ما دلالات مقتل الظواهري في أفغانستان؟

ما دلالات مقتل الظواهري في أفغانستان؟


02/08/2022

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في غارة أمريكية بأفغانستان السبت الماضي.

وأوضح بايدن، في كلمة له أمس بالبيت الأبيض، أنّ أجهزة المخابرات حددت مكان الظواهري في وقت سابق هذا العام، مشيراً إلى عدم إصابة أيّ أحد من عائلة الظواهري أو مدنيين آخرين في الغارة.

اغتيال الظواهري يؤكد الاتهامات التي أحاطت بحركة طالبان طوال الأعوام الماضية المتعلقة بعلاقتها بتنظيم القاعدة الإرهابي، ويؤكد أنّها لم تغير أيّاً من سياساتها بعد سيطرتها على أفغانستان خلال آب (أغسطس) الماضي، وأنّها ما زالت تقدّم الرعاية للكثير من قادة هذا التنظيم.

وفي السياق، قال البيت الأبيض: إنّ بعض كبار قادة شبكة وزير الداخلية الأفغاني سراج الدين حقاني كانوا على علم بمكان الظواهري، مشيراً إلى احتمال أن ينشر تنظيم القاعدة مقاطع مصورة للظواهري للدعوة إلى تنفيذ هجمات إضافية، وفق ما نقلت شبكة "سي إن إن".

من جهته، قال مسؤول أمريكي رفيع المستوى: إنّ واشنطن لم تخطر مسؤولي حكومة طالبان قبل هجوم السبت الماضي، مضيفاً أنّ مصادر بلاده الاستخباراتية المتعددة على ثقة عالية بأنّ الظواهري قتل في ضربة كابول.

وأعرب عن اعتقاده بأنّ الظواهري قتل وحده أثناء وجوده في شرفة منزله الذي كان يقطنه مع زوجته وابنته وحفيده، مشيراً إلى أنّ التخطيط للعملية بدأ قبل (6) أشهر، غير أنّه تكثف في الشهرين الماضيين، وفق ما أوردت وكالة "رويترز".

وأضاف أنّ تحديد موقع الظواهري بدأ حين اكتُشِفت شبكة داعمة له ولتحركاته، وصولاً إلى انتقاله إلى كابول هذا العام.

ولفت المسؤول الأمريكي إلى أنّ كبار مسؤولي طالبان كانوا على علم بوجود الظواهري في كابول، ووفروا لقيادات القاعدة ملاذاً آمناً فيها بشكل يخالف "اتفاق الدوحة".

 وأضاف أنّ المنزل الذي كان يستضيف الظواهري كان مملوكاً لأحد كبار مساعدي سراج الدين حقاني.

 

مقتل الظواهري يؤكد الاتهامات التي أحاطت بحركة طالبان طوال الأعوام الماضية المتعلقة بعلاقتها بتنظيم القاعدة

 

وشدد المسؤول الأمريكي على أنّ هناك أساساً قانونياً للعملية التي استهدفت الظواهري، وأنّ الولايات المتحدة تريد الاستمرار في الحوار مع حركة طالبان، وتتوقع منها الالتزام بـ"اتفاق الدوحة"، وفق تعبيره.

 بدوره، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في تصريح صحفي اليوم: إنّ حركة طالبان "انتهكت على نحو صارخ" اتفاق الدوحة من خلال استضافة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وإيوائه.

 وأضاف بلينكن في بيان نقلته وكالة "فرانس برس": "في مواجهة عدم رغبة طالبان، أو عدم قدرتها على التقيد بالتزاماتها، سنواصل دعم الشعب الأفغاني بمساعدات إنسانية قوية، والدعوة لحماية حقوق الإنسان، وخصوصاً حقوق النساء والفتيات".

 من جهته، قال زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ بالكونغرس الأمريكي ميتش ماكونيل: إنّ العالم مكان أفضل وأكثر أماناً من دون أيمن الظواهري الإرهابي في القاعدة.

 

البيت الأبيض: بعض كبار قادة شبكة وزير الداخلية الأفغاني سراج الدين حقاني كانوا على علم بمكان الظواهري

 

 وأضاف في بيان نقلته وكالة الأنباء الألمانية: "إلا أنّ عودة الظواهري إلى وسط مدينة كابول تشير إلى أنّ أفغانستان أصبحت مرة أخرى غابة رئيسية للنشاط الإرهابي بعد قرار الرئيس سحب القوات الأمريكية".

 وشدد بالقول: "يُشكّل قتل الظواهري نجاحاً، لكنّ عودة إرهابيي القاعدة إلى أفغانستان تشكل تهديداً متزايداً كان متوقعاً ويمكن تجنّبه، تحتاج الإدارة إلى خطة شاملة لإعادة بناء قدرتنا على مكافحتها".

 ولم تعلق حركة طالبان على مقتل الظواهري، بل اكتفت بإدانة الضربة الأمريكية لمواقع في كابول.

أنتوني بلينكن: حركة طالبان "انتهكت على نحو صارخ" اتفاق الدوحة من خلال استضافة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وإيوائه

وقال المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد: إنّ القوات الأمريكية استهدفت منزلاً في الحي الدبلوماسي بمنطقة شيربور وسط كابول بطائرة مسيّرة.

 وندّدت الحكومة الأفغانية في بيان، نشرته وكالة "إريانا نيوز" الرسمية، بالهجوم الأمريكي، واعتبرته "انتهاكاً صريحاً لسيادة البلاد"، وأدانت الحركة الهجوم، ووصفته بأنّه "انتهاك للمبادئ الدولية واتفاق الدوحة".

 وأشار ذبيح الله مجاهد إلى أنّ هذه الأعمال هي ت"كرار للتجارب الفاشلة خلال الأعوام الـ (20) الماضية، وستضرّ بالفرص المتاحة".

 ووفق وكالة "فرانس برس"، لم يكن وجود زعيم "القاعدة" في أفغانستان أمراً مفاجئاً، فمنذ استعادة حركة "طالبان" السيطرة على البلاد في آب (أغسطس) الماضي، شعرت "القاعدة" بالراحة في الداخل، خاصة زعيمهم الظواهري الذي انتقل إلى منزل في كابول، وكان يظهر بانتظام على شرفته.

إنّ الإعلان عن مقتل الظواهري داخل الأراضي الأفغانية يأتي كمؤشر جديد على الدعم الذي تحظى به قيادات القاعدة لدى حركة طالبان، التي تحكم في أفغانستان منذ عام تقريباً، وفق رئيس المركز الأوروبي للإرهاب والاستخبارات، جاسم محمد.

 

ماكونيل: عودة إرهابيي القاعدة إلى أفغانستان تشكل تهديداً متزايداً كان متوقعاً ويمكن تجنّبه

 

 وقال جاسم محمد في تصريح لشبكة "سكاي نيوز عربية": إنّ الظواهري كان يحظى بحماية حركة طالبان، التي وفّرت له حماية كاملة خلال الأعوام الماضية، وسمحت له بالظهور في عدد من التسجيلات الصوتية والمرئية.

 ووفق رئيس المركز الأوروبي، فقد أرادت الولايات المتحدة من خلال هذه العملية أن ترسل رسالة قوية إلى حركة طالبان؛ مفادها أن "تكفّ عن تقديم الدعم لقيادات القاعدة، وأن تسلّم المطلوبين لديها، وألّا توفر لهم الحماية مستقبلاً".

من جانبه، يرى الباحث المصري المختص بالإرهاب والحركات المسلحة أحمد سلطان أنّ عملية استهداف الظواهري داخل أفغانستان تؤكد المعلومات التي تحدثت عنها مراراً عدة تقارير حول التنسيق المباشر والكبير بين قيادات تنظيم القاعدة وحركة طالبان على مدار الأعوام الماضية.

 وقال سلطان في تصريح صحفي: إنّ أبرز هذه التقارير صدر مؤخراً عن الفريق التحليلي لمجلس الأمن الدولي، وحذّر بشكل كبير من استمرار الدعم المتبادل بين طالبان والقاعدة.

ذبيح الله مجاهد: القوات الأمريكية استهدفت منزلاً في الحي الدبلوماسي بمنطقة شيربور وسط كابول بطائرة مسيّرة

 وكان تقرير دولي نُشر قبل أشهر قد اعتبر أنّ عناصر تابعة لفروع تنظيم "القاعدة" ما زالوا ينشطون في أفغانستان.

 وقال تقرير مركز مكافحة التطرف (CEP) عن حالة الإرهاب في أفغانستان خلال شباط (فبراير): "رفاق زعيم طالبان هبة الله أخوند زادة ما زال لديهم علاقات وثيقة مع تنظيم القاعدة، وقد تصدّر أعضاء شبكة حقاني الإرهابية المقربة من التنظيم مناصب قيادية في حكومة طالبان، وفق "سي إن إن".

 ورجّح تقرير مركز (CEP) أنّ هدوء القاعدة في أفغانستان المبني على تقديم زعيم "القاعدة" أيمن الظواهري البيعة لـ"طالبان" لن يستمر طويلاً، وإعادة عملياتها في المنطقة والعالم متوقعة مع تصاعد التنافس مع "داعش".

 

جاسم محمد: الإعلان عن مقتل الظواهري داخل الأراضي الأفغانية يأتي كمؤشر جديد على الدعم الذي تحظى به قيادات القاعدة لدى طالبان

 

 وقد أصدر الظواهري في شباط (فبراير) الماضي فيديو أوضح فيه أنّه ينظر إلى أفغانستان على أنّها نقطة انطلاق لمعركته العالمية ضد الغرب، لافتاً إلى أنّ تنظيم القاعدة يرى أنّ استيلاء طالبان على أفغانستان نجاح له أيضاً، ومثال لقدرته على تنفيذ إستراتيجية بعيدة المدى.

ويخلص التقرير إلى أنّ أفغانستان ما تزال واحدة من أكثر الأماكن نشاطاً للأنشطة الإرهابية، وبالتالي تتطلب مراقبة دقيقة.

 وقد أصبح الظواهري زعيم القاعدة بعد بن لادن الذي قتل عام 2011 على يد القوات الأمريكية في باكستان.    

 وذكر موقع "المكافآت من أجل العدالة" أنّ الظواهري، مع أعضاء آخرين بارزين في القاعدة، دبّر هجوماً في 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2000 على سفينة البحرية الأمريكية كول في اليمن، ممّا أدى إلى مقتل (17) بحاراً أمريكياً وإصابة أكثر من (30) آخرين.

 والظواهري هو أهم المطلوبين لدى واشنطن، وُجّهت إليه اتهامات في الولايات المتحدة لدوره في تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في 7 آب (أغسطس) 1998، التي أدت إلى مقتل (224) شخصاً وإصابة أكثر من (5) آلاف آخرين، وأيضاً لاتهامه بالمشاركة في هجمات 11 أيلول (سبتمبر) عام 2001.

مواضيع ذات صلة:

أبو عبدالرحمن الإلكتروني: الظواهري سرق كتابي

دفعة جديدة من وثائق بن لادن .. هذا ما كشفته

قتلت بن لادن وفتكت بالبغدادي.. ماذا تعرف عن فرقة Navy Seal الأمريكية؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية