فيلماً تسجيلياً عن نشأة التيار وأسباب تأسيسه، التي كان أهمها رفضه لجناحي محمود حسين وإبراهيم منير.

أعلن عباس قباري، منسق تيار المكتب العام لجماعة الإخوان عن إطلاق وثيقة سياسية تعبّر عن وجود الفريق الثالث بالجماعة،

وكان من المدعوين الذين ألقوا كلمات في المؤتمر: د. سيف عبد الفتاح، جلال الدين دوران، مدير مؤسسة MID للعلاقات الدبلوماسية، م. محمد إلهامي، ليل عبد الله، وزير الإرشاد والأوقاف السوداني السابق، د. نزيه علي رئيس مؤسسة الرؤية بالمكتب العام للإخوان المسلمين.

المكتب العام وامتداد العنف المسلح

 نشأت المجموعة الكمالية أو ما يُعرف بالمكتب العام للجماعة حينما طرح القيادي "محمد كمال" وهو أستاذ في جامعة أسيوط في كانون الثاني (يناير) عام 2015 فكرة ما يُعرف بـ (فعل الثورة المبدع)، وترتكز هذه الإستراتيجية على ركيزتين أساسيتين، وهما العقاب الثوري وجبهة المقاومة الشعبية، إلا أنّ هذه الإستراتيجية لم تنجح وباءت بالفشل، وعلى هذا الأساس ظهرت خطة القيادي "محمود عزت"، ومن هنا ظهرت الخلافات بينهما حول عدة قضايا تتعلق بشكل إدارة الجماعة ولوائحها وقياداتها القديمة ومسؤوليتها.

ونجح كمال ومجموعته في تشكيل الهيئة الإدارية العليا للجماعة عام 2015 والمكتب العام لإدارة شؤون الجماعة بالخارج بقيادة أحمد عبد الرحمن، وهي الهيئة التي ستقيل محمود حسين بتهمة اختلاسات أموال والتواصل مع الإيرانيين، وهو ما استتبعه ظهور محمود عزت وإقالته للمتحدث الإعلامي محمد منتصر، وقد ردّ عليه محمد كمال أنّ القرار هو والعدم سواء، ومن هنا بدأت الأزمة بين الفريقين.

وثيقة المكتب العام التي صدرت تحدثت عن غياب التخصصات الأكاديمية في الجماعة، والموقف الإخواني من سياق العمل، وتقييم الأعوام الـ(6) الأخيرة، وغياب ترتيبات العمل وأولوياته لدى الجماعة

وفي أواخر عام 2015 أصدر نائب المرشد "محمود عزت" قراراً بإقالة جميع أعضاء لجنة كمال وتعيين آخرين، وفي شباط (فبراير) 2016 أصدرت (اللجنة الإدارية العليا) قراراً بإجراء تعديلات على اللائحة الداخلية الخاصة بجماعة الإخوان في مصر لتقديمها إلى ما يُطلق عليه (مجلس شورى الجماعة) بإيعاز من الشيخ يوسف القرضاوي.

قُتل محمد كمال، وتطورت الخلافات بين جناح "الحرس القديم" المتمثل في محمود عزت القائم بأعمال المرشد ومساعديه إبراهيم منير، ومحمود حسين، وجناح "الحرس الجديد" أتباع محمد كمال، وفشلت الانتخابات الداخلية في توحيد صف الجماعة المصرية؛ بسبب تباين وجهات النظر بين الجناحين حول عدة ملفات، من بينها الحوار أو هيكلة الجماعة وتطويرها، وتوقيف العنف أو الاستمرار في دعم حركة حسم وأخواتها.

اتضح من هذا المؤتمر استمرارية النهج الثوري الكمالي، والتشبث بنهج سيد قطب وحسن البنا

أثناء هذه الفترة وحتى عام 2018 تصاعدت أعمال العنف من طرف ما أطلق عليه (الكماليون) اللجان النوعية، ولم تلقَ هذه اللجان الدعم من جبهة الحرس القديم، بل وصل الحال إلى طردهم من أماكن إقامتهم في السودان وتسليم بعضهم مثل القيادي في حسم "محمد عبد الحفيظ"، وعليه لجأ بعضهم متعمداً أو غير متعمد إلى الالتحاق بـ "إرهابيي سيناء" مثل "عمر الديب" الذي قتل هناك ونعاه التنظيم الداعشي في إصدار شهير.

وقد رفضت في الفترة نفسها المكاتب الإدارية خاصة بمدن الشمال مثل الإسكندرية الاستجابة لجبهة "الحرس القديم"، وامتناع المكاتب عن تحويل التمويلات بدلاً من رعاية أسر المحبوسين من مجموعتي "حسم" و"لواء الثورة"، ممّا دفع محمود عزت إلى منع القيادي "محمد الحلوجي" قبل وفاته في السودان دعمه للطلاب الموالين للكماليين، ومن هنا خرج بعضهم في إصدار شهير بحقائبهم على قارعة الطريق يتحدثون عن خيانة القيادات، وكتب عبد الله عزت (اسم حركي) رئيس طلاب الإخوان مقالات متعددة يصف ما يحدث، أهمها: (طلاب الإخوان بالسودان يسقط الكفيل)، وعليه لم يجد بعض هؤلاء الشباب إلا طريق اللجوء إلى تنظيمات السلفية الجهادية والقاعدة، وبدأنا نرى في صفحة حسم (إعلام المقاومة) الاحتفاء بكتيبة المرابطين لـ "هشام عشماوي" ومدح أعمال تنظيم القاعدة كما جرى في 30 تشرين الأول (أكتوبر) 2018 في إصدارهم الشهير (الكمين القاتل).

لماذا ظهروا الآن؟

ارتضى فريق محمد كمال (المكتب العام) مع أزمات الجماعة المتفاقمة أن يمارس الصبر الإستراتيجي، وأن يؤسس في هدوء لمؤسساته، وأن يقوم بعمليات تسكين لعناصره في السودان وماليزيا وأرض الصومال التي احتوت العديد من استثماراته، حتى إذا جاءته الفرصة قفز على هرم السلطة في الجماعة.

وفي عام 2021 بدأ جناح "حسم" المسلّح يتحرك من جديد بناءً على اعتراف القيادي "محمد القعيد" بتواجدهم في جمهورية أرض الصومال والاستثمار فيها تحت إشراف القيادي "عبد الرحمن الشواف"، وأنشؤوا بعض المؤسسات، مثل مؤسسة (رؤية)، و(مؤسسة ميدان)، وبدأنا نشهد نشوء بعض المؤسسات المعنية بشكل كبير بتجهيز الشباب فكرياً تحت مُسمّى (العمل الثوري).

في 24 كانون الثاني (يناير) 2022 استضافت مدينة إسطنبول التركية مؤتمراً تحت عنوان "شباب التغيير عقد من النضال وخطوة إلى المستقبل (شارك فيه عدد من قيادات حركة "حسم"، يهدف إلى "إعادة إحياء" ثورات ما عُرف بـ"الربيع العربي"، وإعادة الشباب الهاربين إلى تركيا إلى بلدانهم مجدداً "للمشاركة في عملية التغيير وإزالة الأنظمة).

وفي أول عام 2022 سيطر الإخوان على انتخابات الجالية المصرية في تركيا، وبرز فيها عنصران متورطان من المكتب العام للجماعة.

وثيقة المكتب العام التي صدرت السبت تحدثت عن غياب التخصصات الأكاديمية في الجماعة، والموقف الإخواني من سياق العمل، وتقييم الأعوام الـ(6) الأخيرة، وغياب ترتيبات العمل وأولوياته لدى الجماعة، وكيف تم تركيز الهيكل العام على العمل المجتمعي، وكيفية صناعة رموز العمل العام، ثم كيف اقتصر العمل على الجانب الخدمي، وغياب المشروع السياسي المتكامل لتغيير الدولة، وفراغ أدبيات الإخوان من التغيير وكيفيته، وعدم التجهيز الأكاديمي للكوادر، وغياب التخصص الأكاديمي في تحليل المعلومات.

واتضح من هذا المؤتمر استمرارية النهج الثوري الكمالي، والتشبث بنهج سيد قطب وحسن البنا، وأنّ هذا التيار يقدّم نفسه باسم المكتب العام لجماعة الإخوان كبديل للجبهتين (إبراهيم منير - محمود حسين).

الصفحة الرئيسية