هل تنصف الإدانات الأممية للنظام السوري ضحايا جرائم الحرب؟

هل تنصف الإدانات الأممية للنظام السوري ضحايا جرائم الحرب؟


27/03/2021

تلاحق النظام السوري، في دمشق، اتهامات عديدة لارتكابه تجاوزات جمّة على المستوى الحقوقي تصل حد الإبادة، لاسيما مع استخدامه أسلحة كيماوية محظورة، في الصراع المسلح، الممتد لقرابة عشرة أعوام، والآلة القمعية التي استعملها بحق المدنيين وخصومه السياسيين.

اقرأ أيضاً: سر عودة رياض حجاب إلى المشهد السوري عبر بوابة "الإخوان"

وبحسب الأمم المتحدة، فإنّ المرات التي ثبت فيها استخدام السلاح الكيميائي، في سوريا، منذ بدء النزاع، قد بلغت 38 مرة، 32 منها تورط فيها النظام السوري.

وفي ظل أزمة الشرعية والعزلة السياسية التي يواجهها الرئيس السوري، بشار الأسد، فإنّ الإدانات الأممية المتكررة على خلفية ارتكابه "جرائم حرب"، تفاقم من الأوضاع السياسية المعقدة، خاصة وأنّها تتزامن مع الانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها، في منتصف العام الحالي، ومحاولات إيجاد تسوية للنزاع عبر المبادرة الروسية الأخيرة.

وعلى مدار عقد كامل، تباينت فيه فصول الصراع الدموي داخل سوريا، فقد تسببت الحرب في مقتل 400 ألف شخص، فضلاً عن تهجير ونزوح الملايين. ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، مقتل 389 ألف شخص؛ منهم 117 ألف مدني، من بينهم 22 ألف طفل، و14 ألف امرأة، و81 ألفاً من الرجال.

طالبت مفوضة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة باقتفاء أثر عشرات الآلاف من المفقودين، الذين قالت إنّ من بينهم محتجزين في سجون في أنحاء سوريا

مطلع الشهر الحالي، أوضحت اللجنة الدولية المستقلة المعنية بسوريا، أنّها تملك جملة من الوقائع والأدلة والحقائق التي تثبت على نحو قاطع ارتكاب نظام "الأسد" "جرائم حرب"، وقد خلصت إلى إدانة نحو 121 شخصاً من جميع أطراف النزاع في البلاد، غالبيتهم من قوى النظام، مضيفة في تقريرها الذي عرضته، مؤخراً، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أنّ "اللجنة لديها ما يكفي من المعلومات الموثوقة عن تورط 121 من الأفراد في ارتكاب جريمة حرب أو انتهاكات حقوق الإنسان من جميع أطراف النزاع، بما في ذلك القوات الحكومية".

اقرأ أيضاً: عامان على الهزيمة.. ماذا تبقى من "داعش" في سوريا؟

وأوضحت: "منذ بدء عملها بتجميع قوائم سرية بأسماء مرتكبي الانتهاكات والجرائم المزعومين في الجمهورية العربية السورية من جميع أطراف النزاع، جمعت معلومات أولية عن أكثر من 200 3 شخص من الجناة المزعومين، ومن ثم، لدينا ما يكفي من المعلومات الموثوقة عن تورط 121 من هؤلاء الأفراد في ارتكاب جريمة أو انتهاك على نحو يفي بمعيار الإثبات الذي وضعته من جميع الأطراف".

تقارير أممية تتهم "الأسد" بجرائم حرب

كما لفتت اللجنة الأممية إلى أنّ غالبية المتورطين هم من قوات النظام، وقالت: "كانت اللجنة قد وثقت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم ضد الإنسانية ارتكبتها القوات الحكومية، وطائفة من انتهاكات حقوق الإنسان نفذتها الجماعات المسلحة غير الحكومية".

دان تقرير لجنة التحقيق الدولية في استخدام السلاح الكيماوي، الصادر في آب (أغسطس) العام الماضي، النظام في دمشق بسبب تورطه في قصف اللطامنة، الواقعة شمال غرب مدينة حماة السورية، وذلك بثلاث ضربات كيماوية، وقال: "إنّه من خلال التحقيقات الدولية تبين أنّ من يعطي الأمر باستخدام السلاح الكيماوي هو القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة حصراً".

اقرأ أيضاً: الخلافات تتسع بين روسيا وتركيا في سوريا... ما علاقة الولايات المتحدة؟

ليست المرة الاولى، إذاً، التي تكشف فيها منظمات حقوقية وهيئات دولية، تورط النظام في استخدام الأسلحة الكيماوية، وكذا وقوع ممارسات عنف متباينة خارج نطاق القانون بحق المدنيين؛ ففي منتصف الشهر الحالي، شددت مفوضة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ميشيل باشليه، على ضرورة اصطفاف قوى العالم باتجاه تدشين محاكمات ضد كل من يشتبه بارتكابهم جرائم حرب، في سوريا، في محاكمها الوطنية.

وقالت باشليه إنّ "محاولات إحالة فظائع ارتكبت في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، في لاهاي، من أجل محاكمة مرتكبيها قد باءت بالفشل، لذلك بات البديل هو أن تسهل مختلف دول العالم إجراء محاكمات على أراضيها لمن يشتبه بقيامهم بجرائم في سوريا كما فعلت ألمانيا".

وطالبت مفوضة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بـ"زيادة الجهود من أجل اقتفاء أثر عشرات الآلاف من المفقودين، الذين قالت إنّ من بينهم محتجزين في سجون تديرها القوات الحكومية في أنحاء سوريا"، وتابعت في بيان رسمي: "نحن مدينون لهؤلاء الضحايا بضمان أن يكون العقد التالي عقد المحاسبة والتعويض، مع معالجة حقوقهم واحتياجاتهم كي يتسنى لهم إعادة بناء حياتهم".

بايدن وحسابات جديدة في الشرق الأوسط

وإلى ذلك، قامت ثلاث منظمات غير حكومية بتقديم دعوى قضائية أمام محكمة في باريس، تتصل، تحديداً، بالهجوم الكيماوي المتكرر الذي قام به النظام السوري، عام 2013، في منطقتي دوما والغوطة الشرقية؛ إذ أوضح هادي الخطيب مدير "الأرشيف السوري" في بيان رسمي أنّ "الحكومة السورية التي لم تكن شفافة بشأن إنتاجها للأسلحة الكيميائية واستخدامها وتخزينها، يجب أن تحاسب".

الحقوقي السوري بسام الأحمد لـ"حفريات": الموقف السياسي للقوى الغربية ثابت باتجاه سوريا: لا إعادة إعمار أو تطبيع بدون انتقال سياسي وتطبيق للقرارات الأممية

ولفت المركز السوري للإعلام وحرية التعبير إلى أنّ "مجموعة من الناجين من الهجمات الكيماوية والمركز السوري وبدعم من الأرشيف السوري ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح، قدموا شكوى جنائية لقاضي التحقيق في فرنسا لفتح تحقيق جنائي"، موضحاً أنّه "بالإضافة إلى التحقيق في هذه الجرائم، يجب على الدول التعاون من أجل إنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة الجناة.. ولدى سوريا برنامج أسلحة كيميائية ما يزال نشطاً، والسلطات السورية تستخدم حيلاً لخداع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية".

اقرأ أيضاً: هل يعود السوريون إلى رفع شعلة الثورة من جديد؟

وفي حديثه لـ"حفريات"، يرى الصحفي والحقوقي السوري، بسام الأحمد، أنّ هذه الوثائق والأدلة المعلنة والمتاحة للرأي العالم، المحلي والعالمي، تعد "وثيقة إدانة إلى جانب اَلاف الوثائق والإدانات الأخرى، التي سوف تكون مؤثرة على النظام وأوضاعه السياسية التي تفتقد للشرعية الدولية، لاسيما مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، في ظل حالة العزلة الإقليمية والسياسية المفروضة ضده، والأزمة الدستورية التي يقع تحت وطأتها".

الصحفي والحقوقي السوري بسام الأحمد

وفي كل الأحوال، يبدو أنّ الموقف السياسي للقوى الغربية ما يزال ثابتاً تقريباً، بحسب الأحمد، وقد قرروا أنّ "لا إعادة إعمار أو تطبيع بدون انتقال سياسي وتطبيق للقرارات الأممية".

ويتوقع الصحفي والحقوقي السوري، ظهور موقف مغاير لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن سلفه دونالد ترامب، لكنه "سوف يخضع، كما هو متوقع، لعدة اعتبارات، تتصل بحسابات الإدارة الأمريكية الجديدة التي تضع الملف السوري ضمن قضية أوسع لها أو بالأحرى اشتراطاتها التي تريد فرضها داخل مناطق نفوذها التقليدية في الشرق الأوسط، وعلاقتها بإيران، على وجه الخصوص".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية