متى سيتوقف رجال الدين عن محاصرة الفنون والآداب؟

الدين والإبداع: متى سيتوقف رجال الدين عن مراقبة الفنون والآداب؟

متى سيتوقف رجال الدين عن محاصرة الفنون والآداب؟


29/05/2023

لعلي الوردي مقولة في كتابه "وعاظ السلاطين" يُثمِّن فيها أهمية الشك في البحث العلمي، ويستبعد قدرة المؤمن على أن يكون باحثاً. يقول الوردي: "وتجارب التاريخ تخبرنا بأنّ العلماء المحدثين لم يستطيعوا أن يبزوا أسلافهم في البحث إلا بعد أن اتبعوا طريق الشك، وعرفوا أنّ الإيمان والبحث العلمي على طرفي نقيض، فلا يستطيع المؤمن أن يكون باحثاً، ومن أراد أن يخلط بينهما، فهو لا شكّ سيضيع المشيتين".

إن لم يتخلص الكاتب أو الفنان من كل أغلال الانتماءات الضيقة فلن يستطيع التحليق في فضاء الإبداع الرحب

المؤمن هنا مرادف لكل مؤدلَج تتملكه ذاته فتخرجه عن الموضوع قيد الدراسة إلى إسقاط ما يعتمل في صدره. كما أنّه ذلك الذي تمنعه محظورات إيمانه وتوجيهاته عن أن يكون أميناً في الموضوع الذي يعمل عليه. وهنا لا تنطبق مقولة الوردي على الباحث في المجالات العلمية فحسب، بل وعلى كل مشتغل في مجالات الكتابة الإبداعية من شعر وقصة ورواية، وفنية: كالرسم والغناء والإخراج والتمثيل...، وغيرها من المجالات التي تتطلب حرية وولاءً لمقتضيات الخيال وتصوير الحياة دون تدخل من رقابة ذاتية أو خارجية.

ليست نظرية

ليس في ما قاله الوردي نظرية ولا قانون، ولا أظنّه ينكر قدرة الملتزم دينياً على أن يكون باحثاً، أو فناناً أو أديباً، وإنّما هو يشكك في أمانته العلمية، إذا كان باحثاً، وفي عجزه عن تغليب موهبته على عقيدته وإيديولوجيته إذا كان فناناً أو أديباً، كما أرى، لا إبداع بدون حرية. إن لم يتخلص الكاتب أو الفنان من كل أغلال الانتماءات الضيقة؛ فلن يستطيع التحليق في فضاء الإبداع الرحب. ولا يعني هذا أنّ الكاتب والفنان العربي حر؛ فهناك (3) معوقات، على الأقل، تمنعه من ممارسة عمله كما ينبغي: الرقابة السياسية، والدينية، والاجتماعية. وهذه رقابات يمكن التملص منها، خلافاً للرقابة الذاتية التي تصدر من المبدع ذاته نتيجة إيمانه بعقيدة أو إيديولوجيا معينة.

مواقف المبدع من الحرية والسياسة والدين والمرأة والحياة عموماً، تشكّلها وتحكمها الإيديولوجيا التي ينتمي إليها. وستجد هذه المواقف نفسها في منشور على الفيسبوك أو في لغة جميلة في رواية، أو في كتاب بحثي، وحتى في الترجمة هناك شواهد على خيانة الأمانة كان وراءها النواهي الدينية والتقاليد الاجتماعية.

علي الوردي

ليست المشكلة في اليقين؛ فلكلّ منّا يقينه، العائق في نوعية اليقين: ثمّة يقين مصدره الإيمان بوجود صانع للكون لكنّه غير معني بكل من يتحدث باسم هذا السقف أو يفرض أوامره ونواهيه. إلى هذا السقف الإيماني ينتمي كثير من المبدعين. وثمّة يقين محكوم بمحظورات دينية وتوجيهات إيديولوجية، كما هو حال الأدب والفن الاشتراكي "الملتزم" الذي فرض رسائل وأهدافاً تتسق مع توجهات التجربة الشيوعية في الاتحاد السوفييتي سابقاً، وغيره من البلدان التي حاربت كل فن أو أدب لا يلتزم بمقاصدها الثورية. وقد رأينا كيف تراجعت الفنون في هذه البلدان إلى درجة أصبح فرار الفنانين والكُتّاب في هذه البلدان ظاهرة.

مواقف المبدع من الحرية والسياسة والدين والمرأة والحياة عموماً، تشكّلها وتحكمها الإيديولوجيا التي ينتمي إليها

تاريخ الأدب السوفييتي، كما كتب محمد كامل حسين في كتابه "في الأدب السوفييتي"، إنّما هو "تاريخ المحاولات التي بذلتها الحكومة الشيوعية لخلق لون من الأدب يتفق مع أغراضها وبرامجها..."، إلى درجة "خلق السوفييت في الأعوام الأولى من حكمهم طبقة خاصة من الأدباء والفنانين تكون في خدمة دكتاتوريتهم الشعبية".

خطر الثوابت

الثوابت قد تلقي بسلطتها حتى على العلم، من ذلك "الثابت الكوني" الذي وضعه ألبرت آينشتاين حتى تتفق معادلاته مع مفهوم أنّ الكون ثابت وساكن، وقد تم إلغاء هذا الثابت بعد اكتشاف هابل حقيقة توسع الكون. من جهة أخرى كان الإيمان نفسه وراء سعي آينشتاين لاكتشاف "نظرية كل شيء". إيمانه بوجود إله "لا يلعب النرد" يقف وراء اعتقاده بوجود قانون كلي ينظم عمل كل القوانين الفيزيائية المعروفة.

الحرية هي إذن كلمة السر، ويمكن أن نرى أثر الحرية في شعب انقسم إلى دولتين: هما كوريا الشمالية والجنوبية، ومثلهما ألمانيا الشرقية والغربية. فلا يمكن فصل ازدهار الفنون والآداب عن موقف السلطة الحاكمة من الحريات ومن الفنون عموماً.

الحطّ من الشعر والشعراء أسهم في تراجع الشعر لقرون. تراجع مستوى شعر حسان بن ثابت، وهجر لبيد بن ربيعة الشعر تماماً قائلاً: "أبدلني الله بالشعر سورة البقرة وآل عمران،" فزاد عُمر بن الخطاب في عطائه. الأمر نفسه ينطبق على تحريم التصوير والنحت والرسم والغناء...، وهذا الأثر باقٍ إلى اليوم في اعتزال التمثيل والغناء وفي شيوع مصطلح "السينما النظيفة"، وفي اشتراطات يفرضها بعض النجوم مثل الامتناع عن لمس الأيدي، أثناء التمثيل. فضلاً عن أنّ أغلب الفنانين والممثلين يعتقدون أنّ مهنتهم "حرام"، وهم مجبرون عليها بحكم أنّها "لقمة عيش"، ولذلك يصرحون دائماً بأنّهم سيعتزلون الفن ويتفرغون للعبادة.

ألبرت آينشتاين

وما زال شيوخ الإسلام يتصدرون المشهد الإعلامي بأقوال قرنوسطية عن نوعية الفنون المطلوبة التي لا تختلف عن تلك التي فرضها النظام السوفييتي، وما زال يفرضها كثير من الأنظمة الحاكمة. من ذلك ما قاله الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ونائب ورئيس جامعة الأزهر السابق، حول "عدم جواز دفن الفنان في قبر من ماله؛ لأنّ ماله حرام، وإذا دفن فيه، فسوف يُعذّب"؛ فمُهنا يصنف الغناء إلى نوعين: حلال وحرام، مثلما كان حال الشعر في الإسلام: فإذا كان الغناء لا يحرك الشهوات، فهو حلال، وإذا كان يثيرها ويدمر الشباب فهو حرام. الغناء الحلال عنده ما كان للوطن والشهيد...، وما عدا هذه القيم فهو حرام! من جهة ثانية، هناك من يجيز الغناء وسماعه، لكن حتى هذه الإباحة لا تخلو من رقابة ترى في شيوخ الدين مرجعية أساسية للتحليل والتحريم.

لا يختلف توجيه مُهنا عن موقف سيد قطب من الغناء وهو ينادي "بوضع عقوبات لمن يترنم بالأغاني الممنوعة، حتى من الجمهور... وإسكات هذه الأصوات الغريزية الواطئة". كما نادى قطب صراحة بتكوين "فرق لمكافحة الغناء المريض". ولا يختلف ما قاله قطب عن اشتراطات نقابة الفنانين التي تحرم مغني "المهرجانات" من مزاولة الغناء بحجة "حماية قيم الأسرة". وستجد قوانين مشابهة في كل بلد عربي أو سلطوي يرى مشكلته في الحرية، ولذلك تجد هذه النوعية من الرقابة التي تهدف لتطويع المجتمع أكثر ممّا تخاف على قيمه.

لو أنّ دو ساد يصلي!

هل كان يمكن لعشرات الرسامين، منذ عصر النهضة حتى اليوم، رسم لوحات عارية إن لم تكن الحرية التي ينعمون بها هي السائدة في مجتمعاتهم؟ ولماذا لم يعرف الوسط الفني العربي مثل تلك اللوحات؟ وماذا لو أنّ "ماركيز دو ساد يُصلّي؟" أو يعيش في بلد عربي؟ هل كان سيكتب كل ما كتبه من روايات سادية ومتحررة من أيّ قيود: سواء أخلاقية أو دينية أو قانونية...، وتستكشف مواضيع وتخيلات بشرية دفينة مثيرة للجدل والاستهجان عن أعماق النفس البشرية، من قبيل البهيمية...، مع أنّ دو ساد دفع ثمن حريته في الكتابة بأن سُجن لفترات متقطعة على مدى أعوام.

المثال الأبرز لاستجابة الفنان لموهبته ماثل في لوحة "خلق آدم" لـ (مايكل أنجلو). طلبت منه الكنيسة رسم لوحة تصور الله وهو ينفخ الحياة في أنف آدم، وفقاً لقصة الخلق في الكتاب المقدّس. ولأسباب فنية لم يكن ممكناً رسم القصة على هذا النحو، فاستبدل (أنجلو) النفخ في الأنف بإصبع الله وهي تلمس إصبع آدم وتبث فيه الحياة. وبعد (500) عام اكتشف طبيب شكل دماغ الإنسان كما هو واضح في اللوحة. استغرق الأمر (500) عام لكي يلاحظ شخص شيئاً مخفياً في مشهد بسيط وواضح. والرسالة المحتملة في لوحة (أنجلو) هي: إنّ النفحة السماوية لا تأتي من قوة أعلى، بل من عقولنا، وقد فعل ذلك في قلب الكنيسة ذاتها.

لوحة خلق آدم لمايكل أنجلو

في العالم العربي رأينا كيف أنّ كثيرين من الفنانين الذين يملكون موهبة صوتية يعتزلون الغناء ويتجهون إلى ترتيل القرآن أو الإنشاد الديني، ومن لديه موهبة في الرسم قد يتجه للحروفية أو يعتزل الرسم أو يمارسه بدون شغف...، وهناك آلاف المواهب المدفونة باسم الدين والعادات، فأيّ رواية سيكتبها صاحب الموهبة السردية؟ هل سيتبع ما تمليه عليه موهبته، أم أنّ قيود دينه ستجبره على أن يضع حدوداً لا تخرج عمّا توجبه عليه من أوامر ونواهٍ وأخلاقيات؟

الرواية هي الفن الأنسب للملتزمين دينياً، مثلما كانت الحروفية ملاذاً للفنانين التشكيليين الفارين من تحريم النحت والتصوير. وبالطبع قد لا نستطيع تحديد الهوية الدينية لكاتب النص، وقد لا يعمد الملتزم دينياً إلى اتخاذ نصوصه وسيلة للتبشير، ربما لن يكون في نصوصه "ملتزماً" لكن في الوقت نفسه لن يكون "متحرراً". وهنا لا أتحدث عن أصوات الشخصيات التي قد تكون متدينة أو لا دينية، وإنّما عن صوت الكاتب الذي يظهر على هيئة رسائل مباشرة أو مضمرة، أو سيبتعد عن كلّ ما هو إشكالي ومتحرر. وهذه قضية يمكن الاشتغال عليها من باب النقد الثقافي.

أين ذهب الكُتّاب المسيحيون؟

في العصور الوسطى ألغت الكنيسة العروض المسرحية، لكنّ حاجتها إلى التبشير بتعاليمها دفعها إلى توظيف القيم من خلال المسرح، بما يتفق مع أصولها، "الممثلون الذين لعبوا الأدوار في تلك المسرحيات كانوا من القساوسة". لكنّ للكنيسة موقفاً إيجابياً من الموسيقى والرسم، وكانت المؤثر الأول في الأدب الغربي في الأعوام الـ (1000) الماضية. افتح أيّ كتاب وستصطدم بفكرة مسيحية في مكان ما على الصفحة. التأثير هنا عكسي؛ عدد قليل من الكتّاب العظماء نالوا رضا الكنيسة. بدلاً من ذلك، اتسمت العلاقة بين الكتّاب الغربيين والدين الأرثوذكسي بالصراع. حتى الكُتّاب الذين تضمنت نصوصهم قيماً أخلاقية وتعليمية، وفقاً للطريقة المسيحية، أدانتهم الكنيسة. كانت الكوميديا الإلهية لدانتي عبارة عن قصة رمزية دينية عن رحلة الإنسان نحو التقوى والخلاص، ومع ذلك فقد وُصف بأنّه مهرطق؛ لأنّه شكّك في سلطة البابا الدنيوية.

اتسمت العلاقة بين الكتّاب الغربيين والدين الأرثوذكسي بالصراع. حتى الكُتّاب الذين تضمنت نصوصهم قيماً أخلاقية وتعليمية، وفقاً للطريقة المسيحية، أدانتهم الكنيسة

اعتنق بعض المؤلفين الإنجليز الأرثوذكسية كشكل من أشكال التمرد الزائف، كما كتب الروائي الأسترالي إيفان مالوني؛ منهم إيفلين ووه وجراهام جرين، شرح جرين تحوله على نحو غامض قائلاً: "كان عليّ أن أجد ديناً لأقيس شرّي عليه". بعد عدة أعوام أخبر جرين البابا بولس بأنّ المكتب المقدّس قد أدان كتابه، فأجابه البابا الجديد: "أجزاء من جميع كتبك ستظل دائماً مصدر إزعاج لبعض الكاثوليك، لكن لا ينبغي أن تولي ذلك اهتماماً". تخبرنا هذه الجزئية كيف أنّ إرضاء الدين غاية لا تُدرك، وأنّ احتكام الكاتب لمعايير غير دينية/ أخلاقية/ طوباوية هو ما يُفترض الركون إليه.

من الصعب العثور على كاتب واحد معاصر مشهور يفتخر اليوم بكونه مسيحياً أرثوذكسياً، كما يرى مالوني: "حتى فلانيري أوكونور، الكاتب الكاثوليكي الوحيد الذي أشاد به النقاد الأمريكيون في القرن الـ (20)، تم حظره في بعض المدارس الكاثوليكية الجنوبية قبل (10) أعوام بتهمة العنصرية".

كان هنريك سينكيويتز أديباً مسيحياً أكثر عمومية، وقد فاز بجائزة نوبل، بينما تم التغاضي عن معاصريه تولستوي وإبسن وتوين! تحتفي أشهر روايات سينكيويتز (Quo Vadis)، بشجاعة ونبل المسيحيين الأوائل الذين تعرّضوا للاضطهاد في العصر الروماني، في عصر كان فيه الحداثيون يرمون الإيمان القديم للأسُود. تستعيد رواية سينكيويتز الفخر المسيحي، وتُظهر كيف أنّ الإيمان يُكافأ، وكيف يدافع المسيح عن أتباعه، "طالما أنّهم الشخصيات الرئيسية في الرواية" كما يذهب مالوني.

في العصور الوسطى ألغت الكنيسة العروض المسرحية، لكنّ حاجتها إلى التبشير بتعاليمها دفعها إلى توظيف القيم من خلال المسرح

أشهر أعمال ستيبلز لويس "سجلات نارنيا" (The Chronicles of Narnia) كتبها بعد تأثره بصديقه الروائي الكاثوليكي جي آر تولكين - صاحب "سيد الخواتم"- وقد عكست السلسلة معتقدات لويس الجديدة. في الوقت الذي اعتنق فيه لويس وإيليوت الإيمان في أواخر العشرينيات من القرن الماضي، كانت المسيحية بمثابة بعبع للعالم الأدبي. كتبت فيرجينيا وولف عن إليوت لصديق في عام 1928: "لقد أجريت مقابلة مخزية ومحزنة للغاية مع عزيزي توم إليوت، الذي يمكن اعتباره ميتاً من اليوم فصاعداً. لقد أصبح مؤمناً أنجلو كاثوليكي ويذهب إلى الكنيسة. لقد صُدمت، تبدو لي الجثة أكثر مصداقية ممّا هو عليه. ثمّة شيء فاحش في شخص حي يجلس بجانب النار ويؤمن بالله".

العظيم الذي يبقى لا علاقة له بالإلحاد أو الانحلال، وإنّما بتخلصه من قيود الدين والرقابات بأشكالها كافة

يختم مالوني مقالته بأنّ "الأدب الحداثي وما بعد الحداثي قام بتشريح جسد الأرثوذكسية المسيحية، ويبدو اليوم أنّ العذر الوحيد لكونك كاتباً مسيحياً هو أن تُدفن. فهل المجتمع اليوم متحيز ضدّ الكُتّاب المسيحيين؟ أم أنّ المسيحية يُنظر إليها بحق على أنّها إيمان يثني عن التفكير الحر الذي يتطلبه الأدب العظيم؟" يتساءل الروائي الأسترالي في مقالة عنوانها "أين ذهب كلّ الكتّاب المسيحيين؟"، وهي أسئلة تشير إلى نوعين من الأدب: العظيم الذي يبقى، والعادي الذي سيطويه النسيان. لكنّ العظيم الذي يبقى لا علاقة له بالإلحاد أو الانحلال، وإنّما بتخلصه من قيود الدين والرقابات بأشكالها كافة. فالكُتّاب، بحسب مالوني: "مفكرون مستقلون لا يحبون أن تكون أفكارهم مقيدة بالعقيدة." ويبقى الفارق بين الأديان في تكيف بعضها مع الحرية والحداثة، وفي بقاء سطوة بعضها، بما يُعيق حركة الفنون والآداب.

مواضيع ذات صلة:

بين ثقافتين... كيف نواجه التطرف بالإبداع؟

كيف حوّل الفنان المسلم محاذير الفقهاء إلى إبداع يسرّ الناظرين؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية