من إسطنبول إلى لندن وهرجيسيا... الصراع على جسد إخوان مصر المفكك

من إسطنبول إلى لندن وهرجيسيا... الصراع على جسد إخوان مصر المفكك

من إسطنبول إلى لندن وهرجيسيا... الصراع على جسد إخوان مصر المفكك


16/01/2023

تستعد جبهة محيي الدين الزايط بعد أيام قليلة للإعلان عن نائب المرشد الجديد خلفاً للراحل إبراهيم منير، والذي من المرجّح أن يكون (صلاح عبد الحق)، بعد صراع داخلي كبير داخل أروقة جماعة الإخوان الداخلية، وشد وجذب بين الأطراف المتصارعة على المنصب، سواء من قبل محمود حسين الذي نصّب نفسه باعتباره عضو مكتب الإرشاد الوحيد خارج مصر، أو بالنسبة إلى رفاق منير، الذين خشوا من تولي المنصب مثل محمد الدسوقي ومحمد البحيري، أو من رفضوا تولية حلمي الجزار رغم دعم الشباب له.

بداية الصراع من الدوحة

قبل وفاة نائب المرشد إبراهيم منير بأيام معدودة، ووفق مصادر "حفريات" الخاصة، قامت قناة "الجزيرة" القطرية بإجراء حوار مطول بين إبراهيم منير ومحمود حسين، كان الأخير مقنعاً فيه إلى حد كبير، وهو ما جعل إدارة القناة ترفض إذاعته حتى الآن؛ فحسين ومنذ فترة ليست بالقصيرة لا يتلقى أيّ معونة من القطريين لأسباب كثيرة؛ أهمها حرص الدوحة على توحيد الجماعة، ورفضه للمصالحة مع الجبهات الأخرى، وعلاقته بالاستخبارات التركية التي تدعم جبهته بشكل كبير.

 توفي منير بعد فشل حوار "الجزيرة" بأيام، واشتعل الصراع بين الجبهات، وقبل إعلان محمود حسين نفسه قائماً بأعمال المرشد، أطلق تيار التغيير وثيقته الشاملة، وأقام مؤتمراً لم يخلُ من تلميحات وخلافات بشأنه، سواء مع السلطات التركية، أو مع بعض المشاركين الذين انقسموا ما بين داعمين للجبهة الكمالية، أو رافضين لها.

ووفق مصادر "حفريات" الداخلية، فإنّه على الطرف الآخر فشلت الانتخابات الداخلية في حسم القيادة لحلمي الجزار، الذي أيده قطاع كبير، خاصة من الشباب، ومنهم: عمار فايد، وهيثم سعد، أو القيادي علي بطيخ، المنتقل إلى الجبهة بعد أعوام من بقائه مع الكماليين، أو السعدني أحمد، ومحمد عبد الوهاب، الرجل الغامض، وكثير التنقل بين جبهات الجماعة.

تستعد جبهة محيي الدين الزايط بعد أيام قليلة للإعلان عن نائب المرشد الجديد خلفاً للراحل إبراهيم منير

أعلنت جبهة منير تعيين محيي الدين الزايط قائماً لفترة مؤقتة، بعد أن حاز على رضا العديد من الأفراد، ومنهم محمود الإبياري الموكل إليه القيام بأدوار كبيرة في أمانة التنظيم الدولي، والشاب صهيب عبد المقصود الذي يلقبونه بـ (خليفة خيرت الشاطر).

قررت جبهة الراحل منير البحث عن شخصية مقنعة ومرضية لكل أطراف الجماعة؛ فالزايط وفق عناصر بهذه الجبهة لم يكن عليه إجماع، كما أنّه رجل نمطي للوائح الجماعة، ولا يتميز بالمرونة الكافية، أو رضا المجموعات الباقية، وأمّا حلمي الجزار، فهو امتداد لتيار عبد المنعم أبو الفتوح، وهي مجموعات غير مرضي عنها من قبل عناصر الحرس التنظيمي القديم؛ إذ إنّه يؤمن بتحويل الجماعة إلى تيار ونظام بلا تنظيم، يتحرك وفق أضلاع (5)، وهي: الإيديولوجيا والتنظيم الميداني والمستقلون والمدخل الإيديولوجي والجناح السياسي، كما انفردت "حفريات" عام 2018 بالتفاصيل كاملة، وهو ما يرفضه التنظيميون، الذين يريدون إبقاء الجماعة وفق (الشكلانية) القديمة لها، مستندين إلى (اللوائح) وسيرة المؤسسين.

رفض القيادي محمد الدسوقي، والحاج محمد البحيري، ولكلّ منهما حجته المختلفة، ومنها كبر السن، على سبيل المثال، أو حرصهما على استثماراتهما المالية الضخمة، خاصة في هرجيسيا عاصمة صوماليلاند، التي يستثمر فيها إخوان الكويت ملايين الدولارات، وأصبحوا واجهات خلفية للعناصر المصرية، ومنهم محيي الدين الزايط، أو حلمي الجزار، ومحمد البحيري، أو غيرهم، الذين يستثمرون في القطاع الصحي،  إلا أنّهم إضافة إلى الزايط يرون أنفسهم أقل من هذا المنصب، وأنّهم لو وافقوا على (الولاية للجماعة) سينكشفون أمام (شلة) محمود حسين، وهم عناصر بارعون في استخدام السوشيال ميديا، ويتقاضون أجوراً كبيرة لترويج رؤية محمود حسين، ومنهم على سبيل المثال (إبراهيم فودة)، المنشد الديني، الموكلة إليه مهمة تتعلق بترويج رؤية هذه الجبهة نظير أجر ثابت، وإضافة إلى ما سبق فإنّ هذه الشخصيات مجتمعة يرون في أنفسهم أنّهم لن يحوزوا على رضا (الصف).

صلاح عبد الحق في الصورة

عقب فشل المداولات أعلنت الجبهة التي يقودها مؤقتاً محيي الدين الزايط أنّ خليفة إبراهيم منير سيتم الإعلان عنه عقب انتهاء مباريات كأس العالم، وكانت هذه حجة منطقية للتغطية على الفشل في حسم الأمر، في وقت جابه فيه محمود حسين ذلك بإعلانه أنّه تقدم بمبادرة للمّ الشمل، وكان الرفض من المحيطين بالزايط، ثم إعلانه أنّه قائم بأعمال مرشد الجماعة استناداً إلى اللوائح التنظيمية.

في هذا التوقيت أيضاً فشل قادة التنظيم الدولي، وعلى رأسهم عبد الله بن منصور، في رأب الصدع بين قيادات الجماعة، في اجتماعات خلفية وغير مرئية ظاهرياً، مرة في تأبين الشيخ يوسف القرضاوي في إسطنبول، أو في اجتماعهم الدوري أيضاً في إسطنبول لمناقشة تطورات أوضاع التنظيم الدولي، خاصة في أوروبا.

قبل وفاة إبراهيم منير بأيام معدودة قامت قناة الجزيرة القطرية بإجراء حوار مطول بينه وبين محمود حسين

فجأة تسربت الأنباء عن انتقال صلاح عبد الحق، القيادي الإخواني الذي يبلغ من العمر (80) عاماً، والمقيم في المملكة العربية السعودية، وزوج ابنته القيادي الإخواني السوري عبد الرحمن رأفت الباشا، إلى إسطنبول ليقود جبهة الراحل منير، وقد انفردت "حفريات" بتفاصيل عودته، وساعتها تم طرح أسئلة من قبل العناصر الوسيطة في الجماعة: لماذا عاد صلاح عبد الحق؟ هل ستؤثر عودته على استثماراته؟ هل هي مصادفة أن ينتقل مصطفى طلبة، قائد مجموعة محمود حسين السابق، وعبد الحق من المملكة؟

بدأ صلاح عبد الحق يقوم بعمل جلسات في تركيا ولندن وهرجيسيا بأرض الصومال من أجل استكشاف ما كان يحصل، وأسباب الخلاف وتطوراته، وفي التوقيت نفسه قامت جبهة الزايط بعمل جلسات لتوضيح الرؤية في الأماكن نفسها للردّ على ما كان يقوله إبراهيم منير من انسحاب الجماعة من الصراع على السلطة، وأنّهم لن ينسحبوا كما كان يقال!

هل تحيي الانشقاقات الجماعة؟

تردد صلاح عبد الحق في تولي قيادة الجماعة، ورفض الرجل، وفق مقرّبين منه، أن تكون له الولاية على الجماعة إلا حينما يفهم أصل الخلاف؛ لأنّه أدرك أنّ مجموعة الراحل منير أخفوا عنه تفاصيل كثيرة، وبعد أن وافق على تولي المهمة، عاد ورفض بحجة فهم الخلاف ورأب الصدع حتى يحسم قراره في النهاية.

أدركت جبهة محمود حسين ما تعانيه الجبهة الكبيرة الأخرى، وبدأت كل مجموعاتهم المغلقة على الواتساب وتليجرام ومواقع التواصل الأخرى تتحدث عن اللوائح وأحقّية من يتولى، والمؤامرة لتفكيك الجماعة من قبل النظام المصري أو دول أخرى.

في المقابل، بدأ المحيطون بالزايط ترويج رواية تتحدث أنّ قادة التنظيم الدولي يدعمون تولي صلاح عبد الحق، ثم أخيراً تسريب رسالة من خيرت الشاطر عن طريق شقيقه، من داخل السجن، يدعم فيها تولية عبد الحق، ويهاجم محمود حسين ويعتبره مفرقاً للتنظيم وسبباً في إشكالياته الأخيرة، وكذلك تزكية من محمود عزت، من داخل السجن، رغم أنّه ومن رابع المستحيلات تسريب مثل هذه الرسائل من سجن العقرب المتواجد فيه الشاطر. 

وتحركت جبهة محمود حسين ورجاله الذين يتقاضون أجوراً شهرية للدفاع عنه، وكتبوا أنّ هناك تدليساً باسم السجون، وباسم مجلس شورى التنظيم العالمي، واندلع الصراع الكبير من جديد.

مع اندلاع هذا الصراع تستعد جبهة الراحل منير للإعلان عن خليفة الرجل، الذي رحل وتركها ممزقة، إلا أنّ هذا التمزق يعطيها مزيداً من الحيوية، والظهور الإعلامي، والبروز في الواجهة كل فترة، والنشاط من كل فريق على حدة، وهو ما يرجح أن تبقى الجماعة على هذه الحال، وتصنع هي انقساماتها، حتى لو تولى حلمي الجزار أو صلاح عبد الحق.

الصفحة الرئيسية