من هو القيادي زكور الذي خانته تركيا وأدانته أمريكا؟

من هو القيادي زكور الذي خانته تركيا وأدانته أمريكا؟

من هو القيادي زكور الذي خانته تركيا وأدانته أمريكا؟


07/06/2023

استنكر القيادي في "هيئة تحرير الشام"، صاحبة النفوذ العسكري في إدلب، أبو أحمد زكور، المعروف بعمر أو جهاد الشيخ، العقوبات الأمريكية التي فُرضت عليه، معبراً عن استغرابه من إدراج اسمه بتصنيفات مرتبطة بمكافحة الإرهاب.

وقال القيادي عبر سلسلة تغريدات في "تويتر"، الأربعاء الماضي، إنّ العقوبات المالية الصادرة بحقه، "لا معنى لها"، وإنه لا يملك دولاراً واحداً خارج سوريا، وليس مسؤولاً مالياً أو اقتصادياً في الجماعة (في إشارة إلى هيئة تحرير الشام).

وكانت كل من وزارتي الخزانة الأمريكية والتركية، فرضت الأسبوع الماضي، عقوبات ضد شخصين مرتبطين بتمويل هيئة تحرير الشام و"كتيبة التوحيد والجهاد" في سوريا، والمفروض عليهما عقوبات بالفعل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة.

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية، في بيان، إنّ الولايات المتحدة وتركيا عملتا معا لفرض عقوبات على القيادي في "هيئة تحرير الشام"، وكوبيلاي ساري، الذي يتلقى أموالاً في مدينة إسطنبول من مانحين لـ"كتيبة التوحيد والجهاد".

القياديان “أبو أحمد زكور” و”أبو ماريا القحطاني”

وأعرب زكور، عن خيبة أمله من الدولة "الحليفة"، في إشارة إلى تركيا، التي أصدرت العقوبات بالتعاون والاشتراك مع الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي إشارة إلى الخيانة التركية، اعتبر الشيخ أنّ وصف تركيا له بدعم تنظيم "داعش" أمر غريب، مضيفاً "يعرفون أني أول من وقف أمام مشروع التنظيم محارباً له بالقلم واللسان”، مشيراً إلى أنه كان لسنوات على رأس قائمة تنظيم "داعش" للاغتيالات، واستهدفه عناصر التنظيم أكثر من مرة، لكنه نجا.

 

يقول تحليل نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إنّ رغبة تركيا والولايات المتحدة في فرض العقوبات على زكور، بعد مرور سنوات من دون أن يصنف، تشير إلى أنّ الجاذبية الساحرة للجماعة لم تهدّئ المخاوف في العاصمتين.

التصنيف هو بيان سياسي أكثر مما هو خطوة أساسية نحو خنق القدرات المالية "لهيئة تحرير الشام" فجاذبية الجماعة التي طال سحرها لم تهدّئ مخاوف واشنطن وأنقرة

ويؤكد هارون ي. زيلين، وهو باحث أمريكي متخصص في الجماعات الجهادية العربية السنية في شمال أفريقيا وسوريا، أنّ هذا التصنيف لزكور، في إطار العقوبات، يمثل خليطاً من الأخبار السارة والسيئة لـ"هيئة تحرير الشام". فمن ناحية، يُعد هذا الإعلان أول وثيقة تعترف فيها الحكومية الأمريكية بأن "هيئة تحرير الشام" انفصلت عن تنظيم "القاعدة" قبل سنوات، بعد أن كانت جميع التصنيفات والتقارير السابقة تزعم بأنّ المجموعتين ما زالتا تعملان معاً. ومن ناحية أخرى، يُعد هذا أول تصنيف أمريكي لمسؤول في الـ"هيئة" منذ تموز(يوليو) 2021، مما يشير إلى أنّ مناشدات قائد الجماعة، أبو محمد الجولاني، المختلفة لشطب الجماعة من القائمة لم تحظَ بزخم قوي في واشنطن.

من هو أبو أحمد زكور؟

في تموز(يوليو) 2021، تم نشر سيرتين لزكور: واحدة كتبها الشيخ نفسه والأخرى شخص باسم مزمجر الشام، وهو مناهض أيديولوجي "لهيئة تحرير الشام". وبإمكاننا، بحسب الباحث الأمريكي، من خلال النظر في هذه الوثائق والتفاصيل التي ذكرها التصنيف في الشهر الماضي استخلاص التاريخ الشامل لتورط "زكور في الحركة الجهادية و"هيئة تحرير الشام" وتوضيح أهمية الرجل ومعرفته المؤسساتية. كما يظهر هذا التاريخ أهمية التصنيف في سياق محاولة الجماعة الاستيلاء على مناطق "الجيش الوطني السوري".

نشأ زكور في النيرب الواقعة في جنوب شرق مدينة حلب في بيئة قبلية صارمة، إذ كان والده شخصية قيادية في قبيلة البقارة والمدينة. وبعد سنوات من التعلم في المدارس العادية، بدأ الشيخ بتلقي دروس دينية من محمود قول آغاسي الملقب بأبو القعقاع الذي تبين في ما بعد أنه كان يعمل في الجهاز الاستخباراتي السوري من أجل تجنيد المقاتلين الأجانب للقتال في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003، لأنّ دمشق كانت تخشى أن تغزو الولايات المتحدة سوريا تالياً وسعت إلى عرقلة القوات الأمريكية في العراق لتمنعها من التقدم. في ذلك الوقت، لم يكن الشيخ والكثير من الجهاديين الآخرين يعرفون أنّ آغاسي رجل دين مزيف، ولكنهم قاموا بفضحه بعد اكتشف حقيقته. وقُتل أبو القعقاع في وقت لاحق في عام 2007 على يد عملاء من الدولة الإسلامية في العراق.

أبو أحمد زكور وأبو محمد الجولاني وأبو ماريا القحطاني

وفقاً لزكور، بدأ شباب حلب بالانضمام إلى "أنصار السنّة"، الجماعة الجهادية التي يقودها الأكراد، بعد عام 2003، ولاحقاً إلى جماعة "التوحيد والجهاد"، المنظمة التي رأسها زعيم تنظيم "القاعدة" في العراق أبو مصعب الزرقاوي. وأصبح زكور، الذي لم يصبح مقاتلاً، مسؤولاً عن تنسيق مساكن المقاتلين العابرين سوريا في طريقهم إلى العراق وتلبية احتياجاتهم الأخرى. على سبيل المثال، استخدم الشيخ وعمه زكريا عفش علاقاتهما القبلية ومزارعهما وسيارات العائلة لنقل هؤلاء المقاتلين.

وبعد اعتقال عفش على يد النظام، تعاون زكور مع عمر خطاب. ولكن سرعان ما قُتل الأخير في اشتباك مع قوات النظام في داعل، وهي بلدة جنوبية على الطريق القديم بين درعا ودمشق، ما يوحي بأنه كان ينسق لوجستيات الطريق الجنوبي إلى العراق، بينما كان زكور يدير الطريق الشمالي.

سقط في كمين بحلب واعتقل

وبعد وقت قصير، سقط زكور في كمين في حلب وتم اعتقاله. وبعد احتجازه في سجون مختلفة لمدة عام، نُقل إلى سجن صيدنايا في عام 2004. ومن هناك، أعاد الاتصال بعفش وتولى كما زُعم دورين رئيسيين في هذه الفترة هما رئيس فصيل شباب "القاعدة" في المنشأة، ومسؤول عسكري قاد تمرداً للسجناء في عام 2008 استمر لأكثر من ثمانية أشهر وأودى بحياة عمه.

أُطلق سراح زكور في عام 2012 بعد الظهور العلني للجماعة الجهادية السورية "جبهة النصرة"، سلف "هيئة تحرير الشام". وكان أول منصب له في "جبهة النصرة" نائباً لأمير حلب ليصبح أميراً عاماً في وقت لاحق.

القياديان في “تحرير الشام” جهاد عيسى الشيخ (أبو أحمد زكور) ومظهر الويس، والقيادي “أبو ماريا القحطاني”

ويدعي مزمجر الشام أيضاً أنّ زكور لعب دوراً بارزاً في تشجيع الجولاني، زعيم "جبهة النصرة" آنذاك، على التمرد ضد محاولات أبو بكر البغدادي في توحيد الجهاديين السوريين تحت راية تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ("داعش") الوليد، وحثه بدلاً من ذلك على البيعة لزعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري. وفي وقت لاحق، أقام زكور علاقة عمل مع "جماعة خراسان"، وهي خلية عمليات خارجية تابعة "لجبهة النصرة" كانت موالية أساساً لتنظيم "القاعدة" المركزي ولا تتماشى بالضرورة مع خطط الجولاني.

بعد أن خسرت "جبهة النصرة" التمويل الشهري من تنظيم "داعش" وقطعت علاقاتها رسمياً معها، قام الجولاني بترقية زكور إلى منصب رئيس الملف الاقتصادي "لجبهة النصرة"

وبعد أن خسرت "جبهة النصرة" التمويل الشهري من تنظيم "الدولة الإسلامية" وقطعت علاقاتها رسمياً معها، قام الجولاني بترقية زكور إلى منصب رئيس الملف الاقتصادي "لجبهة النصرة"، وهو المنصب الذي شغله حتى شباط (فبراير) 2019، وفقاً لتصنيف وزارة الخزانة الأمريكية. وفي وقت لاحق، أصبح "أمير الحدود"، في إشارة إلى الأموال التي كانت تجنى من المعابر الحدودية.

وبعد تحول "جبهة النصرة" إلى "هيئة تحرير الشام"، عين الجولاني زكور قائداً للتشكيلة العسكرية "لجيش حلب"، ثم رئيساً مكلفاً بالعلاقات مع "الجيش الوطني السوري".

ماذا يعني تصنيف "هيئة تحرير الشام"؟

ويطرح الباحث هارون ي. زيلين السؤال الأكثر أهمية: هل سيحدث التصنيف الجديد لزكور فرقاً جوهرياً بالنسبة إلى "هيئة تحرير الشام"؟

 الجواب، كما يقول، على الأرجح هو لا. فحتى لو كان الشيخ يكذب وتبين أنّ لديه أصولاً قابلة للاستهداف في تركيا، فمن المحتمل أن يكون الكثير من قادة "هيئة تحرير الشام" الآخرين يضعون أموالهم في الخارج أيضاً، ومن غير المرجح أن تضع الجماعة جميع مواردها المالية في يد شخص واحد. وبالتالي فإنّ التصنيف هو بيان سياسي أكثر مما هو خطوة أساسية نحو خنق القدرات المالية "لهيئة تحرير الشام".

أحد وجهاء قبيلة “البكارة” والقيادي في “هيئة تحرير الشام” أبو أحمد زكور

وبالنظر إلى استعداد واشنطن وأنقرة لفرض العقوبات على رجل المال الأول في "هيئة تحرير الشام" بعد سنوات من الامتناع عن مثل هذه التصنيفات، من الواضح، وفق زيلين، أن جاذبية الجماعة التي طال سحرها لم تهدّئ مخاوف العاصمتين. فربما تهدف تركيا إلى أن تكون الضامن النهائي للأمن وصنع القرار في شمال سوريا، والسماح لجهة فاعلة مستقلة مثل "هيئة تحرير الشام" بانتزاع الأراضي من وكيل موال "كالجيش الوطني السوري" من شأنه أن يقوض هذا الهدف. وكانت "هيئة تحرير الشام" تلمح إلى مثل هذا الاستيلاء منذ عام تقريباً، ولذلك تريد أنقرة على الأرجح حسم الأمر بعدما استنتجت أنها لا تستطيع الانتظار أكثر لاستهداف أصول الجماعة.

أما بالنسبة إلى واشنطن، فلا يتعلق على الأرجح التصنيف بسياسة القوة، بل بعدم ارتياح الولايات المتحدة لماضي الجماعة، أي حكمها الاستبدادي، ودعمها "حماس" و"الجهاد الإسلامي الفلسطيني" ضد إسرائيل، وعدم رغبتها في ملاحقة الجماعات الإرهابية الأصغر حجماً في مناطقها التي تعتبرها حليفة لها.

عناصر في “لواء عثمان” التابع لـ”هيئة تحرير الشام” بمدينة عفرين في ريف حلب الشمالي- 13 من تشرين الأول 2022




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية