يلوحون بالقوة في مواجهته.. لماذا يعارض إخوان السودان مشروع الدستور الانتقالي؟

يلوحون بالقوة في مواجهته.. لماذا يعارض إخوان السودان مشروع الدستور الانتقالي؟

يلوحون بالقوة في مواجهته.. لماذا يعارض إخوان السودان مشروع الدستور الانتقالي؟


25/09/2022

لا تملّ فلول الإخوان في السودان من العمل على إرباك المرحلة الانتقالية، ومحاولة العودة إلى المشهد السياسي بشتّى السُّبل؛ حيث حاولت الجماعة من خلال أذرعها المختلفة إثارة النعرات العرقية، وضم أصحاب المصالح سواء من البجا أو غيرهم، الأمر الذي دفع إلى الضغط على لجنة تفكيك نظام الإخوان البائد، وإيقاف عملها غير مرّة، كما تحاول الجماعة التواجد بقوة في المشهد السياسي، خاصّة بعد أن أصبح سيف الدين أرباب مراقباً عاماً للذراع الفاعلة في التنظيم، كما أصبح المراقب العام للذراع الأخرى، عادل علي الله إبراهيم، رئيساً لما يُسمّى بـ"التيار الإسلامي العريض" الذي يضم أحزاباً وتيارات إسلامية.

مشروع الدستور الانتقالي

حالة من الجدل تسبب فيها مشروع الدستور السوداني الجديد، يصفها الباحث المصري في العلوم السياسية عبد السلام القصاص، بـ"الطبيعية"؛ نتيجة غياب طويل شهده المشهد السوداني، لمثل هذه الحوارات الوطنية، بعد عقود طويلة من حكم الإخوان؛ حيث لاقت مسودة المشروع تأييداً محسوساً في الشارع السوداني، لكنّ القوى السياسية المحسوبة على الإخوان، ما زالت تعارض بشدة مشروع الدستور الجديد.

جدير بالذكر أنّ لجنة تيسير الأعمال بنقابة المحامين في السودان، كشفت قبل عدة أيام عن مشروع الدستور الانتقالي، الذي ينص على تكوين مجلس سيادة مدني، بالإضافة إلى مجلس أعلى للجيش برئاسة رئيس الوزراء، كما يعطي مشروع الدستور، سائر القوى الموقعة عليه سلطة اختيار مؤسسات الحكم الانتقالي؛ من أجل العبور بالبلاد من النفق السياسي الضيق، الذي تسببت فيه القوى المحسوبة على النظام السابق، والتي تهدف إلى خلق حالة من الانسداد السياسي.

القصاص: رئيس تحرير صحيفة الجيش، قال إنّ الجيش له ساعة صفر؛ من أجل أن يتحرك لمواجهة ما أسماه التطاول على القوات المسلحة

وكان نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو (حميدتي) قد رحب بمسودّة الدستور الانتقالي، لافتاً إلى أنّ "اجتماعاً عقده مع رئيس مجلس السيادة، عبدالفتاح البرهان، أقرّ بشكلٍ قاطع أن يتولى المدنيون اختيار رئيسي مجلس سيادة ووزراء مدنيين". كما أعلن حميدتي أنّ الجيش يصر على أن يفي بكل تعهداته السابقة، التي أعلن فيها مراراً عن عزمه إخراج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، "والانصراف إلى مهامها المنصوص عليها في الدستور والقانون، وترك أمر الحكم للمدنيين". مؤكداً في الوقت نفسه على "أهمية التنسيق والتعاون بين جميع السودانيين؛ لإزالة المصاعب التي تواجه عملية الانتقال، وخلق البيئة المواتية للتقدم إلى الأمام، تحقيقا لتطلعات السودانيين".

لجنة تيسير الأعمال بنقابة المحامين في السودان، كشفت قبل عدة أيام عن مشروع الدستور الانتقالي، الذي ينص على تكوين مجلس سيادة مدني، بالإضافة إلى مجلس أعلى للجيش برئاسة رئيس الوزراء

من جهته رفض "التيار الإسلامي العريض"، الذي يقوده الإخوان، وكذلك هيئة علماء السودان، مشروع الدستور الانتقالي، وأوعزت تلك القوى الإخوانية إلى عناصرها الموجودة ضمن الجيش، للضغط من أجل رفض مشروع الدستور، وبحسب تصريحات الباحث المصري عبد السلام القصاص لـ"حفريات"، فإنّ أبرز هؤلاء هو عبد الرحمن الحوري، رئيس تحرير صحيفة الجيش، والذي قال إنّ الجيش له ساعة صفر؛ من أجل أن يتحرك في مواجهة ما أسماه تطاول قوى الحرية والتغيير على القوات المسلحة، وتأليب الرأي العام على الثوابت.

مسودة الدستور التي أعادت الاصطفاف السياسي، بحسب وصف القصاص، تسببت في إزعاج الإخوان، ذلك أنّها خطوة إلى الأمام، في طريق التحول الثوري نحو إنشاء دولة مدنية، وتفكيك منظمة الإخوان الاقتصادية والسياسية، ما يعني إسدال الستار على نفوذ الجماعة، وضرب مصالحها في البلاد.

التلويح بالقوة وممارسة التحريض

هيئة علماء السودان، وهي واحدة من الأذرع الإخوانية في البلاد، أصدرت بياناً حاداً، قالت فيه إنّها بصدد تدشين حملة لمواجهة مسودة الدستور الانتقالي، وشككت في أهدافه، زاعمة أنّه يسقط خصائص المجتمع الإسلامي وثوابته الدينية، في مجال الأخلاق والمعاملات، مع بث الكراهية وممارسة الإقصاء.

محمد علي الجزولي، القيادي المتشدد في "التيار الإسلامي العريض"، وصف مسودة الدستور بـ"المشروع العلماني العنصري المتطرف، الذي يمثل وجهة نظر قوى الحرية والتغيير وحدها"، زاعماً أنّه سوف يسبب فتنة ومواجهة بين المدنيين والعسكريين، قبل أن يهدد باستخدام القوة قائلاً: "لن يتم في أرض السودان طالما نحن أحياء". مضيفاً أنّ المواجهة "آتية سواء عن طريق التظاهرات، أو على ظهر دبابة".

أحمد فؤاد أنور: ترسانة الإخوان ورجالهم في شتى المؤسسات، ربما تؤدي إلى إعاقة مسعى الانطلاق نحو بناء دولة مدنية

بدوره زعم أمية يوسف، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أنّ مسودة الدستور تخص فئة محدودة، ولا تمثل الشعب السوداني، مدعياً في الوقت نفسه، أنّ مثل هذه القضايا لا تناقش إلّا في مؤتمر دستوري جامع، وليس في قاعات تديرها مجموعات صغيرة. وتابع في تصريحات لــ"سودان تربيون: "الدستور يحتاج لتوافق وإجماع، أو أن يحسم بالأغلبية داخل المجلس التشريعي أو البرلمان؛ لكي يكون مرضياً للشعب السوداني، لا أن تنفرد به فئة صغيرة".

أحمد فؤاد أنور: إصرار قوى الحرية للتغيير، وكذلك الدعم الذي أبداه حميدتي لمسودة الدستور، ربما يدفعان إلى إعادة الحيوية للنقاش السياسي في السودان، من أجل تجاوز المرحلة الانتقالية

الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، قال في تصريحات خصّ بها "حفريات"، إنّ الحمولة القانونية لمشروع الدستور الانتقالي، الذي ينادي المواطنة الكاملة، وتفكيك التيارات التي تنتمي للنظام البائد، ووضع معيار قانوني ثابت، وإعادة الأموال التي نهبها الإخوان، كلّ هذا استفز الجماعة، التي تمتلك عدة أذرع وتيارات في السودان، انتفضت كلّها؛ لتهدد باستخدام القوة، وهو أمر بات معتاداً في المشهد السوداني.

أنور أكّد أنّ إصرار قوى الحرية للتغيير، وكذلك الدعم الذي أبداه حميدتي لمسودة الدستور، ربما يدفعان إلى إعادة الحيوية للنقاش السياسي في السودان، من أجل تجاوز المرحلة الانتقالية، لكنّ ترسانة الإخوان، وأذرعهم المسلحة، ورجالهم في شتى المؤسسات، ربما تؤدي إلى إعاقة مسعى الانطلاق نحو بناء دولة مدنية مرجعيتها الدستور، لكنّ الجماعة لن تعود إلى تصدر المشهد، بناء على إشارات متعددة، أبرزها الغضب الشعبي، وتحميلها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.

مواضيع ذات صلة:

السودان: هل بات الإفراج عن عمر البشير قريباً؟

الإخوان المسلمون في مصر والسودان والصومال.. تقدير موقف

-  هل باتت البعثة الأممية أداة وصاية على السودان؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية