يوميات حرب الجليد: الوضع الميداني الراهن على جبهات القتال في أوكرانيا

يوميات حرب الجليد: الوضع الميداني الراهن على جبهات القتال في أوكرانيا

يوميات حرب الجليد: الوضع الميداني الراهن على جبهات القتال في أوكرانيا


27/02/2023

على مدى أسابيع انتشرت تقارير حول هجوم روسي وشيك، بالتزامن مع تصعيد روسي عنيف في الأيام القليلة الماضية، حيث شنّ الجيش الروسي موجة من الهجمات البرية والجوية على أمل اختراق الخطوط الأوكرانية.

جدير بالذكر أنّه منذ الخريف لم تحدث أيّ تحولات حادة على الأرض، حيث تحركت الخطوط مئات الأمتار باتجاه أو بآخر، ومعظمها في منطقة دونباس الوسطى التي تضم مقاطعات دونيتسك ولوهانسك في شرق أوكرانيا. بالإضافة إلى تحرك محدود للغاية في الشمال على جبهة خاركيف، وفي الجنوب حول خيرسون.

ويشير العديد من التقارير إلى أنّ الرئيس بوتين أمر وزير الدفاع سيرجي شويغو، ورئيس الأركان العامة فاليري جيراسيموف، بالاستيلاء على جميع مقاطعات دونيتسك ولوهانسك بحلول الربيع؛ أي نقل الخطوط إلى الحدود الإدارية لهاتين المنطقتين؛ ربما رغبة في إعلان الانتصار في الحرب.

على الجانب الآخر، قد ينتهي الأمر بالأوكرانيين إلى التخلي عن باخموت، والعودة إلى خط دفاعهم حول كراماتورسك وسلوفيانسك في دونباس، حيث تم التحصن جيداً هناك.

غموض حول موعد الهجوم الروسي المتوقع

قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، في مؤتمر صحفي يوم 13 شباط (فبراير) الجاري: إنّ هجوماً روسياً كبيراً قد بدأ على ما يبدو. ووفقاً لمسؤولين غربيين وأوكرانيين، دفعت روسيا بقوات جديدة إلى ساحة المعركة، وبالتزامن مع تدفق هذه الإمدادات تضاعفت الهجمات الروسية في شرق أوكرانيا، حول بلدات كريمينا، و فوهليدار، وباخموت.

من جهته، حذّر وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف من أنّ روسيا قد تسرع من وتيرة هجماتها، بمناسبة الذكرى الأولى لغزو أوكرانيا، في ظل قيامها بحشد مئات الآلاف من القوات، استعداداً لشنّ هجوم كبير يهدف في المقام الأول، بحسب ريزنيكوف، إلى الاستيلاء على ولايتي دونيتسك ولوهانسك.

على مدى أسابيع انتشرت تقارير حول هجوم روسي وشيك، بالتزامن مع تصعيد روسي عنيف في الأيام القليلة الماضية،

وعلى الرغم من التحركات الروسية الجارية، فإنّه من غير الواضح ما إذا كانت موسكو عازمة بالفعل على شنّ هجوم كبير خلال الأسابيع المتبقية من فصل الشتاء، أم أنّ حملتها المتوقعة سوف تتأجل إلى حين حلول فصل الربيع؟.

بحسب كاترينا ستيبانينكو، المحللة الروسية في معهد دراسات الحرب، فإنّ موسكو ربما تتعجل، وتشنّ هجوماً شاملاً قبل موسم الربيع الموحل، والذي قد يتسبب في عرقلة عملية الدفع بالقوات والمعدات عبر التضاريس الصعبة، بالإضافة إلى مرور الذكرى الأولى للغزو، الأمر الذي قد يدفع موسكو إلى محاولة تحقيق نصر رمزي.

وتختلف التقديرات حول عدد القوات الروسية الموجودة حالياً في أوكرانيا، فعلى الرغم من أنّ وزير الدفاع الأوكراني قد أكّد في الأول من شباط (فبراير) الجاري  أنّ موسكو قامت بتعبئة حوالي (500) ألف جندي للهجوم، ترى ستيبانينكو أنّ (3) فرق روسية رئيسية على الأقل في حالة هجوم الآن في أوكرانيا. بينما تؤكد الولايات المتحدة أنّ 80% من القوات البرية الروسية متورطة الآن في أوكرانيا، في حين يقول وزير الدفاع البريطاني بن والاس: إنّ حوالي 97% من قوام الجيش الروسي موجود في أوكرانيا.

الرئيس بوتين أمر وزير الدفاع سيرجي شويغو، ورئيس الأركان العامة فاليري جيراسيموف، بالاستيلاء على جميع مقاطعات دونيتسك ولوهانسك بحلول الربيع

وبدوره، يلفت فيليب واسيليفسكي، الزميل البارز في برنامج أوراسيا، التابع لمعهد أبحاث السياسة الخارجية، إلى أنّ الجيش الروسي ما زال يحتفظ بقوة احتياطية كبيرة، لم يقم بالدفع بها بعد، مؤكداً في الوقت نفسه أنّ روسيا ليس لديها الوقت الكافي لتحقيق أهداف قصيرة المدى، تتمثل في الاستيلاء على دونيتسك ولوهانسك، كما يقلل كذلك من فرص تحقيق أيّ تقدم في الربيع الأوكراني، باعتباره "موسم بلا طرق"؛ لأنّ البلاد تصبح موحلة للغاية.

وهناك عقبة أخرى، كما يقول واسيليفسكي، وهي أنّ القوات الروسية ليست مستعدة بشكل كافٍ للهجوم. مضيفاً: "إذا قررت روسيا شنّ هجوم كبير، أو شنّ هجمات، مع وجود هؤلاء الجنود ذوي التدريب السيّئ، وفي ظل ضعف القيادة، وضعف التجهيز، مع وجود دعم محدود من المدفعية؛ فإنّها معرّضة لخطر وقوع إصابات كبيرة، وفقدان السيطرة، وانسحاب الوحدات أو تفككها".

وحتى الآن، وبعد مرور عام على الصراع، ما تزال روسيا غير قادرة على التعامل مع ضعف القيادة، وعدم كفاءة الخدمات اللوجستية، وتدنّي الروح المعنوية، وعدم كفاية المعدات الحديثة، مثل الدبابات، ونقص الذخيرة، مع عدم القدرة على السيطرة على ساحات القتال من الجو؛ وهو ما تجلى بوضح أثناء الهجوم الروسي على فوهليدار، حيث تكبدت القوات الروسية خسائر فادحة، بعد أن حوصرت في حقل ألغام، بينما تقدمت القوات الآلية في خط مستقيم، وهو خطأ استراتيجي فادح.

استراتيجية عسكرية عقيمة

على الرغم من التقارير الغربية، التي تؤكد أنّ الجيش الروسي لن يقوم بشنّ الهجوم الشامل قبل الربيع، إلّا أنّ الجيش الروسي يشنّ هجمات عنيفة منذ حوالي أسبوعين، عبر قوات الفاغنر التي تقاتل الآن على الخطوط الأمامية، في وسط دونباس، حيث يقوم الجيش الروسي بإرسال موجات قتالية، واحدة تلو الأخرى، تتبع أسلوب الكر والفر، بهدف العثور على النقاط الأقوى والأضعف في الخطوط الأوكرانية.

الجيش الروسي يشنّ هجمات عنيفة منذ حوالي أسبوعين

تعمل هذه الاستراتيجية ببطء شديد، وبتكلفة بشرية عالية يقدرها روبرت هاملتون، أستاذ الأبحاث في معهد الدراسات الاستراتيجية، التابع لكلية الحرب بالجيش الأمريكي، بحوالي (5) آلاف قتيل في الأسبوع، ويبدو أنّ هجمات الموجة البشرية هذه، هي المرحلة الأولى من هجوم الربيع الروسي الكبير.

وبحسب تقارير ميدانية، يتقدم الروس عشرات إلى مئات الأمتار يومياً، على طول خط المواجهة في الجزء الأوسط من منطقة دونباس، وعلى طول الخطوط المحيطة بمدينة باخموت، لكنّ ذلك لم يحدث أيّ اختراق كبير، وربما يرجع ذلك إلى أنّ الجيش الروسي فقد القدرة على القيام بهجوم مشترك بين ألوية المشاة، والقوات المدرعة، ممّا يعني أنّ القوات المدرعة والميكانيكية تحاول أن تستغل أيّ اختراق يحققه المشاة، في مقدمة الجبهة وفي الجوانب، مع دعم نيران المدفعية بعيدة المدى؛ لتقليل فرص إصابة القوات المدرعة، وهي استراتيجية لم تؤتِ ثمارها بعد.

يتقدم الروس عشرات إلى مئات الأمتار يومياً، على طول خط المواجهة في الجزء الأوسط من منطقة دونباس، وعلى طول الخطوط المحيطة بمدينة باخموت

وما زال الدعم اللوجيستي يمثل ثغرة كبيرة لدى الجيش الروسي، حيث يعتمد الجيش الروسي في الأساس على السكك الحديدية، والتي لم تعد قادرة على حمل معدات المدفعية، التي يعتمد عليها الروس بشكل مركزي؛ لأنّ قذائف المدفعية تشغل حيزاً كبيراً.

من جهة أخرى، فقد أثرت العقوبات الغربية بشكل كبير على قدرات الجيش الروسي، الذي يعاني عجزاً كبيراً في رقائق أشباه الموصلات عالية الجودة، المطلوبة للأسلحة الدقيقة، والتي تُصنّع حصرياً في تايوان وهولندا والولايات المتحدة. وبينما يستهلك الروس مخزونهم من الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى، فإنّهم غير قادرين على تجديدها، كما أنّ استخدام رقائق منخفضة الكفاءة، جعل الأسلحة غير دقيقة، الأمر الذي أثر بالتحديد على كفاءة الصواريخ  طراز S300 أرض ـ جو.

ومن المتوقع بحسب تقارير غربية أن تمرّ عدة أشهر قبل أن يستوعب الجيش الأوكراني الأسلحة الغربية الحديثة، ومن ثمّ، قد تأتي لحظة الذروة في قدرات الجيش الأوكراني في منتصف الصيف إلى أواخره، وهو وقت مناسب للهجوم النهائي، في وقت ربما يكون الجيش الروسي قد استنزف فيه قدراته.

مواضيع ذات صلة:

هل تتجاهل إسرائيل تهديدات روسيا وتواصل دعم أوكرانيا بالأسلحة؟

ربيع أوكرانيا الدموي.. كيف تواجه كييف الدب العائد من سباته الشتوي؟

هل هناك صفقة أمريكية ـ روسية حول أوكرانيا؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية