هل يمكن أن تحقق زيارة روحاني لليابان اختراقاً بين طهران وواشنطن؟

هل يمكن أن تحقق زيارة روحاني لليابان اختراقاً بين طهران وواشنطن؟


18/12/2019

تحظى الزيارة التي يفترض أن يقوم بها الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إلى اليابان للقاء القيادة اليابانية، بأهمية في هذه المرحلة، ارتباطاً بدلالاتها وتوقيتها، خاصة وأنّ اليابان تشكل إحدى قنوات التفاوض الرئيسية التي من خلالها يتم تبادل الرسائل السرية بين واشنطن وطهران، إلى جانب سويسرا وسلطنة عُمان، وهي القنوات التي يبدو أنّها تنشط بهذه المرحلة، بعد تراجع القناة التي تم فتحها عبر باريس، من خلال الرئيس ماكرون، والتي كادت أن تنجح في عقد لقاء القمة بين الرئيسين؛ ترامب وروحاني، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، وهو ما يرجح أن تكون هذه الزيارة في أحد وجوهها رداً على فشل الاتحاد الأوروبي في تحقيق اختراقات للمواقف الأمريكية، والتي طالما أكد عليها المرشد علي حامنئي، بأنّ الدول الأوروبية غير قادرة على اتخاذ مواقف تجاه إيران، تخالف المواقف الأمريكية.

تشكل اليابان إحدى قنوات التفاوض الرئيسية التي من خلالها يتم تبادل الرسائل السرية بين واشنطن وطهران

ورغم التأكيدات الإيرانية على أنّ زيارة روحاني إلى طوكيو لا علاقة لها بالتفاوض مع الولايات المتحدة، على خلفية الملف النووي، إلا أنّ تصريحات روحاني، في جامعة "فرهيغتغان" بطهران، أكدت تلك الحقيقة، حينما أشار إلى أنّ التفاوض جزء من المسؤولية القانونية الثورية، وأنّ الموازنة الإيرانية التي قدمها للبرلمان جاءت على أساس استمرار العقوبات.
زيارة روحاني لليابان ليست معزولة عن صفقة تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وطهران التي تم إنجازها قبل أيام، بوساطة سويسرية؛ حيث تم الإفراج عن المواطن الأمريكي "شيوي مانغ" مقابل الإفراج عن المواطن الإيراني "مسعود سليماني"، والأجواء التي سادت بعدها بتصريحات إيجابية أمريكية، عبّر عنها الرئيس ترامب ووزير خارجته مايك بومبيو والتي أكدت إمكانية تحقيق "إنجاز معاً".

اقرأ أيضاً: هل تهدّئ مبررات روحاني غضب الشعب الإيراني؟
صفقة تبادل الأسرى شجعت طهران وطوكيو، على إمكانية فتح أفق جديدة بإمكانية تنفيذ اتفاقات اقتصادية بين الجانبين من جهة، وفتح بوابة طوكيو أمام مفاوضات بين طهران وواشنطن، تبدو طهران بحاجة لها، بعد موجة الاحتجاجات الواسعة التي اجتاحت المدن الإيرانية، بعد زيادات بأسعار البنزين، والثورات التي يشهدها العراق ولبنان، ضد الوجود والتأثير الإيراني، وتراجع الدور الإيراني في سوريا، بالإضافة لانعكاس العقوبات الأمريكية على قدرات الحرس الثوري على تمويل أذرعه وأدواته في الإقليم، وعزلة إيران سياسياً بعد حروب خطف ناقلات النفط وتشكل الأحلاف الدولية لحماية الملاحة البحرية، وظهور إيران أمام الدول الكبرى بأنّها عامل "تخريب" للأمن الدولي، علماً بأنّ اليابان من أهم مستوردي النفط الإيراني، وهو ما تأمل معه طهران أن تسهم اليابان في إنقاذ الموازنة الإيرانية، عبر تنازلات تقدمها لأمريكا، من الصعب تحديد مدياتها وموضوعاتها وحدودها في هذه المرحلة.

اقرأ أيضاً: روحاني يهدّد الدول الأوروبية.. ماذا قال؟
لكن في الوقت نفسه فإنّ إيران لا تثق بترامب لا تعول كثيراً على المفاوضات عبر طوكيو أو غيرها، لكنها تأمل ليس بإلغاء العقوبات بشكل كامل؛ بل بتخفيف العقوبات، وفقاً لمضامين مبادرة الرئيس الفرنسي التي كانت تنص على تجميد بعض العقوبات، وهو ما تسعى إليه إيران، التي يبدو أنّها أصبحت ترى في مفاوضات تبادل الأسرى مع أمريكا مدخلاً لمفاوضات سياسية، وهو ما أكده وزير الخارجية جواد ظريف من أنقرة قبل أيام.

اقرأ أيضاً: لعبة روحاني..العراق المرقد وليس الدَّولة
وبعيداً عن تناقض التصريحات الإيرانية التي تصدر عن قيادات بالحرس الثوري الإيراني حول إمكانية ضرب إسرائيل من خلال لبنان عبر حزب الله، والتحرش مجدداً بالقوات الأمريكية في العراق، وإطلاق تهديدات حول العودة لخطف ناقلات النفط في الخليج، بالتزامن مع تصريحات يطلقها روحاني ووزير خارجيته، حول إمكانية التفاوض مع أمريكا، فإنّ المؤكد أنّ القيادة الإيرانية ما زالت تمارس معركة عض الأصابع مع الولايات المتحدة، والرهان على الوقت بتحقيق إنجازات، يبدو أنّ ضغوطات وتداعيات العقوبات لم تعد تسمح لهذه الرهانات أن تبقى على طاولة صانع القرار الإيراني.

صفقة تبادل الأسرى شجعت طهران وطوكيو على إمكانية فتح أفق جديدة بإمكانية تنفيذ اتفاقات اقتصادية بين الجانبين

الشروط الأمريكية للتفاوض مع إيران مرتبطة بثلاثة ملفات وهي: النووي الإيراني، والصواريخ الباليستية، والتدخل الإقليمي للحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ومن غير المعروف على وجه التحديد بأي من هذه الملفات ستبدأ التنازلات الإيرانية، لكن المؤكد أنّ الملف النووي ووفقاً لتصريحات المرشد الأعلى، خامنئي، ستكون أول ملفات التنازل، يليها ملف الصواريخ الباليستية التي أكد جواد ظريف أنّه ملف خاضع للتفاوض، فيما سيبقى الملف الأكثر تعقيداً، وهو ملف التدخل الإقليمي ملفاً شائكاً، مرتبطاً بتصدير الثورة، وتمكين إيران من امتلاك أوراق تفاوض.

يبدو من الصعوبة بمكان التعويل على إمكانية تحقيق اختراق حقيقي بين طهران وواشنطن على خلفية زيارة روحاني، ما لم يكن روحاني يحمل تفويضاً مباشراً من المرشد الأعلى، خامنئي، بتقديم تعهدات لطوكيو لنقلها إلى واشنطن، تبني على ما تم إنجازه بصفقة تبادل الأسرى.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية