هل تورطت "طالبان" في تسهيل اغتيال الظواهري؟

هل تورطت "طالبان" في تسهيل اغتيال الظواهري؟


10/08/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

يُعدّ اغتيال أيمن الظواهري في كابول الأسبوع الماضي مصدراً رئيساً لإحراج طالبان؛ إذ يقوّض تعهّد الجماعة بعدم إتاحة ملاذ آمن لعناصر القاعدة، ومثلها من الشّبكات. كان هذا من بين بنود "اتّفاق الدّوحة"، الذي تفاوض عليه في الأصل الرّئيس الأمريكيّ السّابق دونالد ترامب، عام 2020.

كان إصرار "طالبان" على حماية "القاعدة"، السّبب الأصليّ لغزو التّحالف الذي قادته الولايات المتّحدة أفغانستان، عام 2001، في أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، التي خُطّط لها من قاعدة أسامة بن لادن في أفغانستان، وعندما رفض نظام طالبان قطع علاقاته بالجماعة، أطيح من السّلطة.

الجماعة، التي عادت إلى السّلطة في أفغانستان، في آب (أغسطس) من العام الماضي، تعهّدت قبل عامين بعدم التّعاون مع الجماعات الإرهابيّة مجدّداً، وكان هذا الوعد هو الذي أقنع الرّئيس الأمريكيّ جو بايدن بمواصلة عمليّة سحب القوّات الأمريكيّة من البلاد التي بدأتها إدارة ترامب.

كان في منزل آمن

اكتشاف أنّ الظواهري كان يعيش في منزل آمن تُسيطر عليه شخصيّة رئيسة في قيادة طالبان، وسط العاصمة الأفغانية، على مرمى حجر من المجمع الذي يضمّ السّفارتين الأمريكية والبريطانية، يفضح تماماً مُغالَطَة تعهّد طالبان.

أمن طالبان يقف في حراسة أحد أحياء كابول حيث قتلت غارة أمريكية بطائرة مسيرة زعيم القاعدة أيمن الظواهري

الظواهري، البالغ من العمر 71 عاماً، والذي يُعدّ القوة الفكرية وراء حركة "القاعدة، تولّى السّيطرة على الجماعة بعد أن اغتالت القوّات الخاصّة الأمريكيّة بن لادن في منزل آمن في باكستان، عام 2011.

بصفته نائب بن لادن العَهيد، يقال إنّه شارك في التّخطيط للعديد من الفظائع الإرهابيّة ضدّ أهداف غربيّة على مدى عدّة أعوام، بما في ذلك تفجير السّفارتين الأمريكيّتين في كينيا وتنزانيا، عام 1998، والهجوم على المدمّرة الأمريكيّة "كول" في اليمن، عام 2000، وهجمات 11 أيلول (سبتمبر)، وتفجيرات لندن عام 2005.

مقتل الظّواهريّ سيتسبّب في احمرار وجه طالبان، بالنّظر إلى أنّه كان يعيش في منزل يملكه أحد كبار مساعدي سراج الدّين حقّاني، أحد الزّعماء الكبار ضمن النظام الحالي

نتج عن هذا تصدّر الظّواهريّ "قائمة مكتب التّحقيقات الفيدراليّ الأمريكيّ للإرهابيّين المطلوبين"، وكانت هناك مكافأة قدرها 25 مليون دولار مقابل أيّ معلومات يمكن استخدامها لقتله أو القبض عليه. وهكذا، عندما اكتشفت "وكالة التّحقيقات المركزيّة الأمريكيّة" مكان وجوده في كابول هذا العام، نُفّذت على الفور خطّة اغتيال معقّدة.

كيف كُشف سر الظواهري؟

وفق إيجازات مسؤولي أمن أمريكيّين حول العمليّة، نُبّه ضبّاط المخابرات في البداية إلى وجود الظّواهريّ في كابول في الربيع، عندما اكتشفوا أنّ زوجته وابنته وأطفالها قد نُقِلوا إلى منزل آمن في المدينة، ثمّ تبيّن أنّ الظّواهريّ كان في المنزل الآمن نفسه.

وبعد أن حصلت وكالات الاستخبارات على أدلّة قاطعة تتعلّق بمكان وجوده، أبلغت بايدن، الذي أصرّ على أنّه على الرغم من الفوضى التي أحاطت بالانسحاب الأخير للولايات المتّحدة العام الماضي، فإنّها ستواصل عمليّاتها ضدّ القادة المسلّحين المتمركزين في أفغانستان.

يُصرّ المسؤولون الأمريكيّون على أنّ الظواهري ظلّ شخصية خطيرة، لدرجة أنّه استمرّ في "تأمين التّوجيه الإستراتيجي"، بما في ذلك الحثّ على شنّ هجمات على الولايات المتّحدة

أُشرِكَت مجموعة صغيرة من مسؤولي الاستخبارات الرّئيسين، وكذلك نائبة الرّئيس كامالا هاريس، في عمليّة صُنع القرار بينما كانت إدارة بايدن تفكّر في خياراتها. وخلال شهرَي أيار (مايو) وحزيران (يونيو)، أُطلِع بايدن بشكل دائم التّحديث على المعلومات الاستخباراتيّة المتزايدة التي أكّدت أنّ الظواهري مختبئ في هذا المنزل الآمن.

بعد ذلك، في الأوّل من تمّوز (يوليو)، أُطلِع الرّئيس في "غرفة العمليّات" على العمليّة المخطّط لها؛ حيث فحص عن كثب نموذجاً مصغّراً للمنزل الذي كان الظواهري يختبئ فيه، أعطى بايدن موافقته النهائية على العملية يوم الخميس من الأسبوع الماضي.

كان الظواهري في شرفة مَخبأه يوم الأحد عندما أُطلِق صاروخان من طراز "هيلفاير"، من طائرة من دون طيار، ما أدّى إلى مقتله. كانت عائلته في جزء آخر من المنزل عند تنفيذ العمليّة، ولا يُعتقد أنّ أيّ شخص آخر قد قُتل، وقد أكّد ذلك فريق بريّ وعمليّة استطلاع جويّ تابعة لـ "وكالة المخابرات المركزيّة" أُجريت بعد الغارة مقتل الظّواهريّ.

ماذا ستمنح العملية لبايدن؟

ستمنح العمليّة، بالتّأكيد، دفعة قويّة لبايدن، الذي واجه انتقادات لاذعة، في الدّاخل والخارج على السّواء، بسبب تعامل إدارته المتواضع مع الانسحاب من كابول، وفي حديثه بُعيد تأكيد وفاة الظواهري، قال الرّئيس المُلَام إنّه يعتقد أنّ القتل قد حقّق العدالة ونأمل أن يكون "إجراءً آخر لطيّ صفحة الماضي"، بالنّسبة إلى عائلات ضحايا هجمات الحادي 11 أيلول (سبتمبر).

قال بايدن: "لن يسمح لأفغانستان مرّة أخرى، أبداً مرّة أخرى، بأن تُصبح ملاذاً آمناً للإرهابيّين، لأنّه رحل، وسوف نتأكّد من عدم حدوث أيّ شيء آخر". وأضاف: "بغضّ النّظر عن الوقت المستغرق، بغضّ النّظر عن المكان الذي تختبئ فيه، إذا كنت تمثّل تهديداً لشعبنا، فستجدك الولايات المتّحدة وتتخلّص منك".

قبيل وفاته، قيل إنّ الظّواهريّ كان يكافح للحفاظ على أهميّة القاعدة في شرق أوسط متغيّر، وكان قد حاول، بنجاح محدود، الإسهام في تنسيق موجة الانتفاضات التي انتشرت عبر العالم العربيّ، في ربيع عام 2011، وحثّ الإسلامويّين المسلّحين على السّيطرة.

ومع ذلك، يُصرّ المسؤولون الأمريكيّون على أنّ الظواهري ظلّ شخصية خطيرة، لدرجة أنّه استمرّ في "تأمين التّوجيه الإستراتيجي"، بما في ذلك الحثّ على شنّ هجمات على الولايات المتّحدة وتشجيع أتباعه على اعتبار أمريكا "العدوّ الأساسيّ للحركة".

إنّ مقتل الظّواهريّ سيتسبّب في احمرار وجه طالبان، بالنّظر إلى أنّه كان يعيش في منزل يملكه أحد كبار مساعدي سراج الدّين حقّاني، أحد الزّعماء الكبار ضمن النظام الحالي، وفق مسؤولين أمريكيّين، كما أنّ واشنطن مقتنعة بأنّ شخصيّات بارزة في الحكومة الأفغانيّة كانت على علم بوجود الظّواهريّ.

إذا كانوا مستعدّين لتوفير ملاذ لواحد من أكثر الرّجال المطلوبين في العالم؛ فإنّ السّؤال الذي يطرح نفسه هو: كم عدد مسلّحي القاعدة الذين يعيشون في منازل آمنة في أحياء كابول السكنية؟

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

كون كوغلين، ذي ناشونال، 4 آب (أغسطس) 2022



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية