مرض "الكوليرا" يتفشى بشمال سوريا في أعقاب الزلزال المدمر... ما التفاصيل؟

مرض "الكوليرا" يتفشى بشمال سوريا في أعقاب الزلزال المدمر... ما التفاصيل؟

مرض "الكوليرا" يتفشى بشمال سوريا في أعقاب الزلزال المدمر... ما التفاصيل؟


05/03/2023

تتزايد المخاوف الدولية من عدم القدرة على احتواء أزمة تفشي مرض الكوليرا بعدة مناطق في الشمال السوري، في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في 6 شباط (فبراير) الماضي، بعد الإعلان رسمياً من جانب الأمم المتحدة عن تفشي "الوباء الفتاك" الأسبوع الماضي، وقد دعت المنظمة كافة الدول لتنسيق تعاون مشترك لتقديم مساعدات عاجلة لملايين المتضررين جراء الزلزال في شمال سوريا.

وأكد وكيل أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث الثلاثاء تفشي مرض الكوليرا بشمال سوريا في أعقاب الزلزال، موجهاً دعوة عاجلة لتكثيف المساعدات المقدمة إلى السوريين المتضررين، بحسب ما أفادت به شبكة "سكاي نيوز".

ضرورة مُلحّة لتكثيف الدعم الإنساني

خلال الاجتماع الذي عقد لمناقشة تداعيات الأزمة الإنسانية في الشمال السوري الثلاثاء دعا مارتن غريفيث منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة إلى زيادة الدعم الدولي لسوريا لتلبية الاحتياجات المتزايدة، بعد أن أدى الزلزال فيها إلى كارثة تضاف إلى الأزمة التي كانت تمر بها بالفعل بعد (12) عاماً من الصراع المسلّح.

ومن جهته، قال غير بيدرسون المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا: إنّ الزلازل التي ضربت سوريا وتركيا مؤخراً تسببت في معاناة تفوق الوصف بالنسبة إلى ملايين الأشخاص، مشيراً إلى أنّ السوريين الذين تأثروا في كلا البلدين كانوا بالفعل يقبعون في براثن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في هذا القرن.

إبراهيم شيخو: وباء الكوليرا كان موجوداً ومنتشراً في مناطق عديدة من شمال سوريا قبل أزمة الزلزال المدمر

وقدّم بيدرسون إحاطة لمجلس الأمن، شدد فيها على أنّ الأولوية العاجلة هي الاستجابة الإنسانية الطارئة للسوريين المتأثرين بالزلزال أينما كانوا، مشيراً إلى أنّ العاملين في المجال الإنساني يعملون على مدار الساعة لتوسيع نطاق الاستجابة.

وحثّ المبعوث الأممي كافة الأطراف على نزع الطابع السياسي عن الاستجابة الإنسانية دعماً للواجب الإنساني.

إبراهيم شيخو: البنية التحتية تضررت كثيراً نتيجة الزلزال المدمر، حيث لجأ المتضررون إلى الملاجئ والمخيمات التي تعاني من مشكلات التلوث وانعدام الخدمات الصحية؛ ممّا أدى إلى تفشي الكوليرا

وقال المبعوث الأممي: إنّ السوريين في الشمال الغربي، ولا سيّما في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، أعربوا عن إحباطهم الشديد إزاء عدم قدرة المجتمع الدولي على تقديم المساعدة العاجلة لهم في الأيام التي أعقبت الزلازل، بحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة.

وأشار إلى أنّ الزلازل ضربت السوريين بينما كانت احتياجاتهم في أعلى مستوياتها، وبينما كانوا يعانون من ندرة في الخدمات، وبينما كان اقتصادهم في أدنى مستوياته، وفي وقت تضررت فيه البنية التحتية بشدة.

وأضاف أنّ هذه الزلازل أصابت العديد من المناطق التي يعيش فيها اللاجئون والمشردون داخلياً، وفي المناطق التي تعرضت لأضرار جسيمة بسبب الحرب أو ما تزال ترزح تحت ظروف النزاع الحادة.

ماذا يحدث في الشمال السوري؟

يقول المتحدث باسم منظمة حقوق الإنسان في عفرين إبراهيم شيخو: إنّ وباء الكوليرا كان موجوداً ومنتشراً في مناطق عديدة من شمال سوريا قبل أزمة الزلزال المدمر، وكان ينتشر بشكل كبير خلال فصل الصيف، خاصة في مدينة حلب وريفها، لكنّ أعداد الإصابات كانت قد  شهدت انخفاضاً ملحوظاً خلال الشتاء الماضي.

وفي تصريح لـ "حفريات"، يشير شيخو إلى أنّ الكارثة التي حلت بشمال غرب سوريا تسببت في عودة انتشار المرض بشكل كبير، خاصة أنّ البنية التحتية قد تضررت بشكل كبير نتيجة الزلزال المدمر، ولجأ المتضررون إلى الملاجئ والمخيمات، التي تعاني مشكلات التلوث وانعدام الخدمات الصحية، ممّا أدى إلى تفشي الوباء.

ويشير شيخو إلى انتشار المرض بشكل كبير في مناطق ريف إدلب، وريف حلب، وأيضاً بمنطقة الشهباء، شمالي حلب، وبخصوص أعداد الحالات يقول إنّها تجاوزت المئات حتى الوقت الراهن، وربما تزيد أيضاً بسبب سوء التغذية وعدم توافر الخدمات الصحية.

 الزلازل ضربت السوريين بينما كانت احتياجاتهم في أعلى مستوياتها، وبينما كانوا يعانون من ندرة في الخدمات

ويقول شيخو: إنّه مع استمرار عدم السماح بدخول المساعدات الأساسية والطبية اليومية للأهالي في تلك المناطق، يبقى الوضع الوبائي قابلاً للانفجار في أيّ لحظة.

ويدعو شيخو أيضاً إلى ضرورة التعاطي الإنساني مع الأزمة الراهنة في منطقة الشمال السوري وفصلها عن الجانب السياسي، وهو الدور المنوط  بالمنظمات الدولية، المعنية بالأمر وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية.

عودة إلى أسباب انتشار الكوليرا في شمال سوريا

من جهته، يقول زبير حسان، رئيس مؤسسة شمال الخيرية لـ "حفريات": إنّ التلوث وسوء التغذية يمثلان أبرز الأسباب التي أدت إلى تفشي وباء الكوليرا في مناطق عديدة بالشمال السوري في أعقاب الزلزال المدمر. 

ويشير سرحان أيضاً إلى تلوث المياه بشكل خاص، باعتباره سبباً أدى إلى انتشار المرض الفتاك بالبلاد خلال الأعوام الماضية، وربما يتسبب في زيادة أعداد الإصابات بشكل كبير خلال الأسابيع المقبلة، في ضوء أزمة الزلزال والنقص الشديد في المساعدات الإنسانية والطبية.  

المرض انتشر بشكل كبير في مناطق ريف أدلب وريف حلب، ومنطقة الشهباء، شمالي حلب، وبخصوص أعداد الحالات يقول شيخو: إنّها تجاوزت المئات حتى الوقت الراهن، وربما تزيد أيضاً بسبب سوء التغذية وعدم توافر الخدمات الصحية

ويقبع آلاف الأشخاص في مخيمات، تسيطر على معظمها القوات التركية التي تحتل مناطق من شمال سوريا، ويواجهون ظروفاً صعبة بسبب انقطاع المياه بشكل كامل، ويجدون أنفسهم مضطرين لاستخدام مياه غير صالحة للاستخدام الآدمي، بحسب سرحان.

 ويشير سرحان إلى أنّ كافة المناطق في شمال سوريا تعاني تلوثاً شديداً، خاصة أنّها مناطق نفطية يجري فيها تكرير النفط بطرق تقليدية تُسمّى "المحارق"، تتسبب في تلوث شديد جداً للهواء والمحاصيل الزراعية.

 كافة المناطق في شمال سوريا تعاني تلوثاً شديداً

وقد ورد في تقرير صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي أنّ التفشي الحالي تفاقم بسبب "النقص الحاد" للمياه العذبة النظيفة في أنحاء البلاد، وفق وكالة "فرانس 24".

 وكان مصدر في منظمة الخوذ البيضاء قد قال لوكالة "رويترز" الثلاثاء: إنّ شخصين توفيا بسبب الكوليرا بمنطقة شمال غرب سوريا، في أعقاب الزلزال الذي ضرب تركيا أيضاً.

زبير سرحان: التلوث وسوء التغذية يمثلان أبرز الأسباب التي أدت إلى تفشي وباء الكوليرا في مناطق عديدة بالشمال السوري في أعقاب الزلزال المدمر

وقالت منظمة الخوذ البيضاء: إنّ العدد الإجمالي المسجل للوفيات جراء الكوليرا في شمال غرب البلاد منذ تفشي الوباء العام الماضي، ارتفع إلى (22) حالة وفاة، مع تسجيل (568) حالة إصابة لا تهدد الحياة.

وكتبت المنظمة في تغريدة: "زاد دمار البنية التحتية وخطوط المياه والصرف بعد الزلزال من احتمال تفشي الوباء".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية