ما الذي سيميز برلمان تونس الجديد عن برلمان الإخوان؟

ما الذي سيميز برلمان تونس الجديد عن برلمان الإخوان؟

ما الذي سيميز برلمان تونس الجديد عن برلمان الإخوان؟


30/03/2023

قبل عام، وتحديداً مساء 30 آذار (مارس) 2022، حلّ الرئيس التونسي قيس سعيّد البرلمان التونسي الذي قاده الإخوان منذ 2011 حتى 25 تموز (يوليو) 2021، استناداً إلى صلاحيات تضمنها الدستور الجديد، في خطوة رحب بها شق واسع من التونسيين الذين تضرّروا من تبعات "العشرية السوداء"، ورفضهم للإخوان وحلفائهم.

البرلمان الجديد الذي أنهى حقبة "العشرية السوداء" التي حكمت خلالها حركة النهضة تونس، وتسببت في إفلاس البلاد والعباد، وانتهت بانسداد سياسي شلَّ البرلمان الذي كان راشد الغنوشي على رأسه، هذا البرلمان الجديد سيكون أمامه الكثير من الملفات المرتبطة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية بعد (10) أعوام من الفساد الإخواني.

طريقة جديدة لعمل البرلمان

بعد أولى جلساته التي انعقدت في 13 آذار (مارس) وانتُخب خلالها رئيس البرلمان، نظر أعضاء لجنة النظام الداخلي في اجتماع، بداية الأسبوع الحالي، في عدد اللجان البرلمانية المقترحة وتركيبة مكتب المجلس.

واتفق أعضاء اللجنة المكونة من (31) عضواً على تشكيل (11) لجنة برلمانية قارة، مع ضبط اختصاصاتها والقضايا التي ستتولى النظر فيها، بمراعاة الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية في تحديد هذه الاختصاصات، وفق ما جاء في بلاغ إعلامي للبرلمان.

كان الرئيس قيس سعيّد قد حذّر مراراً نواب البرلمان من مغبة التنكر لمصالح الشعب التونسي

وبعد أيام من النقاشات المعمقة بين أعضاء اللجنة، تم الاتفاق على انتخاب أعضاء كل لجنة على حدة عن طريق الاقتراع السري في الجلسة العامة، مؤكدين أهمية اللجان ودورها في تيسير نشاط المجلس، وفي قيامه بالوظائف المنوطة به، كما بحثوا أيضاً القضايا المتصلة خاصة بكيفية تشكيل اللجان البرلمانية، وعدد أعضائها ومكاتبها، وتنظيم أعمالها وسير أشغالها.

وفيما يتعلق بمكتب مجلس البرلمان على مستوى تركيبته وطريقة تكوينه، فقد تمّ الاتفاق على أن يضم المكتب رئيس البرلمان ونائبيه الأول والثاني، إضافة إلى (10) أعضاء يتم انتخابهم باعتماد التمثيل النسبي للكتل البرلمانية، مع مراعاة حصة لغير المنتمين إلى كتل برلمانية.

كما تم الاتفاق في نظام عمل البرلمان الجديد على تقديم مقترحات لتعديل مشاريع القوانين من قبل (5) نواب أو أكثر، ويحقّ لرئيس الجمهورية عرض مشاريع القوانين على البرلمان، ويكون للنواب حق عرض مقترحات القوانين، شرط أن تكون مقدّمة من (10) نواب.

القطع مع الصورة السابقة للبرلمان

وللقطع مع الصورة السابقة للعمل البرلماني، وتجاوز الخلافات الحادة التي ميزت عمل البرلمانات التي تشكلت إثر انتخابات أعوام 2011 و2014 و2019، من المنتظر، بحسب مصادر من داخل اللجنة، صياغة "مدونة سلوك النائب"، وذلك مباشرة بعد الانتهاء من النظام الداخلي الجديد الذي سيضبط الواجبات والالتزامات الأخلاقية للنائب في البرلمان.

سيكون أمامه الكثير من الملفات المرتبطة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية بعد (10) أعوام من الفساد الإخواني

وسيعتمد النواب في المدونة على تجارب مقارنة في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وذلك بهدف فرض الانضباط ولضمان السير العادي للجلسات، على أن تكون خطوة من المؤسسة التشريعية الجديدة لتغيير نظرة الشعب التونسي تجاهه بعد الانتقادات التي تعرض لها البرلمان خلال العشرية الماضية بسبب تجاوزات بين نوابه وصلت إلى تبادل العنف.

وقد حلّ الرئيس قيس سعيد في 25 تموز (يوليو) 2021، ضمن حزمة التدابير الاستثنائية التي أعلنها آنذاك، البرلمان بسبب صورة مسيئة بشأن تبادل العنف اللفظي والمادي، حيث عبر كثير من المواطنين عن رفضهم لتلك المشاهد.

قوانين لتعزيز الثقة بين البرلمان والشعب

وكان الرئيس قيس سعيّد قد حذّر مراراً نواب البرلمان من مغبة التنكر لمصالح الشعب التونسي، قائلاً إنّه سيتم تفعيل قانون سحب الوكالة من النواب في حال أخلوا بتعهداتهم.

وقال مجلس النواب في بيانه: "أجمع المتدخلون (النواب) على ضرورة وضع هذه الأحكام التي أضحت اليوم حاجة ملحة، لتكون إضافة جديدة للعمل البرلماني تحسن سير نشاط المجلس النيابي، وتدعم علاقات النواب في ما بينهم ومع شركائهم".

وتابع البيان: "ستكون رسالة طمأنة للمواطن ووسيلة من وسائل تعزيز ثقته في مجلس نواب الشعب".

يمكن سحب الوكالة من النائب في دائرته الانتخابية في صورة إخلاله بواجب النزاهة أو تقصيره البيّن في القيام بواجباته النيابية

هذا، وينصّ القانون على أنّه "يمكن سحب الوكالة من النائب في دائرته الانتخابية في صورة إخلاله بواجب النزاهة أو تقصيره البيّن في القيام بواجباته النيابية"، كما نص القانون في المادة (66) من الدستور على أنّ "النائب لا يتمتع بالحصانة البرلمانية بالنسبة إلى جرائم القذف والسب وتبادل العنف المرتكبة داخل المجلس، كما لا يتمتع بها أيضاً في صورة تعطيله للسير العادي لأعمال المجلس".

من المنتظر صياغة "مدونة سلوك النائب"، وذلك مباشرة بعد الانتهاء من النظام الداخلي الجديد الذي سيضبط الواجبات والالتزامات الأخلاقية للنائب في البرلمان

ويقول سعيّد: إنّه يعمل على "تطهير" مؤسسات الدولة من الفساد والفوضى وتصحيح مسار ثورة 2011، فيما ألقت السلطات التونسية القبض على عدد من المعارضين في ملفات تتعلق بالتآمر على أمن الدولة والفساد، أغلبهم قيادات إخوانية، إلى جانب نواب سابقين على غرار الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي والنائب السابق وليد جلاد ووزير العدل السابق نور الدين البحيري وغيرهم.

بالمقابل، ترفض الأحزاب المعارضة وبعض الشخصيات البرلمان الحالي، وتعتبره غير شرعي، وتستدل على ذلك بالمشاركة الضعيفة من قبل الناخبين في الانتخابات التشريعية التي أجريت في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي.

(70) مقعداً للشباب

البرلمان التونسي الجديد استطاع الشباب الحصول فيه على أكثر من (70) مقعداً، ممّا دفع بدماء شبابية جديدة غيرت من التركيبة السابقة التي سيطر على مقاعدها عجائز النهضة؛ بدءاً من الغنوشي وعبد الفتاح مورو وغيرهما في دورات برلمانية سابقة.

وبخصوص المستوى الثقافي والفكري لنواب البرلمان الجديد، أغلب الفائزين بالمقاعد هم خليط بين إطارات وأعوان وزارة التربية وأعوان وإطارات موظفي القطاع العام والمهن الحرة وأعوان وموظفي القطاع الخاص وإطارات وزارة التعليم العالي، بالإضافة إلى بعض رجال الأعمال.

البرلمان التونسي الجديد استطاع الشباب الحصول فيه على أكثر من (70) مقعداً

وحدد القانون الانتخابي الجديد العدد الجملي للمقاعد بمجلس نواب الشعب بـ (161) مقعداً؛ أي بمعدل نائب عن كل دائرة، وأقرّ أن يكون التصويت في الانتخابات التشريعية على الأفراد في دورة واحدة أو دورتين عند الاقتضاء، وذلك عوضاً عن نظام الاقتراع على القوائم المعتمد سابقاً.

وسيكون أمام البرلمان الجديد الكثير من الملفات المرتبطة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية بعد (10) أعوام من الفساد الإخواني، ويرى متابعون للشأن البرلماني أنّ الأولويات، على المدى القصير، تتمثل في وضع نظام داخلي للبرلمان يتماشى مع الدستور الجديد، ويجب أن يكون في هذا النظام مدونة سلوك وأخلاقيات برلمانية بما يحدد علاقة النائب بزملائه وبأعضاء الحكومة وبوسائل الإعلام، ثم تصرف النائب في مناقشة القوانين بما يجعل للنواب ضوابط أخلاقية.

مواضيع ذات صلة:

الهجرة غير الشرعية تؤرق تونس وتزيد الضغوط على سلطاتها

تونس... دعم جزائري ودولي في مواجهة التحذيرات الغربية

لماذا تتخوف أوروبا من انهيار الوضع التونسي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية