ماذا ينتظر التونسيون من البرلمان الجديد؟

ماذا ينتظر التونسيون من البرلمان الجديد؟

ماذا ينتظر التونسيون من البرلمان الجديد؟


13/03/2023

تتجه أنظار التونسيين وتنصب اهتمامات وسائل الإعلام المحلي على انطلاق عمل البرلمان الجديد الذي سيعقد أولى جلساته اليوم الإثنين، دون حركة النهضة الإخوانية التي سيطرت على السلطة التشريعية منذ 2011 لأول مرة، إيذاناً ببدء مرحلة نيابية جديدة دون الإخوان.

وستخصص الجلسة الافتتاحية التي سيرأسها أكبر الأعضاء سنّاً بمساعدة أصغرهم، لأداء النواب الجدد اليمين الدستورية، والتصويت كذلك على انتخاب رئيس للبرلمان خلفاً لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ونائبيه الأول والثاني.

برلمان مختلف

خبر انطلاق أشغال البرلمان الجديد يُتابع كأنّه يحدث لأول مرة في تونس، خصوصاً أنّه سيكون مختلفاً كليّاً عمّا سبقه، على مستوى الإيديولوجيا والتركيبة ورزنامة العمل، والاهتمامات نفسها.

وتتفق كل القوى الممثلة داخل البرلمان الجديد على تأييد إجراءات 25 تموز (يوليو) 2021، وهي متقاربة إيديولوجياً وسياسياً، على عكس البرلمان السابق الذي كان أشبه بفسيفساء سياسية، وكل طرف يسعى للمزايدة على الطرف الآخر، وهو ما قد يساهم في تحسين الصورة القديمة للمجلس، التي كانت سلبية في الأعوام الماضية من حيث السلوك".

وتجمع أغلب القراءات على أنّه تم ترذيل المشهد البرلماني في العامين الأخيرين، عندما كان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رئيساً للبرلمان، بعد ما شهدته الجلسات من معارك سياسية وعنف وتبادل شتائم، وتعطيل جلسات، وتأخر تمرير القوانين.

يهيمن الشباب على تركيبة البرلمان الجديد (73) مقعداً

وهو ما جعل قرار الرئيس بحلّه محلّ ترحيب لافت من الشارع التونسي، فقد خرج الآلاف من المواطنين إلى الشوارع احتفاء بالحدث على الرغم من كون البلاد تعيش حينها حالة حظر تجوال جراء وباء كورونا.

ومن حيث التركيبة، يهيمن الشباب على تركيبة البرلمان الجديد (73) مقعداً، حيث صعدت الأسماء المستقلّة والوجوه الجديدة في الساحة السياسية، في حين لم يفز المترشحون المتحزبون سوى بـ 8.4% من المقاعد (13) مقعداً، وستكون المرأة ممثلة بنسبة 16% (25) مقعداً.

وينعقد البرلمان التونسي للمرة الأولى من دون حصانة تشريعية ممنوحة للنواب، وفق القانون الجديد، كما أنّه يمنح المواطن حق عزل النائب في حال تخاذله عن أداء مهامه.

وبموجب الدستور الجديد الذي أقرّته البلاد في تموز (يوليو) الماضي (2022)، بعد استفتاء شارك فيه ثلث التونسيين، ستكون صلاحيات البرلمان الجديد محدودة، على أن تنحصر أدواره في البُعد التشريعي، وستكون الأولوية لمشاريع القوانين التي سيعرضها رئيس الجمهورية.

سعيّد يطمئن.. ويُحذّر

واستبق سعيّد هذا الموعد التاريخي بالتأكيد على أنّ البرلمان لن يكون كما كان في السابق، ويجب أن يكون في مستوى تطلعات الشعب، معتبراً أنّ ما يحصل اليوم مع عدد من النواب في تكوين الكتل أمر من التاريخ.

وشدد قيس سعيّد خلال زيارة أداها إلى مقرّ (سنيب لابراس الصحافة) السبت على أنّ "البرلمان لن يكون كما كان في السابق"، لافتاً إلى أنّ النواب الجدد "سيتمكنون من صنع القرار بعد انتخابهم وفق نظام الاقتراع على الأفراد"، بدل نظام الاقتراع على القوائم  الحزبية استناداً إلى القانون الانتخابي الجديد.

يهيمن الشباب على تركيبة البرلمان الجديد (73) مقعداً، حيث صعدت الأسماء المستقلّة والوجوه الجديدة في الساحة السياسية

سعيّد قال أيضاً: إنّ ''من يعتقد أنّه ما زال تحت طائلة دستور 2014"، حيث "البيع والشراء صلب الكتل، فهو خارج التاريخ''، وفق تصريح للإعلام المحلي على هامش زيارته إلى (مؤسسة الصحافة).

وأكد رئيس الدولة أنّ التشريعات يجب أن تُعبّر عن الإرادة العامة، لا إرادة بعض الجهات التي ما زالت تحنّ إلى العشرية الماضية وإلى البرلمان الماضي، وأضاف أنّ المجلس التشريعي القادم يجب أن يكون في مستوى تطلعات الشعب التونسي.

ولأول مرة في تونس يتشكّل برلمان تونسي يخلو من حركة النهضة وحلفائها، في خطوة اعتبرها البعض عقاباً للمنظومة السابقة على فشلها في تحسين الأوضاع بالبلاد.

من سيخلف الغنوشي؟

الجلسة الافتتاحية التي سيرأسها أكبر الأعضاء سناً بمساعدة أصغرهم، ستخصص لأداء النواب الجدد اليمين الدستورية، والتصويت كذلك على انتخاب رئيس للبرلمان ونائبيه الأول والثاني.

ومن المتوقع أن يترشح العميد السابق للمحامين وأحد المقربين من سعيّد، إبراهيم بودربالة إلى هذا المنصب، وهو الأكثر حظاً للفوز، وقد فاز بودربالة بمقعد في البرلمان منذ الدور الأول من الانتخابات التشريعية، وذلك عن دائرة رادس مقرين من ولاية بن عروس.

استبق سعيّد هذا الموعد التاريخي بالتأكيد على أنّ البرلمان لن يكون كما كان في السابق

وحول ترشحه لرئاسة مجلس نواب الشعب أفاد: "علاقتي طيبة بجميع الزملاء النواب، ولديّ علاقة بجميع الكتل دون استثناء، وإذا رأوا فيّ الكفاءة لترؤس المجلس، فأنا مستعد لذلك، وهو أمر خاضع لإرادة كل النواب، واستجابة لاقتراح عدد من النواب والإعلاميين سأترشح".

وقال بودربالة في حوار مع قناة "التاسعة" التونسية: إنّه يجب التفكير في حزام واسع لمساندة تدابير 25 تموز (يوليو) والآفاق المستقبلية للعمل النيابي، مشيراً إلى أنّ الشعب التونسي ينتظر من البرلمان الجديد الطمأنينة ونشر ثقافة الأمل في المستقبل وحلّ مشاكل تونس.

بينما أعلن حزب "حركة الشعب" ترشيح نائبه بدر الدين القمودي لهذا المنصب، في حين لم يكشف "حراك 25 تموز (يوليو)" عن مرشحه.

وكان القمودي عضواً في مجلس النواب السابق الذي أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيّد حلّه في 30 آذار (مارس) 2022، بعد تجميد أعماله في مرحلة أولى في 25 تموز (يوليو) 2021 بتفعيل الفصل (80) من دستور 2014.

وتولى القمودي رئاسة لجنة مكافحة الفساد بالبرلمان السابق، وعُرف بمعارضته الشديدة لحركة النهضة وحلفائها، ودعمه الدائم للرئيس سعيّد.

ماذا ينتظر التونسيون من البرلمان الجديد؟

يتشكّل البرلمان الجديد من العديد من المستويات التعليمية والاجتماعية؛ بين عاطلين عن العمل وطلبة ومستوى تعليمي متوسط، وكذلك من أصحاب الشهادات العليا، وثلثين من الموظفين نصفهم من الأستاذة والمعلمين و15% من المهن الحرة، و10% من العاطلين عن العمل، وما بين 5 و6% من المتقاعدين، و2% من الطلبة.

البرلمان الجديد لن يكون سركاً أو ساحة لبيع الذمم وشراء القوانين، وسيكون في قطيعة كاملة مع العشرية الماضية

هذه التركيبة الجديدة جعلت العديد من المتابعين للشأن التونسي يعتبرون أنّ البرلمان الجديد لن يكون سركاً أو ساحة لبيع الذمم وشراء القوانين، وسيكون في قطيعة كاملة مع العشرية الماضية، لأنّ من دخلوا البرلمان يحملون هموم وقضايا منظوريهم، ولا يحملون طموحات حزبية، كما أنّ لهم العهدة الانتخابية، وستسحب منهم الثقة إذا لم يفوا بتنفيذ وعودهم.

وينتظر التونسيون من النواب الجدد استعادة ثقة الشعب في المؤسسة التشريعية، والعمل من أجل إلغاء وتطوير ترسانة من القوانين التي تعطل نسق الاستثمار والتطور الاقتصادي والاجتماعي في تونس.

المعارضة التونسية ترفض البرلمان

وكما رفضت كلّ قرارات الرئيس التي تبعت إجراءات 25 تموز (يوليو) 2021، أعلنت المعارضة التونسية ممثلة في جبهة الخلاص الوطني (الواجهة السياسية لحركة النهضة)، مساء الأحد، رفضها الاعتراف بالبرلمان الجديد قبل ساعات من انعقاد أولى جلساته، وأكدت الجبهة تمسكها بدستور عام 2014، بحسب ما نشرت في بيان على صفحتها الرسمية على (فيسبوك).

من دخلوا البرلمان يحملون هموم وقضايا منظوريهم، ولا يحملون طموحات حزبية، كما أنّ لهم العهدة الانتخابية، وستسحب منهم الثقة إذا لم يفوا بتنفيذ وعودهم

وقالت جبهة الخلاص الوطني في البيان: "بعد إقدام ما سمّتها الجبهة (سلطة الانقلاب) على حل كل المجالس البلدية المنتخبة عام 2018، قبل أشهر قليلة من انتهاء مهامها بمقتضى مراسيم، تؤكد جبهة الخلاص الوطني أنّ الاستحواذ على المجالس البلدية حلقة جديدة في سلسلة الإجراءات الانقلابية التي كرّست وضع رئيس الدولة يده على كل السلطات، ضارباً عرض الحائط بالتجربة الناشئة للحكم المحلي المنصوص عليها في دستور 2014، وفي خرق صارخ للقوانين والأنظمة السارية".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية