وسط مناشدات ودعوات للتهدئة.. أنصار الصدر يواصلون اعتصامهم المفتوح في البرلمان العراقي

وسط مناشدات ودعوات للتهدئة.. أنصار الصدر يواصلون اعتصامهم المفتوح في البرلمان العراقي


31/07/2022

يواصل أنصار التيار الصدري، اعتصامهم المفتوح لليوم الثاني على التوالي في مقر البرلمان العراقي بالمنطقة الخضراء ببغداد، بعد اقتحامه مجدداً يوم أمس السبت، رفضاً لترشيح محمد شياع السوداني لمنصب رئاسة الوزراء من قبل الإطار التنسيقي.

واقتحم عدد من مؤيدي الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، مبنى البرلمان العراقي، أمس، حسبما أعلنت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، في حين أشارت وزارة الصحة العراقية، في بيان، أنّ مؤسسات وزارة الصحة استقبلت 125 جريحاً، 100 منهم مدنيون و25 من رجال الأمن.

وتجمّع آلاف من المتظاهرين المناصرين للصدر على جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم مقرات حكومية وسفارات أجنبية، وتمكّن مئات منهم من تجاوز الحواجز الإسمنتية على الجسر والدخول إليها.

وأطلقت القوات الأمنية العراقية الغاز المسيل للدموع والمياه في محاولة لتفريق المتظاهرين وردعهم. 

ودخل مئات المتظاهرين البرلمان وقاعته الرئيسية السبت رافعين الأعلام العراقية وصور مقتدى الصدر، إلى جانب شعارات تنديد بالإطار التنسيقي الموالي لإيران، فيما اتهم الأخير، التيار الصدري بالتصعيد ودعا أنصاره إلى مواجهته، مؤكداً أنّ "مؤسسات الدولة خط أحمر ونحذر من تجاوزه".

اقتحم عدد من مؤيدي الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، مبنى البرلمان العراقي

وجدد المتظاهرون رفضهم اسم محمد شياع السوداني الذي رشّحه الإطار التنسيقي الموالي لطهران والذي يضم كتلاً شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي، لمنصب رئيس الوزراء.

ووسط هذه التطورات أعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في بيان السبت تعليق عقد جلسات مجلس النواب حتى إشعار آخر، داعياً "القائد العام للقوات المسلحة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المؤسسات، وحماية المتظاهرين، الذين أدعوهم إلى الحفاظ على سلميتهم وحفظ ممتلكات الدولة".

وهذه المرة الثانية التي يقتحم فيها أنصار التيار الصدري مقر البرلمان بالمنطقة الخضراء ببغداد بعد اقتحامه الأربعاء، فيما تستمر الخلافات بين القوى السياسية التي تحول دون تشكيل حكومة جديدة منذ إجراء الانتخابات الأخيرة في 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2021.

الكاظمي يوجه بحماية المتظاهرين

ودعا رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، المحتجين إلى الالتزام بالسلمية في احتجاجاتهم، كما وجه أجهزة الأمن بحماية المتظاهرين الذين اقتحموا المنطقة الخضراء المحصنة أمنياً، وسط احتجاجات للمرة الثانية في غضون أسبوع على ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء.

وقال الكاظمي في بيان نشره المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء العراقية على "تويتر": "وجّه القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي القوات الأمنية بحماية المتظاهرين، ودعاهم إلى التزام السلمية في حراكهم، وعدم التصعيد، وبتوجيهات القوات الأمنية التي هدفها حمايتهم، وحماية المؤسسات الرسمية"، حسب قوله.

ناشدت جامعة الدول العربية جميع القوى السياسية العراقية، العمل على وأد الفتنة بسرعة، ووقف التصعيد في البلاد، الذي قد يخرج الأوضاع عن السيطرة

وتابع رئيس الوزراء العراقي في بيانه قائلاً: "ويؤكد السيد القائد العام للقوات المسلحة أنّ استمرار التصعيد السياسي يزيد من التوتر في الشارع، وبما لا يخدم المصالح العامة"، على حد تعبيره.

وأضاف بيان الكاظمي بالقول: "وشدد السيد القائد العام للقوات المسلحة على أنّ القوات الأمنية يقع عليها واجب حماية المؤسسات الرسمية، وأكد ضرورة اتخاذ كل الإجراءات القانونية لحفظ النظام"، على حد قوله.

دعا رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، المحتجين إلى الالتزام بالسلمية في احتجاجاتهم

كما وجه الكاظمي، اليوم الأحد، بتعطيل الدوام الرسمي في المؤسسات الرسمية كافة، في أعقاب اقتحام آلاف من أنصار التيار الصدري للمنطقة الخضراء وإعلانهم الاعتصام داخل مقر البرلمان.

مناشدات عربية ودولية

ناشدت جامعة الدول العربية جميع القوى السياسية العراقية، العمل على وأد الفتنة بسرعة، ووقف التصعيد في البلاد، الذي قد يخرج الأوضاع عن السيطرة.

وشدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على أنّ خروج الأمور عن السيطرة لن تكون في مصلحة العراق ولا لصالح أي طرف.

وصرح المتحدث باسم الأمين العام جمال رشدي، أنّ أبو الغيط يتابع عن كثب مجريات الأزمة الجارية بالعراق، وأنه يضم صوته إلى صوت القيادات العراقية الحكيمة التي تطالب بضرورة تحمل الجميع المسؤولية، وأن تتصرف كل الأطراف بتعقل وان تضع مصلحة العراق العليا قبل أية مصالح شخصية أو حزبية ضيقة.

بارزاني: "نتابع بقلق عميق الأوضاع السياسية والمستجدات التي يشهدها العراق"

وأوضح المتحدث، أنّ الحوار يظل الوسيلة الوحيدة لإيجاد مخرج سياسي للأزمة الحالية، وأنّ الأمر يتطلب حواراً حقيقياً ومخلصاً بين مختلف مكونات الطيف السياسي مع البعد عن التشنج أو الرغبة في الاستئثار.

فيما قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنه يتابع بقلق الاحتجاجات المستمرة في العراق، والتي أصيب خلالها عدد من الأشخاص، وفقاً لبيان منسوب إلى نائب المتحدث باسمه، فرحان حق.

وأشار الأمين العام إلى أنّ احترام حرية التعبير والتجمع السلمي من الحقوق الأساسية التي ينبغي احترامها في جميع الأوقات.

وناشد جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة اتخاذ خطوات فورية لتهدئة الموقف، وتجنب المزيد من العنف، وضمان حماية المتظاهرين السلميين ومؤسسات الدولة.

شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على أنّ خروج الأمور عن السيطرة لن تكون في مصلحة العراق ولا لصالح أي طرف

وحث الأمين العام جميع الأطراف والجهات الفاعلة على تجاوز خلافاتها وتشكيل حكومة وطنية فعالة -من خلال الحوار السلمي والشامل- قادرة على تلبية مطالب الإصلاح القائمة منذ فترة طويلة، بدون مزيد من التأخير.

وعلى صعيد متصل، أعربت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق عن بالغ القلق إزاء التصعيد المستمر.

وقالت البعثة، في تغريدة على تويتر، إن إعلاء "أصوات العقل والحكمة" ضروري لمنع المزيد من العنف، وشجعت الأطراف كافة على خفض التصعيد من أجل مصلحة العراقيين كافة.

دعوات إلى التهدئة

وعلى خلفية هذه الأحداث، قال بارزاني، في بيان صحافي: "نتابع بقلق عميق الأوضاع السياسية والمستجدات التي يشهدها العراق"، مطالباً الأطراف السياسية المختلفة إلى التزام منتهى ضبط النفس وخوض حوار مباشر من أجل حل المشكلات، وفق وكالة الأنباء العراقية "واع".

كما أضاف أنّ زيادة تعقيد الأمور في ظل هذه الظروف الحساسة يعرض السلم المجتمعي والأمن والاستقرار في البلد للخطر، مشيراً إلى "إننا في الوقت الذي نحترم إرادة التظاهر السلمي للجماهير، نؤكد على أهمية حماية مؤسسات الدولة وأمن وحياة وممتلكات المواطنين وموظفي الدولة".

كذلك شدد بارزاني على أنّ "شعب العراق يستحق حياة وحاضراً ومستقبلاً أفضل، والواجب والمسؤولية المشتركة لكل القوى والأطراف هي العمل معاً لإخراج العراق من هذا الظرف الحساس والخطر".

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنه يتابع بقلق الاحتجاجات المستمرة في العراق

وأردف أنّ "إقليم كردستان سيكون، كما هو دائماً، جزءاً من الحل"، داعياً الأطراف السياسية المعنية في العراق للقدوم إلى "أربيل، عاصمتهم الثانية، والبدء بحوار مفتوح جامع للتوصل إلى تفاهم واتفاق قائمين على المصالح العليا للبلد"، مؤكداً أنه "لا توجد هناك مشكلة لا يمكن حلها بالحوار".

وكان رئيس "تحالف النصر" حيدر العبادي قد دعا القوى السياسية إلى "اعتماد لغة الحوار وتغليب المصلحة الوطنية".

وشدد في بيان السبت على ضرورة الحوار عارضاً التوسط لحل الأزمة، وأعلن استعداده العمل على تقريب وجهات النظر بين الأفرقاء من أجل الخروج من الأزمة.

ومع هذه التطورات، يبدو أنّ الأزمة السياسية في العراق تزداد تعقيداً، فبعد 10 أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، تشهد البلاد شللاً سياسياً تاماً في ظل العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.

كما يبدو العراق عاجزاً عن الخروج من الأزمة السياسية؛ إذ لم تفضِ إلى نتيجة المحاولات والمفاوضات للتوافق وتسمية رئيس للوزراء، وغالباً ما يكون المسار السياسي معقداً وطويلاً في العراق، بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة.

مواضيع ذات صلة:

تسريبات المالكي.. إلى أين تقود المشهد السياسي المرتبك في العراق؟

انسحاب التيار الصدري في العراق: مناورة أم علامة على انسداد سياسي؟

هل يتجاوز العراق معضلة الانفجار السياسي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية