مشروع لتطوير قطاع الزراعة بمصر... كيف يجد حلولاً للأزمة الاقتصادية؟

مشروع لتطوير قطاع الزراعة بمصر... كيف يجد حلولاً للأزمة الاقتصادية؟

مشروع لتطوير قطاع الزراعة بمصر... كيف يجد حلولاً للأزمة الاقتصادية؟


14/01/2023

في ضوء أزمة اقتصادية معقدة، يتجه ثقل قطاع الإنتاج في مصر نحو الاستثمار الزراعي باعتباره ركيزة محورية لزيادة الناتج المحلي، ممّا سيسهم بشكل مباشر في تعويض عجز الموازنة العامة، وتحقيق معدلات متنامية للصادرات، بما سينعكس على السوق المحلي بعدد من المزايا أهمّها توفير العملات الأجنبية وتقليل نسب البطالة.

وخلال العام الماضي 2022 وحده نفذت وزارة الزراعة المصرية أرقاماً قياسية في نسبة الأراضي المستصلحة ومعدلات الإنتاج من مختلف المواد الغذائية، لعل أبرزها كان مشروع الدلتا الجديدة، الذي يُعدّ أضخم مشروع استصلاح في المنطقة بتكلفة مبدئية (300) مليار جنيه، فضلاً عن استصلاح (350) ألف فدان في مشروع مستقبل مصر نواة الدلتا الجديدة، والاستمرار في مشروع تنمية الريف المصري لاستصلاح وزراعة (1.5) مليون فدان.

وتطمح الحكومة المصرية إلى التوسع في مجال الإصلاح والتنمية الزراعية خلال العام الجاري 2023، ضمن استراتيجية التنمية المستدامة 2030، التي تستهدف الاستفادة من التكنولوجيا لزيادة الإنتاج والاستخدام الفعال للموارد المائية.

اهتمام حكومي بارز بالقطاع الزراعي

يقول الباحث بوحدة الاقتصاد ودراسات الطاقة أحمد بيومي: إنّ الاهتمام الحكومي بالاستثمار في القطاع الزراعي برز في الأعوام الأخيرة، حيث استثمرت الحكومة (14.2) مليار جنيه مصري في قطاع الزراعة والغابات ومصايد الأسماء، وبذلك تكون استثماراتها تخطت استثمارات القطاع الخاص التي بلغت (13.3) مليار جنيه خلال عام 2020.

ووفقاً لتقارير البنك المركزي المصري، فقد نمت الاستثمارات في القطاع الزراعي بنسبة تتراوح بين 2.0% إلى 3.9% خلال الـ (8) أعوام الأخيرة.

تطمح الحكومة المصرية إلى التوسع في مجال الإصلاح والتنمية الزراعية خلال العام الجاري 2023

وتستهدف الحكومة زيادة حجم القطاع الزراعي من الناتج المحلي الإجمالي إلى 12% بحلول 2024، وفق بيومي في دراسته المنشورة تحت عنوان: "ماذا تفعل الدولة لتنمية القطاع الزراعي في مصر؟".

ووفقاً للعام المالي 2020، فقد بلغ حجم القطاع الزراعي (445.2) مليار جنيه من إجمالي ناتج محلي إجمالي (4) تريليونات جنيه، أي أنّ حجم القطاع الزراعي بلغ 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وتشير تلك النسبة إلى أنّ البلاد تسير على المسار الصحيح لتحقيق مستهدف القطاع.

دراسة: تستهدف الحكومة زيادة حجم القطاع الزراعي من الناتج المحلي الإجمالي إلى 12% بحلول 2024

لكن ليست تلك هي المستهدفات الوحيدة، فوفقاً لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، من المستهدف أن يزيد حجم القطاع الزراعي بنسبة 30% في الفترة بين 2020/2050، وأن تصل حصة القطاع في الصادرات إلى 25% في عام 2050 من حصة تمثل 17% من الصادرات وفقاً لبيانات عام 2020.

نحو تحقيق اكتفاء ذاتي من المحاصيل

أمّا عن جانب المحاصيل، فقد ارتفع إجمالي الإنتاج، وفقاً للدراسة، بشكل ملحوظ في الأعوام الأخيرة، وخاصة بين الأعوام (2010/2020) الذي بلغت نسبة الارتفاع به 20% وفقاً لبيانات منظمة الأمم المتحدة الأغذية والزراعة (الفاو).

وتُعتبر أهم المحاصيل التي تنتجها مصر هي: قصب السكر بحوالي (16.3) مليون طن، وبنجر السكر بحوالي (10.5) ملايين طن، والقمح بحوالي (9) ملايين طن، والذرة بحوالي (7.5) ملايين طن، والطماطم بحوالي (6.8) ملايين طن، بالإضافة إلى بعض المحاصيل الأخرى الشائعة مثل البطاطس والبرتقال، والبصل، والعنب، والتمر، بحسب الدراسة.

القمح أولوية استراتيجية

تولي الحكومة المصرية اهتماماً خاصاً للمحاصيل الاستراتيجية وفي مقدمتها القمح، خاصة في ضوء التداعيات الناجمة عن الأزمة الأوكرانية التي أثرت بشكل كبير على ارتفاع أسعاره عالمياً وعدم توافره ببعض الأسواق.

تولي الحكومة المصرية اهتماماً خاصاً للمحاصيل الاستراتيجية وفي مقدمتها القمح

وقد خططت مصر لزراعة (3.5) ملايين فدان من القمح في موسم (2021/22)، وهو ما يرفع إنتاج مصر من القمح إلى حوالي (9) ملايين طن، ويحسّن إنتاج مصر من الحبوب بشكل عام ليصل إلى (23.8) مليون طن في عام 2021.

وتضع الحكومة مستهدفاً رئيسياً لتحسين نسبة الاكتفاء الذاتي من محاصيل الحبوب من خلال زيادة نسبتها من 50% من الاستهلاك المحلي في عام 2020 لتصل إلى 65% في عام 2025، من خلال زيادة المساحة المزروعة بالحبوب إلى (3.7) ملايين فدان، ورفع إنتاجية الفدان إلى (3) أطنان من الحبوب مقابل الإنتاجية الحالية التي تبلغ (2.7) طن.

وفقاً لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، من المستهدف أن يزيد حجم القطاع الزراعي بنسبة 30% في الفترة بين 2020/2050، وأن تصل حصة القطاع في الصادرات إلى 25% في عام 2050 من حصة تمثل 17% من الصادرات، وفقاً لبيانات عام 2020

وقد ساهمت تلك الخطط في خفض الاستيراد من القمح في العام 2021 بنحو الثلث، وفي إطار معالجة تشوهات السوق التي خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في شباط (فبراير) الماضي، فقد طبقت الحكومة في آذار (مارس) حافزاً للمزارعين المحليين لتوفير المزيد من القمح، والتي تضمنت شراء القمح بأسعار أعلى، وتقديم حوافز للمزارعين لبيع القمح إلى الحكومة بدلاً من القطاع الخاص.

هذا إلى جانب تنويع مصر لمصادر قمحها المستورد وفتح الباب لدول أخرى للتقدم في المناقصات المصرية، وفي بعض الأحيان إلغاء المناقصات، وهو ما عزز وجود دول أخرى جديدة مثل الهند ضمن الدول التي تعتمد عليها مصر للوفاء باحتياجاتها من القمح، إذ وقعت مصر اتفاقاً مع الهند في أيار (مايو) من العام الحالي لشراء (61.5) ألف طن، وتلقت (63) ألف طن من فرنسا في حزيران (يونيو) الماضي.

الرقمنة... تحدٍّ رئيس أمام تطوير القطاع الزراعي

يتلقى القطاع الزراعي دعماً مستمراً من جانب العديد من الجهات الدولية مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية والذي طور خارطة زراعية لمصر، وتُظهر المشاريع الزراعية الوطنية والدولية في جميع أنحاء البلاد وتوفر معلومات عن تكلفتها ووضعها، ونوع التمويل والجهات المانحة، كما أنّه يوفر العديد من المؤشرات الاجتماعية على مستوى كل محافظة، وفق الدراسة.

ذلك إلى جانب إتاحة محلل بيانات الاستثمار الزراعي في مصر عبر الإنترنت، والذي يوفر خدمات للمستخدمين مثل محاكاة التأثير المباشر وغير المباشر للاستثمار الزراعي على الناتج المحلي الإجمالي والتوظيف وسبل العيش.

يتلقى القطاع الزراعي دعماً مستمراً من جانب العديد من الجهات الدولية

وفي نيسان (أبريل) من عام 2021 نفذت الحكومة المصرية مشروع ألياف بصرية ريفية بقيمة (35) مليار دولار، وقد شهدت المرحلة الأولى منه ربط حوالي (1300) قرية في عام 2021 من مستهدف يبلغ (4500) قرية، أو أكثر من (60) مليون مصري، بهدف تمكينهم من الحصول على خدمات الاتصال، ومن ثم تشجيع استخدام أدوات الزراعة الرقمية.

لكن على الرغم من كل تلك الجهود السابقة، إلا أنّ هناك تحدياً رئيسياً يواجه عملية رقمنة القطاع الزراعي، وهو الافتقار للوعي بفوائد الأدوات الزراعية، حيث لا يفهم المزارعون كيف سيفيدهم إدخال تلك التقنيات الحديثة على العملية الزراعية، لكنّ الجهود الحكومية في نشر الوعي وتجهيز البنية التحتية للقطاع الزراعي وإشراك القطاع الخاص للاستثمار في ذلك القطاع، بالإضافة إلى الاستثمار في الميكنة والرقمنة، سيكون لها دور حاسم في مواجهة تلك التحديات والتغلب عليها.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية