محمد بن راشد.. ضمير الإنسانية الحيّ

محمد بن راشد.. ضمير الإنسانية الحيّ

محمد بن راشد.. ضمير الإنسانية الحيّ


20/03/2023

محمد عبدالرحيم سلطان العلماء

هذا يوم من أيام الإمارات، البلد الذي يلتصق به لفظ الخير إلى درجة التلاحم، فلو قيل: إمارات الخير، لكان حقّاً وصواباً، ولو قيل زايد الخير لكان كذلك، ولو قيل راشد الخير لكان تجسيداً للحقيقة، فالإمارات وطن منذور لفعل الخير، ممدود اليد بالعطاء، مفتوح الأبواب لكل مظلوم ومحتاج، هكذا تأسس، وهكذا أراد له رجال الدولة فيه منذ بزوغ فجره، قبل أكثر من خمسين عاماً، وحتى يوم الناس هذا، وها هو صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبيّ، رعاه الله، يطلق مشروعاً هو الأضخم في سياق عناية الإنسانية بالأكباد الجائعة، والبطون الخاوية، حين أعلن عن إطلاق وقف «المليار وجبة»، وجبات دائمة لا تنقطع، ليكون مشروعاً مستداماً، يمدّ يد العون والرحمة لكل الجائعين في العالم، من شتى الثقافات والجنسيّات، والذين بلغ عددهم 828 مليوناً، منهم ستون في المئة من النساء والأطفال، والعدد مرشّحٌ للزيادة، بسبب تفاقم أزمات الغذاء العالمية، فجاءت هذه المبادرة الكريمة من لدن صاحب السموّ، لتكون خير شاهد على أصالة فعل الخير في شخصية سموّه، وفي أخلاق أهل هذا الوطن الطيب المِعطاء.

ولقد ثبت في «الصحيحين»، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل فيُدارسه القرآن، فلَرسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسلة»، وإنّ من معالم التوفيق، أن يختار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في كل عام، مطلع هذا الشهر المبارك الكريم، شهر رمضان، شهر الخير والرحمة والعطاء، فيعلن فيه عن هذه المبادرات الكبرى، في ظروف صدّ فيها الناس والدول عن تفقد الجياع وإغاثة الملهوف، فيكون هذا بمشيئة الله، من ملامح التوفيق للطاعة، حيث أعلن صاحب السمو عن إطلاق «وقف المليار وجبة»، وقفاً دائماً في طليعة هذا الشهر المبارك، مجسّداً بذلك روح العطاء وحب الخير في وطن الخير والعطاء.

وتأكيداً على مبلغ الاهتمام الذي أولاه صاحب السموّ لهذا الحدث العظيم، كتب تدوينة ثمينة على حسابه في تويتر، تؤكد عمق الإحساس بالمسؤولية الأخلاقية تجاه هذه الأوضاع الصعبة، التي تمر بها فئة كبيرة جداً من البشر، تقترب من حدود المليار، وتتضور بطونها جوعاً، لا سيما في ظل هذا الشهر الكريم، الذي تفيض فيه القلوب بالرحمة والأيدي بالعطاء.

«الإخوة والأخوات: جرياً على عادتنا السنوية مع تباشير الشهر الفضيل، نطلق هذا العام بإذن الله مشروع «وقف المليار وجبة» في شهر رمضان المبارك»، بهذه اللغة الأخوية الدافئة، يستنهض صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، أبناء وطنه، للشروع في هذا المشروع المبارك، الذي اعتاد صاحب السمو على إطلاقه في بداية شهر رمضان المبارك من كل عام، لكن الإطلاقة في هذا العام مختلفة عن سابقاتها، فقديماً كان التبرع لسدّ حاجة الجياع في عام واحد، أما هذه المرة، فقد أعلن صاحب السمو، عن تأسيس وقف لإطعام الجياع، وهذا يعني أنه سيأخذ طابع الاستدامة، وسيظل مُشرع الأبواب لجميع الجياع على مدار العام، وهذه نقلة نوعية في طبيعة العمل، والدوافع النبيلة نحو هذا الهدف الذي ينقش اسم دولة الإمارات في سجلّ العطاء الإنساني الخالد، فتوفير مليار وجبة، أصبح جزءاً أصيلاً من مهمات هذا الوقف، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، جرياً على عادته الحميدة في كل عام، حيث يطلق مثل هذه المبادرات، التي يعمّ خيرها الجميع، ويطلق الألسنة بالدعاء له بطول العمر وبركته، حين ظل هؤلاء المساكين والفقراء في باله، لا ينساهم مهما تعاظمت الخطوب، وادلهمّ سواد الليل، فجزاه الله تعالى عن كل جائع ومسكين وفقير خير الجزاء، فإن إطعام الجياع، هو من أفضل الصدقات.

«هدفنا توفير مئات الملايين من الوجبات بشكل مستدام، لعشرات السنين القادمة، عبر هذا الوقف، صدقة جارية لشعب الإمارات، وخيرٌ غير منقطع بإذن الله»، فهذا هو الهدف النبيل الذي يريده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، من وراء إطلاق هذا الوقف الكبير، ولو قُدّر للدول الغنية أن تحذو حذو الإمارات في هذه المحامد، لجفّت ينابيع الجوع في كل مكان، فهذا الوقف هدفه توفير مئات ملايين الوجبات بشكل دائم، بحيث يمتد أثره عشرات السنين، ويكون ذلك مقصوداً به وجه الله تعالى، حين يكون ذلك صدقة جارية، يُبتغى بها وجه الله تعالى، وخيراً غير منقطع الحسنات، لا ينقطع بعون الكريم الوهاب.

ويتابع صاحب السمو استنهاض الهمم، والكشف عن سر هذا الوقف الجليل، فيقول: «شخصٌ من كل عشرة في العالم، يعاني من الجوع، وواجبنا الإنساني والأخلاقي والإسلامي، وخاصة في شهر الصيام، إغاثة الملهوف، وإطعام الجائع، والوقف خير دائم بإذن الله، وقليلٌ دائم، خيرٌ من كثير منقطع»، ففي هذا المقطع من التدوينة، يكشف صاحب السمو عن الحجم المَهول لأعداد الجياع، الذين يشكلون عشرة في المئة من مجموع البشرية، وهذا رقم كبير مخيف، مؤكّداً على الواجب الكبير الذي يُمليه الإحساس الإنساني والأخلاقي والإسلامي تجاه هذه الأوضاع، التي تستدعي مثل هذه المبادرات الكبرى، في سبيل التخفيف من ويلات الجوع في هذا الشهر الفضيل المبارك، من إغاثة للملهوف، وإطعام للجائع، من خلال هذا الوقف، الذي سيكون وقف خير وبركة ونفع دائم لكل الناس، بعون الله تعالى، فالقليل الدائم، خير من الكثير المنقطع، داعياً المولى سبحانه بالتوفيق لشعب الإمارات، في مسعاه نحو فعل الخير، وتفريج كربات الإنسان: «وفقنا الله وإياكم لكلّ خير، وحفظ دولتنا من كلّ شرّ».

وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، قد نشر مقطعاً جميلاً بصوته الأبوي الدافئ، قال فيه: «تنصر الضعيف، وتسدّ جوع الفقير، وتغيث الملهوف، وتحمل لواء العطاء للبشر كل البشر»، ليختم هذا الكلام الذي ينثره مثل الدرر، بهذا البيت الشعري البديع، الذي يلخص قصة الإمارات مع العطاء والبذل، حيث يقول:

الله أعطاك فابذلْ من عطيته

                          فالمالُ عاريةٌ والعمرُ رحّالُ

عن "البيان" الإماراتية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية