محللون لـ "حفريات" نتنياهو الرابح الأكبر من تفكّك الائتلاف الحكومي الإسرائيلي

محللون لـ "حفريات" نتنياهو الرابح الأكبر من تفكّك الائتلاف الحكومي الإسرائيلي


04/07/2022

بعد ما يقارب العام على تأسيس الائتلاف الحكومي الإسرائيلي "بينت، لابيد"، انهار هذا الائتلاف وتفكّك، وكانت تلك الحكومة، التي ترأسها نفتالي بينت لمدة عامين، على أن يتولى يائير لابيد رئاستها لعامين آخرين، من أقصر الحكومات الإسرائيلية عمراً؛ فعلى الرغم من الدعم والمساندة التي حصلت عليهم تلك الحكومة، سواءً من الإدارة الأمريكية أو من الأحزاب الأخرى، وعضو الكنيست العربي منصور عباس، إلا أنّها لم تصمد كثيراً.

وكان نفتالي بينت قد صرّح بأنّه لم يعد قادراً على الاستمرار بقيادة الائتلاف الحكومي، وأعلن تفكيكه، وتسليم حكومة تصريف الأعمال إلى يائير لبيد إلى حين انعقاد انتخابات مبكرة، في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، لتكون هذه الانتخابات هي الخامسة خلال ثلاثة سنوات، وهذا يدلّل على وجود أزمة عميقة داخل النظام السياسي الإسرائيلي.

وتأتي خطوة تفكيك الائتلاف الحكومي في إسرائيل قبل عدة أسابيع من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث إنّ الحكومة الإسرائيلية كانت تعوّل على هذه الزيارة للمساعدة في تعزيز العلاقات الأمنية الإقليمية ضدّ إيران، والتي تعدّ من أشدّ الأعداء لإسرائيل.

وبدأت الأزمات تعصف بالحكومة الإسرائيلية، منذ إعلان عيديت سيلمان، عضو الكنيست، عن حزب يمينا، الذي يقوده بينيت، انسحابها من الائتلاف، ليلحق بها زميلها في الحزب، نير أورباخ، ليتحوّل التحالف إلى أقلية تمتلك 59 مقعداً في البرلمان، المؤلَّف من 120 مقعداً، وبدأ مستقبل الائتلاف المكوَّن من 8 أحزاب، يمينية وليبرالية وعربية، مهدّداً على نحو متزايد.

وتشكّلت الحكومة، التي عرفت باسم "حكومة التغيير أو حكومة الإنقاذ"، في إشارة إلى إنهاء حكم رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، الذي استمر لمدة 12 عاماً متواصلة، من أحزاب سياسية متباينة أيديولوجيا ضمّت أطيافاً من اليسار واليمين والوسط وحزب عربي إسلامي للمرة الأولى في تاريخ "إسرائيل".

ائتلاف حكومي فاشل

في هذا السياق، يقول الخبير بالشأن الإسرائيلي أكرم عطا الله، في حديثه لـ "حفريات": "الائتلاف الحكومي الإسرائيلي فشل لأنّه ولد مشوّه وهجين بين أقصى اليمين، وأقصى اليسار، وحاول أن يكون في توافق بينهما، لكنّه كان لا بدّ من أن يصطدم، وفي النهاية اصطدم وتفكّك، ولم يصمد أكثر من عام، وذلك نتيجة الانقسامات التي حدثت داخل الائتلاف، وحملات التحريض من الأحزاب الأخرى، لا سيما حزب الليكود".

أكرم عطا الله: بنيامين نتنياهو كان له دور كبير في عدم استمرار الائتلاف الحكومي بقيادة نفتالي بينت

يضيف: "من الأسباب الإضافية التي ساهمت في عدم نجاح حكومة بينت؛ أنّها تشكّلت بـ 61 مقعداً، على عكس لو كانت قد تشكّلت بـ 70 مقعداً أو أكثر، وهذا يعني أنّ انسحاب عضو كنيست واحد قد يؤثر على استمرارها، فهي بسبب ذلك كانت على حافة الهاوية، وسيناريو انهيارها كان متوقّعاً منذ اللحظة الأولى لتشكيلها".

ما أسباب ضعف الائتلاف الحكومي؟

ويواصل حديثه: "بنيامين نتنياهو كان له دور كبير في عدم استمرار الائتلاف الحكومي بقيادة نفتالي بينت، خاصة أنّه عمل على شنّ هجوم على نيرو أورباخ، وعيديت سيلمان، وهما الاثنان  تسبّبا في إضعاف الائتلاف؛ إذ إنّهما تعرّضا لحملة تشهير شنيعة من قبل حزب الليكود في الآونة الأخيرة، ولم يستطيعا أن يصمدا أمام هذه الدعاية".

توقعات أن يتخذ يائير لابيد، الذي سوف يتولى رئاسة حكومة تصريف الأعمال إلى حين إجراء انتخابات جديدة، إجراءات مشددة تجاه الفلسطينيين، خاصة سكان قطاع غزة

ويلفت عطا الله إلى أنّه؛ بعد تفكيك الائتلاف الحكومي الإسرائيلي باتت جميع الخيارات جيدة أمام بنيامين نتنياهو، إما أن يتمكن من تشكيل حكومة دون أن تذهب "إسرائيل" إلى انتخابات جديدة، من خلال جمع أكثر من 61 مقعداً، والخيار الثاني هو الانتخابات، وهو شيء إيجابي بالنسبة له، لأنّه صاحب الحزب الرئيس، والذي يتجاوز 35 مقعداً داخل الكنيست.

اضطراب سياسي

 ويخبر عطا الله  "حفريات"؛ بأنّه من المتوقع أن تتأثر زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة، وذلك على مستوى المضمون، وليس على مستوى الشكل، مفسراً بالقول "الإدارة الأمريكية لن تذهب بعيداً في إعطاء اتفاقيات في عهد الحكومة الحالية، خوفاً من أن يتمّ تنفيذها في عهد بنيامين نتنياهو، في حال فوزه بالانتخابات المقبلة؛ إذ إنّ الاضطراب السياسي في إسرائيل يجعله لا يستطيع أن يصنع توافقات دائمة مع تلك الحكومة.

الخبير بالشأن الإسرائيلي أكرم عطا الله لـ "حفريات": الائتلاف الحكومي الإسرائيلي فشل لأنّه ولد مشوّه وهجين بين أقصى اليمين، وأقصى اليسار، وحاول أن يكون في توافق بينهما

واستبعد عطا الله أن يقدم أيّ رئيس وزراء قادم، سواء نتنياهو أو غيره، على إلغاء التسهيلات الاقتصادية التي منحتها حكومة بينت لسكان قطاع غزة، والتي تتمثل بالسماح لمئات العمال الفلسطينيين العمل داخل "إسرائيل"، لأنّ هذا جزء من سياسة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لضمان استمرار الهدوء.

فشل أمني وسياسي

وفي السياق ذاته، يقول الكاتب والمحلل السياسي، د. عاهد فروانة، لـ "حفريات": "يعدّ فشل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي نتيجة طبيعية لما حدث في تشكيله، وجاءت العمليات الفدائية لتضيف هاجساً جديداً لهذه الحكومة، وتوجّه لها ضربة قوية، لأنّ أكثر من 70٪ من الجمهور لدى دولة الاحتلال أعلنوا أنّ هذه الحكومة فشلت أمنياً في مواجهة العمليات الفدائية، بالتالي، أصبحت فاشلة من ناحية سياسية وأمنية، الأمر الذي أدّى إلى تباعد مواقف كثيرة".

عاهد فروانة: يعدّ فشل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي نتيجة طبيعية لما حدث في تشكيله

يتابع: "يعدّ فشل حكومة بينت بتمرير مشروع قانون الطوارئ في مستوطنات الضفة الغربية، خاصة أنّ هذا القانون يعدّ أساسياً لدى دولة الاحتلال، من الأسباب التي جعلت نفتالي بينت لا يريد أن يتحمّل الإخفاق في تمريره؛ لذلك توجّه إلى موضوع حل الكنيست، حتى يتم تمرير هذا القانون بصورة تلقائية، دون الحاجة إلى تصويت بالكنيست، لأنّ هذا الموضوع مهم جداً لدى الاحتلال الإسرائيلي، وهو قانون الأبارتهايد".

أزمة عميقة

الخريطة الحزبية للاحتلال الإسرائيلي تعاني من تشتت كبير، وفق فروانة، حيث إنّ وجود نتنياهو على سدة الحكم طوال 12 عاماً، رغم قضايا الفساد التي تلاحقه داخل أروقة المحاكم، يؤكد وجود أزمة عميقة داخل النظام السياسي الإسرائيلي؛ فنتنياهو لم يغيب عن الحياة السياسية، وكان حاضراً بكل قوة الفترة الماضية، وهو المتسبب الأول بإسقاط حكومة بينت.

وتوقع فراونة أن يكون يائير لابيد، الذي سوف يتولى رئاسة حكومة تصريف الأعمال إلى حين إجراء انتخابات جديدة، أن يتّخذ إجراءات مشددة تجاه الفلسطينيين، خاصة سكان قطاع غزة، ليثبت للرأي العام الإسرائيلي، وسوف يصدر قرارات حازمة، ليثبت أنّه رئيس حكومة قوي، ولديه القدرة على تولي رئاسة الحكومة لفترة أطول.

مواضيع ذات صلة:

هل اقتربت نهاية حياة نتنياهو المهنية؟.. تفاصيل صفقة جديدة

الخط الأخضر: قيد مكاني قاهر للفلسطينيين وذكرى غامضة للإسرائيليين

ما حقيقة الحديث عن تطبيع صومالي مع إسرائيل؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية