وثائق: بلير وبوش كانا متأكدين قبل الغزو من عدم قدرة نظام صدام على تطوير أسلحة محظورة

وثائق... بلير وبوش كانا متأكدين قبل الغزو من عدم قدرة نظام صدام على تطوير أسلحة محظورة

وثائق: بلير وبوش كانا متأكدين قبل الغزو من عدم قدرة نظام صدام على تطوير أسلحة محظورة


21/02/2023

وثائق بريطانية جديدة، تُعدّ الأولى من نوعها، كشفت أنّ لندن كانت واثقة من عدم صحة مزاعم امتلاك العراق أيّ قدرة على الحصول على أسلحة دمار شامل أو صواريخ بعيدة المدى، قبل غزوه بعامين على الأقل.

وتثبت وثائق مجلس الوزراء البريطاني علم رئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير بخلو العراق من أيّ قدرات لامتلاك أسلحة محظورة، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة الصادرة قبل وبعد إخراج الجيش العراقي من الكويت في شهر شباط (فبراير) عام 1991، في أعقاب عملية سمّيت باسم عاصفة الصحراء، بحسب تقرير مفصّل نشرته شبكة "بي بي سي".

وثائق: لندن كانت واثقة من عدم صحة مزاعم امتلاك العراق أيّ قدرة على الحصول على أسلحة دمار شامل أو صواريخ بعيدة المدى قبل غزوه بعامين

وكانت الولايات المتحدة قد بدأت الغزو بدعم قوي من حكومة بلير، بعملية جوية في 19 آذار (مارس) عام 2003، بزعم أنّ صدام كان يخفي أسلحة دمار شامل، ممّا يجعل نظامه تهديداً للسلم في الشرق الأوسط والعالم.

وفي ذلك الوقت، عرضت الإدارة الأمريكية ما زعمت أنّها أدلة دامغة على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل. ولم تعبأ الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما بتحذير العراق من الترويج الأمريكي للحرب عليه بلا أيّ مبرر.

بعد انتهاء الحرب، التي أدت إلى تدمير العراق ونزوح ملايين العراقيين وإسقاط نظام صدام حسين، تبين أنّ ادعاءات وجود أسلحة دمار شامل لدى النظام بلا أساس.

وفي شهر تموز (يوليو) عام 2016 أدانت لجنة "تشيلكوت" الدور الذي لعبته بريطانيا في الحرب، وتحدثت بالتفصيل في تقرير مطول عن المعلومات الاستخبارية الخاطئة والأسس القانونية المشكوك فيها التي استند إليها غزو العراق.

وقد ردّ بلير مدافعاً بقوة عن المشاركة في الغزو، معبّراً عن "شعور بقدر من الأسى والندم والاعتذار أكثر ممّا يمكن تصوره عن الأخطاء التي ارتكبت في الإعداد لحرب تسببت في حدوث شرخ عميق في المجتمع البريطاني".

لم تعبأ الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما بتحذير العراق من الترويج الأمريكي للحرب عليه بلا أيّ مبرر

وبعد مرور (20) عاماً على بدء الحرب، تكشف وثائق رئاسة الحكومة البريطانية عن أنّ سياسة الاحتواء والعقوبات الدولية الصارمة التي فرضت على العراق بعد تحرير الكويت من احتلال جيشه عام 1991 قد حققت هدفها في منع صدام من القدرة على تطوير أسلحة غير مسموح بها.

وبحسب الوثائق التي تحصلت عليها شبكة "بي بي سي"، فقد جاء الاعتراف البريطاني بفعالية العقوبات العسكرية والتسليحية والتكنولوجية في سياق مراجعة أجرتها إدارة بلير في عام 2001 للسياسة الأمريكية البريطانية بشأن العراق، وفقاً للوثائق.

واتُفِق على هذه المراجعة في أثناء أول زيارة لرئيس الوزراء البريطاني إلى واشنطن بعد تنصيب جورج بوش الابن رئيساً للولايات المتحدة، الذي سيطر المحافظون الجدد على إدارته.

وعرضت بريطانيا حينها على أركان إدارة بوش سياسة جديدة سمّتها "عقد مع الشعب العراقي"، تستهدف استعادة المساندة، خاصة من دول وشعوب المنطقة العربية، للسياسة الأمريكية البريطانية في التعامل مع العراق.

وتكشف محاضر اللقاءات أنّ نائب الرئيس بوش آنذاك ديك تشيني كان المسؤول الأول عن الملف العراقي، حتى أنّ بوش ووزير خارجيته كولين باول أبلغا بلير باتفاقهما مع كل ما يقوله نائب الرئيس.

وخلال لقاء بلير وتشيني طرح الأول فكرة إجراء المراجعة و"إعادة تحديد بؤرة تركيز جهدنا"، مفاخراً بأنّ العراق "نموذج للتعاون" بين الولايات المتحدة وبريطانيا.

وحينها وصف بلير الرئيس العراقي بأنّه "يشكّل تهديداً كبيراً"، وقال: إنّه "ما يزال يسعى لتطوير أسلحة دمار شامل"، وإنّ العقوبات "تُخرق"، ومع إقراره بأنّ العقوبات "لا تبلغ حدّ الكمال"، فإنّه أكد اعتقاده بأنّها "كبحت صدام".

ونقل سوريز، الذي أصبح لاحقاً رئيساً لجهاز المخابرات الخارجية البريطاني "إم آي 6"، عن تشيني "مشاركته الهواجس نفسها" بشأن العراق، واعترف نائب الرئيس الأمريكي للبريطانيين بأنّ هناك "تآكلاً واضحاً في تأييد العالم العربي لسياستنا".

وعبّر عن القلق من أنّ "دول الخليج مثل السعودية تضع قيوداً إضافية على استخدام القواعد"، التي تنطلق منها الأنشطة العسكرية والاستخبارية ضد العراق.

روّجت إدارة بوش لحجج زعمت وجود علاقة بين نظام صدام وتنظيم "القاعدة" بقيادة أسامة بن لادن

هذا، وكشف تشيني عن بعض ما كان يدور بينه وبين القادة العرب عندما كان وزيراً للدفاع في عهد جورج بوش الأب، والمسؤول الأول عن حرب عاصفة الصحراء التي حررت الكويت من الاحتلال العراقي، وفُرضت بعدها العقوبات الدولية على العراق.

ويقول سويرز، في محاضر المباحثات: إنّ تشيني أبلغ بلير بأنّه "اكتشف أيضاً من زياراته السنوية للخليج اهتماماً متزايداً بقضايا المنطقة الأوسع، مثل عملية السلام في الشرق الأوسط". وقال "هم (القادة العرب) الآن يربطون بين عملية السلام وعلاقتهم بالولايات المتحدة، واتهموا أمريكا باتباع معيار مزدوج بين العراق وإسرائيل".

واعترف تشيني أيضاً بأنّ "المشكلات في عملية السلام في الشرق الأوسط تجعل من الصعب على الولايات المتحدة تنفيذ سياستها بشأن العراق".

ومع تركيز الإعلام الإقليمي والدولي على معاناة العراق من العقوبات، واجه التحالف بقيادة الولايات المتحدة انتقادات حادة لسياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع العراق، وإسرائيل، التي تحتل أراضي في فلسطين وسوريا ولبنان.

وطلب تشيني "بإعادة تحديد أهداف العقوبات" على العراق، وقال: إنّه "ليس متأكداً حتى من فعالية العقوبات العسكرية القائمة".

ولم يعترض نائب الرئيس الأمريكي على فكرة "إعطاء مجال أكبر (في التفكير) فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي" في العقوبات، ولكن "مع الإبقاء على القيد على الأسلحة والتكنولوجيا" مع "بغضه فكرة التخلي عن السيطرة على عوائد النفط العراقي".

وبعد (4) أشهر وقعت هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 في الولايات المتحدة، وروجت إدارة بوش لحجج زعمت وجود علاقة بين نظام صدام وتنظيم "القاعدة"، بقيادة أسامة بن لادن، الذي اعترف بشنّ الهجمات. 

وبهذه المزاعم، إلى جانب ادعاء امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، غزا التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا العراق، ولم تثبت صدقية هذه الادعاءات.

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية