مستر جيف وصدام السوداني.. عن الإنسانية أتحدث

مستر جيف وصدام السوداني.. عن الإنسانية أتحدث

مستر جيف وصدام السوداني.. عن الإنسانية أتحدث


11/10/2022

قصة بسيطة جداً وقعت في أحد مراكز اللغة الإنجليزية بالعاصمة الأردنية عمان، لكنها على بساطتها تجسد جانباً كبيراً من معاني الإنسانية، والمحبة والتعايش، لامست روحاً فقدت رونقها، بسبب الإرهاب والعنف والكراهية والقتل والتشريد؛ روحاً تتقاذفها أمواج الحياة بين "مد" العطاء والمحبة والإنسانية التي يمثلها  (jeff haase بطل قصتي،  وبين "جزر" الهجرة واللجوء والبحث عن فرصة أفضل للحياة دون سفك للدماء، وعنف، ويجسدها اللاجئ الدارفوري صدام موسى.

بدأت القصة عندما سأل الأستاذ جيف صدام، خلال دروس تقوية للغة الإنجليزية عن تاريخ مولده، ليتفاجأ بأنه لا يعرفه ولم يحتفل به يوماً، بحجة أنه غير مهم بالنسبة إليه، أو بالأحرى التقاليد السائدة في بلده لا تعير أي اهتمام لمثل هذه  المناسبات وتَعُدّها ترفاً، ليتخذ جيف على الفور قراراً بأن يكون يوم الإثنين الموافق 10 تشرين الأول (أكتوبر) أول عيد ميلاد يحتفل به صدام، وهو بعمر الـ29 عاماً، بمباركة من الزملاء المشاركين في دروس التقوية.

أول عيد ميلاد يحتفل به صدام، وهو بعمر الـ29 عاماً، بمباركة من الزملاء المشاركين في دروس التقوية.

صدام الذي هرب من هول الحروب والاقتتال والاضطهاد في بلاده، بحثاً عن حياة بعيدة عن أصوات الرصاص والتفجيرات، وعن أسوار المعسكرات وتحشيد الميليشيات، لاجئاً إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في عمّان،  لم يصدق في بادئ الأمر أنه سيعيش تجربة عيد الميلاد التي سمع عنها طوال حياته لتنهمر دموعه بشكل عفوي، وتعبر ملامحه عن امتنانه لمستر جيف، ولكل من شاركه الحلم البسيط الذي أصبح حقيقة وذكرى جميلة تزاحم ذكريات البؤس والفقر والقتل والدم.

موقف مستر جيف لم يفاجئني، حيث  رأيت فيه منذ عرفته الإنسان الملهم وقلتها له بلغتي الإنجليزية المتواضعة ""you are inspiring ليتحول بالفعل إلى أحد المؤثرين في حياتي الخاصة والمهنية، بثقافة التطوع الجميلة التي ينتهجها هو وزوجته، اللذان يعملان بتفانٍ لكي يدخلا السعادة والسرور الى قلوب جفّت لأعوام .

جيف وزوجته

(mr jeff) لم يسأل صدام عن دينه أو معتقداته؛ بل تعامل معه بمبادئ الإنسانية السامية التي تعلو فوق أي اختلاف أو خلاف ديني .

أشكر الظروف التي جمعتني بهذا الإنسان الحقيقي، جيف، الذي أينما يحل أمثاله يتركون أثراً كبيراً على المحيطين بهم، إنّه من الأشخاص الذين نتمنى أن نكون قد عرفناهم منذ زمن.

مواضيع ذات صلة:

- الروحانية الإنسانية: هل هي مفهوم عابر للأديان؟

- كيف شخّص ماركس علاج اغتراب الإنسانية؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية