هل زرعت إسرائيل عميلاً في صفوف حزب الله؟

حزب الله

هل زرعت إسرائيل عميلاً في صفوف حزب الله؟


29/08/2019

منذ عام 2006، وبعد انتهاء حرب تموز، لم تشهد الحدود اللبنانية أيّ نوع من التصعيد؛ إذ حافظ كلّ من حزب الله اللبناني، والاحتلال الإسرائيلي على قواعد الاشتباك فيما بينهما، لكنّ "إسرائيل" اخترقت تلك القواعد المعمول بها مع حزب الله، وتحييد الساحة اللبنانية.

تحقيقات يُجريها حزب الله تتمحور حول وجود خرق أمني من داخل صفوفه من قبل عميل يعمل لحساب إسرائيل

وخرقت طائرتان مسيَّرتان إسرائيليتان الضاحية الجنوبية لبيروت، في "عملية أمنية نوعية" بالطائرات المسيّرة، غير معهودة منذ 13 عاماً، سقطت الأولى في ظروف غامضة، وانفجرت الأخرى قرب مكتب العلاقات الإعلامية لـ "حزب الله"، بعد ساعات قليلة من إقرار إسرائيل بتنفيذ ضربات في جنوب دمشق، أسفرت عن مقتل عنصرين من "حزب الله"، وتواترت الأنباء عن وجود عميل زرعته إسرائيل في صفوف حزب الله.
وهدد أمين عام حزب الله حسن نصرالله بالردّ على الخرق الإسرائيلي لمعقله في الضاحية الجنوبية، من دون أن يُعطي أية تفاصيل أخرى عن توقيت الرد والطريقة.
فما الغاية الذي تسعى إليها "إسرائيل" من استهداف عناصر حزب الله في سوريا؟ ولماذا غيّرت "إسرائيل" قواعد الاشتباك مع حزب الله؟ وما هو رّد حزب الله المحتمَل؟ وهل ستكون هناك حرب محتملة؟ وهل ستكون جبهة في غزة في حال حدوث حرب بين حزب الله و"إسرائيل" وتدخّل إيران؟
خرقت طائرتان مسيَّرتان إسرائيليتان الضاحية الجنوبية لبيروت

استهداف التواجد الإيراني
وفي سياق الردّ على تلك التساؤلات، يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عاهد فروانة لـ "حفريات" إنّ "الاحتلال الإسرائيلي قام بعملية استهداف جديدة لما يسمّيه "التواجد الإيراني في سوريا"، ويدّعي أنّه يهدف لمهاجمته، والجديد هذه المرة هو إعلان نتنياهو عن الهجوم، في تخلٍّ واضح عن السياسة السابقة التي كانت تنتهجها دولة الاحتلال بعدم الإعلان عن هذه الهجمات".

افرأ أيضاً: هل انطلقت الدرونز الإسرائيلية على الضاحية من لبنان؟
ويضيف: "استهداف الضاحية الجنوبية في بيروت، وهي معقل حزب الله، من خلال طائرات بدون طيار، منذ نهاية حرب 2006، تطوّر في قواعد الاشتباك بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، فنتنياهو يسعى لاستمرار سياسة الاستهداف الممنهج للتواجد الإيراني في سوريا، والذي يراه الخطر الأكبر في هذه المرحلة، والإعلان عن ذلك يوضِح بشكل جليّ أنه لن يتورع عن الاستمرار في هذا الأمر".

اقرأ أيضاً: هكذا يمكن قراءة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل
ويتابع: "إسرائيل" تعمل على تحقيق أهدافها على كلّ جبهة، فبخصوص جبهة غزة؛ تسعى إلى عدم الانجرار إلى حالة مواجهة؛ لأنّها تريد إدامة الانقسام وتعزيزه، وإبقاء سيطرة حركة حماس مع استمرار حالة الردع، بينما في الضفة الغربية؛ سياستها هي معاقبة منفذي العمليات وعائلاتهم، وعدم توسيع ذلك حتى لا تتطور الأمور، مع الاستمرار في حالة النهب للأرض الفلسطينية، ومواصلة الاستيطان.
فراونة: سياسة الاحتلال تتمثل في مواجهة ما يسميه التموضع الإيراني في سوريا

مصاعب انتخابية
أما بخصوص جبهة لبنان سوريا، يبين فروانة؛ أنّ سياسة الاحتلال تتمثل في مواجهة ما يسميه التموضع الإيراني في سوريا؛ لأنّه يراه الخطر الأكبر الذي يواجهه في المرحلة الحالية، وهذا ما يجعله يواصل الاستهدافات التي يقوم بها، والتطور الجديد هو تبنّي إسرائيل لهذا الاستهداف الأخير، وهو يوضح أنّ نتنياهو ماضٍ بهذه السياسة، خاصة في ظلّ المصاعب الانتخابية، التي يواجهها داخل دولة الاحتلال ومع اقتراب الانتخابات.

عرفات الحاج: حزب الله أمام مواجهة أبرز تحدٍّ يتعرض له بعد دخوله لسوريا فلسنوات أجّل حزب الله هذه المواجهة

وينوه إلى أنّ استهداف معقل حزب الله يكشف أنّ نتنياهو ذاهب لأبعد من استهداف التواجد الإيراني، وأنّه سيقوم بتوجيه ضربات لحزب الله للقول؛ إنّه لن يكتفي باستهدافه في سوريا؛ بل سيمتدّ إلى لبنان.
ويردف قائلاً: الحالة الموجودة الآن تزيد حالة التوتر، وقد تؤدي إلى التدحرج إلى مواجهة في الشمال، لكنّ هناك العديد من المحددات التي قد تمنع الوصول إلى حالة حرب، خاصة أنّ إيران وحزب الله غير معنيين في الوقت الحالي بذلك، إضافة إلى أنّ "إسرائيل" ستواصل الاستهداف، دون تأزيم الأمور لما هو أكثر من ذلك، وقد نشهد ردّاً إيرانياً بشكل غير مباشر.
نتنياهو يعيش أوقاتاً صعبة بفعل التصعيد الذي يواجهه في جبهات الضفة وغزة والشمال

مشاركة جبهات أخرى
ويرى فروانة؛ أنّه في حال حدوث مواجهة كبيرة بين حزب الله وإسرائيل، ومشاركة إيران؛ فإنّ الاحتمالات ستكون مفتوحة لمشاركة جبهات أخرى، خاصة في غزة، وتدخّل الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسهم حركتَا حماس والجهاد الإسلامي.

اقرأ أيضاً: غارات إسرائيلية على منطقة البقاع اللبنانية.. هذه كانت أهدافها
ويعتقد الخبير في الشؤون الإسرائيلية؛ أنّ رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يعيش أوقاتاً صعبة بفعل التصعيد الذي يواجهه في جبهات الضفة وغزة والشمال، خاصة مع قرب الانتخابات، فالعمليات النوعية في الضفة والقذائف الصاروخية التي تطلق من غزة، وتهديدات نصر الله، جميعها تفرض ضغوطاً كبيرة عليه، خاصة أنّها تستهدف ما يتفاخر به دوماً بأنّه "مستر أمن".
ويشير إلى أنّ الضغوط الكبيرة، وهجوم أحزاب المعارضة عليه، خاصة أزرق أبيض وليبرمان، قد تؤدي به إلى قرارات متسرعة للخروج من هذه الأزمة حتى لا يفقد المزيد من هيبته الأمنية.

اقرأ أيضاً: هل تستطيع إسرائيل إيقاف العمليات الفردية في الضفة الغربية والقدس؟
وفي السياق ذاته، يقول الباحث في شؤون الشرق الأوسط، عرفات الحاج، لـ "حفريات": "لا يمكن إخراج عمليات القصف والاستهداف الأخيرة في سوريا ولبنان عن سياق السلوك العسكري للاحتلال الإسرائيلي، والذي يصنفه تحت مسمى "المعركة بين الحروب"، والتي أعلن سابقاً أنّ أهدافه منها هي؛ منع تطور قدرات خصومه، خصوصاً حزب الله، وتحسين فرصه للفوز في أيّة حرب قادمة، وهو أمر أيضاً يرتبط بسياسة إقليمية للكيان الصهيوني، تتجاوز الجوار الحدودي لفلسطين المحتلة".

التحكّم في تطورات الإقليم
ويضيف الحاج: "ما تسعى المؤسسة العسكرية الصهيونية لتحقيقه من خلال هذا المسار، هو ضمان نوع من التحكم في تطورات الإقليم، وحرمان أيّة قوى أخرى من بناء جبهة متصلة، أو تكتل معادٍ لهذا الكيان، وحرمان إيران خصوصاً من تطوير أدوات عملها ضدّ الاحتلال، وهنا لا يمكن تغييب الأهداف السياسية عن المعادلة، والتي تتصل بالاعتبارات الانتخابية لنتنياهو".
ويبدو أنّ استحقاق ضرورة مواجهة حزب الله؛ هي أبرز تحدٍّ يتعرض له بعد دخوله لسوريا، كما يقول الحاج، "فلأعوام أجّل حزب الله هذه المواجهة، وسعى لتنفيذ ردود موضوعية، في ظلّ تكبيل يديه نسبياً، بفعل حسابات المعركة في سوريا، وخشية المحور الذي ينتمي له من حدوث تطورات لأيّة مواجهة مع الكيان الصهيوني، قد تفضي لخسارة المواجهة في سوريا أو الإطاحة بالنظام".

عاهد فروانة: نتنياهو يسعى لاستمرار سياسة الاستهداف الممنهج للتواجد الإيراني في سوريا والذي يعدّه الخطر الأكبر في هذه المرحلة

ويبيّن الحاج؛ أنّه، كما عبّر الأمين العام لحزب الله؛ فإنّ التحدّي هو السماح بمسار يرغبه الاحتلال، وهو استباحة الاستهداف لعناصر حزب الله في الأرض اللبنانية، وهو ما يعني كسراً جذرياً لمعادلة الردع، أو المسار الآخر الذي يسعى إليه الاحتلال، وهو استباحة اغتيال وتصفية كوادر لحزب الله، خارج الأراضي اللبنانية.
ويوضح أنّ حزب الله سينفذ ردوداً لا تفضي للحرب بطبيعتها، ولكنّها ستفوق أيّة أنماط سابقة من الردّ الموضعي الذي نفّذه الحزب أحياناً، أما مسألة الذهاب نحو احتمالات مواجهة واسعة، فهي ترتبط بالأساس بحسابات قيادة الاحتلال؛ فمن الواضح أنّ حزب الله لن يتجنّب القيام بالردّ الضروري بالنسبة إليه، لترميم معادلة الردع، خشية اندلاع حرب أو ما شابه.
بيْد أنّ الأمر المحيّر والمحرج بالنسبة لحزب الله هو أنّ الهجوم الإسرائيلي استهدف مصنعاً خاصاً لإنتاج وتصنيع الطائرات المسيّرة الذي تتولاه وحدة العمليات التكنولوجية التابعة للحزب. وما يزيد الأمر حيرة  ما كشفه موقع "العربية نت" بأنّ تحقيقات يُجريها حزب الله تتمحور حول وجود خرق أمني من داخل صفوفه من قبل عميل يعمل لحساب إسرائيل ويزوّدها بالمعلومات؛ إذ إنّ مركز العمليات التكنولوجية لإعداد الطائرات المسيّرة لا يعلم بوجوده إلا عدد قليل من عناصره، وهو ما يؤكد وجود خرق أمني داخلي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية