ماذا وراء تقارب إخوان الجزائر؟

ماذا وراء تقارب إخوان الجزائر؟

ماذا وراء تقارب إخوان الجزائر؟


05/06/2023

شهدت الأيام الماضية حراكاً لافتاً في معسكر الإخوان بالجزائر، حيث عقد ممثلو عدد من واجهات الإخوان في الجزائر اجتماعات لتقريب وجهات النظر، ممّا فُهم على أنّه بدء تحالف إخواني استعداداً للاستحقاقات السياسية القادمة في الجزائر، فماذا وراء هذا التقارب؟  

في خطوة مفاجئة أتت بعد عقدين من التباعد، قام رئيس حركة (السلم) عبد العالي حساني شريف، رفقة نائبيه أحمد صادوق، وناصر حمدادوش، ومساعديه فاروق طيفور، وسعيد زوار بزيارة رئيس حركة (البناء) عبد القادر بن قرينة.

صلاح الدين دالي: سبب الخراب الذي لحق بالجزائر هم هؤلاء الذين يدّعون أنّهم إسلاميون وهم في الحقيقة طائفة تتكون من جهلة لا يعيرون وزناً للأرواح البشرية ولا لتعاليم الإسلام السمحة

وفي بيان لها، قالت قيادة (السلم): "تمَّ استغلال هذا اللقاء الذي مثَّل فرص لقيادة الحركتين لمناقشة بعض القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتبادل وجهات النظر حول القضايا المحلية والإقليمية والدولية، مع التأكيد على العمل من أجل تقريب وجهات النظر المستقبلية، ضمن المصلحة الوطنية الواضحة والمتفق عليها".

وبشكل متزامن، استقبل رئيس (السلم)، عبد العالي حساني شريف، لخضر بن خلاف النائب البرلماني السابق والقيادي السابق في جبهة العدالة والتنمية التي يقودها عبد الله جاب الله، ولم يتم الكشف عن مضامين اللقاء، في وقت جرى فيه الحديث في الكواليس عن مساعٍ حثيثة للتنسيق بين "الغريمين".

بروتوكولات تتلاشى أمام الزعامة

ذهب ناشطو منصة التواصل (فيسبوك) إلى أنّ التقارب الحاصل على محور الإخوان في الجزائر يندرج ضمن خانة "بروتوكولات ستتلاشى أمام سطوة الزعامة"، وهذه الأخيرة كانت السبب الرئيس في التفتّت الإخواني منذ رحيل المؤسس محفوظ نحناح (1942ـ 2003).

استقبال قائد السلم للنائب السابق لخضر بن خلاف

وغرّد محمد رشيد: "هي لقاءات بروتوكولية فقط، لأنّه في وقت الجدّ كل واحد يحبّ أن يكون هو الزعيم، وهذا حتى في حزب السلم ذاته، والدليل من أين انبثقت حركة البناء، وبهذه السلوكات فقدت الحركات الإسلامية سمعتها في المجتمع"، وعلّقت ربيعة بشاني ساخرةً: "جرى تباحث القضايا ذات الاهتمام المشترك".

وبناءً على غياب أحمد الدان القيادي البارز في حركة (البناء) عن لقاء الفرقاء، تساءل عمر برايك: "أين الدان؟ ماذا جرى له؟ هل تمّ الاستغناء عنه؟"، بينما جزم فوزي جبايلية: "البناء هي الهدم"، وحرص طاهر حمّاد على إجراء "تصحيح" لما جرى تسويقه، بقوله: "هي زيارة المنشقين عن السلم، هذا هو التعبير الأصحّ".

ربيع بن عقيلة: ما يُروّج عن تقارب الإخوان هو مثل الحرث في البحر. يكفي أنّ كل مشاريعهم خابت، وطبعاً ليست السلطة مسؤولة عن ذلك، بل حسابات الإخوان ولهثهم وراء هوس الزعامة هو من نسف كل شيء

وشدّد يوسف بلحبيب على أنّه: "لن يأتي الخير من حركة البناء التي باعت مبادئها من زمان، وارتمت في حضن السلطة"، وأيّده أبو آلاء: "يأخذون أموالاً ضخمة دون فائدة، بينما العامل البسيط يكتفي بالبقشيش، حسبنا الله ونعم الوكيل".

بدوره، أبرز مراد طيار: "باسم كل غيور ومخلص لهذا الوطن، أبعث برسالة استغاثة مفادها أنّ الأجيال القادمة تموت موتاً بطيئاً، بعدما ابتلينا بالاستعمار والخراب والدمار، والآن أصبح كل شيء مباحاً في عهد الإصلاح، وكلما جاء صالح تبيّن أنّه طالح، وعايشنا فترة الاحتقار ونعيش اليوم فترة الاستحمار، فماذا سنورّث لأبنائنا غير الانتحار والاندثار".

وقال عبد الحميد براهيمي: "لكلٍّ مذهبه في السياسة، فالسياسة مذاهب وللناخبين حق الرفع والخفض والتقييم والحكم على الكل"، وردّ محمد محسن: "للسياسة أحكامها ومقتضياتها وفق المذهب السياسي لكلّ توجه"، فعقّب عبد الحميد براهيمي: "الفرق الوحيد بين جماعتي (السلم) و(البناء) أنّ هناك فصيلاً يلعب على المكشوف، بينما يقوم الثاني بممارسة اللعبة تحت الطاولة".

ظلال الدولة العميقة وشكلانية المعارضة

استغرب الزين بن غريبة الموقف: "بن قرينة منحه القائد السابق للجيش الجنرال خالد نزار الفرصة الذهبية كي يخرج من جحور الحركة الإسلامية في تسعينات القرن الماضي، شبع المناصب في عهد ما يُسمّى اليوم بـ "الدولة العميقة"، وراهن على بوتفليقة تحت مسمّى "التيار المحافظ/الإسلامي" المساند للفخامة...، ومن بعد، أصبح بقدرة قادر "معارضاً".

من اجتماع حساني شريف وبن قرينة ومساعديهما

من جانبه، هاجم صلاح الدين دالي الإخوان: "سبب الخراب الذي لحق بالجزائر هم هؤلاء الذين يدّعون أنّهم إسلاميون، وهم في الحقيقة طائفة تتكون من جهلة لا يعيرون وزناً للأرواح البشرية ولا لتعاليم الإسلام السمحة، لقد ضيّعوا بجهلهم وجرائمهم فرصة التغيير الهادئ الذي كان ينشده الشعب ضدّ النظام الفاسد، وهم من أوجد هذا التيه السياسي".

وقال الناشط ربيع بن عقيلة: "ما يُروّج عن تقارب الإخوان هو مثل الحرث في البحر. يكفي أنّ كل مشاريعهم خابت، وطبعاً ليست السلطة مسؤولة عن ذلك، بل حسابات الإخوان ولهثهم وراء هوس الزعامة هو من نسف كل شيء".

يسجّل د. عمار يزلي أنّ الدولة الدينية لم تعد هي الدولة المنشودة في الجزائر، واتكأ خبير علم الاجتماع الثقافي على دراسة ميدانية أجراها وأظهرت أنّ 65% من الجزائريين يرون أنّ "الإسلام العلماني" هو السبيل الأمثل

من جهتها، ذكرت الناشطة نفيسة عرابي: "هو مخطط فاشل مسبقاً لإعادة لململة الشتات ورأب الصدع، لكنّ الخرق اتسع على الراقع"، وأحالت على مبادرة عبد الله جاب الله رئيس "جبهة العدالة والتنمية" في ربيع العام 2015 لـ "لمّ شمل أبناء المشروع الإسلامي"، متابعةً: "صرخة جاب الله ضاعت في الوادي، بعد كل الذي أطلقه بشأن تشخيص الواقع وبناء تصور صحيح للمستقبل، لكنّ المشروع التوحيدي لم يحظَ بتجاوب كافة ممثلي التيار الإسلامي، فقد أعلنوا أنّهم غير معنيين بالمبادرة، واقتصر الحضور على عدد من قدماء الإسلاميين وممثلين عن حركتي السلم والنهضة".

من جانبه، يوقن الأستاذ حميد يعيش أنّ "صراع الزعامات الذي مزّق إسلاميي الجزائر لن ينتهي غداً، وليس "بحث القضايا المشتركة من سيحسم الأشياء، وأضرب لكم موعداً في الانتخابات الرئاسية القادمة حين سترشّح (السلم) عبد الرزاق مقري، بينما سترتضي (البناء) الدفع بعبد القادر بن قرينة مجدداً".

الدولة الدينية لم تعد منشودة

يسجّل د. عمار يزلي أنّ الدولة الدينية لم تعد هي الدولة المنشودة في الجزائر، واتكأ خبير علم الاجتماع الثقافي على دراسة ميدانية أجراها وأظهرت أنّ 65% من الجزائريين يرون أنّ "الإسلام العلماني" هو السبيل الأمثل، و15% فقط يذهبون إلى أنّ الدولة العلمانية هي السبيل إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والإصلاح الاقتصادي والسياسي، بعدما كان الرهان في السابق على التيار السلفي الإصلاحي ممثلاً بجمعية العلماء المسلمين.

من اجتماع حساني شريف وبن قرينة ومساعديهما

من جانبه، يقدّر د. بن عبد الله مفلاح أنّه لا أحد من الإسلاميين العقلاء يريد تأسيس دولة دينية؛ لسبب بسيط هو أنّه لا يوجد في أدبيات الفكر الإسلامي ما يُسمّى بالدولة الدينية، فهي مصطلح أوروبي صرف، لأنّ الإسلام عبر تاريخه الطويل، وتجربته في الحكم، لم يعرف طبقة الكهنوت، ولا زعماء روحيين يحتكرون حق الغفران والحرمان، ويستأثرون بمفاتيح الجنة، ويمثلون إرادة الربّ، على حدّ تعبيره.

مواضيع ذات صلة:

الجزائر: هل تهدف حملة الحجاب في الجامعات إلى "الأدلجة" و"التدجين"؟

إخوان الجزائر على محور أمريكي صيني... ما القصة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية