مصر تنفذ أضخم مبادرة حماية اجتماعية في تاريخ البلاد... ما تفاصيلها؟

بهدف تخفيف تداعيات الأزمة الاقتصادية ومواجهة ارتفاع الأسعار، أطلقت مصر أضخم مبادرة للحماية الاجتماعية، الجمعة الماضية، لدعم الأسر الفقيرة بنحو (6) ملايين صندوق مواد غذائية، لمواجهة موجة الغلاء المتفاقمة، خاصة خلال شهر رمضان، الذي يبدأ في البلاد يوم غد الخميس، تزامناً مع وصول التضخم إلى مستويات حادة، تنعكس بشكل كبير على أسعار السلع، تأثراً بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته في احتفالية انطلاق المبادرة التي تحمل اسم "كتف في كتف"، من استاد القاهرة:  إنّها "تهدف إلى المساهمة في تخفيف غلاء الأسعار، نتيجة الأزمة الكبيرة التي يمر بها العالم أجمع ومصر أيضاً".

وأعرب الرئيس السيسي عن شكره لجميع القائمين على المبادرة، وقال: إنّ "الحاضرين يمثلون جميع المصريين باختلاف طبقاتهم، وشريحة من كل المجتمع المصري، من رجال أعمال وقطاع خاص ورجال دولة، يقومون بدور جميل في وقت صعب".

وأضاف أنّ المبادرة ستساهم في التخفيف عن المواطنين، من خلال توزيع (6) ملايين صندوق مواد غذائية، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط.

ما تفاصيل المبادرة؟

أطلق التحالف الوطني للعمل الأهلي (يضم كيانات ومؤسسات مختصة بالعمل المدني) مبادرة الحماية الاجتماعية "كتف في كتف"، بمشاركة من (33) مؤسسة وكياناً، لتقديم الدعم اللازم للأسر الأكثر احتياجاً بجميع محافظات مصر لتخفيف العبء عليهم من حدة الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية، والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في جميع المجالات.

وتتخطى التكلفة الاقتصادية للمبادرة، بحسب صحف محلية، الــ (3) مليارات جنيه، وتم توفير هذا المبلغ من تبرعات المواطنين وتبرعات ومساهمات رجال الأعمال وميزانيات المسؤولية المجتمعية، وكان للمحافظات الأكثر احتياجاً الأولوية في المبادرة.

والهدف الرئيسي من المبادرة توزيع (6) ملايين صندوق مواد غذائية خلال شهر رمضان على الأسر الأولى بالرعاية، أو الأكثر استحقاقاً، بمشاركة كافة المؤسسات المنضوية تحت مظلة التحالف.

وكانت المبادرة قد انطلقت بشكل تجريبي في (16) محافظة خلال الأشهر الماضية، وبالفعل تم توزيع عدد من المواد الغذائية على المستحقين، وبدءاً من الجمعة الماضية باشرت المبادرة توزيع المواد الغذائية في كافة محافظات الجمهورية، وتستمر فاعليتها خلال الأسابيع الأولى من شهر رمضان.

ويشارك في المبادرة نحو (300) ألف متطوع من مختلف محافظات مصر، يعملون على تعبئة وتوزيع المواد الغذائية على المستحقين، وتقديم خدمات أخرى للمواطنين.

خطة عمل استثنائية في رمضان

من المقرر أن تقدم المبادرة خطة عمل متكاملة لتغطية احتياجات كافة الأسر المصرية، التي تعاني جراء الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان، على أن تستمر في تقديم خدمات التكافل والحماية الاجتماعية في عدة قطاعات خدمية.

وحول خطة عمل الحملة خلال شهر رمضان، يقول الدكتور طلعت عبد القوي، رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية وعضو مجلس النواب، وعضو التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، يقول بحسب تصريحاته لموقع "القاهرة 24": سيعمل التحالف من خلال مبادرة "كتف في كتف" على توزيع نحو (6) ملايين صندوق مواد غذائية لنحو (6) ملايين أسرة، من الأسر الأولى بالرعاية، على أن يتم توزيعها بكافة محافظات الجمهورية، بواقع استفادة أكثر من (30) مليون مواطن.

الهدف الرئيسي من المبادرة توزيع (6) ملايين صندوق مواد غذائية خلال شهر رمضان على الأسر الأولى بالرعاية، أو الأكثر استحقاقاً، بمشاركة كافة المؤسسات المنضوية تحت مظلة التحالف

وأشار عبد القوي إلى تنوع الخدمات المقدمة للمواطنين خلال الشهر، ففي حين تعمل بعض الجمعيات على توزيع المواد الغذائية على المواطنين، سيعمل آخرون على تنظيم موائد الرحمن في كافة المحافظات، بحسب المنطقة التي تعمل بها كل مؤسسة وطبيعة احتياجات المواطنين بها. 

وعن آلية اختيار المستفيدين، يقول عبد القوي: إنّه يجري حسب البيانات الحكومية، ووفق قواعد البيانات المتوفرة لدى مشروع حياة كريمة بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي، والتي يتم مراجعتها بشكل دوري، وتقدم تفاصيل دقيقة عن الحالة الاجتماعية لكل أسرة.

سد الفجوة الغذائية ومواجهة نقص السلع

أحد أهم الأهداف للمبادرة الكبرى في تاريخ مصر، بحسب الدكتور مصطفى زمزم رئيس مجلس أمناء مؤسسة صناع الخير، وعضو التحالف الوطني المصري للعمل الأهلي، يتمثل في سد الفجوة الغذائية وتوفير المواد الغذائية للجميع، وأيضاً دعم حركة التجارة، وتدعيم روح التطوع والعمل الخدمي وتنمية المسؤولية الاجتماعية.

وقال زمزم، في تصريحات لبرنامج "المصري أفندي": إنّ المستهدف من مبادرة كتف في كتف كان توزيع (4) ملايين كرتونة غذائية، لكنّ حجم المستهدف ارتفع إلى (6) ملايين كرتونة لتحقيق أقصى استفادة وتغطية أكبر عدد من الأسر التي تحتاج الدعم، مشيراً إلى أنّ عدد المواطنين، المستهدف أن يستفيدوا من هذه المبادرة، يتخطى (30) مليون مواطن.

وطبقاً لهذه الأرقام، ذكر زمزم أنّ هذه المبادرة هي أكبر حدث خيري تشارك فيه (33) مؤسسة وكياناً مجتمعياً تحت مظلة جهة واحدة التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي.

مساعٍ لاستصدار قانون يضمن استمرارية الدعم

النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب المصري، ثمّن جهود العمل الأهلي الجماعي، واعتبر أنّ "خروج مبادرة بهذا الحجم هو انعكاس لتضافر جهود عدد كبير من الجمعيات الأهلية تحولت من العمل الفردي إلى الجماعي تحت مظلة واحدة ممثلة في التحالف الوطني للعمل الأهلي.

وقال رضوان في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط": إنّ "توزيع هذا العدد من المواد الغذائية هو مجرد بداية، غير أنّ المبادرة تستهدف الاستدامة والاستمرارية في الوصول إلى الأسر الأكثر احتياجاً على مستوى محافظات الجمهورية".

مصطفى زمزم: المبادرة هي أكبر حدث خيري تشارك فيه (33) مؤسسة وكياناً مجتمعياً تحت مظلة جهة واحدة التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي

وأشار إلى أنّ "الخدمات لن تقتصر على قطاع الغذاء فحسب، فمن المُخطط أن تمتد الخدمات لتشمل القطاعين الصحي والتعليمي، مع توفير الضمانات لاستمرارية العمل على دعم الأسر المصرية وفقاً لقاعدة بيانات يتم تحديثها على نحو مستمر".

ويتطلع رضوان إلى استصدار قانون منظم للعمل الأهلي، ويقول: إنّه "تقدم من قبل في مطلع العام، وفي حديث أمام الرئيس السيسي، بطلب إصدار قانون من شأنه توفير الضمانات لاستمرارية العمل الأهلي على نحو فعّال ومستدام، حتى لا يخضع الأمر لمنظومة المبادرات ثم تتوقف لأيّ سبب، على أن يسمح هذا القانون بالمشاركة الفردية، أو في إطار نماذج الجمعيات الأهلية، لتحقيق منظومة عمل لا تتوقف".