هل يملك المجلس الرئاسي حلاً للأزمة في ليبيا؟

هل يملك المجلس الرئاسي حلاً للأزمة في ليبيا؟

هل يملك المجلس الرئاسي حلاً للأزمة في ليبيا؟


23/01/2023

ما بين الصلاحيات المكتوبة والأمر الواقع المرتهن للميليشيات في غرب ليبيا، يقع المجلس الرئاسي الليبي في المنتصف، عاجزاً عن التحرك في ظل استفحال الأزمة في البلاد. يحوز المجلس الرئاسي مجتمِعاً منصب القائد الأعلى للجيش الليبي، وهي صفة شرفية بحكم تعدد القوى المسلحة لكن كان بإمكان المجلس استخدامها في ظل استخدام سائر الأجسام السياسية لصلاحياتهم للتحكم في المشهد الليبي.

بداية يجب الرجوع إلى تشكيلة المجلس التي تدين بالفضل في تجميعها ونجاحها في انتخابات قوائم السلطة التنفيذية في ملتقى الحوار السياسي الليبي مطلع العام 2021 إلى شخص رئيس الوزراء في القائمة، عبد الحميد الدبيبة.

يعول المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، على المجلس الرئاسي لاختراق حالة الجمود السياسي، نتيجة تباعد وجهات النظر بشأن المناصب السيادية والقاعدة الدستورية لإقامة الانتخابات

يعني ذلك أنّ المجلس الرئاسي بتركيبته الحالية دان بالفضل للدبيبة في صعودهم السياسي، ولهذا ارتهن وسلّم صلاحياته إلى الدبيبة.

صلاحيات معطلة

عقد المجلس الرئاسي الليبي برئاسة محمد المنفي، الملتقى التحضيري لمؤتمر المصالحة الوطنية في الفترة من ( 8 - 13) من شهر كانون الثاني (يناير) الجاري. وبحث الملتقى الذي حظي بمشاركة دولية وإقليمية ومحلية واسعة عدداً من القضايا، وهي؛ الهوية الوطنية، العدالة الانتقالية، الحكم الوطني، اللامركزية، والأمن الوطني. 

وبحسب بيان صادر عن المجلس "كانت المهمة الأساسية للملتقى نقل التوصيات للمؤتمر الجامع للمصالحة الوطنية، لاتخاذ قرارات بشأنها، حيث توصل المجتمعون إلى توافقات في عديد القضايا، وما زالت بعض القضايا محل النقاش، في بيئة إيجابية دون إقصاء لأحد، وحظى الجميع بالاحترام رغم اختلاف الآراء".

ويرى رئيس حزب السيادة الوطنية الليبية، إبراهيم محمد بن عمران، أنّ المجلس الرئاسي تأخر كثيراً في عقد المصالحة؛ فبعد سنة ونصف السنة يبدأ بالمصالحة ولم يُدع لها أطراف عديدة، وساد الاجتماع التحضيري اعتراض ممثلي النظام السابق حول النشيد والعلم. وأضاف لـ"حفريات" أرى أن "تسبق العدالة الانتقالية وجبر الضرر، المصالحة".

لقاءات عدة جمعت المبعوث الأممي ورئيس المجلس الرئاسي

وبحسب الباب الخاص عن السلطة التنفيذية في خريطة الطريق التي نتجت عن ملتقى الحوار السياسي الليبي في نهاية العام 2020، فيما يتعلق باختصاصات المجلس الرئاسي، جاء "إطلاق مسار المصالحة الوطنية، وتشكيل مفوضية وطنية عليا للمصالحة لتنفيذ المهام الواردة بالمادتين 2 و6 من خريطة الطريق".

وفي شباط (فبراير) 2021، فازت قائمة السلطة التنفيذية التي ضمت كلاً من؛ محمد المنفي رئيساً للمجلس الرئاسي (الشرق)، وعضوية نائبين عبد الله اللافي (الغرب)، وموسى الكوني (الجنوب)، ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، في انتخابات ملتقى الحوار السياسي.

وجاء في اختصاصات المجلس؛ "القيام بمھام القائد الأعلى للجيش الليبي، والتعيين في المستويات القيادية به وفق التشريعات النافذة. وإعلان حالة الطوارئ وقرار الحرب والسلم بعد موافقة مجلس النواب".

إلا أنّ المجلس رغم سلطته كقائد أعلى للجيش لم يتخذ قراراً يُذكر بشأن الدفع نحو تفكيك الميليشيات وإعادة دمجها، كخطوة أولى نحو إنهاء الانقسام العسكري، الذي يعتبر العقبة الأولى أمام الدفع نحو الانتخابات العامة.

المصالحة الوطنية

يرى المحلل السياسي الليبي، عمر بو أسعيدة، أنّ الرئاسي إذا استطاع الإفلات من هيمنة حكومة الدبيبة، والذهاب في مشروع المؤتمر الجامع الذي سيكون أكبر تجمع يمثل الشعب الليبي؛ حيث من المتوقع مشاركة حوالي 6000 مشارك في هذا المؤتمر، وخرج بتوصيات حقيقة، ربما تكون نواة  تصل لكتابة دستور يقود ليبيا إلى مرحلة استقرار دائم.

السياسي الليبي إبراهيم بن عمران لـ"حفريات": المجلس الرئاسي تأخر في عقد المصالحة؛ التي لم يُدع لها أطراف عديدة، وساد اعتراض ممثلي النظام السابق حول النشيد والعلَم

ويضع بو أسعيدة في حديثه لـ"حفريات" شرطاً لنجاح مؤتمر المصالحة الجامع، وهو أنّ يُعقد في مدينة خارج العاصمة، بعيداً عن سطوة الميليشيات الموالية للدبيبة، مثل سرت وغات والجفرة.

تأتي أهمية المؤتمر الجامع للمصالحة من كونه سيضم ممثلين عن سائر القوى الفاعلة في الساحة الليبية، خاصة القوى القبلية التي تحظى بنفوذ كبير في معظم مناطق البلاد، إلى جانب الأحزاب السياسية التي ستشارك في الانتخابات البرلمانية، ومنظمات المجتمع المدني.

فضلاً عن ذلك، يعول المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، على المجلس الرئاسي لاختراق حالة الجمود السياسي، نتيجة تباعد وجهات النظر بين رئيسي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بشأن المناصب السيادية والقاعدة الدستورية لإقامة الانتخابات. وكان الرئاسي أعلن منذ أشهر عن مبادرة سياسية بهدف التوصل لقاعدة دستورية، وهو خيار يلوّح به المبعوث الأممي والسفراء الغربيون كتهديد لرئيسي المجلسين من أجل إنهاء خلافاتهما بشأن القاعدة الدستورية. كما أنه خيارٌ غير مستبعدٍ، خاصة وأنّ خريطة الطريق التي تأسست السلطة الانتقالية الحالية بموجبها نصت على اتفاق ملتقى الحوار السياسي على القاعدة الدستورية، لكنّ الملتقى أخفق في ذلك، مطلع العام 2021.

يقول رئيس حزب السيادة، بأنّ المجلس الرئاسي بإمكانه إعلان حالة الطوارئ وتجميد مجلس النواب والمجلس الأعلى الاستشاري للدولة، لكنّ المليشيات في غرب البلاد المدعومة من رئيس الحكومة منتهية الولاية لن تسمح للمجلس بممارسة صلاحياته.

إبراهيم بن عمران: بحث قيام الرئاسي بدور أكبر

وكان المجلس الرئاسي تعرض لحصار من ميليشيات في طرابلس، في أيار (مايو) 2021، اعتراضاً على تصريحات من وزير الخارجية، نجلاء المنقوش، حول انسحاب القوات التركية والمرتزقة من البلاد.

عقب تلك الحادثة، لم يظهر المجلس في فعاليات تعارض سلطة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، على الرغم من الدعم الشعبي للمجلس خلال التظاهرات التي شهدتها العاصمة العام الماضي. ومن المرجح أنّ تعطيل عمل المجلس كان وراء تغيب عضوه عن الجنوب موسى الكوني عن اجتماعات المجلس منذ منتصف العام الماضي، ولم يظهر الكوني في الملتقى التحضيري للمصالحة، ولم تصدر بيانات رسمية حول ذلك.

وفي 16 من الشهر الجاري، نظم حراك  لداعمي المسار الانتخابي وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس الرئاسي بمنطقة النوفليين بطرابلس، وسلموا عرائض تحمل توقيع 650 ألف مواطن ليبي تطالب بتجميد مجلسي النواب والدولة، وتحديد موعد ملزم لإجراء الانتخابات، بحسب ما نشره موقع "بوابة الوسط" الليبي.

المنفي وحفتر

وفي ظل الحراك المكثف الذي تشهده ليبيا منذ أواخر العام الماضي، والذي ترعاه البعثة الأممية ومصر، ويحظى بدعم غربي كبير من أجل الذهاب إلى انتخابات عامة قبل نهاية العام الجاري، التقى محمد المنفي بالقائد العام للجيش الوطني، خليفة حفتر في القاهرة.

وحول أهمية اللقاء، قال المحلل السياسي عمر بو أسعيدة، بأنّ أي تقارب وتحرك تقوم به القيادة العامة يتم بعد دراسة واستشارة حقيقة وتنسيق كامل لصالحها. ولفت إلى أنّ الجميع في ليبيا أصبح على قناعة تامة أنّ القيادة العامة ومن خلفها القوات المسلحة هي القوة الحقيقية الفاعلة على الأرض، وهي المؤسسة الوحيدة الأكثر انضباطاً وتنظيماً.

بدوره قال رئيس حزب السيادة الليبية، بأنّ أهمية لقاء المنفي وحفتر تنبع من كوّن الأخير حسب اتفاق جنيف هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، والمشير حفتر المعين من البرلمان هو القائد العام، وهي خطوة طيبة للتفاهم والتنسيق للحل في ليبيا دون تدخلات أجنبية.

عمر بو أسعيدة: القوات المسلحة هي القوة الحقيقة الفاعلة على الأرض

وأشار إبراهيم محمد بن عمران إلى أنّ اللقاء بين الطرفين ربما بحث قيام الرئاسي بدور أكبر خلال الفترة القادمة بدعم من القوات المسلحة. 

وكان من المفترض بحسب خريطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف، أنّ تعقد الانتخابات العامة؛ الرئاسية والبرلمانية، في 24 كانون الأول (ديسمبر) 2021، إلا أنّ إخفاق مجلسي النواب والدولة في التوافق على القاعدة الدستورية، وترشح سيف الإسلام القذافي وعبد الحميد الدبيبة للرئاسة، أدى إلى إعلان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عجزها عن تنظيم الانتخابات.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية