ما علاقة كأس العالم في قطر بالانتخابات الإسرائيلية؟

ما علاقة كأس العالم في قطر بالانتخابات الإسرائيلية؟


06/09/2022

على خطى منافسه العنيد، بنيامين نتنياهو، حاول رئيس وزراء إسرائيل، يائير لابيد، استغلال المحادثات مع الحكومة القطرية حول ترتيبات استقبال المشجعين الإسرائيليين في تحقيق مكاسب سياسية، مع اقتراب الانتخابات التشريعية المبكرة.

وتتزامن الانتخابات مع موعد إقامة مباريات بطولة كأس العالم، قطر 2022، والتي سيحضرها المشجعون من إسرائيل، وأخفقت محادثات بين البلدين حول تواجد بعثة دبلوماسية إسرائيلية في الدوحة خلال كأس العالم، بسبب إصرار لابيد على تحويل مكالمة سرية مع نائب رئيس وزراء ووزير خارجية قطر، إلى مكالمة علنية، بهدف تحقيق مكاسب قبيل الانتخابات، وهو ما رفضته قطر.

محادثات سرّية

واتّبعت قطر نهج السرّية في علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، والتي اتخذت طابع العلنية، بين عامي 1996 - 2000، وهي الأعوام الأربعة التي تبادل فيها البلدان مكاتب التمثيل التجاري، لتعود بعد ذلك إلى طابعها المفضل للدوحة، وهو السرّية.

وتخشى قطر على صورتها الذهنية التي تعتمد على مناوئة خصومها العرب من باب رفض التطبيع مع إسرائيل، وتوظيف ورقة القضية الفلسطينية، على الرغم من أنّ الدوحة سبّاقة في التطبيع عن الدول التي وقعت على اتفاق إبراهيم، عام 2020.

د. المصري: مخاوف إسرائيلية على سلامة مواطنيها خلال كأس العالم

وتوصلت محادثات ثلاثية بين قطر وإسرائيل والاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) إلى اتفاق يسمح بحضور الجماهير من إسرائيل مباريات كأس العالم، عبر حصولهم على فيزا "هيّا" الرقمية.

وشهدت الفترة القريبة الماضية محادثات ثنائية سرّية بين الدوحة وتل أبيب بشأن حضور بعثة دبلوماسية إسرائيلية لرعاية مصالح مواطني إسرائيل خلال فترة المونديال.

وكشف موقع "i24NEWS" العبري، بتاريخ 13 آب (أغسطس) الماضي، إخفاق المحادثات، بعد إصرار إسرائيل على تحويل مكالمة هاتفية كان مخططاً لها لتكون سرية، بين يائير لابيد، ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى مكالمة علنية.

يرى ساسة إسرائيل في حضور مواطنيهم مباريات بطولة كأس العالم في قطر اختراقاً كبيراً في العلاقة مع الدوحة التي تجمعها بإسرائيل علاقات قديمة غير معلنة

وبحسب الموقع، كانت المكالمة تعدّ محادثة أولية، على أن تتبعها أخرى بين لابيد وأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وهدفت المحادثات السرّية إلى افتتاح مكتب قنصلي في فترة إقامة مباريات كأس العالم، بينما سعت إسرائيل إلى استمرار عمل المكتب بشكل دائم، وتصوير المحادثات على أنّها اختراق لحكومة لابيد في ملفّ التطبيع مع الدول العربية، وخصوصاً قطر التي تقود حملة إعلامية ضد التطبيع.

ويشير الباحث في العلوم السياسية، حكمت المصري في حديثه لـ "حفريات"، إلى وجود مخاوف إسرائيلية على سلامة مواطني دولة الاحتلال خلال مباريات كأس العالم، والتي سيحضرها مشجعون من إيران.

مكاسب انتخابية

ومن جانبه، قال المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المُهدي مطاوع: "تعدّ قطر من الدول الأولى التي أقامت علاقات مع إسرائيل دون اتفاق سلام، ومن ذلك مكتب العلاقات التجارية والاقتصادية الإسرائيلي في الدوحة، والذي أُغلق بضغوط بعد الانتفاضة الثانية".

وتابع لـ "حفريات": "ازدادت هذه العلاقات متانةً عبر قناة الجزيرة؛ باعتبارها أولى القنوات التي استضافت متحدّثين باسم جيش الاحتلال لتبرير انتهاكاتهم مع الفلسطينيين".

وحول أهداف لابيد الانتخابية، قال مطاوع: "يسعى لابيد لتقديم إنجاز لحكومته قبيل الانتخابات؛ بتحويل العلاقات مع قطر إلى شكل رسمي، عبر توظيف بطولة كأس العالم، وتوسيع عدد الدول المُطبعة، عبر كسر حاجز رفض الجماهير العربية للتطبيع، حتى في الدول التي طبعت".

مطاوع: قطر من الدول الأولى التي أقامت علاقات مع إسرائيل بدون اتفاق سلام

وستشهد إسرائيل، في تشرين الثاني (نوفمبر) انتخابات مبكرة، هي الخامسة خلال عامين، وذلك بعد حلّ الكنيست، واستقالة رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، وتسلّم يائير لابيد المسؤولية لفترة انتقالية لحين تنظيم الانتخابات.

ويشتدّ التنافس بين حزب الليكود وحلفائه بزعامة بنيامين نتنياهو، ومنافسيه وعلى رأسهم: لابيد وبينيت وغانتس، ويسعى الأول لاستعادة السلطة التي فقدها في الانتخابات السابقة، في آذار (مارس) 2021.

ويحتاج يائير لابيد إلى تحقيق إنجاز سياسي لتحقيق مكاسب انتخابية، فيما بات يُعرف بتوظيف سياسة الدولة لخدمة الأهداف الانتخابية الحزبية، بحسب مراقبين إسرائيليين، ويُعدّ ملفّ التطبيع أحد النجاحات التي حققها رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو.

حضور يهودي

وفي المسار نفسه، حاولت الدوحة توظيف كأس العالم في قضية العلاقات الإسرائيلية - العربية؛ حين استبدلت اسم إسرائيل من مواقع بيع تذاكر المباريات باسم الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو الأمر الذي أحدث موجة غضب داخل إسرائيل.

ونشطت حسابات مواقع التواصل الاجتماعي لتوظيف الحدث في مهاجمة دول عربية، لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وبعد ما يمكن وصفها بـ "لقطة" إعلامية، عاد اسم إسرائيل بدلاً من الأراضي المحتلة على مواقع التذاكر.

عبد المُهدي مطاوع لـ "حفريات": يسعى لابيد لتقديم إنجاز لحكومته قبيل الانتخابات؛ بتحويل العلاقات مع قطر إلى شكل رسمي، عبر توظيف بطولة كأس العالم

وتعاقدت قطر مع الحاخام مارك شناير، من كنيس هامبتونز، في نيويورك، كمستشار حول ما يتعلق بالزوار اليهود خلال كأس العالم، وبحسبه؛ من المتوقع حضور 15 ألف يهودي المباريات في قطر، من اليهود داخل إسرائيل وخارجها، وفق ما نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية.

وبحسب الصحيفة؛ يعمل شناير على إقناع الدوحة باستقبال رحلات جوية مباشرة من المطارات الإسرائيلية، ويخطط لإقامة عشاء سبت في الدوحة، قبل ثلاثة أيام من انطلاق بطولة كأس العالم.

وفي سياق متصل، بدأت الدوحة مفاوضات مع مؤسسة الحاخامية الإسرائيلية "تزوهار" بمشاركة الحاخام مارك شناير بشأن تقديم الأكل اليهودي الحلال "كشروت" في البلاد، خلال فترة إقامة مباريات كأس العالم.

أمين عام اللجنة العليا للمشاريع والإرث، حسن الذوادي، مستقبلاً الحاخام شناير في الدوحة

ويرى ساسة إسرائيل في حضور مواطنيهم مباريات بطولة كأس العالم في قطر اختراقاً كبيراً في العلاقة مع الدوحة، التي تجمعها بإسرائيل علاقات قديمة غير معلنة، وفي الوقت ذاته تتولى وسائل الإعلام الممولة منها قيادة حملات شرسة ضدّ الدول العربية التي تجمعها بإسرائيل علاقات مُعلنة.

وإبان الإعلان عن حضور مواطني إسرائيل المباريات، رأى يائير لابيد أنّ هذه الخطوة "تفتح الباب أمام علاقات جيدة ودافئة"، ووصف وزير الدفاع، بيني غانتس، قطر بأنّها "دولة ذات أهمية دولية، تساهم في الاستقرار الإقليمي".

ومنذ عام 2008 بدأت قطر في السماح للرياضيين والرياضيات من إسرائيل بالمشاركة في البطولات الدولية التي تستضيفها، وكانت آخر مشاركة 2019، وشهدت عزف النشيد الوطني الإسرائيلي، بعد فوز لاعب الجمباز ألكسندر شاتيلاوف بالميدالية الذهبية، لممارسة الألعاب الأرضية خلال بطولة كأس العالم للجمباز الفني 2019.

مواضيع ذات صلة:

قبيل انطلاق بطولة كأس العالم... قطر تواجه هذه الاتهامات

هل يستبعد "الفيفا" إيران من نهائيات كأس العالم بقطر؟

تركيا تساعد قطر في تأمين كأس العالم 2022 بهذه الطريقة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية