ما حظوظ أردوغان في الانتخابات المقبلة؟ وهل يسمح الدستور بترشحه لمرة ثالثة؟

ما حظوظ أردوغان في الانتخابات المقبلة؟ وهل يسمح الدستور بترشحه لمرة ثالثة؟


12/09/2021

قضت محكمة تركية في مدينة إسطنبول بسجن مرشّح رئاسي سابق كان قد نافس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في آخر انتخابات رئاسية شهدتها البلاد في عام 2018، وهو ثاني مرشّح رئاسي قد يدخل السجن بعد صلاح الدين دميرتاش، الرئيس المشارك السابق لحزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد، والمسجون منذ تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2016، والذي شارك في الانتخابات الرئاسية الأخيرة من خلف القضبان.

وأعلن المرشح الرئاسي السابق محرم إينجه عبر صفحته على تويتر عن صدور حكم بحقه من محكمة في إسطنبول، ويقضي بسجنه لمدّة 5 أشهر بتهمة إعاقته لعمل موظف حكومي خلال قيامه بواجباته.

أردوغان يواصل مسلسل التخلص من منافسيه في الانتخابات الرئاسية، وآخر فصول المسلسل الحكم على المرشح السابق محرم إينجه بالسجن

وعلى الرغم من أنّ إينجه هُزِم أمام أردوغان في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 24 حزيران (يونيو) عام 2018، لكنه حصل على أكثر من 31% من أصوات الناخبين، وبذلك سجّل أكبر نسبة من الأصوات يحصل عليها مرشح من حزب "الشعب الجمهوري"، وهذا يفتح الباب أمام الحديث عن الإجراءات الاستباقية التي سيتخذها أردوغان قبل تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة، في ظل انهيار شعبيته، الناتج عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لتعزيز حظوظه إذا ما ترشح في الانتخابات.

ورغم الحقائق على أرض الواقع واستطلاعات الرأي التي تظهر جلياً انخفاض التأييد لأردوغان وحزبه في الشارع التركي، يبدي أردوغان تفاؤلاً مفرطاً بتحقيق نصر في الانتخابات المقرر إجراؤها في العام 2023، وهي انتخابات تُعتبر مصيرية بالنسبة إلى الإسلاميين الذين يهيمنون على السلطة في تركيا منذ العام 2002.

لكن يبدو أنّ الوضع تبدل كثيراً مع صعود سياسي واقتصادي تاريخي بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية في العشرية الأولى من حكمه، إلا أنّ مسار الانهيار أو أقله التراجع إلى مستويات دنيا يبدو بسرعة الصعود نفسها في أواخر العشرية الثانية من حكمه، وفق ما أورده موقع "أحوال تركية".

وتُجمع كل المؤشرات على أنّ حزب العدالة والتنمية لم يعد ذلك الحزب الذي يجذب الناخبين، ويبدو أنه استنفد كل ما لديه ودخل في منحى تنازلي، خاصة في الأعوام الأخيرة التي عزز فيها أردوغان قبضته على السلطة، ومال كثيراً للتفرد بالقرار حتى داخل حزبه.

وقد تسببت سياساته بتصدعات وشروخ كثيرة في حزبه، من أبرز علاماتها الانشقاقات التي حدثت في توقيتات حساسة بالنسبة إلى حزب بات رصيده ضعيفاً سياسياً واقتصادياً، ولا تفارقه النكسات منذ خسارته للانتخابات البلدية التي فاز فيها خصومه من حزب الشعب الجمهوري حزب المعارضة الرئيسي برئاسة أهم بلديتين: إسطنبول وأنقرة.

 رغم النكسات السياسية والاقتصادية والصحية والاجتماعية، أردوغان يعرب عن ثقته بفوز حزبه العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة

وفي رصيد الرئيس التركي وحزبه قبل الانتخابات نكسات سياسية واقتصادية وسوء إدارة للأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، وسوء إدارة حرائق الغابات الأخيرة، وتسميم لعلاقات تركيا الخارجية.

ومع ذلك أعرب أردوغان عن ثقته بفوز حزبه العدالة والتنمية في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة بعد أقل من عامين.

ونقلت وكالة الأناضول التركية الحكومية عن أردوغان قوله خلال مشاركته عبر تقنية الفيديو كونفرنس في اجتماع للجناح النسائي لحزبه في أنقرة: "تنتظرنا مرحلة سنسطر فيها حكايتنا بأحرف من ذهب في صفحات التاريخ من خلال بناء تركيا الكبيرة والقوية".

وتابع: "لن نفسح المجال للذين يحاولون جرّ بلادنا مجدداً إلى ظلام فترة الحزب الواحد الشعب الجمهوري، والصراعات الإيديولوجية لمرحلة السبعينات، أو غياب الاستقرار في التسعينيات".

وخلص إلى القول: "واثق من أننا سنخرج منتصرين في انتخابات 2023 أيضاً عبر تعزيز مكانتنا في قلوب شعبنا، ودون الوقوع في فخ الذين لا يستطيعون مجاراتنا في سباق المشاريع والخدمات الساعين لجر السباق إلى أرضيات مختلفة"، مضيفاً أنه ما يزال هناك الكثير من الخدمات التي سيقدمها حزب العدالة والتنمية للشعب التركي.

والحماسة في خطابات الرئيس التركي تبدو مبررة في سياق الدعاية الانتخابية المبكرة، والرهان على توظيف إمكانات الدولة كما جرت العادة للهيمنة على الساحات، وعلى تسخير وسائل الإعلام الحكومية لصالح الحملة الانتخابية.

إلا أنّ الدعاية التي ينتهجها أردوغان ضمن سياسة اتصالية مكشوفة اعتمدها منذ أعوام مستندة إلى مهاجمة خصومه والتشكيك في وطنيتهم، مقابل تضخيم إنجازات حكومته، لا يمكن أن تحجب الخيبات السياسية القاسية والوضع الاقتصادي القاتم، وهي عوامل محددة لمدى قدرة أي حزب على الاستمرار.

كما أنّ لجوء النظام التركي للقمع ومصادرة الحرّيات والملاحقات القضائية الكيدية بحق الخصوم، أشاع مناخاً من عدم الثقة بين نظام حاكم يكابد للبقاء في السلطة، وخصوم شرسين قرروا عزل الرئيس وحزبه في الانتخابات القادمة، مستفيدين من تضرر سمعته وتراجع شعبيته وتفكك أحزمته الداخلية بعد انشقاقات واسعة داخل حزبه.

وعن حظوظ أردوغان إذا ما ترشح للانتخابات المقبلة، قال الخبير الدستوري التركي، الرئيس السابق لحزب السعادة مصطفى كمالاك: "إنه إذا أجريت الانتخابات في عام 2023، فبحسب الدستور لا يمكن أن يكون رجب طيب أردوغان مرشحاً للرئاسة".

خبير دستوري: إذا أجريت الانتخابات في عام 2023، فبحسب الدستور لا يمكن أن يكون رجب طيب أردوغان مرشحاً للرئاسة، لهذا سيلجأ للانتخابات المبكرة

وأضاف كمالاك خلال مشاركته في برنامج "كواليس أنقرة" على قناة "تي في 5": لا شكّ في عدم ترشح أردوغان في هذه الحالة، لأنّ الفقرة الثانية من المادة 101 من الدستور واضحة جداً: مدة ولاية الرئيس 5 أعوام، ويمكن انتخاب أي شخص لمنصب الرئيس مرّتين كحد أقصى.

وحول الإجراء الذي قد يلجأ إليه التحالف الحاكم للخروج من هذا المأزق، يشير كمالاك إلى أنه إذا قرر مجلس النواب إجراء انتخابات مبكرة، أي قبل موعدها في 2023، فعندئذ يمكن الرئيس أردوغان أن يترشح للمرة الـ3.

وأكد أستاذ الدستور التركي أنّ ذلك سيتم وفقاً للفقرة الـ3 من المادة 116 من الدستور، التي تتيح للرئيس أن يكون مرشحاً للمرّة الـ3.

ورغم تأكيد التحالف الحاكم بين حزب العدالة والتنمية، والحركة القومية على إجراء الانتخابات في موعدها في حزيران (يوينو) 2023، لكنّ أحزاب المعارضة وفي مقدمتهم حزب الشعب الجمهوري يتوقع عقد انتخابات مبكرة، ودعا رئيسه كمال كليجدار أوغلو  حزبه للاستعداد لانتخابات مباغتة.

 

فهل سيكون لأردوغان أيّ حظوظ في انتخابات مبكرة، أم أنه سيلتزم ببنود الدستور ويتنازل عن الرئاسة لأحد قادة حزبه الإسلامي؟


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية