محكمة تونسية تصدر حكماً بسجن الغنوشي... هل حانت لحظة حل حركة النهضة؟

محكمة تونسية تصدر حكماً بسجن الغنوشي... هل حانت لحظة حل حركة النهضة؟

محكمة تونسية تصدر حكماً بسجن الغنوشي... هل حانت لحظة حل حركة النهضة؟


16/05/2023

أصدرت محكمة تونسية أمس الإثنين حكماً بالسجن لمدة عام على راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، الذراع السياسية للإخوان؛ بتهم تتعلق بالإرهاب.

من جهتها، أكدت المحامية منية بوعلي أنباء صدور حكم قضائي بحق الغنوشي، وقالت إنّ قاضياً تونسياً أصدر حكماً غيابياً على رئيس حركة النهضة، بالسجن لمدة عام بتهمة التحريض.

وقالت بوعلي: إنّ الغنوشي رفض المثول أمام القضاة في قضايا قانونية، بحجة أنّ التهم ملفقة، وأنّ المحاكمة سياسية بالأساس. وزعمت أنّ هذه المحاكمات هي تطهير لقادة المعارضة، باستخدام القضاء؛ لأنّهم لم يتمكنوا من إلحاق الهزيمة بهم سياسياً".

وفي السياق نفسه، قالت حركة النهضة: إنّ قاضي المحكمة الابتدائية بتونس حكم على الغنوشي بالسجن لمدة عام، وغرامة قدرها (1000) دينار تونسي، (326) دولاراً، بتهمة "تمجيد الإرهاب". وادعت أنّ القاضي أصدر الحكم دون سماع الدفاع، وهو ما يكشف عن تناقض حاد في خطاب الحركة، فكيف للقاضي أنّ يسمع دفاع متهم رفض المثول أمامه؟

وترجع القضية إلى خطاب تأبين ألقاه زعيم حزب النهضة، في جنازة عضو الحزب فرحات العبار، في شباط (فبراير) 2021، ووصف خلاله الشرطة بالطاغوت، حين قال: "فرحات العبار كان شجاعاً لا يخشى فقراً ولا حاكماً ولا طاغوتاً"، قبل أن يزعم أنّ استخدام الكلمة أُخرج من سياقه.

تهم متعددة واستدعاء للخارج

اعتُقل رئيس البرلمان المنحل الشهر الماضي بتهم مختلفة، الأمر الذي دفع حركة النهضة إلى استدعاء التدخل الخارجي، واستخدام نهجها التلفيقي، ممّا دفع منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأسبوع الماضي إلى ادّعاء أنّ اعتقال الغنوشي هو تحرك "لتحييد أكبر حزب سياسي في البلاد".

 الغنوشي رفض المثول أمام القضاة في قضايا قانونية

وكان الغنوشي قد مثل أمام المحكمة في نهاية شباط (فبراير) الماضي، بتهم تتعلق بالإرهاب بعد اتهامه بتسمية ضباط الشرطة بـ "الطغاة". والقضية، بحسب وكالة "فرانس 24"، واحدة من عدة قضايا مرفوعة ضدّ الغنوشي، وتتعلق بأمن الدولة، قبل أن يصبح من بين أكثر من (20) سياسياً، بينهم وزراء سابقون ورجال أعمال، اعتقلوا منذ شباط (فبراير) الماضي.

تشير تقارير أمنية وإعلامية إلى أنّ السلطات التونسية عثرت بالفعل على وثائق تدين الغنوشي

الغنوشي اعتقل وأودع رهن الحبس الاحتياطي في نيسان (أبريل) الماضي، بعد تصريحات حذّر فيها من أنّ محو وجهات نظر مختلفة مثل اليسار أو الإسلام السياسي الذي ينتمي إليه حزبه؛ سوف يؤدي إلى حرب أهلية في تونس. وقال تحالف المعارضة الرئيسي التابع للنهضة، ما يُسمّى بجبهة الإنقاذ الوطني، آنذاك: إنّ زعيم حركة النهضة محتجز للاشتباه في قيامه بالتآمر على أمن الدولة.

وأنكرت حركة النهضة وجود أيّ نية للغنوشي للدعوة إلى حرب أهلية، زاعمة أنّها "تدين بشدة الحكم الجائر الذي يهدف إلى التستر على فشل السلطات التام في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية".

هل يتم حل حزب حركة النهضة؟

قامت السلطات التونسية الشهر الماضي بحظر الاجتماعات في جميع مكاتب حزب النهضة، وأغلقت الشرطة مقر جبهة الإنقاذ، تحالف المعارضة الرئيسي، فيما وصفته جماعات حقوقية بأنّه حظر فعلي. ولم تُعلّق السلطات التونسية على القرار، لكنّ الرئيس قيس سعيّد قال: إنّه "لا أحد فوق القانون"، وأكد أنّه لن يتراجع عن محاسبة مرتكبي الجرائم ضد البلاد.

يبدو أنّ ما عثر عليه كان بالخطورة التي دفعت الشرطة إلى تفتيش منزل تسنيم، وهي ابنة الغنوشي الأخرى، والذي يقع على مقربة من منزل أبيها

وتشير تقارير أمنية وإعلامية إلى أنّ السلطات التونسية عثرت بالفعل على وثائق تدين الغنوشي، فقد اعترفت سمية ابنة زعيم حركة النهضة أنّ قوات الأمن التونسية فتشت منزل والدها، وذلك أثناء القبض عليه، وأنّ الشرطة صادرت أوراقاً ومذكرات مكتوبة بخط يد الغنوشي.

وربما تحمل تلك الأوراق أدلة جديدة تدين الغنوشي، وهو ما يوضح قيام الشرطة بتفتيش منزل ابنته، حيث أعلنت مساعدة وكيل الجمهورية في المحكمة الابتدائية، فاطمة بوقطاية أنّ الشرطة العدلية في أريانة حصلت على إذن بتفتيش منزل سمية الغنوشي، التي تقيم خارج تونس، وتمّ العثور على وثائق خطيرة تتعلق بالأمن القومي التونسي. وأوضحت بوقطاية أنّ عملية التفتيش جرى توثيقها بالفيديو، وفق توجيهات النيابة العمومية.

ويبدو أنّ ما عثر عليه كان بالخطورة التي دفعت الشرطة إلى تفتيش منزل تسنيم، وهي ابنة الغنوشي الأخرى، والذي يقع على مقربة من منزل أبيها، ممّا أثار حفيظة سمية الغنوشي التي نشرت مقطع فيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي اتهمت فيه قوات الأمن بكسر أبواب منزل شقيقتها المقيمة في كندا، وتغيير أقفال المنزل. وأشارت إلى أنّ الأجهزة الأمنية أفرغت المنزل من المستندات والأوراق والكتب الموجودة.

الدكتور محمد الفرجاني، المتخصص في الشؤون العربية، خصّ "حفريات" بتصريحات قال فيها: إنّ قرار حلّ حركة النهضة قادم لا محالة، لافتاً إلى أنّ إدارة قيس سعيّد ترغب في أن تسير الأمور بشكل قانوني، الأمر الذي يفسر عمليات التفتيش الواسعة لمنازل أسرة الغنوشي، وذلك بهدف جمع حيثيات القضية، وتوجيه اتهامات صريحة ومدعومة بالأدلة.

محمد الفرجاني: حكم حلّ الحزب يتماهى مع أولويات العدالة الانتقالية، ففي ظل برلمان جديد، ودستور يحافظ على هيبة مؤسسات الدولة، لم يعد هناك مجال لمناورات حركة النهضة

الفرجاني لفت إلى أنّ النهضة انتهت إكلينيكياً، خاصّة بعد الحكم الأخير بحبس الغنوشي، رأس الجماعة، وحلقة الوصل مع التنظيم الدولي، واصفاً عملية إغلاق المقر الرئيسي بالمقدمة لما هو آتٍ، حيث إنّ حكم حلّ الحزب يتماهى مع أولويات العدالة الانتقالية، ففي ظل برلمان جديد، ودستور يحافظ على هيبة مؤسسات الدولة، لم يعد هناك مجال لمناورات حركة النهضة، وحزامها السياسي الفاسد، الذي أوصل تونس إلى حافة الإفلاس.

وأكد الفرجاني أنّ جبهة الإنقاذ، بوصفها إحدى أذرع النهضة، لن يكون لها مستقبل في تونس، وسوف تواجه المصير نفسه، بعد أن أثبتت التجربة أنّ القانون وحده سوف يغدو سيفاً مسلطاً على رقاب من أفسدوا الحياة السياسية، وأرسلوا الشباب إلى بؤر التوتر في سوريا وليبيا، وجرفوا كل مؤسسات الدولة، طيلة العشرية التي حكمت فيها حركة النهضة.

موضيع ذات صلة:

هجوم جربة يجدد إثارة شكوك اختراق الأمن التونسي... ما علاقة حركة النهضة الإخوانية؟

أي تداعيات لـ "هجوم جربة" على المشهد التونسي؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية