ما دور جبهة الخلاص في ارتفاع وتيرة الشغب في الملاعب التونسية؟

ما دور جبهة الخلاص في ارتفاع وتيرة الشغب في الملاعب التونسية؟

ما دور جبهة الخلاص في ارتفاع وتيرة الشغب في الملاعب التونسية؟


30/05/2023

لم تكن أحداث الشغب التي وقعت في ملعب حمادي العقربي في رادس، يوم 29 نيسان (أبريل) الماضي، هي الأولى في سياق الاضطرابات التي تشهدها الملاعب الرياضية في تونس، ممّا يضع علامات استفهام كثيرة حول موجة الشغب التي اجتاحت الملاعب التونسية مؤخراً. حيث تشهد الملاعب والقاعات الرياضية في تونس خلال العام الجاري أعمال عنف متكررة بين رجال الأمن والمشجعين.

وكانت وزارة الداخلية التونسية قد فتحت تحقيقاً في أعمال الشغب الخطيرة التي وقعت في ملعب حمادي العقربي، الذي يقع على بعد حوالي (10) كيلومترات جنوب شرق وسط تونس، خلال مباراة كرة القدم بين الترجي الرياضي التونسي، وفريق شبيبة القبايل الجزائري، حيث اقتحمت مجموعة من المشجعين مستودعات المنشأة الرياضية، وسرقوا معداتها، بما في ذلك منشار كهربائي تم تمييزه كسلاح خلال اشتباكات بين الألتراس وقوات إنفاذ القانون. كما اندلعت النيران في إحدى الزوايا الجنوبية للملعب، وردّت قوات الأمن بإطلاق الغاز المسيل للدموع، لتعمّ حالة من الفوضى في المدرجات.

تخزين أدوات الشغب حول الملاعب

بعد ذلك بفترة وجيزة، أجرى وزير الداخلية كمال الفقي زيارة تفقدية إلى الملعب، وأعلن فتح تحقيق؛ للتحقق من ملابسات ما حدث وتحديد المسؤولين. ووعد الوزير بأنّ القانون سيطبق ضد أيّ مخالف، مع الاحترام الكامل لمبادئ حقوق الإنسان.

وكان أول قرار للداخلية التونسية أن منعت دخول الملاعب لمن هم دون (18) عاماً، في محاولة للسيطرة على الوضع المتفاقم، حيث كاد الأمر يتحول إلى كارثة.

اقتحمت مجموعة من المشجعين مستودعات المنشأة الرياضية، وسرقوا معداتها، بما في ذلك منشار كهربائي تم تمييزه كسلاح خلال اشتباكات بين الألتراس وقوات إنفاذ القانون

وفي 6 أيّار (مايو) الجاري أصدرت وزارة الداخلية التونسية بياناً أعلنت من خلاله العثور على كميات كبيرة من الألعاب النارية، والإطارات المطاطية، والمواد الصلبة، في محيط ملعب نادي الترجي، كان من المقرر استخدامها في مباراة للفريق في اليوم نفسه، وبحسب بيان الشرطة، تمّ اتخاذ الإجراءات القانونية بالتنسيق مع النيابة العمومية، مع اتخاذ جملة من التدابير؛ تتمثل أبرزها في تشديد المراقبة على جميع وسائل النقل المتجهة نحو الملعب، والسماح فقط بإدخال قوارير المياه والمشروبات الغازية صغيرة الحجم مع نزع أغطيتها، وعدة إجراءات أمنية أخرى.

حوادث متكررة في ملعب رادس

قبل الأحداث التي جرت في ملعب رادس بأيام، وبالتحديد في 25 نيسان (أبريل) الماضي، ألقت جماهير الترجي التونسي مقذوفات نارية وحجارة على ملعب مباراة فريقها مع النجم الساحلي التونسي، وأعلنت وزارة الداخلية أنّ (25) من رجال الأمن والمسؤولين أصيبوا بسبب شغب الجماهير في المباراة المذكورة، وأوضحت الوزارة أنّ مجموعة من الجماهير نزلت من المدرجات، وتعمدت خلع البوابات المؤدية الى الأرضية الخلفية لملعب المباراة، ثم قامت هذه المجموعة برشق رجال الأمن بالحجارة. ونُقل رجل أمن على الأقل إلى المستشفى، وتعرّض آخرون لإصابات متفاوتة الخطورة، وفق ما أفاد به بيان الوزارة، الذي أكد على ملاحقة المتورطين، الذين تم تحديد هوياتهم، وكذلك من يقف وراءهم.

تجميد نشاط روابط المشجعين

في أعقاب أحداث العنف التي شهدها ملعب رادس، وبالتزامن مع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) على الترجي التونسي، بفرض غرامة مالية، وحرمانه من جماهيره في (4) مباريات، أعلنت روابط مشجعي نادي الترجي التونسي تجميد نشاطها، ونشرت مجموعة (زاباتيستا) التابعة لجماهير الترجي بياناً رسمياً عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، أكدت فيه تجميد نشاطها رسمياً. كما أعلنت مجموعة صحبة ألتراس المكشخين، التي تشجع الترجي إيقاف نشاطها أيضاً لأجل غير مسمّى.

العدوى تنتقل إلى ألعاب الصالات

في وقت سابق، شهدت مباراة المنتخب المصري ونظيره التونسي في نهائي بطولة أفريقيا لكرة اليد أحداث شغب جماهيرية بعد انتهاء المباراة، والتي أسفرت عن هزيمة المنتخب الوطني التونسي. وفي وقت لاحق قررت الجامعة التونسية لكرة اليد إيقاف نهائي كأس تونس بين فريقي الترجي والأفريقي، على خلفية أحداث شغب الجماهير، فبعد (10) دقائق من بداية المباراة، قرر طاقم التحكيم إيقاف المباراة، نظراً لقيام جماهير الفريقين بإلقاء المقذوفات على لاعبي الفريقين في المباراة، وإشعال الشماريخ، بالإضافة إلى محاولة اقتحام أرض ملعب صالة رادس التي كانت تستضيف اللقاء.

نزار الجليدي: هناك من يدفع المدرجات نحو الانخراط في مشهد سياسي، والتحفيز على مواجهة الشرطة والاشتباك معها

"حفريات" تواصلت مع الكاتب الصحفي التونسي نزار الجليدي، الذي ربط في تصريحات خاصّة بين ما يحدث الآن في الملاعب التونسية، وبين موجة العنف التي سبقت أحداث العام 2011، حيث شهدت الملاعب التونسية آنذاك أحداث عنف متكررة، بإيعاز من قوى خارجية، بحسب المصدر، أرادت تقويض النظام في البلاد ودفعها إلى الفوضى، حيث كانت كل هتافات الجماهير مسيسة بامتياز، خاصّة في الـ (6) أشهر الأخيرة التي سبقت سقوط نظام زين العابدين بن علي.

الجليدي: هناك من يدفع المدرجات نحو الانخراط في المشهد السياسي، والتحفيز على مواجهة الشرطة والاشتباك معها، واستفزاز الأمن للدخول في مواجهات حادة، يعقبها دعاية واسعة تتهم الأمن بالاستخدام المفرط للقوة، وبصورة غير مبررة

ويرى الجليدي أنّ المشهد نفسه يتم استنساخه الآن في تونس، ولكن ليس بالترتيبات نفسها، ذلك أنّ غالبية القوى الشعبية لا تريد الذهاب الآن نحو أيّ تناحر في الشارع، لافتاً إلى أنّ هناك من يدفع المدرجات نحو الانخراط في المشهد السياسي، والتحفيز على مواجهة الشرطة والاشتباك معها، واستفزاز الأمن للدخول في مواجهات حادة، يعقبها دعاية واسعة تتهم الأمن بالاستخدام المفرط للقوة، وبصورة غير مبررة.

ويلفت المحلل التونسي إلى ضلوع جهة ما في دفع الشارع نحو المواجهة مع الشرطة، وهي الجهة نفسها التي تحاول حشد وتجييش الشارع، بداعي ندرة المواد التموينية وغلاء الأسعار، ويوجّه الجليدي اتهاماً مباشراً لجبهة الخلاص، التي تخدم مصالح حركة النهضة، وتعمل بالوكالة عنها، بوصفها المحامي الأول والمدافع الوحيد عن الإخوان المسلمين في تونس.

مواضيع ذات صلة:

جبهة الخلاص وكيلة عن حركة النهضة في الشارع التونسي.. هل تنجح؟

الواجهة السياسية للنهضة... كيف فشلت "جبهة الخلاص" في إعادة إخوان تونس إلى الحكم؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية