ماذا بعد إعلان صلاح عبد الحق قائماً بأعمال مرشد الإخوان؟

ماذا بعد إعلان صلاح عبد الحق قائماً بأعمال مرشد الإخوان؟

ماذا بعد إعلان صلاح عبد الحق قائماً بأعمال مرشد الإخوان؟


20/03/2023

بعد ترتيبات استمرت قرابة (٤) أشهر، وفي ضوء خلافات محتدمة داخل التنظيم، أعلنت جبهة لندن بجماعة الإخوان، رسمياً، أمس، اختيار القيادي القطبي، صلاح عبد الحق، قائماً بأعمال المرشد العام للتنظيم، خلفاً لإبراهيم منير الذي توفي في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

الإعلان الذي فتح الباب أمام المحللين والمراقبين لرصد سيناريوهات متفاوتة عن مستقبل التنظيم، خاصة أنّ جبهة إسطنبول، قد سارعت إلى إصدار بيان تنفي خلاله جملة ما جاء على لسان جبهة لندن واعتبرته نوعاً من التجاوز "غير المقبول"، ما يعني أنّ فصلاً من صراع أكثر ضراوة سوف يشتعل داخل التنظيم المنهار من الداخل خلال الأيام المقبلة.

لماذا تأخر هذا الإعلان؟

يرجع الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب، عمرو فاروق، تأخر الإعلان عن عبد الحق، رغم اختياره من جانب قيادات جبهة لندن منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، يرجع بشكل أساسي إلى الخلافات الداخلية المحتدمة بين قيادات الإخوان مؤخراً، على المناصب التنفيذية، ليس بين جبهتي لندن وإسطنبول فحسب، بل داخل جبهة لندن نفسها التي كان يرفض عدد من قياداتها تولي عبد الحق المنصب، وحاولوا بشكل كبير إثناء المجموعة عن هذا القرار خلال الفترة الماضية.

وحول أسباب رفض المجموعة لصلاح عبد الحق، يقول فاروق لـ"حفريات"، إنّ بعضها يتعلق بطبيعة شخصيته باعتباره مسنّاً (٧٩ عاماً)، ولم يكن له نشاط تنظيمي أو سياسي ملحوظ داخل الجماعة باستثناء عمله داخل قسم التربية لسنوات، فضلاً عن افتقاده للصلات التنظيمية والقدرة على التواصل مع قواعد التنظيم، كل ذلك جعله محل خلاف شديد.

عمرو فاروق: عبد الحق غير معروف لدى القواعد التنظيمية بشكل كبير

ويشير فاروق أيضاً إلى أنّ عبد الحق غير معروف لدى القواعد التنظيمية بشكل كبير، الأمر الذي يُفقده القدرة على احتواء حالة الغليان التي يمر بها التنظيم، إثر أزمته الممتدة منذ سنوات، تتعلق بالصراعات بين قياداته، ومحاولات كل طرف تشويه الآخر والنيل من ثقته لدى القواعد التنظيمية.

تكتلات داخل جبهة لندن

شهدت الأشهر الماضية حراكاً غير مسبوق من قيادات جبهة لندن لاقتناص منصب القائم بأعمال المرشد العام من عبد الحق، أخرت بلا شك قرار الإعلان عنه رسمياً، كان أبرزه ما تحدثت عنه مصادر في وقت سابق لـ"حفريات"، بخصوص القيادي حلمي الجزار، الذي قاد تكتلاً قوياً داخل الجبهة لحسم الموقف لصالحه.

عمرو فاروق لـ"حفريات": تأخر الإعلان عن عبد الحق يرجع بشكل أساسي إلى الخلافات الداخلية المحتدمة بين قيادات الإخوان مؤخراً على المناصب التنفيذية

إلى ذلك، يقول عمرو فاروق: إنّ الجزار ومحمد البحيري، كانا ينافسان عبد الحق على منصب القائم بأعمال المرشد العام بشكل كبير، مشيراً إلى لقاء جرى في تركيا مؤخراً لدعم حلمي الجزار على المنصب، وتنسيقات أخرى كانت تستهدف دعم الجزار لكنّها لم تثمر عن أي نتائج.

ولا يتوقع فاروق أن يهدأ الصراع داخل جبهة لندن بعد الإعلان رسمياً عن عبد الحق، خاصة أنّ مصادر قريبة من الجماعة قد أشارت إلى أنه جرى دون اتفاق وبعيداً عن رغبة مجموعات فاعلة داخل الجبهة.

كيف ردّت جبهة إسطنبول؟

جاء رد جبهة إسطنبول، الني يتزعمها محمود حسين، والذي أعلن نفسه قائماً بأعمال المرشد العام، منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وساق العديد من القرائن تثبت أحقيته منفرداً بالمنصب، وفق لوائح الجماعة، جاء ردها سريعاً وقاطعاً، بتكذيب البيان الصادر بخصوص عبد الحق واعتباره تجاوزاً.

وقالت الجبهة، في بيان وصل "حفريات" نسخة منه، إنّ "جماعة الإخوان المسلمون في مصر تنفي صحة الادعاءات التى نشرتها اليوم بعض وسائل الإعلام بخصوص انتخاب د. صلاح عبدالحق قائماً بأعمال المرشد العام."

وتابعت: "تؤكد الجماعة أنّ تلك الأخبار كاذبة وأنّ الصفحات التي نشرتها لا تعبر عن الإخوان في مصر بأي صفة."

ولا يتوقع الباحث عمرو فاروق، أن تهدأ وتيرة الصراع داخل التنظيم قريباً، على العكس، يرى أنّ هذا الإعلان سوف يقود إلى مزيد من الانقسام والتشرذم وكذلك الانهيار التنظيمي داخل الإخوان، وأن تشهد الأيام المقبلة فصلاً جديداً للأزمة ربما يحمل صدامات أكثر شدة وتأثيراً على مستقبل الإخوان.

كيانات موازية

لم تكتف جبهة إسطنبول بنفي المعلومات الواردة حول اختيار عبد الحق قائماً بأعمال المرشد، لكنها اتهمت جبهة لندن بتدشين كيانات موازية لا تعبر عن الإخوان، في إشارة لرفع مستوى التصعيد بين الجبهتين خلال الفترة المقبلة.

محمود حسين، الذي أعلن نفسه قائماً بأعمال المرشد العام، منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي

وتقول جبهة إسطنبول في بيانها إن "المحاولات المتجددة لاستحداث كيانات موازية لمؤسسات جماعة "الإخوان المسلمون" الرسمية، أو تسمية أشخاص بمهام ومسميات مدعاة بعيداً عن المؤسسات الشرعية للجماعة تحت دعاوى مختلفة، لن تفرض أمراً واقعاً ولن تجدي نفعاً".

وتابعت: " الجماعة لها مجلس شورى عام من الداخل والخارج، وقد اختار الدكتور محمود حسين قائماً بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون، وشكل هيئة إدارية جديدة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وكل هذا شأن مصري خالص تم وفق قواعد ولوائح الجماعة المعتمدة".

ماذا عن السيناريوهات المحتملة؟

يرى فاروق أنّ كافة السيناريوهات الحاكمة لمستقبل التنظيم يغلب عليها الصراعات والتشرذم، خاصة أنّ كل جبهة تحاول استمالة القواعد التنظيمية، وكذلك المكاتب التنفيذية واللجان المختلفة، وهو ما انعكس على الإجراءات التي أقرها محمود حسين في وقت سابق باستحداث بعض اللجان، وتمكين عناصر جديدة من الفئات الشبابية على سبيل المثال في تلك اللجان.

فاروق: كافة السيناريوهات الحاكمة لمستقبل التنظيم تغلب عليها الصراعات والتشرذم، خاصة أنّ كل جبهة تحاول استمالة القواعد التنظيمية، وكذلك المكاتب التنفيذية واللجان المختلفة

ويشير فاروق إلى أنّ حالة الخلاف داخل الإخوان متجذرة، وامتدت بالفعل إلى القواعد التنظيمية، المنقسمة في دعم حسين أو عبد الحق أو حتى حلمي الجزار.

والمرجح أنّ ما سيحدث خلال الفترة المقبلة هو تحرك جماعتين على التوازي داخل تنظيم الإخوان، تحاول كل منهما حسم الصراع التنظيمي لصالحها وصياغة مقترحات وأفكار تجعلها أقرب إلى القواعد التنظيمية، وهذه التحركات في مجملها تؤشر على زيادة حالة التشظي داخل الإخوان، وانهيار مشروعها الفكري إلى حد كبير.

من هو صلاح عبد الحق؟

وكانت جماعة الإخوان، أعلنت رسمياً عن اختيار القيادي القطبي الدكتور صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد العام للإخوان خلفاً لإبراهيم منير الذي توفي في ٤ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

وأورد بيان صادر عن جماعة الإخوان، أمس، حصلت "حفريات" على نسخة منه، أنّ "جماعة الإخوان تعلن انتخاب الدكتور صلاح عبد الحق قائماً بأعمال فضيلة المرشد العام الدكتور محمد بديع، خلفاً للأستاذ إبراهيم منير رحمه الله تعالى".

القائم السابق بأعمال المرشد العام للإخوان الراحل إبراهيم منير

وصلاح عبد الحق، مصري من مواليد 1945 وكان عضواً في تنظيم 1965 مع سيد قطب المتهم بمحاولة اغتيال الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وعدد من العمليات الإرهابية الأخرى، وعمل في قسم التربية داخل الإخوان طيلة (40) عاماً قضاها في إحدى الدول العربية.

ويبدو أنّ جبهة لندن قد بدأت سريعاً في تدارك مسألة عدم معرفة الناس بعبد الحق، فقد وضعت تعريفاً له على موقع "ويكبيديا"، مساء الأحد، تضمن معلومات ربما تنشر لأول مرة عن نشأته ونشاطه التنظيمي وحياته الأسرية.

وبحسب المنشور، تعرَّف صلاح عبد الحق على جماعة الإخوان المسلمين وهو في المرحلة الثانوية عن طريق طلاب الإخوان المسلمين السوريين الذين قدموا للتعليم في الجامعات المصرية بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958، ثم التحق بصفوف الجماعة عام 1962.

وتقول الجماعة إنّ "عبد الحق قد اشتهر داخل الإخوان بالعمل التربوي؛ محاضراً ومعلماً، لقوة اتصاله بفكر حسن البنا وتأثره به، وشارك في بدايات العمل الإسلامي والدعوة بالجامعات بين الأوساط الطلابية في السبعينيات، واستمر في نشاطه في الدعوة والإرشاد التربوي، وتولى مسؤولية المنتدى الإسلامي العالمي للتربية لأكثر من خمسة عشر عاماً".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية