هل تشهد ليبيا جولة جديدة من الصراع الروسي الأمريكي؟

هل تشهد ليبيا جولة جديدة من الصراع الروسي الأمريكي؟

هل تشهد ليبيا جولة جديدة من الصراع الروسي الأمريكي؟


17/01/2023

رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الرد على سؤال خلال مؤتمر صحفي يوم الخميس الماضي، بشأن الهدف من الزيارة اللافتة التي قام بها مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز، إلى ليبيا حيث قال: "لن أعلق على أيّ رحلة سفر، قد يقوم بها مدير وكالة الاستخبارات المركزية، وسأحتاج إلى إحالتك إلى الوكالة للتحدث عن هذا الشأن".

نحو ذلك، يمكن القول إنّ الجانب الخفي في تلك الزيارة، يمثل كافة أركانها دون استثناء، بيد أنّ ثمة عوزاً منطقياً للتحليل السياسي، يسمح بفض الاشتباك مع سياق الزيارة، سواء ما يتعلق بجانبها السياسي؛ عبر معالجة مسار الانسداد السياسي، وحث الأجسام السياسية على المضي قدماً نحو حرث الأرض وتهيئتها للاستحقاق الانتخابي، وجانبها الأمني؛ فيما يتعلق بالحضور الميداني لقوات الفاغنر، وكذا ما يتعلق بملف مكافحة الإرهاب؛ اذ إنّ واشنطن رصدت خلال الأشهر الأخيرة، أنشطة متزايدة لعدة مجموعات إرهابية، على رأسها تنظيم داعش في المنطقتين؛ الغربية والجنوبية، بجانب تصاعد أنشطة جماعات التهريب المختلفة، وظهور مؤشرات على نشوء ارتباطات بين بعض التيارات المتطرفة في ليبيا، وحكومة طالبان في أفغانستان، كان آخرها زيارة سامي الساعدي، نائب مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني، إلى العاصمة الأفغانية كابول، ولقاءه مع عدد من مسؤولي حكومة طالبان، على رأسهم سراج الدين حقاني، وزير الداخلية، والملا عبد الغني برادر، نائب رئيس الحكومة، والقيادي في حركة طالبان الملا عبد السلام حنفي.

مقاربة أمريكية جديدة

يمكن القول إنّ زيارة بيرنز إلى ليبيا، ولقاءه المعلن مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، عبدالحميد الدبيبة، في العاصمة  طرابلس، وأيضاً اللقاء مع المشير خليفة حفتر، في مقر إقامته بالرجمة شرق بنغازي، بحسب وسائل إعلام ليبية، يشي بكثير من الإشارات والتحولات، نحو صياغة مقاربة أمريكية محددة لهذا الملف، تحمل في جنباتها عناصر ضاغطة على كافة الفاعلين؛ لحسم العالق من الملفات السياسية والأمنية بشكل عاجل.

إنّ المضي في فضاء الأزمة الليبية، دون إنجاز واضح، يسمح بمساحات حركة للجانب الروسي، الأمر الذي ترى واشنطن أنّه يحمل مخاطر على المصالح الأمريكية في المرحلة القادمة، وهو ما لا ينبغي قبوله، خاصّة مع تطور الحالة الميدانية على مسرح الأحداث في أوكرانيا.

عبد المنعم اليسير: تفاصيل زيارة بيرنز لم يتم الكشف عنها رسمياً، بيد أنّ هناك مؤشرات على كون الزيارة تتعلق بالتواجد الروسي

جانب دال من زيارة بيرنز، يمكن النظر إليه عبر ربط الزيارة بمسار التحركات الأخيرة التي قدمتها القاهرة، مرة خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي؛ عبر استضافة عدة لقاءات حول الشأن الليبي، من بينها اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، وأخرى من خلال اللقاء الذي جمع بين وزير الخارجية المصري سامح شكري، والمبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باثيلي، وكذا زيارة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الشهر الماضي، إلى القاهرة، فضلاً عن الاجتماع الذي ضمّ رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، والذي تلاه لقاء آخر بين المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، ومحمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، خلال شهر كانون الثاني (يناير) الجاري.

محمود شمام: زيارة ويليام بيرنز تمثل عودة أمريكية لترجيح الاستراتيجي على التكتيكي

يرى الكاتب الليبي محمود شمام، أنّ زيارة ويليام بيرنز تمثل عودة أمريكية لترجيح الاستراتيجي على التكتيكي، ورغم أنّه دون شك قد عرج  على نقطة او اثنتين ذات طابع أمني بحت، قد تبحث بالتفصيل في زيارة قادمة لرئيس الاستخبارات الليبية لواشنطن، غير أنّ القضايا الأكثر إلحاحاً تضمنت رسائل وجهت بوضوح للأطراف الليبية، وبنفس القدر للعالم الخارجي.

يضيف شمام في سياق تصريحاته لـ"حفريات"، أنّ واشنطن لن تسمح بأيّ حال، وتحت أي شرط من الشروط، ببقاء قوات الفاغنر كورقة ضغط سياسي وأمني في ليبيا، ونقطة ارتكاز متاحة تسمح بالتوسع في جنوب غرب ليبيا.

كما يؤكد الكاتب الليبي أنّ واشنطن تدرك تماماً، ضرورة عدم السماح باستخدام النفط كورقة مساومة سياسية، أو استعمال موارده في التمويل السياسي والعسكري، وبالتالي لابد أن توضع الآليات المالية الليبية تحت إشراف مباشر لخبراء دوليين.

 ويلفت شمام إلى أنّ واشنطن تدعم دور المبعوث الأممي عبدالله باثيلي، الذي بدوره يدعم آلية النواب/ الدولة؛ نحو التوصل إلى قاعدة دستورية؛ تقود للاستحقاق الانتخابي في تاريخ محدد ومعلوم.

آليات الحل السياسي

يرى الكاتب الليبي محمود شمام، أنّ هناك تخوفاً من تبلور خطة مضادة لهذه الآلية، عبر نسفها من خلال الإطاحة بالمستشار عقيلة صالح من رئاسة مجلس النواب، غير أنّه أردف قائلاً إنّ الأخير اجتمع برئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، والمشير خليفة حفتر، يوم الإثنين السادس عشر من كانون الثاني (يناير) الجاري في القاهرة؛ لمناقشة كافة ترتيبات العملية الانتخابية.

ويختتم شمام تصريحاته، مؤكداً أنّ هناك قلقاً واضحاً من جانب واشنطن، إزاء المفاوضات الروسية / التركية/ السورية، وترى ضرورة العمل على منع تكرارها في المسألة الليبية؛ لأنّ ذلك يعزز من فرص التمدد الروسي / التركي في ليبيا، خاصّة مع تعاظم فرص المحور الذي يتبلور الآن بين المشير خليفة حفتر، وعبدالحميد الدبيبة. على حد قوله.

اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط

من جانبه يذهب عبدالمنعم اليسير، عضو مجلس النواب الليبي، أنّ تفاصيل زيارة بيرنز لم يتم الكشف عنها رسمياً، بيد أنّ هناك مؤشرات على كون الزيارة تتعلق بالتواجد الروسي، خاصّة في ظل عزم موسكو على فتح سفارتها في العاصمة طرابلس، وأيضاً ما يتعلق بمكافحة الارهاب.

ويلفت اليسير في تصريحاته التي خصّ بها "حفريات"، إلى خطورة ارتباط حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، بعدة ميليشيات مسلحة، كما أنّها، بحسب اليسير، تقدم الدعم المالي لعدد منهم، مثل: مجلسي شورى بنغازي ودرنة في المنطقة الغربية، هذا بالإضافة الى تنامي تنظيم داعش في الجنوب، الذي تمّ دعمه من قبل حكومة السراج؛ لاستنزاف القوات المسلحة الليبية، وربما يستمر هذا الدعم من قبل حكومة الدبيبة. وذلك على حد قوله.

صدام غربي روسي محتمل

صرح نائب رئيسة الحكومة الإيطالية، ووزير الخارجية، أنطونيو تاياني، عقب عودته من تركيا، أنّ بلاده لا تقبل التفاوض مع مجموعة فاغنر الروسية في ليبيا. ولفت إلى أنّ زيارته إلى تركيا، تأتي من أجل التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة الليبية. وأضاف: "استراتيجيتنا واضحة جداً، وتكمن في إشراك الدول الحاسمة في ملف الهجرة؛ للاتفاق معها على استراتيجية مشتركة لمواجهتها". وتابع: "نريد التوصل إلى اتفاق مع دول المنطقة، والدول الكبرى ذات النفوذ في ليبيا؛ لإيجاد حل للوصول إلى الانتخابات، وآمل أن يتحقق الأمر في غضون أشهر".

عز الدين عقيل: ثمّة مؤشرات على انزلاق الأقدام على الأراضي الليبية في سياق المواجهة العسكرية الغربية الروسية

 بدوره، يحذر الكاتب الليبي عز الدين عقيل، من أنّ زيارة مدير المخابرات المركزية الأمريكية إلى بلاده، تحمل دلالات خطيرة، في سياق الصراع الأمريكي الروسي، حيث قال في إطار تصريحاته لـ"حفريات"، إنّ ثمّة مؤشرات على انزلاق الأقدام على الأراضي الليبية، في سياق المواجهة العسكرية الغربية الروسية، مثلما هو واقع الآن في أوكرانيا، ضمن النسخة الجديدة من حرب الجليد. ويلفت عقيل إلى أنّ الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الايطالي أنطونيو تاياني إلى تركيا، تستهدف بحث مسارات التنسيق فيما بينهما؛ لمواجهة عواقب ذلك السيناريو.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية