مخيم "الهول" والعملية التركية الوشيكة... هل نشهد عودة جديدة لـ "داعش؟

مخيم "الهول" والعملية التركية الوشيكة... هل نشهد عودة جديدة لـ "داعش؟


21/07/2022

عبر بحر واسع من الخيام البيضاء وسط طبيعة مقفرة في شمال شرق سوريا، يقع مخيم "الهول"، الذي يضم زوجات وأطفال مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) القتلى أو الأسرى.

وعلى الرغم من أنّ المخيم يخضع لحراسة مشددة من قبل القوات الكردية، يمثل "الهول" قنبلة موقوتة نظراً إلى أنّه يضم (55) ألفاً من النساء والأطفال نصفهم دون سن الـ12 عاماً، يترعرعون في ظروف قاسية، ممّا يهدد بأجيال جديدة من الدواعش

وقد سلط تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الثلاثاء الماضي الضوء على المناخ الملغوم بالتطرف والتشدد المحيط بهؤلاء الأطفال.

وفي حين أنّ معظمهم من أمهات عراقيات أو سوريات، فإنّ الآلاف يأتون من حوالي (51) دولة أخرى، بما في ذلك الدول الأوروبية التي كانت مترددة في إعادتهم إلى الوطن، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".

 ناقوس الخطر

تقرير الصحيفة الأمريكية يدق ناقوس الخطر حول نشأة جيل جديد من المتطرفين، فقد أشار إلى أنّ هؤلاء الأطفال محاطون بنساء متشددات ومقاتلات يعتنقن الإيديولوجية الداعشية المتطرفة نفسها.

المخيم يخضع لحراسة مشددة من قبل القوات الكردية

وقال داود غزناوي، الذي يشرف على إدارة الخدمات في المخيم من قبل المنظمات غير الحكومية جنباً إلى جنب مع حراس يتقدمهم الأكراد بقيادة القوة التي تسيطر على المنطقة: "إذا استمر الأمر على هذا النحو، فلن يخرج منه شيء جيد."

وحذّرت الجماعات الحقوقية والجيش من مخاطر ترك أطفال مقاتلي داعش المعتقلين في الصحراء، فبالإضافة إلى كونها "قاسية"، فإنّ الظروف البائسة تخاطر بتحولهم إلى شبكة من المتطرفين المصدرين للعنف والغضب إلى العالم، على حدّ قول "نيويورك تايمز".

وتضاعف عدد سكان مخيم الهول (7) أضعاف في مطلع 2019، عندما فرض التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية حصاراً على الباغوز، المعقل الأخير لداعش، وفصل النساء والأطفال الذين فروا أو نجوا عن الرجال، وإرسالهم إلى المخيم.

ألعاب الرايات السوداء

المخاوف التي حملها تقرير "نيويورك تايمز" لم تأتِ من فراغ، فقد انتشرت مؤخراً تقارير حول نمط حياة أطفال "الهول"، حيث يقضي غالبيتهم الوقت وهم يتجولون في الطرق الترابية ويلعبون بالسيوف الوهمية والرايات السوداء على غرار إرهابيي داعش.

ووفقاً لتقرير للمنظمة غير الحكومية "أنقذوا الأطفال"، فإنّ أطفال مخيم "الهول" لا يستطيعون القراءة أو الكتابة؛ فبالنسبة إلى البعض كانت الأمهات اللاتي يتبنّين تعاليم داعش مصدر التعليم الوحيد.

 

أشار تقرير "نيويورك تايمز" إلى أنّ هؤلاء الأطفال محاطون بنساء متشددات ومقاتلات يعتنقن الإيديولوجية الداعشية المتطرفة نفسها

وقد سقطت "الخلافة" التي أعلنها تنظيم داعش منذ أكثر من عامين، تاركة حوالي (27) ألف طفل في مخيم الهول في شمال شرق سوريا منذ ذلك الحين، دون مدارس يتعلمون فيها، ولا أماكن للعب أو لتطوير أنفسهم، ولا يلقون أيّ اهتمام دولي. ولم يبقَ لتكوينهم سوى فريق واحد متمثل في بقايا التنظيم المتشدد ومؤيديه الذين يعملون داخل المخيم الذي تديره القوات التي يهيمن عليها الأكراد، والتي هزمت المسلحين المتطرفين.

 العودة إلى الوطن الأصلي

شهدت الأعوام القليلة الماضية دعوات متزايدة من حكومات الشرق الأوسط ووزارة الخارجية الأمريكية لحث الدول على إعادة مواطنيها من مخيم "الهول"، غير أنّ ذلك، على ما يبدو، لا يحظى بشعبية سياسية نظراً لارتباطهم بـ"داعش"، وغالباً ما يصنف أطفالهم بأنّهم "خطرون".

مؤخراً، اتخذت بلجيكا خطوة مهمّة في هذا الاتجاه، فقد أعادت (16) طفلاً و(6) أمّهات هم أفراد عائلات جهاديين جميعهم بلجيكيون من مخيم الهول، وفقاً لوكالة "فرانس برس".

وأشارت النيابة البلجيكية الفيدرالية إلى أنّ جميع الأطفال هم دون الـ 12 من العمر، وأُخرجوا مع النساء الـ6 من مخيم الهول لعبور الحدود العراقية برّاً قبل ركوب الطائرة البلجيكية في أربيل.

 

الجماعات الحقوقية: الظروف البائسة تخاطر بتحولهم إلى شبكة من المتطرفين المصدرين للعنف والغضب إلى العالم، على حدّ قول "نيويورك تايمز"

وقالت شبكة الإذاعة والتلفزيون البلجيكية الناطقة بالفرنسية (RTBF) إنّه تمّت إدانة هؤلاء الأمهات في بلجيكا بتهمة المشاركة في أنشطة مجموعة إرهابية، وتم تسليمهنّ إلى القضاء فور وصولهنّ، بينما يُتوقع أنّ يخضع الأطفال لفحوصات طبية قبل تسليمهم إلى هيئة حماية الشباب.

وتُعدّ بلجيكا إلى جانب فرنسا من بين الدول الأوروبية التي شهدت مغادرة أكبر عدد من مواطنيها للانضمام إلى صفوف المقاتلين الأجانب الجهاديين، بعد اندلاع النزاع في سوريا عام 2011. واعتباراً من 2012 غادر أكثر من (400) بلجيكي إلى سوريا للقتال في صفوف التنظيمات الجهادية.

تضاعف عدد سكان مخيم الهول (7) أضعاف في مطلع 2019

ووفقاً لـ"نيويورك تايمز"، فقد أعادت فرنسا كذلك (16) امرأة و(35) طفلاً، بما فيهم بعض الأيتام. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنّه ما يزال هناك حوالي (165) طفلاً فرنسياً و(65) امرأة في المخيم، إلى جانب حوالي (85) رجلاً فرنسياً.

 مسار بطيء

في حين يمثل العراق المسار الرئيسي لإعادة المقاتلين الأجانب وعائلاتهم إلى أوطانهم، لفتت "نيويورك تايمز" إلى بطء ذلك المسار، حيث بدا العديد من العراقيين أنّهم يعادون ويناهضون السماح لعائلات داعش بالعودة.

وفي مؤتمر معهد الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، قال تيموثي بيتس، القائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية: إنّ العراق أعاد حوالي (600) من مقاتلي داعش و(2500) شخص آخر من الهول.

وسلطت "نيويورك تايمز" الضوء على أنّ العديد من الدول الأوروبية غير راغبة بشكل خاص في استعادة "الرجال"، خشية أن يستمر الحبس في ظل أنظمتها القانونية عدة أعوام فقط.

داعش 2

عودة تنظيم داعش الإرهابي مجدداً بات أمراً أكثر ترجيحاً في حال نفّذ الاحتلال التركي تهديده بشن عملية عسكرية جديدة على شمال سوريا، على حدّ قول الجنرال كلود تيودور جونيور من سلاح الجو الأمريكي، وقائد فرقة العمليات الخاصة التي تعمل على هزيمة داعش في العراق وسوريا، الذي قال: "إذا وقع هجوم تركي، فمن المحتمل أنّ يكون لدينا داعش 2".

وحذّر جونيور من أنّ مسلحي داعش قد "يحاولون إعادة توحيد صفوفهم مرة أخرى عبر الهروب الجماعي من السجون"، مضيفاً: "نعتقد أنّ داعش يتطلع إلى مهاجمة سجن آخر أو القيام بشيء ما في الهول".

 

جونيور: عودة داعش مجدداً بات أمراً أكثر ترجيحاً، في حال نفذت تركيا تهديدها بشن عملية عسكرية على شمال سوريا

يأتي ذلك في سياق تحذيرات "نيويورك تايمز" من أنّ الوضع الأمني في مخيم "الهول" قد يزداد "سوءاً" قريباً، حيث يعتبر الاحتلال التركي القوات الكردية المعروفة بـ "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مرتبطة مع حزب "العمال الكردستاني" الذي يلاحقه نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفي قول آخر "خليفة المسلمين".

وكان أردوغان، الذي ينصّب نفسه ذاتياً خليفة للمسلمين، ويحلم بإعادة إحياء إمبراطورية عثمانية تؤول خلافتها إليه، قد أعلن مطلع حزيران (يونيو) الماضي أنّه يخطط لعملية عسكرية وشيكة بعمق (30) كيلو متراً داخل الأراضي السورية واحتلال أراضٍ سورية جديدة، بذريعة إقامة ما يُطلق عليه "المنطقة الآمنة" لإعادة اللاجئين السوريين في تركيا إلى وطنهم مرة أخرى.

مواضيع ذات صلة:

هل لهجوم داعش على مخيم الهول علاقة بالحرب في أوكرانيا؟

فوضى وانفلات أمني وتجنيد.. مخيم الهول "قنبلة موقوتة" تُهدّد المنطقة

هل تحول مخيم الهول إلى ملجأ لتفريخ الإرهاب؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية