واشنطن والحرب في غزة

واشنطن والحرب في غزة

واشنطن والحرب في غزة


20/11/2023

عائشة المري

أظهرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن دعماً وتبنياً للموقف الإسرائيلي عقب هجمات السابع من أكتوبر الماضي، بل وأطلقت يدَ الحكومة الإسرائيلية القومية اليمينية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وروجت لحق إسرائيل في «الدفاع عن النفس» حتى ولو تجاوزت إسرائيلُ جميع الخطوط الإنسانية الحمراء، إذ صرّح نتنياهو بأن «ما سنفعله بأعدائنا اليوم سيتردَّد صداه لأجيال قادمة»، دون أدنى احترام للقانون الإنساني الدولي.

كما استخدمت واشنطن حق الفيتو ضد قرارات تدعو لوقف إطلاق النار، ولم تطالب إسرائيل بأن يتماشى تصعيدها العسكري في غزة مع القانون الإنساني الدولي. فكيف ستؤثر الحرب في غزة على الولايات المتحدة وعلى صورة واشنطن في المجتمعات العربية والإسلامية؟

على المستوى الداخلي الأميركي خلقت الحربُ الإسرائيلية على غزة، مع الصور والقصص المروعة القادمة من الشرق الأوسط التي يتم تداولها على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، توتراتٍ متصاعدةً في أوساط الشعب الأميركي وانقساماً حاداً بين الكتلة الداعمة لإسرائيل (وخاصة في الإدارة «الديمقراطية» للرئيس بايدن) وبين جيل الشباب من طلاب الجامعات الأكثر انتقاداً لإسرائيل والأكثر مناهَضَةً لسياسة بايدن تجاه الحرب في غزة.

لقد تشكّل وعيُ شريحة عظيمة من هؤلاء الشباب متأثِّراً بوسائل التواصل الاجتماعي المزدحمة، مثل «تيك توك» و«إكس» و«واتساب»، والتي غدت مصدراً جديداً للأخبار والروايات والصور القادمة من طرفي الصراع في غزة وإسرائيل، حيث ينتج الأشخاص العاديون المحتوى ويتشاركون الفيديوهات والروايات المروعة القادمة من غزة، مما يساهم في تأجيج المشاعر ويوضح أن وسائل التواصل الاجتماعي تجاوزت الإعلام التقليدي الموجَّه لأغراض سياسية.

لقد أظهرت حربُ غزة قدرةً غير محدودة لوسائل التواصل الاجتماعي على نشر المعلومات، وأحياناً المعلومات المضللة، وبسرعة كبيرة عبر المنصات المختلفة التي تتفاعل فيما بينها مما يساهم من ناحية في إيضاح الحقائق وفي ذات الوقت نشر معلومات مضللة.. ولذا فقد تضاءلت سيطرة الإعلام الرسمي على هذه المنصات، رغم محاولة بعضها منعَ المحتوى المناهض لإسرائيل والداعم للفصائل الفلسطينية. إن كل ذلك الكم من المعلومات من شأنه أن يعقد عملية صنع السياسات وأن يزيد حدة الاستقطاب الاجتماعي والسياسي، وهو ما سيؤثر بالتأكيد على الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2024 .

ويبدو من الصعب على الإدارة الأميركية خلق توازن دقيق في سياستها الخارجية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فانسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط مع تقليص ارتباطها به، مستثنيةً إسرائيل، خلق فراغاً سياسياً سرعان ما شكل فرصةً للاعبين دوليين آخرين. ولطالما أدى الدعم غير المشروط لإسرائيل إلى تعقيد جهود الدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط. ورغم أنه من غير المرجّح أن تكون هناك عواقب اقتصادية أو دبلوماسية خطيرة وطويلة الأجل على الولايات المتحدة فيما يتصل بالعلاقة مع الدول العربية والإسلامية، فإن الموقف الأميركي سيخلق ذريعةً إضافية  للأحزاب والجماعات المعادية لواشنطن، بعد أن خفَت صوتُها خلال الأعوام الماضية.

وفي هذا السياق نلاحظ أن القوات الأميركية في العراق وسوريا تعرضت لهجمات عدة منذ السابع من أكتوبر الماضي. بعد أن تصمت أصوات المدافع والصواريخ ويتم حصر أعداد القتلى، ستواجه الإدارة الأميركية تحدياً أخلاقياً واستراتيجياً لبذل المزيد من الجهد لمواجهة خطاب الكراهية، المعادي للمسلمين أو للسامية، على المستوى الداخلي، وستواجه بالضرورة، على المستوى الشعبي العربي والإسلامي، خطاباً آخر معادياً لسياستها، فالسياسات المتطرفة تخلق بالضرورة ردودَ أفعال متطرفة.

عن "الاتحاد" الإماراتية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية