ناشط موريتاني انتقد داعية إخوانياً فطورد وهرب من بلده

ناشط موريتاني انتقد داعية إخوانياً فطورد وهرب من بلده


04/07/2022

يُظهر سلوك الأغلبية حقيقة وجوهر الفكر الذي يعتقدونه؛ فبينما يمكن للنخبة التلاعب والمهادنة والتلون، لا تملك الأغلبية إلى ذلك، ولا تقدر عليه؛ لهذا هم خير معبّر عن حقيقة الأفكار، التي منها فكر الإسلام السياسي،  تحديداً جماعة الإخوان المسلمين، التي ما فتأت تحاضر وتتباهى بأنّها جماعة ربانية حديثة تؤمن بالديمقراطية.

ويعلم من عايش الغالبية من الإخوان زيف هذه الادّعاءات، وحقيقة رجعية الجماعة وتطرفها وسلطويتها، وهي الجماعة التي تأسست على الطاعة العمياء.

ومن موريتانيا كادت حياة ناشط تتعرض للخطر على يد أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، لولا فراره إلى دولة أخرى، وكلّ ذلك لأنّه انتقد تدخل الشيخ الإخواني، محمد حسن ولد الددو، في شؤون البلاد العربية بفتاوى التكفير ودعم الميليشيات المسلحة لخدمة مصالح جماعته، دون أن يكون لشعبه الموريتاني، الذي يعيش أوضاعاً اقتصادية صعبة وغياباً للمؤسسات والحكم الرشيد، نصيب من خطبه التي ما تركت دولة عربية إلا وتناولتها.

مقدّسات إخوانية

بدأت قصة الناشط السياسي الموريتاني، محمد حافظ لوبد، والمشهور إعلامياً باسم، الحافظ ولد لوبد، مع جماعة الإخوان المسلمين، من خلال نشاطه السياسي المعارض لسوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في بلده، عبر بثّ مقاطع فيديو على قناة موريتانية على "يوتيوب"، تعمل كمنصة للشباب الموريتاني المنادي بالتغيير، وتأسيس دولة عصرية تكافح الفساد الحكومي والتطرف الديني والعادات والتقاليد الاجتماعية التي تمسّ بحقوق المواطن، وكذلك التدخّل القبلي في السياسة والاقتصاد، وغير ذلك من المحتوى المطالب بالتغيير.

الحافظ ولد لوبد: هدفي النقد الموضوعي الرامي للتغيير في وطني

وبحكم قوة جماعة الإخوان المسلمين في الشارع الموريتاني، كما في بلاد عربية أخرى، والتي بُنيت عبر استغلال الخطاب الديني وتوظيفه، خاصةً ألا حاجة لمثل هذا التوظيف في مجتمع موريتانيا، الذي يتشكّل من 100% من المسلمين السنّة، الذين يشغل الدين دوراً بارزاً في حياتهم، منذ دخل الإسلام إلى بلادهم، سلّط الناشط الحافظ الضوء على الدور السياسي والاجتماعي لحزب "تواصل" الذراع السياسية للإخوان.

وفي سلسلة فيديوهات، كشف الناشط الموريتاني عن الدور التخريبي الذي لعبه القيادي الإخواني، وأبرز شخصية دينية إخوانية، عضو مجلس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، محمد حسن ولد الددو، عبر الفتاوى الدينية التي حثّت على الالتحاق في ساحات القتال في سوريا وليبيا، وكذلك مهاجمته لمصر ودعم ما نالها من إرهاب إخواني عقب ثورة 30 يونيو، بعد إطاحة الشعب بحكم الإخوان، وتغذية الخصومات الخليجية، والترويج للتدخل التركي في البلاد العربية.

تلقى الناشط الموريتاني الذي كان يعيش ويعمل في العاصمة الأنغولية، لواندا، تهديدات من الإخوان الموريتانيين الذين يعيشون في لواندا، بسبب انتقاده للشيخ ولد الددو.

وقال الناشط الحافظ ولد لوبد لـ "حفريات": "حينما تكون شخصية مؤثرة على نطاق واسع مثل ولد الددو، ولا يترك دولة إلا ويتحدث عنها، بل ويسنّ فتاواه لدعم جماعته الإخوان في البلاد العربية، ومن ورائها قطر وتركيا، ويعيش متنقلاً بين عواصم الدولتين، بينما شعبه يعاني من التردي على الصعد كافة، ويكافح لتحقيق أبسط متطلبات الحياة، ثم لا يذكر مرةً معاناة شعبه، ولا يتحدث عن مواطن الخلل، ويهادن السلطة، رغم مسؤوليتها عمّا وصل إليه حال البلاد، عند ذلك لا يمكن السكوت على مثل هكذا شخصية".

وتابع ولد لوبد: "انتقدت في مقاطع مصورة هذا التجاهل الرهيب لموريتانيا وشعبها من رجل دين ملأ الدنيا فتاوى وتحريضاً ضدّ حكام المنطقة، وكان انتقادي لسببين؛ الأول دوره الداعم للفوضى والاقتتال في الدول العربية بعد أحداث الربيع العربي، وسكوته عن معاناة شعبه، ومع ذلك لم أتطاول على شخصه، فهو في مقام والدي، ومهما اختلفت معه فلا يعني ذلك التقليل منه كإنسان، فهذا ليس هدفي، بل النقد الموضوعي الرامي للتغيير في وطني".

الإخوان في موريتانيا

واختلفت طبيعة العلاقة بين الإخوان والسلطة في موريتانيا، بحسب العلاقة مع الرئاسة، وخلال عهد الرئيس الحالي، محمد ولد الغزواني، شهدت العلاقة مهادنةً من جانب الإخوان، مقابل الامتيازات التي حصلوا عليها من الحكومة، ومنها وظائف حكومية وتسهيلات اقتصادية وغير ذلك. غير أنّ الشهور الأخيرة شهدت تباعداً بين الطرفين كاد أنّ يصل إلى حد العداء المعلن والقطيعة.

الداه يعقوب: سحب الإخوان وسيلة ضغطهم على السلطة

ويقول الكاتب الصحفي الموريتاني الداه يعقوب: "حزب تواصل أكبر الأحزاب المعارضة في موريتانيا تمثيلاً في البرلمان، ومنذ  تسلّم الرئيس غزواني مقاليد الحكم دخل في هدنة مع النظام، وتمّ تعيين بعض قيادات  الحزب في وظائف حكومية".

وتابع لـ "حفريات"؛ لهذا سحب الإخوان وسيلة ضغطهم على السلطة "غابت مسيرات الاحتجاج على ارتفاع الأسعار وقمع الحريات التي كان ينظمها الحزب بين الفترة والأخرى أيام الرئيس السابق عزيز، وقام غزواني، بالمقابل، بإعادة افتتاح بعض الجمعيات المحسوبة على الحزب، التي أغلقت في عهد الرئيس السابق، وتحوّل قادة الحزب للثناء على غزواني ليل نهار، وعلى سياساته؛ لذلك هو حزب حالياً تتقاطع مصالحه مع النظام، ويعيش فترة صمت مطبق وقطيعة مع انتقاد سياسات النظام والوقوف مع المواطن".

الناشط الحافظ ولد لوبد لـ "حفريات": توترت علاقة الإخوان بالرئاسة، وبسبب أنّ للطبيعة القبلية للمجتمع دوراً في عمل السلطة، دخل الإخوان والرئاسة في مرحلة تهادن لا ينفي الخصومة

وكانت الرئاسة الموريتانية قد دعت إلى حوار وطني مع الأحزاب السياسية، وتعهّد الرئيس بذلك، في أيلول (سبتمبر) الماضي، وصرّح بأنّه "لن يستثني أحداً ولن يحظر أيّ موضوع".

 وسبق ذلك، في شباط (فبراير) العام الماضي، طرح الأحزاب الممثلة في البرلمان، وعددها 12 حزباً من الموالين للسلطة والمعارضين وثيقة تضمنت خريطة طريق لتنظيم حوار سياسي مع الحكومة.

وشهدت الجلسات التحضيرية للحوار خلافات كبيرة بين الأحزاب والسلطة، وصولاً إلى إعلان الرئاسة تعليق الحوار، في حزيران (يونيو) الماضي، وبحسب تصريحات صحفية للوزير الموريتاني السابق ورئيس جبهة التغيير، محمد ولد جبريل "فقدت أحزاب المعارضة مصداقيتها لدى الشارع الموريتاني، بسبب دعمها للرئيس ومشاركته العمل الحكومي، فضلاً عن سكوتها عمّا يتعرض له الموريتانيون من مضايقات وظلم وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة".

ومن جانبه، قال الناشط الموريتاني، الحافظ ولد لوبد: "بعد تعليق الرئاسة للحوار، وتبادل الاتهامات بين المعارضة والسلطة، توترت علاقة الإخوان بالرئاسة، لكن لأنّ للطبيعة القبلية للمجتمع دوراً في عمل السلطة، دخل الإخوان والرئاسة في مرحلة تهادن لا ينفي الخصومة، حيث إنّ غالبية الإخوان تنتمي إلى مجموعات قبلية نافذة، ومنها أيضاً رئيس الدولة، وربما يلجأون لسلاح تهييج الشارع مستغلين الأوضاع المعيشية والاقتصادية السيئة لمناكفة الرئيس".

تهديدات إخوانية

وبالعودة إلى قصة الناشط ولد لوبد مع جماعة الإخوان، تلقى الناشط الموريتاني، الذي كان يعيش ويعمل في العاصمة الأنغولية، لواندا، تهديدات من الإخوان الموريتانيين الذين يعيشون في لواندا، بسبب انتقاده للشيخ ولد الددو.

أحد التهديدات الإخوانية للناشط الحافظ ولد لوبد

ويحكي الكاتب الصحفي، الداه يعقوب، ما جرى مع ولد لوبد: "بعض من أبناء  الجالية في أنغولا، حيث كان يعمل، قالوا إنّهم سيعيدونه إلى موريتانيا، ويسلمونه إلى السلطات لمحاكمته، مستغلين مواقفه الحادة المعارضة لنظام الرئيس غزواني، وذلك لانتقاده المشيخات الدينية التي تغضّ الطرف عن الفساد وأكل المال العمومي".

وعقب التهديدات التي وصلت إلى الناشط الحافظ ولد لوبد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبيان باسم الجالية في أنغولا، خرج ولد لوبد في فيديو أخير، متحدّياً أتباع حزب تواصل ومقدسي الشيخ ولد الددو بتكذيب المحتوى الذي نشره بخصوص الأخير، وجاء الردّ الإخواني بحملة تشهير إلكترونية طالت الناشط، وعلى إثر ذلك وخشيةً على حياته، قام بمساعدة أصدقائه بالهرب من أنغولا، ليعيش رحلة منفى جديدة في عدد من الدول، حتى تمكّن من الوصول إلى دولة غربية كطالب لجوء.

مواضيع ذات صلة:

ما قصة منع رئيس البرلمان الموريتاني الصلاة على النبي؟

الرئيس الموريتاني السابق في السجن .. وهذه التهم الموجهة إليه

خفر السواحل الموريتاني لـ"حفريات": المهاجرون الموقوفون في حالة صحية صعبة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية