هل تبدأ شراكات سياسية أمنية متينة لردع إيران؟

هل تبدأ شراكات سياسية أمنية متينة لردع إيران؟

هل تبدأ شراكات سياسية أمنية متينة لردع إيران؟


23/02/2023

تحركات أمريكية خليجية، على أكثر من مستوى، لإيجاد مقاربة، سياسية وأمنية، لردع إيران، ومنع تهديداتها الإقليمية. وفي ما يبدو أنّ المواقف الخليجية التي سبق وحذرت من المسيّرات الإيرانية، وكذا الصواريخ الباليستية، تظهر وجاهتها، راهناً، خاصة مع ظهور الطائرات من دون طيار في الحرب الروسية الأوكرانية ضمن مساعدات طهران العسكرية لموسكو. ويتخوف الغرب كما الولايات المتحدة من تطور هذا التحالف الإيراني الروسي إلى اصطفاف استراتيجي يتجاوز النطاق الميداني المؤقت في الحرب على كييف إلى جوانب سياسية وعسكرية واقتصادية.

نهاية مراوغات إيران

ولمواجهة المسيّرات الإيرانية بالحرب الروسية الأوكرانية، شرع عدد من النواب الديمقراطيين والجمهوريين بالكونغرس الأمريكي في تدشين مشروع قانون، لتعزيز الشراكات في منطقة الشرق الأوسط، والذي عمد للإشارة إلى تحالفات أمريكية خليجية أخرى تستهدف التعاون والتنسيق في مجالات متعددة، وقد خص (مشروع القانون) بالذكر عدة دول، منها المملكة العربية السعودية والإمارات والعراق والبحرين والكويت وعمان وقطر واليمن.

مشروع القانون، الذي جاء بدعم من رئيس لجنة العلاقات الخارجية، بوب مننديز، وكذا كبير الجمهوريين في اللجنة، جيم ريش، إنّما يهدف إلى "إعطاء طابع رسمي لاتفاقات الأبحاث والتطوير بين الولايات المتحدة وشركائها في الشرق الأوسط لإنتاج أنظمة قادرة على مواجهة المسيّرات الإيرانية".

ووفق السيناتور الديمقراطي بوب مننديز، فإنّ "المسيّرات الإيرانية تهدد بشكل فاضح الاستقرار الدولي، وتزعزع منطقة الشرق الأوسط، عبر استهداف الإمارات والعراق والسعودية، وصب الزيت على نار الصراعات في اليمن وسوريا". وتابع مننديز "إيران تبيع مسيّراتها إلى روسيا وهي تعلم جيداً أنّها ستستعمل ضد المدنيين الأبرياء في أوكرانيا، وهي مذنبة في عذابهم وقتلهم".

الكاتب السعودي سعد عبد الله الحامد: طهران تهرب من مشكلاتها الداخلية

وقال السيناتور الجمهوري، جيم ريش، إنّ "الخطر من المسيّرات الإيرانية يعيد رسم الأجواء الأمنية في الشرق الأوسط وأوروبا. المئات من المسيّرات هددت حلفاءنا الدوليين والقوات الأميركية والدبلوماسيين، ولقد حان الوقت لتطوير حلول خلاقة لحمايتنا". واعتبر ريش أنّ التنسيق بين واشنطن وحلفائها بالمنطقة "لا يصب لمصلحة الولايات المتحدة فحسب، بل يسترجع سياسة الردع ضد نظام إيراني فاسد ووكلائه الإرهابيين".

ويتضمن مشروع القانون بالكونغرس الأمريكي ضرورة تطوير الولايات المتحدة التعاون مع شركائها الإقليميين "للعثور على شبكات الاستحواذ على المسيّرات والصواريخ التي يستخدمها الحوثيون باليمن وغيرهم من وكلاء طهران، والكشف عنها ووقفها". كما يلفت إلى أنّ "حلفاء واشنطن في المنطقة يواجهون تهديدات طارئة ومتزايدة من أنظمة المسيّرات، وأن الأبحاث المشتركة وعمليات التطوير لمواجهة هذه المسيّرات ستخدم مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، وتخفف من وطأة الاعتداءات وتعزز الردع والاستقرار في المنطقة".

اصطفاف أمريكي خليجي

وبالتزامن مع هذه التحركات في دوائر الكونغرس الأمريكي، دانت مجموعة العمل الخليجية الأمريكية المشتركة الخاصة بإيران، استخدام طهران الصواريخ والطائرات المسيّرة ونشرها في المنطقة وجميع أنحاء العالم.

ووفق بيان مجموعة العمل الخليجية، الذي نشره مجلس التعاون الخليجي، فإنّ الولايات المتحدة والدول الأعضاء في المجلس تدين "سياسات إيران المستمرة في زعزعة الاستقرار بما في ذلك دعمها للإرهاب". كما عبر البيان عن مخاوف واشنطن ودول الخليج بخصوص التعامل العسكري المتزايد بين إيران وأطراف حكومية وغير حكومية، بما في ذلك استمرار طهران في تزويد الحوثيين بالأسلحة التقليدية والصواريخ المتقدمة والطائرات المسيّرة.

جيم ريش: المئات من المسيّرات هددت حلفاءنا الدوليين والقوات الأمريكية والدبلوماسيين، ولقد حان الوقت لتطوير حلول خلاقة لحمايتنا

واعتبرت المجموعة الخليجية الأمريكية أنّ نشر إيران الأسلحة وإيصالها لأطراف أخرى "يشكل تهديداً أمنياً خطيراً للمنطقة والعالم بأسره"، مشيرة إلى أنّ ممارسات طهران قد تسببت في إطالة أمد الحرب باليمن، وأدت إلى تفاقم الكارثة الإنسانية هناك.

ويكاد لا يختلف الموقف الخليجي عن ما ذكره وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في جلسة حوارية أثناء مؤتمر ميونخ للأمن، حيث قال: "حذرنا سابقاً من مسيرات إيران وهي الآن تضرب في أوكرانيا"، مؤكداً أنّ "علاقتنا جيدة مع روسيا وهذا مفيد للجميع لإبقاء أبواب الحوار مفتوحة".

ووفق وزير الخارجية السعودي فإنّ "موقف مجلس التعاون الخليجي موحد ونحن مع الحوار لحل الأزمة الأوكرانية".

وذكر بن فرحان أنّ المملكة مستمرة في الحوار مع كييف وموسكو بغية التوصل لفرص الحل. وتابع: "سمعنا من روسيا وأوكرانيا عن رغبة بالتفاوض، لكن القضايا بينهما معقدة".

وفي ما يخص الاتفاق النووي قال "نريد أن يكون لدول الخليج كلمة فيما يتعلق بالاتفاق النووي"، مضيفاً: "نريد العودة للاتفاق النووي لكن بنظرة شمولية وبمشاركة خليجية".

وشدد الوزير السعودي على أنّ حيازة دولة معادية لسلاح نووي يدفع الجميع للبحث عن خياراته. وبينما قال بن فرحان "سمعنا عن رغبة الإيرانيين بالجلوس للتحاور معنا"، فقد أكد على أنّ نشر التسلح ليس مفيداً في المنطقة، فالمملكة تدعم "خلو الشرق الأوسط من الأسلحة النووية". وأضاف: "الصراعات والانقسامات في العالم تقلقنا".

منعطف إيراني خطير

وعرج على العلاقات مع الولايات المتحدة مشيراً إلى أنّ الرياض "تختلف مع واشنطن في بعض القضايا وهذا أمر معلن ومعروف"، مضيفاً "في علاقتنا مع أمريكا نراعي مصالحنا القومية". وتابع: "نعمل مع أمريكا في قضايا أمن واستقرار المنطقة".

ويرى العديد من المراقبين أنّ إيران ما زالت مستمرة في "نهجها العدواني" الذي تجاوز حدود منطقة الشرق الأوسط إلى خارج نطاق هذا الإقليم؛ حيث إنّ المسيّرات الإيرانية التي تم تزويد روسيا بها تعد "أكبر دليل على ممارسات طهران العدوانية"، الأمر الذي تسبب في تدهور علاقات طهران بالدول الأوروبية وواشنطن، حسبما يوضح الكاتب السعودي، سعد عبد الله الحامد، مؤكداً لـ"حفريات" رغبة طهران في المضي قدماً ببرنامجها النووي، وكذا برنامج الصواريخ الباليسيتية، بما سيشكل "منعطفاً خطيراً سيظل يهدد المنطقة لا سيما مع تعثر المفاوضات بين القوى الكبرى وإيران في فيينا نتيجة للمراوغة السياسية للأخيرة، من حين لآخر". 

يرى العديد من المراقبين أنّ إيران ما زالت مستمرة في "نهجها العدواني" الذي تجاوز حدود منطقة الشرق الأوسط إلى خارج نطاق هذا الإقليم

ويبدو أنّ الغرب وإسرائيل كما دول المنطقة أصبح لكل منهم قناعة بعدم وجود رغبة إيرانية لتغيير هذا النهج العدواني الخطير على الأمن الإقليمي، وكذا الأمن الدولي، وفق عبد الله الحامد.

ويردف: "النتائج السياسية والأمنية في ظل هذه التهديدات الإيرانية صعبة ومؤثرة، ومنها تهديد استقرار أمن الطاقة العالمية، وتهديد طرق التجارة الدولية، بشكل كبير، وذلك بالتزامن مع ما تشهده أسعار الطاقة والنفط من ارتفاع كبير نتيجة  للحرب بين روسيا وأوكرانيا. فالموقف من إيران يأخذ منحى متشدداً، مؤخراً، الأمر الذي ظهر من خلال إدراج دول الاتحاد الأوروبي الحرس الثوري على قوائم الإرهاب، مما بعث بالرغبة لدى واشنطن لتكثف جهودها وشراكاتها الاستراتيجية بالمنطقة مع حلفائها الخليجيين لردع خطر إيران، وذلك بدرجة أكبر من السابق. مع الأخذ في الاعتبار أنّ القنوات الدبلوماسية متاحة لإيجاد حل سياسي سلمي، فضلاً عن حشد الجهود الأممية بما فيها مجلس الأمن لإيجاد حلول أيضاً ضمن إطار الأمم المتحدة".

وهناك رغبة مشتركة بين هذه الدول للإسهام فى "استقرار المنطقة وتحقيق السلام العادل إقليمياً". وقد كان انعقاد اجتماع مجموعة العمل الأمريكية الخليجية الخاصة بالشأن الايراني يتمحور حول "تزايد الأخطار الإيرانية وفق دلائل عديدة، والتي تشير إلى أنّ الجانب الإيراني ما زال يقدم الدعم اللوجيستي والعسكري لوكلائه من الميليشيات التابعة له كالحوثيين باليمن وحزب الله بلبنان، فضلاً عن ميليشيات أخرى تنتشر في سوريا والعراق. وتظهر الصواريخ المتقدمة وأنظمة الطائرات المسيّرة ميدانياً، الأمر الذي يفاقم الصراعات بالمناطق المحتدمة، كما هو الحال في اليمن التي تتعرض لوضع إنساني مرير"، يقول عبد الله الحامد.

عبد الله الحامد: النتائج السياسية والأمنية في ظل هذه التهديدات الإيرانية صعبة ومؤثرة، ومنها تهديد استقرار أمن الطاقة العالمية، وتهديد طرق التجارة الدولية، بشكل كبير

ويختتم الكاتب السعودي حديثه قائلاً "طهران تحاول أن تهرب من مشكلاتها الداخلية، وحجم الضغوط الدولية عليها، بسبب سياساتها الخارجية مع محيطها الخليجي والدولي، باختلاق المشاكل والأزمات الإقليمية لإعطاء تصورات متوهمة بأنّ هذا النظام ما زال يملك أوراق ضغط يستطيع من خلالها أن يكسب نقاطاً أكبر حال عودة المفاوضات النووية، مثلاً".

في حديثه لـ"حفريات" يقول الكاتب السعودي سعد عبد الله الحامد: "الغرب وإسرائيل كما دول المنطقة أصبحت لديهم قناعة بعدم وجود رغبة إيرانية لتغيير النهج العدواني الخطير على الأمن الإقليمي والدولي

ويتخوف الغرب كما الولايات المتحدة من تطور هذا التحالف الإيراني الروسي إلى اصطفاف استراتيجي يتجاوز النطاق الميداني المؤقت في الحرب على كييف إلى جوانب سياسية وعسكرية واقتصادية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية