هل أضحى اللاجئون السوريون في لبنان رهائن من جديد؟

هل أضحى اللاجئون السوريون في لبنان رهائن من جديد؟

هل أضحى اللاجئون السوريون في لبنان رهائن من جديد؟


09/11/2022

اعتقال أجهزة الأمن التابعة لحكومة دمشق أحد اللاجئين السوريين الذين تمّ ترحيلهم من لبنان، مؤخراً، ضمن ما يعرف بمشروع "العودة الطوعية"، والذي بدأ عام 2017، بينما جرى استئنافه منتصف الشهر الماضي تشرين الأول (أكتوبر)، يصطدم بحقائق جمّة. وتتمثل هذه الحقائق فيما وثقته التقارير الحقوقية التي عمدت لبنان إلى تجاهلها، بل ورفضها، وإدانة تحذيراتها المتكررة.

ففي ظل غياب ضمانات بشأن سلامة عودة اللاجئين عند ترحيلهم إلى مناطق نظام بشار الأسد، وكذا الاعتقاد بوجود عودة قسرية، فإنّ لبنان يواصل تنفيذ الخطة على دفعات.

وقبل أيام، تم ترحيل نحو مائة شخص (هناك تقارير تتحدث عن 400)، من عرسال، شرق لبنان، إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام بدمشق.

وفي غضون ثلاثة أيام من عودة الشاب السوري مجد طفيلية، جرى اعتقاله بواسطة أجهزة الأمن السورية، وفق ما أعلنت وسائل إعلام المعارضة. ويكاد لا يختلف هذا الوضع عن ما سبق وحذرت منه المنظمات الحقوقية الأممية. لكنّ المدير العام للأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، عاود الحديث عن عدم إرغام "أيّ لاجئ على العودة إلى سورية". وقد أشار إلى أنّ هناك "مليونين و80 ألف نازح سوري موجودون حالياً في لبنان، وقرابة 540 ألف سوري عادوا طوعاً إلى بلدهم منذ بدء الخطة عام 2017".

المدير العام للأمن اللبناني سبق وتحدث عن رفضه التام التقارير الحقوقية التي تتعاطى مع ملف اللاجئين. وقال إبراهيم: "لبنان يرفض طريقة التعاطي القائمة". وأردف: "لن نجبر أيّ نازح على العودة".

الكاتب السوري شيار خليل: إنها عملية ترحيل قسري حتماً

وكشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأمريكية، كشفت في تقرير سابق لها، أنّه في الفترة بين عامي 2017 و2021، تعرض اللاجئون السوريون الذين عادوا إلى بلادهم من لبنان والأردن لخروقات حقوقية جمّة من قبل قوات "الأسد".

ووثق التقرير الحقوقي الأممي، قبل عام، حدوث نحو "21 حالة اعتقال واحتجاز تعسفي، و13 حالة تعذيب، وثلاث حالات اختطاف، وخمس حالات قتل خارج نطاق القضاء، و17 حالة إخفاء قسري، وحالة عنف جنسي".

تحذيرات أممية وتجاهل لبناني

ووفق "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" فإنّ "النازحين والمهجّرين الفلسطينيين يخشون العودة إلى منازلهم في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، لأسباب عدة، أبرزها الخطر على حياتهم"، مشيرة إلى أنّ "الاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية للنظام يشكل أبرز مخاوف فلسطينيي سورية، وهو قد يكون لعدة أسباب، منها مشاركتهم في الثورة السورية، أو أنّ أحداً من أقاربهم معتقل أو مطلوب من قبل السلطات الأمنية، بالإضافة إلى الخدمة العسكرية في "جيش التحرير الفلسطيني" الخاضع لسلطة النظام".

وقالت مجموعة العمل إنّه قد تمّ اعتقال "أكثر من 15 لاجئاً فلسطينياً عند النقاط الحدودية أو من مطار دمشق بعد عودتهم إلى سورية، ومنهم من لا يزال في حالة إخفاء قسري".

الوضع اللاجئين لا يختلف عما سبق وحذرت منه المنظمات الحقوقية الأممية. لكن المدير العام للأمن اللبناني، عاود الحديث عن عدم إرغام أيّ لاجئ على العودة إلى سورية

إذاً، رغم الصورة المأساوية التي تكشف عنها تقارير الجهات الحقوقية الدولية، إلا أنّ الحكومة اللبنانية تزعم عكس ذلك، وتقول إنّها "بحثت مسألة عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا بطرق جيدة"، حسبما يوضح رئيس تحرير صحيفة "ذا ليفانت" اللندنية، الكاتب السوري شيار خليل، الذي أبلغ "حفريات" أنّ الحكومة في لبنان، التي تسعى إلى التأكيد على أنّها خططت لتكون العودة للاجين السوريين آمنة وطوعية، لا يمكن أن تكون سردياتها "منطقية وواقعية، خاصة أمام الوضع الأمني غير المستقر وغير الآمن في سوريا، حيث ما زالت الميليشيات الإيرانية والتركية تنفذ ممارساتها العدوانية من قتل وتوقيف وإخفاء قسري بحق المدنيين، ناهيك عن التغيير الديمغرافي للمناطق الخاضعة لسيطرة أنقرة أو طهران، وتهجير المدنيين من منازلهم. كما تمارس سلطات النظام السوري، وأجهزتها الأمنية، نفس الإرهاب على السوريين القادمين من الخارج".

ويشير خليل إلى التقرير الأخير الصادر من منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، والذي يقول إنّه قد "تعرض ما يقارب من 150 ألف لاجئ عائد إلى سوريا للاحتجاز التعسفي والاعتقال، في الفترة بين آذار (مارس) 2011 وحتى عام 2021".

الصحفي باز علي بكاري: لا يمكن الحديث مطلقاً عن عودة آمنة لسوريا

وهذا ما يعد بمثابة "مؤشر خطير ينفي وجود أية عودة آمنة للاجئين، إنّما هي عملية ترحيل قسري حتماً، الأمر الذي ينفي الرواية الرسمية اللبنانية بأنّ سوريا آمنة". يقول خليل.

ألمّحت التقارير الحكومية اللبنانية وتقارير أخرى محلية، إلى أنّ هناك خطة لإعادة ما يقارب 1500 لاجئ سوري في لبنان، شهرياً. ويشير الكاتب السوري إلى أنّ هناك شهادات خاصة تمكن من الحصول عليها، مفادها أنّه يتم إجبار "المواطنين السوريين بالتوقيع على أوراق وسندات تتحدث عن أنّ عودتهم إلى سوريا طوعية، أو ستكون النتيجة هي وقوعهم تحت وطأة الاعتقال في لبنان".

تعبئة اللبنانيين ضد اللاجئين السوريين

ويتساءل خليل عن دور الجهات الدولية والمنظمات الحقوقية في ممارسة دورها للحفاظ على أمن اللاجئين السوريين في لبنان، وتقديم كل أشكال المساعدة لهم، فضلاً عن ممارسة الضغوطات كافة على الحكومة لعدم إجبار اللاجئين على العودة القسرية لسوريا. ويشدد على ضرورة "فتح سائر قنوات الاتصال مع المنظمات السورية المدنية لتوثيق الانتهاكات ضد اللاجئين العائدين قسراً، وتشبيكهم مع الجهات الدولية لحمايتهم قدر المستطاع".

ومن جهته، يرى الصحفي السوري الكردي، باز علي بكاري، أنّه ينبغي التأكيد على أنّ أيّ عودة منظمة، مهما كانت البلد، للاجئين السوريين نحو الأراضي السورية، هي عبارة عن عملية "إكراه للاجئين السوريين على العودة غير الطوعية. إذ سيكون هؤلاء أمام مصير مجهول ومعتم ينتظرهم، سواء في سجون النظام، أو التنظيمات الميليشياوية والإرهابية في مناطق نفوذ تركيا بالشمال السوري، بالإضافة لمناطق أخرى تقع تحت نفوذ قوى الأمر الواقع، مثل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) فرع تنظيم القاعدة بسوريا".

الكاتب السوري شيار خليل لـ"حفريات": الحكومة في لبنان، لا يمكن أن تكون سردياتها منطقية خاصة أمام الوضع الأمني غير المستقر وغير الآمن بسوريا

ففي ظل الظروف التي تعيشها سوريا، الآن، من فوضى وسلاح وغياب للأمن، وغلبة منطق العصابات (سواء عصابات النظام السوري أو عصابات أخرى محسوبة على المعارضة السورية)، فإنّ الجرائم المنظمة تتفشى بصورة ممنهجة، وفق علي بكاري في حديثه لـ"حفريات"، ومنها "الخطف مقابل الفدية والقتل والاغتيالات".

ومن ثم، لا يمكن الحديث مطلقاً عن عودة آمنة لسوريا، بل إنّها "بالحتمية ستكون عودة قسرية"، على حد تعبير الصحفي السوري الكردي.

ويختم: "بالنسبة لما يحصل في لبنان فهو جزء من خطة جرى تسويتها والعمل عليها خلال العامين الأخيرين، وقد بدأت بالتجييش وتعبئة اللبنانين لتعميم خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين، وذلك من قبل القوى السياسية اللبنانية الداعمة للنظام السوري، وعلى رأسها حزب الله. وكل هذه الأمور تصب في خانة إعادة تعويم النظام السوري، وإعادة الشرعية له. ومن المرجح زيادة عمليات التنكيل بحق السوريين".

مواضيع ذات صلة:

اللاجئون السوريون رهينة المزاج السياسي... هل استخدمهم أردوغان للتعتيم على فساد مالي؟

بعد استخدامهم أعواماً ورقة ابتزاز مالي وسياسي.. تركيا تدير ظهرها للاجئين

إيران تعيد اللاجئين إلى جحيم طالبان وتركيا تكثف الإجراءات الأمنية على حدودها




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية