من شرم الشيخ إلى بقية المحافظات.. مصر تنطلق نحو إستراتيجية المدن الخضراء

نجحت الحكومة المصرية قبيل انعقاد فعاليات مؤتمر المناخ (كوب 27) في تحويل مدينة شرم الشيخ السياحية التي تسضيف المؤتمر إلى مدينة خالية من الانبعاثات، تعتمد سبل الاستدامة وخالية من النفايات البلاستيكية، أو ما يُعرف باسم "المدينة الخضراء"، وتأمل الحكومة بتوسيع المشروعات البيئية التي جرى تطبيقها بشرم الشيخ على عدة محافظات بهدف مواجهة التحديات الناجمة عن التغيرات المناخية وتهدد العالم بشكل كبير، ومن المتوقع أن تبدأ خطط الحكومة في هذا الصدد من محافظة الإسكندرية الساحلية، التي تواجه تأثيرات مباشرة تتعلق بمخاطر تغير المناخ.

وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي مدينة شرم الشيخ خالية من الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، وقالت وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد: إنّ الحكومة نفذت في إطار خطتها عدداً من الآليات؛ أهمها تنظيم ورش عمل للتوعية بخطر استخدام البلاستيك، وتدشين حملات توعية للمواطنين وأصحاب المحلات التجارية والمطاعم بالمدينة لرفع الوعي البيئي، إضافة إلى توفير بدائل آمنة للمواد البلاستيكية، بحسب شبكة "سكاي نيوز".

ولا يتوقف طموح الحكومة المصرية في التحول نحو الاستدامة الخضراء عند مدينة شرم الشيخ، بل تعمل الحكومة على تنفيذ حزمة من المشروعات بمختلف المدن تستهدف التحول تدريجياً إلى مناطق نظيفة، وصديقة للبيئة.

ما هي المدن الخضراء؟

المدن المستدامة أو الخضراء هي مدن صديقة للبيئة، تتوازن فيها الطاقة الاستيعابية للموارد والنظم البيئية المحلية، عن طريق رفع كفاءة استخدام الموارد، وتحقيق الحد الأدنى من المخرجات الملوثة، حتى يتسنى للنظام الإيكولوجي تجديد نفسه، ومنع التلوث بتقليل المخلفات التي يمكن للطبيعة استقبالها، بحسب تعريف صحيفة الأخبار المصرية.

ما أبرز المدن المصرية في خطة التحول إلى الأخضر؟

يدعم البنك الأوروبي بالتعاون مع الحكومة المصرية برنامج التحول إلى مناطق صديقة للبيئة في (4) مدن مصرية؛ هي: وسط القاهرة، والإسكندرية، وبورسعيد، وأسوان، بالإضافة إلى مشروع تحويل مدينة "6 أكتوبر" بمحافظة الجيزة بالكامل إلى مدينة خضراء وهذا البرنامج جرى توقيعه في أيلول (سبتمبر) الماضي.

الحكومة المصرية تعمل على تنفيذ حزمة من المشروعات بمختلف المدن تستهدف التحول تدريجياً إلى مناطق نظيفة، وصديقة للبيئة، على غرار مدينة شرم الشيخ "الخضراء"

 الحكومة المصرية تصنف العاصمة الإدارية الجديدة، شرق القاهرة، منطقة صديقة للبيئة لعدة أسباب؛ أبرزها اعتماد منظومة المخلفات وإعادة التدوير، وتصميم مبانٍ صديقة للبيئة، والتحول الرقمي داخل كافة المؤسسات الحكومية لتقليل النفايات، واعتماد آليات للتخلص الآمن من النفايات، والاعتماد على الطاقة الشمسية لتكون أهم مصادر الطاقة داخل معظم المباني.

ويعمل برنامج البنك الأوروبي للإعمار والتنمية على تنفيذ مجموعة مشروعات جرى توقيعها مع الحكومة المصرية مطلع العام الجاري، تستهدف محافظتي القاهرة والإسكندرية بشكل أساسي حتى عام 2024، باعتبارهما الأكثر تضرراً من الانبعاثات والتلوث.

ويستهدف برنامج البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية "المدن الخضراء" مساعدة المدن على مواجهة التحديات البيئية وتحسين جودة الحياة، ومكافحة آثار تغير المناخ، من خلال خطة عمل يتم تنفيذها بالتعاون مع الحكومة المصرية، للتحول نحو المدن الخضراء، وإتاحة التمويلات الخضراء للمشروعات المستهدف تنفيذها في مختلف المجالات.

ويوفر برنامج المدن الخضراء التابع للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية التمويل والاستثمارات اللازمة لتتحول المدن إلى خضراء، من خلال تمويلات تصل إلى (2.5) مليار يورو، لا سيّما أنّ ( 75%) من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تأتي من المدن، وهو ما يعكس أهمية البرنامج في مكافحة التغيرات المناخية. ومن خلال الدعم الذي يوفره البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والجهات الدولية المشاركة في البرنامج، تضع كل مدينة داخل برنامج المدن الخضراء، خطة عمل واضحة محددة وفقاً للأولويات الخاصة بمواجهة التحديات البيئية الأكثر إلحاحاً.

18 مشروعاً للتنمية الخضراء بمختلف محافظات مصر

في إطار خطة مصر للتحول الأخضر، أعلنت المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية بمصر يوم الأربعاء الماضي فوز (18) مشروعاً من كافة محافظات الجمهورية كأفضل المشروعات من إجمالي (6281) مشروعاً، وذلك في احتفال أقيم بحضور رئيس مجلس الوزارء الدكتور مصطفى مدبولي وبحضور وزراء التخطيط والتنمية المحلية ورئيس المجلس القومي للمرأة وممثلي المنظمات الدولية، إضافة إلى إيلينا بانوفا الممثل المقيم للأمم المتحدة في مصر.

يدعم البنك الأوروبي بالتعاون مع الحكومة المصرية برنامج التحول إلى مناطق صديقة للبيئة في (4) مدن مصرية؛ هي: وسط القاهرة، والإسكندرية، وبورسعيد، وأسوان

وفي السياق، قال الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 27) والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل أجندة (2030) للتنمية المستدامة: إنّ المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية واحدة من (3) مبادرات مهمة تبنتها الرئاسة المصرية ولم يسبقنا إليها أحد، وستكون المبادرة حدثاً سنوياً، إضافة إلى مبادرة إعداد قائمة من مشروعات الأقاليم الـ (5) عالمياً، وهي مبادرة فريدة أيضاً تبنتها الرئاسة المصرية، والمبادرة الثالثة هي مساندة الجامعات المصرية ومراكز البحوث في الابتكار والبحث للمشروعات المرتبطة بالعمل المناخي، موجهاً الشكر في هذا الصدد لكل الجامعات المصرية ومراكز البحوث لدعم مبادرة المشروعات الخضراء الذكية.

وأوضح محيي الدين في بيان وصل "حفريات" نسخة منه أنّ "المبادرات الخضراء والذكية مرتبطة بالتنمية المستدامة في مصر، مشيداً بقرار رئيس الوزراء لدعم هذه المبادرة وإقامتها سنوياً، موضحاً أنّ مصر تتمتع بالقدرة على المنافسة والاستقرار والقدرة على التجاوب مع المبادرات العالمية مثل هذه المبادرة، وقد اتضح هذا جلياً مع عدد المشروعات التي تقدمت لها".

وأضاف أنّ "هذه المبادرات، التي تستهدف التحول إلى بيئة خضراء صديقة، تأتي ترجمة لأهداف توطين التنمية المستدامة (2030)، وعلى مستوى الاستثمار فهناك فرص كبرى لهذه المشروعات التي تقدمت في المسابقة للتعاون مع اتحاد الصناعات والبورصة والمؤسسات الدولية للخروج بها إلى آفاق أوسع".

وأكد أنّ هذه المبادرات تتيح وضع خريطة ديناميكية  للاستثمار في المحافظات المصرية،  كما أنّها فرصة لزيادة الاستثمار والتصدير، وتحقيق المزيد من التطوير والابتكار، في ضوء اقتصاد تنافسي صديق للبيئة، وأنّ هناك فرصة لنقل هذه المبادرة من إطارها المحلي إلى الآفاق الدولية.

مواضيع ذات صلة:

- مؤتمر المناخ في شرم الشيخ: أفريقيا الأقل انبعاثات والأكثر ضرراً

- أوروبا على صفيح ساخن... حيرة بين خطط المناخ وتأمين إمدادات الطاقة

- بالتزامن مع "كوب 27"... ما أبرز المشروعات المصرية في المجال البيئي؟