هل يحسم اللاجئون السوريون في تركيا هوية الرئيس القادم؟

اللاجئون السوريون في تركيا... ورقة للمنافسة الانتخابية أم سلعة للمزايدة السياسية؟

هل يحسم اللاجئون السوريون في تركيا هوية الرئيس القادم؟


22/05/2023

من المنتظر أن تلعب سوريا بشقيها؛ أيّ السّلطة واللّاجئين، دوراً كبيراً في تحديد هُويّة الرئيس التركيّ القادم، خصوصاً أنّ الصراع بين المتنافسَيْن يرتكز على (12) مليون صوت "حيادي"، لم يُدلوا بأصواتهم لا للسّلطة ولا للمُعارضة خلال الجولة الأولى.

وكائناً من كان الفائز، فإنّ نحو (3.7) ملايين لاجئ تنتظرهم أوضاع مأساوية بعد 28 أيار (مايو) من الشهر الجاري، بالنظر إلى خطاب الكراهية الذي تصاعد ضد اللاجئين السوريين مع تنامي المشاعر اليمينية المتطرفة المعادية لهم.

اللاجئون السوريون لاعب رئيسي في انتخابات تركيا

ومع مرور الانتخابات التركية إلى جولة ثانية، طغى ملف اللاجئين السوريين على البرامج الانتخابية للمتنافسَيْن، فقد تعهد الرئيس رجب طيب أردوغان بإعادة مليون لاجئ سوري إلى بلادهم بعد إنجاز مشاريع بناء تقوم شركات تركية بتنفيذها داخل الأراضي السورية.

وقال في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" مساء أمس: "قد نعيد أكثر من مليون لاجئ سوري إلى بلدانهم"، وحين عقّبت المذيعة قائلة: "أتقول إنّه في حال انتخبت رئيساً بالجولة الثانية ستعيد مليون لاجئ سوري؟"، أردف أردوغان مجيباً: "بل ربما أكثر".

كما لفت أردوغان إلى أنّ "المعارضة تركز باستمرار على شيء واحد، تقول: عندما نصل إلى السلطة، سوف نعيد اللاجئين السوريين في تركيا، ومن المستحيل بالنسبة إليّ أن أتفق مع ذلك".

كائناً من كان الفائز، فإنّ نحو (3.7) ملايين لاجئ تنتظرهم أوضاع مأساوية بعد 28 أيار (مايو) من الشهر الجاري

وبالفعل، رفع منافسه كمال كليجدار أوغلو عيار التصعيد متعهداً بطرد (10) ملايين لاجئ، وقال: إنّ حكومة أردوغان سمحت بدخولهم إلى تركيا، في محاولة لاستمالة أنصار سنان أوغان الذين يُريدون ترحيلاً فورياً لجميع اللّاجئين في تركيا، وخاصة (4.59) ملايين لاجئ سوري.

ولم ترتفع حماسة كليجدار أوغلو إلى مستوى التعهد بالطرد الجماعي للاجئين، إلّا بعد أن فشل في أن يحسم الانتخابات لصالحه في الجولة الأولى، ممّا يجعله يراهن على أن يكسب أصوات القوميين المتشددين الذين يطالبون بترحيل اللاجئين.

الصراع بين المتنافسَيْن يرتكز على (12) مليون صوت "حيادي"، لم يُدلوا بأصواتهم لا للسّلطة ولا للمُعارضة خلال الجولة الأولى

في الأثناء، تُسلّط الأنظار الآن على سنان أوغان ولقائه المُتوقّع مع زعيم المُعارضة كليجدار أوغلو في الأيام القليلة المقبلة، وعلى دمشق في الوقت نفسه، وملف اللّاجئين السوريين في الحالتين، إذ بات من الواضح، وبعد تعديلات الأوّل، أي أوغلو، وتبنّيه للتّرحيل الفوريّ للّاجئين السوريين، وبأسرع وقت ممكن، بات الأقرب لمطالب أوغان وأنصاره الذين يضعون هذا المطلب على قمّة شروطهم ومطالبهم، بحسب تحليل لموقع "رأي اليوم".

اللاجئون السوريون جزء مهم من المجتمع التركي

ووفق المفوضية العليا للاجئين، يعيش في تركيا ما يقارب (3.7) ملايين لاجئ سوري. لكنّ ممثلي الأحزاب السياسية، لا سيّما أحزاب اليمين المتطرف، مثل حزب (الظفر)، فهم يقدّرون أعدادهم ما بين (3 إلى 5) ملايين لاجئ، بحكم أنّ فئة كبيرة منهم يعيشون بشكل غير شرعي في البلاد وغير مسجلين بقوائم المفوضية العليا للاجئين. وغالبية اللاجئين يملكون ما يُسمّى بـ "بطاقة الحماية المؤقتة" (كملك باللغة التركية) التي منحتها الحكومة بطلب من المفوضية العليا للّاجئين والاتحاد الأوروبي.

أمّا الآخرون، فهم يملكون ما يُسمّى "ببطاقة السياحة" التي تمنحها إدارة الهجرة التركية، ويجب تجديدها كل (3 أو 5) أشهر. وكلتا البطاقتين لا تسمحان لمالكهما ممارسة نشاط وظيفي إلّا بعد الحصول على إذن خاص من الحكومة، وغالباً ما يكون هذا الإذن من الصعب الحصول عليه.

وتقدّر بعض المصادر الرسمية أنّ نسبة السوريين المجنسين الذين يحق لهم الاقتراع  0.17%، من مجموع الناخبين الأتراك البالغ أكثر من (64) مليوناً، ممّا يعني أنّهم لن يتركوا تأثيراً على النتائج، إلّا أنّ الأتراك الراغبين بترحيلهم مؤثرون بالفعل.

وتُعدّ ولايات إسطنبول وغازي عنتاب وشانلي أورفا وهاتاي وأضنة ومرسين وبورصا وإزمير وقونية وأنقرة من المدن التي يعيش فيها أكبر عدد من السوريين.

الخطر الحقيقي يكمن في العنف المحتمل ضد اللاجئين

وكان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو قد كشف أنّ تركيا أعادت بالفعل أكثر من نصف مليون سوري. ولكنّه أضاف "لن نحوّل تركيا إلى مستودع للّاجئين، ولم نفعل ذلك حتى الآن، لكنّ السوريين أشقاء لنا... لا يمكننا إرسالهم إلى الموت، ولم نقم بذلك، لا يريد طيب أردوغان أن يتم تذكره على أنّه الزعيم الذي أرسل السوريين إلى الموت".

ويقول مراقبون: إنّ الوعود بترحيل أعداد ضخمة من اللاجئين مفيدة انتخابياً، إلّا أنّها غير واقعية، لأنّ العديد من اللاجئين السوريين باتوا مستقرين بأعمال مستقلة خاصة بهم.

اللاجئون السوريون مجتمع غير مرئي

وغالباً ما تتعامل وسائل الإعلام في تركيا مع اللاجئين على أنّهم مجتمع غير مرئي، بينما تتجه وسائل التواصل الاجتماعي إلى التمييز الصارخ أو العنصرية أو الطائفية أو الإسلاموفوبيا أو كراهية العرب عندما يتعلق الأمر باللّاجئين"، خصوصاً أنّ الطبيعة المجهولة لوسائل التواصل الاجتماعي والحسابات المجهولة تجعل عملهم أسهل.

ويُحذّر محللون أتراك من أنّ "الخطر الحقيقي يكمن في العنف المحتمل ضد اللاجئين الذين تعرّضوا لهجمات في مدن مختلفة في تركيا، بناء على شائعات عن تورطهم في قضايا اغتصاب أو قتل ضد السكان المحليين.

رفع كمال كليجدار أوغلو عيار التصعيد متعهداً بطرد (10) ملايين لاجئ، وقال إنّ حكومة أردوغان سمحت بدخولهم إلى تركيا، في محاولة لاستمالة أنصار سنان أوغان

وتسود البلاد موجات كراهية ضد السوريين على وجه الخصوص، حيث استغلت الأحزاب الرئيسية في البلاد، بعض الحوادث الفردية لإثارة مشاعر معادية ضدهم، تؤدي بدورها إلى زيادة توتر الأتراك ومجاميع اللاجئين الذين يقطنون، في الغالب، في أحياء فقيرة، ويقومون بأعمال رثة من أجل العيش.

وكجزء من التحريض المباشر على اللاجئين السوريين في تركيا، هاجم رئيس بلدية بولو (تانجو أوزجان) التابع لحزب الشعب الجمهوري المعارض اللاجئين واصفاً إيّاهم بالإرهابيين، وقال في تغريدة على حسابه في (تويتر): "لا أستطيع النوم، أنا على وشك أن أصاب بالجنون، (13) مليون لاجئ يعني (20) مليون إرهابي في (10) أعوام!. سيسحبون السكاكين ويغتصبون أطفالنا وأصحاب المتاجر!. يرجى التصويت بعناية يا أخي!

وبحسب استطلاعات الرأي، فإنّ أغلبية تصل إلى 70% من اللاجئين السوريين ترغب بمغادرة تركيا، إلّا أنّهم بين فكّي الرحى؛ لا يجدون مكاناً يؤويهم في بلادهم، ولا يجدون سبيلاً للرحيل إلى بلد آخر.

مواضيع ذات صلة:

ألمانيا: قرية حاويات جديدة لتسكين اللاجئين السوريين.. تفاصيل

مأساة اللاجئين الإريتريين في السودان: هل عقد الجيش صفقة مع نظام أفورقي؟

اللاجئون السّوريون و"العودة المستحيلة"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية