"وصية منير لا تكفي" عبدالحق.. تحديات في طريق مرشد الإخوان الجديد

"وصية منير لا تكفي" عبدالحق.. تحديات في طريق مرشد الإخوان الجديد

"وصية منير لا تكفي" عبدالحق.. تحديات في طريق مرشد الإخوان الجديد


20/03/2023

طارق أبو السعد

لم يكن تردد صلاح عبدالحق في قبول تولي منصب نائب مرشد تنظيم الإخوان، القائم بأعماله مستغربا، فطريقه حافل بالأزمات.

أزمات تبدأ من عدم اعتراف جناح معتبر في الجماعة بتنصيبه (جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين الأمين العام السابق للإخوان)، مرورا بعدم قناعة مكتب الإرشاد العالمي بتوليته قيادة الإخوان بناء على توصية من سابقه إبراهيم منير الذي توفي العام الماضي، وحتى العقبات التي واجهت تسويقه في الداخل المصري وسط صفوف التنظيم.

كما ينتظر عبدالحق التجاوب سريعا مع أسئلة ينتظر الصف الإخواني إجابات عنها، ما هي استراتيجية الجماعة المعلنة على الأقل؟، الالتزام بالشق الدعوي والابتعاد عن السياسة ولو مؤقتا؟، تبني خطاب مهادن للسلطة، أو محاولة الانفتاح على قوى سياسية في الداخل؟.

وأعلن اليوم الأحد في لندن رسميا تسمية عبدالحق خلفا لمنير الذي توفي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وقد ترك القائم السابق بأعمال المرشد تنظيما منقسما وفي حالة تداع، موصيا أن يخلفه عبدالحق رفيقه في التنظيم القطبي.

لكن عبدالحق يفتقر بحسب طيف واسع من المراقبين وأعضاء سابقين في الإخوان لخبرة الإدارية حيث لم يسبق له أن تولى منصبا تنفيذيا يذكر في السلم الهرمي للتنظيم الصارم.

إسطنبول

وتنقسم جماعة الإخوان أفقيا إلى جبهتين بخلاف التصدعات الداخلية في كل منهما. الجناح الأول في لندن وبات يمثله الآن عبدالحق، بناء على وصية منير الذي لا تعترف جبهة حسين في إسطنبول (الجناح الآخر للإخوان) بشرعيته، حيث سبق أن أصدرت قرارا بعزله من الجماعة.

وعلى أساس هذا القرار نفت جبهة محمود حسين على لسان المتحدث الإعلامي باسمها حسن صالح صحة أنباء تسمية عبدالحق، معتبرا أنها "أخبار كاذبة"، لافتا إلى أن الصفحات التي نشرتها "لا تعبر عن الإخوان".

وكانت جبهة إسطنبول قد أعلنت في ديسمبر/كانون الثاني اختيار حسين قائما بأعمال المرشد، لقطع الطريق على جبهة لندن، ومحاولة فرض شرعية جديدة.

ومن المرجح أن يستأنف عبدالحق الصراع مع جبهة حسين التي لا تعترف بشرعيته، وهي معركة لا تبدو قابلة للحسم في الوقت الراهن بحسب طيف واسع من المراقبين، خاصة وأن الصراع في جوهره اقتتال على مصادر التمويل داخل التنظيم.

الشكوك تحيط بعبدالحق

ولم يكن تنصيب عبدالحق يسيرا حتى داخل جبهته، وسط شكوك في قيادته التنظيمية وخبرته الإدارية لتولي الجماعة وهي تعاني تمزقا غير مسبوق وفي ظل انفضاض شعبي واسع وانكشاف كبير لتهافت مشروعها وانفضاح وجهها الإرهابي الذي عمدت للتعمية عليه لعقود.

وتشير مصادر إلى أن اعتراضات جدية واجهت طرح اسم عبدالحق لتولي المنصب، حيث رأى أعضاء مكتب الإرشاد العالمي أن وصية منير لا تكفي وحدها لتعزيز موقع الرجل ضمن مرشحين آخرين من داخل جبهته.

ورأى مكتب الإرشاد العالمي أن قدراته عليها علامات استفهام وأن كونه قطبيا وأهل ثقة ومحاضرا قديرا لا تكفي لحمل أعباء تنظيم يتداعى ليس في مصر فقط وإنما على نطاق العالم العربي كله.

وكانت أبرز الاعتراضات على عبدالحق كونه اختار من البداية الانزواء وعدم المشاركة في العمل التنظيمي ما يعني أنه يفتقر لمعرفة خبايا وأسرار العمل التنفيذي في لحظة حرجة.

تردد مفهوم

وبحكم خلفياته ورغبته في الابتعاد عن العمل الإداري، يدور حديث في أروقة التنظيم عن أن عبدالحق نفسه تردد طويلا قبل أن يوافق على تولي المهمة.

وتشير تلك الأحاديث عن كونه قبل المهمة تحت الضغط، وأن تأخر الإعلان عن تنصيبه جاء في جانب منه بطلب منه حتى يتمكن من الإلمام بأقسام ولجان الجماعة، والتعرف على آلية العمل في ظل الأوضاع الحالية.

ويعول المناصرون لتولية عبدالحق على كونه شخصية توافقية تحظى بشعبية بين صفوف الإخوان ما قد يسهل طريقه لبناء شرعية داخل الجماعة بعد ضياع شرعية منصب الإرشاد في جماعة تعتمد على السمع والطاعة.

وسيكون على عبدالحق أن يقرر ما إذا كان سيستقر في إسطنبول حيث معسكر الأعداء المباشرين أم سيتوجه للإقامة في لندن وسط أعضاء جبهته.

موقف السجون

وعلى ما يبدو يسعى جناح عبدالحق للترويج إلى أن تأخر تسميته جاء انتظارا لموقف قيادات السجن من ترشحه للمنصب.

ومحاولة الإيهام بأن عبدالحق يحظى بدعم قادة السجن يعني تحقيق نصر معنوي على جبهة حسين، ويعبد طريقه في صفوف التنظيم المتداعي.

لكن عدم خروج موقف واضح من السجون واستمرار منازعة حسين على المنصب يعني أن الانقسام داخل صفوف الإخوان ربما يبدأ من قادة الصف الأول في التنظيم المتواجدون في السجون حاليا.

وفي أوساط جبهته لا يبدو طريقه أكثر سهولة فقد طُرحت أسماء أخرى من لندن لتولي المهمة أبرزها حلمي الجزار ومحمد البحيري، وهو ما يجعل من احتمالية المقاومة أمراً قائماً.

المغامرة

ويبدو الدفع بعبدالحق مغامرة غير محسوبة العواقب، فالإتيان به من المقاعد الخلفية للجماعة لا يعني أنه سيظل بعيداً عن صراعات القادة محتفظا بالصيغة التوافقية التي اختير على أساسها، وربما يعقد افتقاره للخبرة الإدارية أزمات الجماعة بحسب مراقبين.

وأبرز المخاطر التي تواجهه أن يتحول إلى واجهة دعائية ليتمكن آخرون من قيادة الجماعة من خلفه كما حدث في السابق في تجربة مرشدين آخرين أمثال حسن الهضيبي وعمر التلمساني ومحمد حامد أبو النصر.

ويعني هذا السيناريو أن الصراع سيكون على أشده بين جبهة البحيري من جهة وجبهة الجزار من جهة للاستحواذ على عقل عبدالحق، ما يفتح باب الانقسامات في جبهة لندن ويصيبها بصدع طولي جديد.

القضايا الاستراتيجية

وإلى جانب الصراع على السلطة يواجه عبدالحق أزمة أعمق، فهل يستجيب لنداءات الداخل بإعلان مبادرة وقف العنف التي ينادي بها إخوان الداخل لتخفيف الضغط على الجماعة، أم يستمر في نهج الجماعة التصعيدي وبناء قدرات الجماعة لاستمرار عملياتها الإرهابية. وهل يستجيب لدعوات تنادي بقصر الجماعة على الجانب الدعوي والتربوي.

وفي انتظار الإجابة على الأسئلة المطروحة على عبدالحق سيتكشف جانب كبير من مستقبل الجماعة الإرهابية في الطريقة التي سيؤسس بها الرجل موقفه من جبهة إسطنبول، وما إذا كان سيعمل على احتواء قادتها أم أنه سيختار المواجهة المفتوحة على الساحة الإعلامية في منابر الجماعة المختلفة.

عن "العين" الإخبارية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية