ما دور العثمانيين والبريطانيين في المذبحة الأرمنية؟ .. دراسة حديثة تجيب

ما دور العثمانيين والبريطانيين في المذبحة الأرمنية؟ دراسة تجيب

ما دور العثمانيين والبريطانيين في المذبحة الأرمنية؟ .. دراسة حديثة تجيب


09/05/2023

ما تزال المذبحة الأرمنية التي ارتُكبت في عام 1915 تثير الكثير من الجدل، وكشفت دراسة حديثة حول الموضوع أنّه من الصعب نسبها إلى الإمبراطورية العثمانية وحدها، أو إلى رجال (جمعية الاتحاد والترقي) وحدهم.

وأرجعت الدراسة التي أعدتها الباحثة السعودية تواصيف بنت حميد بن مقبل العنزي، بعنوان "سياسة بريطانيا تجاه المذبحة الأرمنية عام 1915" بمناسبة ذكراها التي تصادف 24 نيسان (أبريل) من كل عام، أرجعت سباب استنتاجها إلى وجود سلسلة من المذابح العثمانية على يد بعض سلاطين الإمبراطورية العثمانية قبيل حدوث المذبحة الكُبرى في الحرب العالمية الأولى، ووجود نزعة قومية تركية تجاه الأجناس غير التركية، منذ أيام الإمبراطورية العثمانية حتى وصول رجال (جمعية الاتحاد والترقي) إلى سدة الحكم. 

من أسباب المذبحة وجود نزعة قومية تركية تجاه الأجناس غير التركية، منذ أيام الإمبراطورية العثمانية حتى وصول رجال (جمعية الاتحاد والترقي) إلى سدة الحكم

وقد تميّزت هذه النزعة بالفوقية تجاه الأجناس الأخرى، وهو ما يقود، بحسب الدراسة، إلى أنّ العداء بين الأتراك والأرمن كان عميقاً، وإنْ تغيّرت مسمّيات الدولة التركية، وذلك إلى جانب وضوح استراتيجية بريطانيا العميقة تجاه العثمانيين، كأن تجعلهم يقترفون أكبر عدد من الجرائم، ومن ثَم تستخدمها فيما بعد للابتزاز السياسي وغيره.

وترى الدراسة أنّ من نتائج سياسة بريطانيا تجاه القضية الأرمنية حدوث المذبحة الأرمنية الكُبرى إبّان الحرب العالمية الأولى، وهي تتحمل مسؤولية ما ترتب على هذه المذبحة من شتات أرمني حول العالم، كما أنّ الدور المهم وبالغ الأثر للسفارات في أثناء الحرب العالمية الأولى، خصوصاً الملحقيات العسكرية التي بذلت جهداً مخابراتياً كبيراً للحدّ الذي خلق الكثير من الفُرص الاستراتيجية، أسهم في تحقيق مصالح جمّة لقوات التحالف وعلى رأسها بريطانيا، حيث اتضح من الموقف العسكري البريطاني تجاه المذبحة أنّ البريطانيين كانوا ينظرون إلى أرمينيا كموقع استراتيجي يجب ألّا تُهيمن عليه القوى العُظمى الصاعدة آنذاك، ومنها روسيا مثلاً. 

دراسة: العداء بين الأتراك والأرمن كان عميقاً، وإنْ تغيّرت مسمّيات الدولة التركية

وكانت أرمينيا جغرافياً بالنسبة إلى بريطانيا مثل بوابة تقطع الطريق على الروس الطامحين إلى الهيمنة الاقتصادية والسياسية - آنذاك - على الشرق الأوسط وصولاً إلى الهند. وكانت تعتقد أنّ تتبُّع الفارين الأرمن إلى البلدان العربية تحت ذريعة الحماية لهم سيفتح لها الآفاق أن تحتل بلداناً كالعراق وما جاوره فيما بعد، ولعل أهم نتائج سياسة بريطانيا تجاه المذبحة الأرمنية هو دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الأولى.

الباحثة السعودية أكدت أنّ الدوافع البريطانية تجاه المذبحة الأرمنية لم تأتِ ارتجالية، بل كانت لها جذور استراتيجية وسياسية شكَّلَت ردود فعل متباينة تجاه الأزمة، وكان المبدأ الحاكم لكل تلك الدوافع هو تطبيق مبدأ "الغاية تبرِّر الوسيلة"، وحسب مقتضيات الظروف السياسية الدولية. 

أظهرت القضية الأرمنية بوضوح تضارب مصالح الدول الأوروبية الكبرى، بصورة جعلت اتفاقها ضد الإمبراطورية العثمانية أمراً بعيد المنال 

كما كشفت أنّ أعمق دافع سياسي، والذي يُعدّ بمثابة الركيزة الأساسية لبريطانيا تجاه المذبحة الأرمنية، هو ألَّا يُنافسها أيّ من القوى العُظمى في المنطقة، وأن تتصدّر المشهد من خلال تبنِّي قضايا وملفات مُعقَّدة وشائكة كالملف الأرمني، وقد تركت هذا الملف يتعقَّد أكثر بوساطة سياسة المدّ والجزر حيال هذه الأزمة، وهي لم تسعَ يوماً من أجل تحقيق الاستقلال للأرمن، أو إيجاد حلٍّ جذري لهم.

وخلصت الدراسة إلى أنّ التنافس الاستعماري الدولي انعكس سلباً على الشعب الأرمني، وعلى تقسيماتهم المذهبية، حيث أظهرت القضية الأرمنية بوضوح تضارُب مصالح الدول الأوروبية الكبرى بصورة جعلت اتفاقها ضد الإمبراطورية العثمانية أمراً بعيد المنال، وهو ما يفسّر تضارب المواقف تجاه الأزمة الأرمنية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية