ما الذي يمكن أن يجنيه العراق من الكويت والسعودية؟..معهد إيطالي يجيب

ما الذي يمكن أن يجنيه العراق من الكويت والسعودية؟..معهد إيطالي يجيب


06/09/2020

للوهلة الأولى، يبدو أنّ إدارة العلاقات مع جيران العراق وتطويرها ليست سوى واحدة من بين التحديات العديدة التي يواجهها رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي. ومع ذلك، بينما يكافح العراق وسط الاضطرابات الاقتصادية، والانقسامات السياسية والتهديد الإرهابي المتجدد الذي يشكله تنظيم "داعش"، يبدو انخراط دولة الكويت والمملكة العربية السعودية في البلاد ذا أهمية متزايدة. هذا ما يؤكده الباحث في الشؤون الخليجية انطونينو أوكيوتو (Antonino Occhiuto)، في مقال نشره في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI) في الرابع من الشهر الجاري، تحت عنوان "ما الذي يمكن أن يجنيه العراق من الكويت والسعودية؟".

الكويت

ويرى الباحث أنّه من بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي، لا تزال دولة الكويت هي الأكثر قلقاً بشأن الوضع الأمني ​​المتقلب الذي يميز العراق المجاور، وهي حريصة على تجنب تداعيات انعدام الأمن هذا. وتخشى الحكومة الكويتية، على وجه الخصوص، من أنّ المؤسسات الهشة في بغداد غير قادرة على تخفيف التوترات الطائفية بين السنّة والشيعة في العراق وسط الاضطرابات الاقتصادية. ومن بين عوامل أخرى، كانت الطائفية أساسية في تصعيد العنف الذي ساعد على صعود "داعش" في المنطقة.

اقرأ أيضاً: على غرار الحسكة: هكذا تقايض تركيا وإيران العراقيين بالماء

إلى جانب ذلك، أبدت الكويت اهتمامها بالاستثمار في استقرار جارتها الشمالية. إنّ اقتصاد الكويت المرن وقربها الجغرافي من العراق يجعلان الكويت مرشحاً مثاليًا لتنسيق الدعم لبغداد.

 أبدت الكويت اهتمامها بالاستثمار في استقرار جارتها الشمالية

في الواقع، في عام 2018، نظّمت الكويت واستضافت مؤتمراً دولياً لتوفير الدعم المالي لإعادة بناء اقتصاد العراق والبنية التحتية في أعقاب الصراع المدمر ضد "داعش". ونتيجة لذلك، تمكنت القيادة الكويتية من تأمين ما يقرب من 30 مليار دولار؛ في شكل تسهيلات ائتمانية واستثمارات لدعم إعادة إعمار العراق.

اقرأ أيضاً: "6 ملايين وثيقة سرية".. أرشيف حزب البعث العراقي يعود إلى بغداد

وفي محاولة أخرى لدعم العراق اقتصادياً، لعبت الكويت دوراً حاسماً في التفاوض على صفقة أيول (سبتمبر) 2019 بين بغداد وهيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي لخط نقل ممول من دول مجلس التعاون الخليجي من شأنه أن يوفر 500 ميجاوات من الكهرباء في الساعة من دول مجلس التعاون الخليجي إلى ميناء العراق الجنوبي-الفاو، عبر الكويت.

لا تزال دولة الكويت هي الأكثر قلقاً بشأن الوضع الأمني المتقلب الذي يميز العراق المجاور، وهي حريصة على تجنب تداعيات انعدام الأمن هذا

من المهم أن نأخذ في الاعتبار أنّ الانهيار العالمي الأخير لأسعار النفط، الناجم عن تفشي وباء  COVID-19، أدى إلى توتر العلاقات العراقية الكويتية. في أيار (مايو) الماضي، ورد أنّ الكويت تعرضت للابتزاز من قبل العراق من أجل الحصول على مساعدات مالية واستثمارات لتعويض الانخفاض الحاد في عائدات بغداد النفطية، بحسب ما أورد الباحث.

اقرأ أيضاً: السلم والفساد والحياة.. أرقام تكشف التغيرات التي شهدها العراق منذ عام 2003

ومع ذلك، حتى الآن، تمكنت الكويت من الحفاظ على علاقات ودية مع جميع الأحزاب السياسية في بغداد. ومما يسهل ذلك حقيقة أن معظم الفصائل داخل العراق تعترف بالمصلحة المشروعة للحكومة الكويتية في استقرار العراق. لقد تم تأكيد اهتمام الكويت بالحفاظ على الاستقرار في جميع أنحاء العراق في آب (أغسطس) 2020 عندما اتصل وزير الخارجية الكويتي، أحمد ناصر المحمد الصباح، بنظيره العراقي فؤاد حسين؛ لإدانة الضربة التركية بطائرة من دون طيار، التي قتلت ثلاثة جنود عراقيين شمال أربيل، في إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي.

السعودية

يجب أن تُفهم جهود الرياض لإقامة علاقات أوثق مع بغداد ضمن الإستراتيجية الأوسع للمملكة العربية السعودية لاحتواء النفوذ الإقليمي لإيران. لطالما كان العراق نقطة محورية في المنافسة الجيوسياسية. كان مقتل قاسم سليماني في بغداد جزءاً من ذلك.

اقرأ أيضاً: العراق.. "الفساد لا يزال مستشرياً" والوباء زاد نسبة الفقر 10%

من وجهة نظر المملكة العربية السعودية، فإن ضعف العراق في قطاع الأمن والاقتصاد وصناعة الطاقة هي الأسباب الرئيسية لضعف بغداد أمام نفوذ طهران.

لقد شكل قرار المملكة العربية السعودية إعادة فتح حدودها مع العراق في عام 2017، والذي تم إغلاقها منذ عام 1990، أول حدث تاريخي في التواصل الدبلوماسي للرياض مع بغداد. تبع ذلك إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 2019. ومنذ ذلك الحين، التزمت الرياض باستثمارات جديدة في الاقتصاد العراقي، مع فتح قنوات تجارية وتبادل الزيارات الرسمية مع البلاد.

يتطلع ولي العهد السعودي إلى تعزيز المصالح المؤسسية لدول مجلس التعاون الخليجي في البلاد

يتطلع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان آل سعود، أيضاً إلى تعزيز المصالح المؤسسية لدول مجلس التعاون الخليجي في البلاد. على سبيل المثال، كانت السعودية هي رأس الحربة في اتفاقية ربط شبكة الكهرباء بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي المذكورة أعلاه وحشد دعم الكويت لجعل الصفقة عملية.

من وجهة نظر السعودية فإنّ ضعف العراق في قطاع الأمن والاقتصاد وصناعة الطاقة هي الأسباب الرئيسية لضعف بغداد أمام نفوذ طهران

وبشكل أعم، فإنّ التعاون في مجال الطاقة الكهربائية بين السعودية والعراق يسهله حقيقة أنّ قيادة بغداد تنظر إلى تنويع مصادر الطاقة في العراق على أنه أمر حاسم لتعزيز سيادة البلاد. في غضون ذلك، ظلت أجزاء كبيرة من العراق لسنوات عديدة تعتمد على إمدادات الكهرباء من إيران، ما أعطى طهران نفوذاً كبيراً على بغداد. بالنظر إلى المستقبل، تخطط السعودية أيضًا لتوسيع دورها في صناعة الطاقة في العراق، من خلال شركة أكوا باور الحكومية. وبالإضافة إلى ذلك، يبدو أنّ الرياض مهتمة بتطوير الطرق العابرة للحدود والبتروكيماويات والزراعة والبنية التحتية الأخرى.

اقرأ أيضاً: بأي ذنب اغتالت إيران الناشطة والطبيبة العراقية ريهام يعقوب؟

تحاول السعودية أيضًا تحسين مكانتها بين عامة العراقيين مع التركيز بشكل خاص على السكان الشيعة في البلاد. يُظهر اجتماع تموز (يوليو) 2017 في جدة بين الأمير محمد بن سلمان والزعيم الشيعي المؤثر ورجل الدين مقتدى الصدر، مثل هذه الجهود إلى جانب نية إقامة حوار قوي مع الجبهة المعادية لإيران داخل العراق.

تحقق نجاح آخر في تحسين المكانة الاجتماعية للمملكة العربية السعودية في العراق في آذار (مارس) 2018، عندما سافر فريق الرياض الوطني لكرة القدم إلى البصرة لمباراة ودية مع المنتخب العراقي المحلي، أسود بلاد ما بين النهرين. بعد الحدث، الذي نجح في اجتذاب حشود مرحة، وعد العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، بالتبرع بملعب كرة قدم جديد للشعب العراقي ليتم بناؤه في بغداد.

اقرأ أيضاً: ميليشيات إيران تغرق الجنوب العراقي بتجارة البشر والمخدرات

حتى الآن، أدى اهتمام الكويت باستقرار جارتها الشمالية وجهود السعودية للحد من نفوذ إيران في بغداد إلى تحقيق مكاسب إيجابية للعراق، ودعم اقتصاد البلاد المتعثر بشكل خاص. ومع ذلك، للاستمرار في الاستفادة من مشاركة السعودية على المدى الطويل، سيكون من المهم للقيادة العراقية تجنب تنفير إيران. تستمر طهران في الاحتفاظ بمصالح مهمة داخل العراق ويمكنها الانتقام عسكريًا واقتصادياً في حالة تهديد مصالحها. ومن المرجح أن يستمر التعاون الاقتصادي بين العراق والكويت ويتعمق في الأشهر المقبلة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية