مخدرات أفغانستان تثير مخاوف دولية.. هل عادت طالبان للتجارة المحرمة؟

مخدرات أفغانستان تثير مخاوف دولية.. هل عادت طالبان للتجارة المحرمة؟

مخدرات أفغانستان تثير مخاوف دولية.. هل عادت طالبان للتجارة المحرمة؟


12/10/2022

تتزايد المخاوف الدولية من عودة حركة طالبان إلى تجارة المخدرات، بالرغم من تعهداتها السابقة في هذا الصدد، بغرض الإفلات من الأزمة الاقتصادية الخانقة في البلاد واستمرار المؤشرات على عودة الحركة للنشاط القديم، بعد ضبط كميات متفاوتة من شحنات المخدرات القادمة من أفغانستان التي تنتج نحو ثلثي معدل المخدرات المستهلكة في العالم، خلال الأشهر القليلة الماضية.

وحذرت المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، غادة والي، الأربعاء الماضي ( 28 أيلول/ سبتمبر) من أنّه في غياب سيادة القانون، في أفغانستان "يمكن أن تستفيد الجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة من المخدرات وغيرها من أشكال الاتجار مثل تجارة الأسلحة، في حين أن الظروف البائسة في البلاد تؤدي أيضاً إلى الاتجار بالبشر واستغلالهم".

وقالت، بحسب ما نقتله صحيفة "الشرق الأوسط"، عن اجتماع  لمجموعة مسؤولين بالأمم المتحدة لمناقشة الأوضاع في أفغانستان إنه "يجب أن يكون المجتمع الدولي على استعداد لمواجهة تحديات المخدرات والتدفقات غير المشروعة القادمة من أفغانستان، مع تقديم أكبر قدر ممكن من المساعدة للمتضررين من المخدرات داخل البلاد".

ووفق والي، أدى الجفاف الشديد، هذا العام إلى تدمير المحاصيل الغذائية، في وقت ينهار فيه الاقتصاد الأفغاني، ويعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، ويواجه ما حوالى (19) مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد، فيما تبدو الزراعة غير المشروعة بالنسبة للكثيرين البديل الوحيد للمجاعة.

غادة والي: يجب أن يكون المجتمع الدولي مستعداً لمواجهة تحديات المخدرات والتدفقات غير المشروعة القادمة من أفغانستان

وقالت إن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، "يدعم سبل العيش البديلة لمزارعي خشخاش الأفيون في مقاطعتي قندهار وهلمند، اللتين تمثلان (72%) من هذه الزراعة، وشمل ذلك توفير وسائل إدرار الدخل ودعم الأمن الغذائي لأكثر من ألف أسرة تعولها نساء."

عودة النشاط بأفغانستان

وفي السياق، أعلنت القوات البحرية الأمريكية، الثلاثاء (27 أيلول/ سبتمبر)، اعتراضها قارباً في مياه خليج عمان، كان محملاً بنحو طنين و(410) كليو جراماً من الهروين، فيما وصف بيان صادر عن الأسطول الخامس الأمريكي العملية بأنها " أكبر عملية اعتراض لمخدرات غير قانونية في الشرق الأوسط على يد القوات الدولية هذا العام".

وتشير كمية الهيروين التي تم ضبطُها، وأُعلن عنها فوراً، إلى عودة النشاط إلى أراضي أفغانستان، حيث تتم زراعة المخدرات ثم إنتاج الهيروين المستخرج منها، بحسب "العربية".

كريم العمدة لـ"حفريات": أفغانستان تعتمد على تجارة المخدرات كأحد أهم روافد الدخل العام، وتمثل (6-11%) من إجمالي الناتج المحلي

ويعتبر الأمريكيون أنّ طالبان تقول إنها تريد منع زراعة المخدرات، لكن يمكن لأي شخص على صلة جيدة بالتنظيم وله حظوة لديهم، أن يقوم بزراعة النباتات ثم إنتاج الهيروين، وهو من جهة يجني الملايين من الدولارات ويعطي جزءاً من الأرباح للتنظيم.

ووفق التقرير ذاته "يحتاج التنظيم إلى هذه الأموال لتمويل نشاطاته و"حكمه" كسلطة أمر واقع في أفغانستان، فيما لا تعترف الكثير من الدول، خصوصاً الأوروبية والولايات المتحدة بحكومة طالبان في كابل، وتمنع عنها التمويل المباشر أو الوصول إلى الأصول المالية الخاصة بالحكومة الأفغانية في البنوك والحسابات المصرفية في دول الغرب."

زيادة تدفق المخدرات إلى آسيا الوسطى

كان رئيس إدارة التحديات والتهديدات الجديدة بوزارة الخارجية الروسية، فلاديمير تارابرين، أكد ازدياد تدفق المخدرات على طول "الطريق الشمالي" إلى دول آسيا الوسطى بشكل كبير تحت حكم طالبان، بالرغم من إعلان الحركة مكافحة إنتاج المخدرات في أفغانستان منذ وصولها إلى السلطة.

وقال تارابرين في تصريحات لوكالة أنباء "سبوتنيك"، مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي، إن حركة طالبان قد أعلنت عن خططها لمكافحة المخدرات منذ وصولها إلى السلطة في آب (أغسطس) من العام 2021  وحظر زراعة الأفيون وإنتاج جميع أنواع المخدرات والاتجار بها في نيسان (أبريل) 2022، إلا أنه قد سُجلت زيادة كبيرة في تجارة المخدرات على طول الطريق الشمالي إلى دول آسيا الوسطى".

تارابرين: يعيق قرار تجميد الأصول الأفغانية وما يترتب عليه من شلل في القطاع المصرفي في أفغانستان، فرصة تخليها عن إنتاج المخدرات

وبحسب تارابرين "يعيق قرار تجميد الأصول الأفغانية وما يترتب عليه من شلل في القطاع المصرفي في أفغانستان، فرصة تخليها عن إنتاج المخدرات". ويقول إن"هناك ما لا يقل عن 23 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة، وتجميد الأصول المالية لأفغانستان أدى إلى تدهور القطاع المصرفي والصناعة والزراعة ".

الوضع الاقتصادي دافع محوري لعودة الأزمة

أستاذ الاقتصاد السياسي كريم العمدة يرى أن الوضع الاقتصادي في أفغانستان قد يكون الدافع الأكبر لعودة تجارة المخدرات، التي كانت رائجة في البلاد بشكل كبير خلال السنوات الفائتة، لتعويض الخسائر الاقتصادية التي لحقت بطالبان، خاصة مع استمرار حجب المساعدات الإنسانية بشكل كبير اعتراضاً على حكم الحركة ذات الأيديولوجيا المتطرفة.

العمدة: العودة إلى تجارة المخدرات في أفغانستان تمثل خطراً كبيراً على المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي بوجه عام، فضلاً عن ارتفاع نسب الإدمان بين المواطنين بالدولة، خاصة مع استمرار تدني الأوضاع المعيشية وتدهور الاقتصاد

ويقول العمدة لـ"حفريات"، إن تجارة المخدرات كانت تمثل في السابق أحد روافد الدخل الهامة في أفغانستان، وصلت وفق الأرقام المُعلنة لنحو (6-11%) من إجمالي الناتج المحلي، ووصلت العوائد إلى ما يزيد عن (2.5 مليار دولار) خلال العام الماضي، وهو ما يؤكد عدم قدرة طالبان التخلي عن الأمر بشكل كامل حتى وإن تعهدت بذلك، مشيراً إلى إمكانية السماح من جانب الحركة لبعض عناصرها أو المقربين منها بممارسة زراعة الأفيون، لحصد بعض العوائد التي تسمح بتوفير موارد للحركة لتعويض نسب العجز الاقتصادي الكبير.

كيف يتصدى المجتمع الدولي؟

يرى العمدة أن العودة إلى تجارة المخدرات في أفغانستان تمثل خطراً كبيراً على المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي بوجه عام، فضلاً عن ارتفاع نسب الإدمان بين المواطنين بالدولة، خاصة مع استمرار تدني الأوضاع المعيشية وتدهور الاقتصاد، وبالتالي ارتفاع معدلات الجريمة والوفاة نتيجة الإدمان، لذلك يتوجب على المجتمع الدولي والهيئات العاملة في أفغانستان وفي مقدمتها الأمم المتحدة، إعادة النظر فيما يتعلق بالوضع الإنساني داخل البلاد، والبحث عن آليات لوصول المساعدات الإنسانية للمستحقين بعيداً عن أيدي طالبان.

إضافة إلى ذلك، يتوجب على المجتمع الدولي، والهيئات المعنية، متابعة خريطة الزراعة داخل أفغانستان، ودعم استبدال زراعة الأفيون والمخدرات بوجه عام بزراعات أخرى مفيدة، أو توجيه استخدامه في صناعة الدواء وفق المعايير الدولية المتعارف عليها.

مواضيع ذات صلة:

هل يمكن لطالبان الاستغناء فعلاً عن تجارة المخدرات؟ وما هي بدائلها؟

ميليشيات إيران تغرق الجنوب العراقي بتجارة البشر والمخدرات

هل تلقى تجارة المخدرات في تركيا رعاية رسمية؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية