هل تقبل السعودية بفرنجية لتجاوز الفراغ الرئاسي في لبنان؟

هل تقبل السعودية بفرنجية لتجاوز الفراغ الرئاسي في لبنان؟

هل تقبل السعودية بفرنجية لتجاوز الفراغ الرئاسي في لبنان؟


17/04/2023

يتطلع الكثيرون إلى العاصمة السعودية، الرياض، لاستجلاء موقفها من الأسماء المطروحة كمرشحين لرئاسة الجمهورية اللبنانية، سواء الفرقاء المحليين أو حتى باريس، قبل الزيارة المرتقبة للرئيس إيمانويل ماكرون إلى الرياض.

يتصدر اسم رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، السجال اللبناني في ملف الانتخابات الرئاسية. وجاءت زيارة الأخير إلى باريس بدعوة رسمية لتفتح الباب أمام نقاشات لم تنته بعد حول هدف الزيارة، بين من يراها إيجابية في صالح فرنجية، ومن يراها بلاغاً من باريس بانعدام حظوظ فرنجية.

يرى مؤيدو فرنجية المدعوم من الثنائي الشيعي؛ حزب الله وحركة أمل، أنّ الاتفاق السعودي الإيراني، والتوافق الخليجي الإيراني بشكل عام، والتقارب الخليجي - العربي من سوريا، يصب في صالح وصول فرنجية إلى سدة الرئاسية.

زيارة باريس

في نهاية آذار (مارس) الماضي، زار الوزير سليمان فرنجية باريس تلبيةً لدعوة من المستشار السياسي للرئيس الفرنسي، باتريك دوريل، في إطار التباحث حول ملف الاستحقاق الرئاسي، ولم يُؤكد بعد ما إذا كان فرنجية التقى بالرئيس إيمانويل ماكرون أم لا.

ويرى مراقبون أنّ دعوة باريس لفرنجية والتي سبقتها زيارة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وتتبعها زيارة رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، تأتي في إطار تسوية فرنسية تقوم على انتخاب فرنجية رئيساً وتكليف نواف سلام برئاسة الوزراء. كانت زيارة فرنجية جاءت بعد أيام من اتصال هاتفي من ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

حسن الدّر: لا فيتو على فرنجية من الرياض

يقول الكاتب والمحلل السياسي، حسن الدّر، بأنّ زيارة فرنجية إلى باريس كانت جيدة، وتمّ إبلاغه بأنّه مرشح أساسي، ويتعاطون معه على هذا الأساس، ولا يوجد فيتو شخصي عليه من الرياض. 

وأفاد الكاتب اللبناني لـ"حفريات" بأنّ "فرنسا لم تسمع أي اعتراض على شخص فرنجية من الرياض، وإلا لما كانت دعته إليها. لو أرادت إبلاغه بانعدام حظوظه لكانت فعلت ذلك عبر سفارتها في بيروت أو بطريقة أخرى غير دعوته رسمياً إليها".

في الداخل اللبناني، يرفض القوات اللبنانية، وهو أكبر حزب مسيحي، بشكلٍ قاطع فرنجية، ويوضح رئيس دائرة إعلام الأجهزة والانتشار في حزب القوات اللبنانية، ميشال الشمّاعي، موقفهم بالقول إنّ فرنجية لا يحقق شروط كرئيس للبلاد. وفرّق في حديثه لـ"حفريات" بين الموقف من فرنجية كشخص وعلى صعيد مناطقي، وبين الموقف السياسي، موضحاً أنه لا مانع في العلاقات المناطقية معه، لكنه سياسياً يعلن عن انتمائه إلى المحور السوري الإيراني، ولهذا "لسنا في خلاف معه بالقاعدة الشخصية بل مع المشروع الذي ينتمي إليه".

قائمة المرشحين للرئاسة تضم ميشال معوض (الذي أعلن ترشحه) ونعمة افرام، وجهاد أزعور وأسماء أخرى منها صلاح حنين، وإبراهيم كنعان، فضلاً عن قائد الجيش جوزيف عون

بدوره يوضح الكاتب والباحث السياسي، عاصم عبد الرحمن، مواقف النواب المسيحيين من الأسماء المطروحة لملف الرئاسة، بعد خلوة بكركي التي دعا إليها البطريرك الماروني الراعي النواب المسيحيين الـ (64). وقال لـ"حفريات" بأنّ هناك أكثر من ستة مرشحين رئاسيين محتملين، ولم يعلن سوى ميشال معوض عن ترشحه رسمياً بعد. وأضاف بأنّ أبرزهم سليمان فرنجية المؤيد من تيار المردة والتكتل الوطني، ونواب مسيحيين محسوبين على حركة أمل وآخرين، فضلاً عن دعمه الأساسي من الثنائي الشيعي. ويأتي تالياً المرشح الرئاسي ميشال معوض المدعوم مسيحياً من حزبي القوات والكتائب وكتلة تجدد، وآخرين مستقلين، وصوّت لصالحه الحزب التقدمي الاشتراكي. إلى جانب ذلك هناك أسماء محتملة مثل نعمة افرام، وجهاد أزعور الذي يؤيده رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ولا تعارضه كتلة الكتائب، وأسماء أخرى منها صلاح حنين، وإبراهيم كنعان، فضلاً عن قائد الجيش جوزيف عون الذي يحظى بقبول من القوات اللبنانية ولا تعارضه الكتائب، ويحظى بدعم من الحزب التقدمي الاشتراكي.

في انتظار الرياض

وفي ظل جمود الحراك الداخلي، تتجه الأنظار صوب الرياض على خلفية الاتفاق مع طهران، والتقارب من سوريا التي يعتبر فرنجية من أهم حلفائها في لبنان. كانت صحف لبنانية تحدثت عن توسط حزب الله في المفاوضات بين السعودية والحوثيين، مقابل دعم مرشحه سليمان فرنجية، في إطار التسوية الإقليمية.

من جانبها ناقشت باريس مع فرنجية بحسب مراقبين ما يُعرف بالضمانات التي ستطرحها على الرياض خلال زيارة ماكرون المرتقبة إليها. يقول المحلل السياسي اللبناني حسن الدّر، بأنّ الثنائي الشيعي متمسك بفرنجية وليس لديه خطة بديلة ولا اسم آخر للتفاوض. وأشار إلى أنّ الثنائي مقتنع أنّ فرنجية لديه القدرة على التواصل مع الجميع، وهو ليس عدواً لأحد، وعلاقته جيدة مع سوريا والرياض والفرنسيين والروس والأمريكيين والصين والدول العربية.

ونوه بأنّ فرنجيه شخصية توافقية مرنة وقادرة على التواصل، ولا يتعاطى السياسة بشخصانية. وحول معارضة الأحزاب المسيحية الكبرى لفرنجية، قال الدّر، بأنّ مشكلتهم مع فرنجية لأنّه وطني، وهم طائفيون. وشدد على أنّ خطاب فرنجية وطني عروبي بينما خطابهم طائفي يسعى إلى التقسيم والفيدرالية.

حسن الدّر لـ"حفريات": زيارة فرنجية إلى باريس كانت جيدة، وتمّ إبلاغه بأنّه مرشح أساسي، ويتعاطون معه على هذا الأساس، ولا يوجد فيتو شخصي عليه من الرياض 

وبسؤال الكاتب والباحث السياسي عاصم عبد الرحمن، حول موقف السنّة من فرنجية، أجاب بأنّهم يعتبرونه قريباً من بيئتهم، وعروبياً ومع اتفاق الطائف. وأوضح أنّ أكثرية السنّة تترقب موقف الرياض، ويدعمون ما تميل إليه.

وانطلاقاً من اتفاق الطائف، يرى مراقبون أنّ تمسك فرنجية بالطائف، في ظل تنامي الحديث في أوساط مسيحية عن الرغبة في التقسيم أو خيارات غير الطائف، هي بمثابة نقطة إيجابية قوية لصالحه؛ لأنّ الرياض ترى في اتفاق الطائف واحداً من أهم إنجازاتها الدبلوماسية والسياسية.

وبحسب الكاتب والباحث عبد الرحمن، إذا ما أعطت الرياض الضوء الأخضر لانتخاب فرنجية، سيكون ملف الفراغ قد حُسم لصالحه. وحول موقف حلفاء الرياض في لبنان، قال بأنّ، حزب القوات سيؤمن النصاب لجلسة الانتخاب دون التصويت، وأكثرية النواب السنّة سيصوتون لفرنجية.

ميشال الشماعي: فرنجية لا يحقق شروط حزب القوات كرئيس البلاد

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي حسن الدّر، بأنّ هناك قناعة أنّ تأمين النصاب القانوني لانتخاب فرنجية مرتبط بحدوث التوافق والتسوية، سواء أكانت داخلية أم خارجية، وإذا جاءت من الخارج ستسقط داخلياً ويتم تأمين النصاب.

وحول موقف أكبر حزبين مسيحيين؛ القوات والتيار، قال بأنّ القوات يعتبرون أنفسهم الحليف الأبرز للسعودية في لبنان اليوم، وليس مطلوباً منهم التراجع عن موقفهم أو معارضة الرياض، ومن الممكن أنّ تظل القوات على موقفها بدعم ميشال معوض، ويذهب الجميع إلى جلسة انتخاب، بعد تأمين نصاب الفوز لفرنجية، وبهذا يكون الجميع حفظ ماء وجهه.

في الموضوع ذاته، أشار الكاتب اللبناني طارق ترشيشي في مقال بجريدة "الجمهورية" إلى أنّ رئيس حزب الكتائب سامي الجميل صديق لسليمان فرنجية، كما أنّ فرنجية صديق والده الرئيس السابق أمين الجميل. وكتب بأنّ سامي الجميل "إذا ما كان حزبه داعماً للعهد (سليمان فرنجية)، ففي إمكانه أن يقفز في عدد كتلته إلى ما يفوق العشرة نواب ويصبح لاعباً مسيحياً أساسياً".

هل ينتهي الفراغ قريباً؟

ورغم أنّ تجارب الفراغ الرئاسي في لبنان تفتح الباب لتكرار تجربة عامين الفراغ في 2014، حتى انتخاب ميشال عون في 2016، إلا أنّ هناك متغيراً جديداً يمثّل عامل ضغط على القوى المسيحية للإسراع في انتخاب الرئيس، وهو فراغ منصب حاكمية مصرف لبنان في تموز (يوليو) المقبل.

وبحسب قانون "النقد والتسليف" الذي يحكم عمل المصرف، يتولى النائب الأول أعمال الحاكم في حال شغور منصبه. ينتمي النائب الأول إلى الطائفة الشيعية، ما يعني خروج منصب مسيحي كبير آخر من يد المسيحيين، نظراً لأنّ التمديد لحاكم المصرف رياض سلامة غير واردٍ في ظل المعارضة الشديدة من التيار الوطني الحر، ومعارضة القوى المسيحية لعقد جلسة تشريعية لمجلس النواب لإقرار التمديد، فضلاً عما هو مثار حول سلامة من شبهات تتعلق بتبييض الأموال وغيرها من التهم.

لهذا يمثّل فراغ مركز حاكم مصرف لبنان ضغطاً عاماً على القوى اللبنانية في ظل أزمة الانهيار الاقتصادي، وضغطاً على القوى المسيحية لانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء، كمقدمة لازمة لملء شغور حاكمية المصرف.

عاصم عبد الرحمن: أكثرية السنة تترقب موقف الرياض

وفي سياق الفراغ الرئاسي، تنظر قوى مسيحية إلى تمسك الثنائي الشيعي بفرنجية كخيار وحيد، على أنّه تحدٍ، لن تقبل به، إلى حد دفع بنواب مسيحيين إلى التهديد بتعطيل جلسات مجلس النواب حال طُرح فرنجية للانتخاب.

وفي ذلك يقول، الكاتب والمحلل السياسي، حسن الدّر، بأنّ الثنائي لا يعتبر التمسك بفرنجية تحدياً لأحد، بل خيار مناسب من أجل تهدئة العلاقات مع الخليج والعالم والعرب، وإعادة لبنان المنفتح على كل محيطه.

فضلاً عن ذلك، يرى مراقبون أنّ علاقات فرنجية القوية بالرئيس السوري بشار الأسد ستكون ميزةً في تحريك ملف إعادة النازحين السوريين، الذي يُعتبر إحدى أكبر المشاكل التي تواجه لبنان، بحسب ما يصدر عن القوى السياسية، خصوصاً المسيحية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية