هكذا استثمر إخوان موريتانيا سياسياً في كارثة السيول

هكذا استثمر إخوان موريتانيا سياسياً في كارثة السيول


06/09/2022

مع تزايد الخسائر الناجمة عن السيول، بالتزامن مع موسم سقوط الأمطار في موريتانيا، صعّد حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، الذراع السياسيّة للإخوان المسلمين، من تحركاته الاجتماعية، مستغلاً تراكم الأموال لديه، سواء عن طريق التبرعات التي يجمعها الحزب ويقوم باستثمارها، أو عن طريق قيام التنظيم الدولي بضخ المزيد من الأموال إلى ذراعه في موريتانيا.

حزب تواصل دشن عدة حملات لتقديم المساعدات للمناطق المنكوبة، مصحوبة بدعاية سياسية هائلة، تخللها التعريض بالحكومة، واتهامها بالتقصير، ولم يفوّت الحزب الإخواني الفرصة دون أن يجنّد المزيد من الأتباع في سياق حملته الخيرية المزعومة.

غطاء خيري ضخم

في 20 آب (أغسطس) الماضي قام شباب تواصل في أنبيكة، بولاية تكانت، بتوزيع مساعدات كبيرة على المتضررين من السيول، تضمنت بعض المواد الغذائية، كإعانة للأسر المتضررة من السيول التي ضربت المدينة، وهجرها سكانها بعد أن غمرت المياه منازلهم.

وفي اليوم التالي أطلق اتحادي تواصل في كوكول نداء لإغاثة المتضررين في كيهيدي، وقام على إثر ذلك بجمع تبرعات مالية ضخمة، بداعي مساعدة المنكوبين، وفي 23 آب (أغسطس) أصدر الحزب الإخواني بياناً قال فيه إنّ العاصمة نواكشوط، ومناطق عديدة داخل البلاد أبرزها عاصمة ولاية گورغول كيهيدي، تعيش منذ أيام وضعاً كارثياً بفعل السيول والفيضانات، وأنّ مئات الأسر تعيش مشردة، والمياه تغمر الأحياء والطرق. وجددت الأمانة التنفيذية للإعلام والاتصال بالحزب الدعوة والتوجيه لأعضاء تواصل في المناطق المنكوبة، بالانخراط في مبادرات ميدانية لمساعدة المنكوبين.

حزب تواصل دشن عدة حملات لتقديم المساعدات للمناطق المنكوبة، مصحوبة بدعاية سياسية هائلة

من جهته، قال رئيس قسم تواصل بمقاطعة الميناء: إنّ الزيارة التي قام بها وفد من القسم للأحياء المتضررة بالمقاطعة، مكّنتهم من معاينة أوضاع الكثير من المواطنين الذين يعيشون أوضاعاً مأساوية بسبب غمر المياه لمنازلهم، وأعرب عن انخراط الحزب في أعمال شفط المياه، ومدّ المتضررين بالمواد الغذائية والملابس، وقرر الحزب فتح باب التبرع لإعانة هؤلاء المواطنين المتضررين.

وفي السياق نفسه، نظّم حزب تواصل يوم 28 آب (أغسطس) الماضي سلسلة أنشطة تضامنية مع المتضررين من الأمطار في العاصمة نواكشوط، وشملت الأنشطة التضامنية مقاطعات الميناء، والسبخة، ودار النعيم، وأشرف عليها وفد من قيادة الحزب ضم كلّاً من رئيس الحزب، محمد محمود ولد سييدي، ونائبه السالك ولد سيدي محمود، ورؤساء أقسام المقاطعات المستفيدة.

 

أصدر الحزب الإخواني بياناً قال فيه: إنّ العاصمة نواكشوط، ومناطق عديدة داخل البلاد أبرزها عاصمة ولاية گورغول كيهيدي، تعيش منذ أيام وضعاً كارثياً بفعل السيول والفيضانات

 

وأشرف قسم تواصل في الميناء على نقل بعض الأسر المتضررة من المياه، وأشرف الوفد على توزيع مواد غذائية على هذه الأسر، وفي مقاطعة السبخة وزع قسم تواصل هناك مواد غذائية ومبالغ مالية على عدد من الأسر الأكثر تضرراً من الأمطار، وزار كذلك مقاطعة دار النعيم، وتمّ تقديم مساعدات لبعض الأسر المتضررة.

ولفت مراقبون إلى ضخامة الغطاء المالي لدى الحزب الإخواني، الذي أنفق ببذخ على السلال الغذائية، ومارس في الوقت نفسه دعاية سياسية، وقد أصرّ موظفو الحزب على التقاط الصور للمتضررين والفقراء أثناء توزيع الإعانات، وهو ما تسبب في انتقادات واسعة للحزب.

التوظيف السياسي لأعمال الخير

الحزب الإخواني استغل قيامه بتوزيع المساعدات ليهاجم الحكومة من أجل تحقيق مكاسب سياسية، وإظهار قوة الحزب، رغم أنّ البلاد تحتاج في هذا الوقت إلى إنكار الذات، وتكريس الجهود من أجل المساعدة.

حزب تواصل أصدر بياناً قال فيه: إنّ "هذه الوضعية التي تشهدها نواكشوط، وكيهيدي اليوم، وشهدتها من قبل انبيكة، وودان، وميت، أبانت عن عجز فاضح للجهات الحكومية عن القيام بمهمتها في إغاثة المواطنين وإسعافهم، رغم اعترافها على أعلى المستويات بأنّها كانت تتوقع حصول هذه الكوارث، وزعمها أنّها وضعت خططاً للتصدي للأوضاع الناجمة عنها".

حزب الإخوان أدان بأقوى العبارات ما أطلق عليه "تقصير الجهات الحكومية في مواساة ضحايا الفيضانات كما يجب، وتركهم يعانون من أوضاع صعبة، والاكتفاء بتدخلات استعراضية في أغلبها، ومحدودة في وقتها وفي المستفيدين منها، وبعيدة عن أن تكون في مستوى الكارثة التي يواجهها المواطنون في المناطق المنكوبة".

الحزب الإخواني استغل قيامه بتوزيع المساعدات ليهاجم الحكومة من أجل تحقيق مكاسب سياسية

بدوره، قال رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية محمد محمود ولد سيدي: إنّ "الأزمة الناجمة عن الأمطار الحالية كشفت عدم جاهزية الأجهزة الحكومية، رغم أنّ الأمطار كانت متوقعة". واعتبر ولد سيدي أنّ البلاد تعيش حالة تطبيع مع التقصير، معلناً بشكل دعائي تضامن الحزب مع النساء والأطفال المشردين الذين فقدوا أفرشتهم، وهُجّروا من مساكنهم، ولم يجدوا من ينجدهم، بحسب تعبيره، مضيفاً: "لو كان الأمر بيدنا، لما تأخرنا في إنقاذهم، لكن للأسف وسائل البلد ومقدراته في يد من لم يتحمل المسؤولية كما ينبغي".

ولد سيدي ذكر أنّ الأزمة الحالية ضاعفت معاناة المواطنين الذين طحنتهم إجراءات التضييق المصاحبة للجائحة، ثم الارتفاعات المهولة للأسعار، والتي عجزت الحكومة عن احتوائها، إضافة إلى العطش، وتردّي الخدمات، وكأنّه يشن حرباً دعائية في وقت غير مناسب، قبل أن يناقض نفسه قائلاً: "لا ننكر أنّ جهوداً بذلت، لكنّها كانت بعيدة عمّا ينبغي، وعمّا كنا نتوقعه!".

وعلى الرغم من فداحة الأضرار، وانشغال الدولة بجهود الإغاثة والإنقاذ، قام قسم المنظمة الشبابية لحزب تواصل في نواذيبو بتنظيم وقفة احتجاجية؛ تنديداً بغلاء الأسعار، والانقطاع المتكرر للماء والكهرباء.

 

بالتزامن مع الجهود المبذولة لاحتواء الأزمة الناجمة عن السيول، استغلّ حزب تواصل الغطاء الخيري من أجل تحقيق تمدد سياسي

 

جدير بالذكر أنّ الجيش الموريتاني يقوم منذ الأول من آب (أغسطس) الماضي بجهود هائلة من أجل إغاثة المنكوبين، فقد قامت وحدات من الجيش بمباشرة أعمال الإغاثة لسكان مدينة انبيكه، وقالت الأركان العامة للجيوش الموريتانية: إنّ "أفراد المركز الوطني لتدريب المغاوير نفذوا عمليات تدخل لصالح جميع المنكوبين المحاصرين بمياه السيول"، وذلك "في إطار مشاركة الجيش الوطني في التصدي للكوارث الطبيعية والحالات الإنسانية، وتلبية لنداء الاستغاثة الذي أطلقته الساكنة، والمنتخبون المحليون، والسلطات الإدارية".

تمدد سياسي بالتزامن مع الكارثة

بالتزامن مع الجهود المبذولة لاحتواء الأزمة الناجمة عن السيول، استغل حزب تواصل الغطاء الخيري من أجل تحقيق تمدد سياسي، فقد أعلنت مبادرة شبابية في مقاطعة باسكنو يوم 18 آب (أغسطس) الماضي انضمامها لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، وذلك بحضور وفد من قيادة الحزب يرأسه نائب الرئيس السالك ولد سيدي محمود، الذي كان في مهمة لتفقد الخسائر الناتجة عن السيول.

وأعلن تواصل في اليوم نفسه عن انضمامات جديدة لصفوفه، تمّت في ولاية الحوض الشرقي، حيث أعلن الحزب عن انضمام مجموعة من القرى، في بلديتي بنكو، وعدل بكرو، تحت عنوان مجموعة الوحدة والسلم، وأعلن أيضاً عن انضمام كتلة شبابية من سكان مقاطعة باسكنو، ونظّم الحزب بالتزامن مع جهود الإغاثة أنشطة جماهيرية في كلٍّ من بنكو، وباكسنو.

مواضيع ذات صلة:

ناشط موريتاني انتقد داعية إخوانياً فطورد وهرب من بلده

سعداني بنت خيطور.. نائبة متمردة تكشف "عنصرية" إخوان موريتانيا

المشروع الإخواني في موريتانيا: هل هو فقاعة دعائية؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية